الباحث القرآني

(p-210)﴿وَلَقَدْ خَلَقْنا الإنْسانَ مِن صَلْصالٍ﴾ مِن طِين يابِسٍ يُصَلْصِلُ أيْ يُصَوِّتُ إذا نُقِرَ. وقِيلَ هو مِن صَلْصَلَ إذا أنْتَنَ تَضْعِيفُ صَلَّ. ﴿مِن حَمَإٍ﴾ طِينٍ تَغَيَّرَ واسْوَدَّ مِن طُولِ مُجاوِرَةِ الماءِ، وهو صِفَةُ صَلْصالٍ أيْ كائِنٌ ﴿مِن حَمَإٍ﴾ . ﴿مَسْنُونٍ﴾ مُصَوَّرٍ مِن سَنَةِ الوَجْهِ، أوْ مَنصُوبٍ لِيَيْبَسَ ويُتَصَوَّرَ كالجَواهِرِ المُذابَةِ تُصَبُّ في القَوالِبِ، مِنَ السَّنِّ وهو الصَّبُّ كَأنَّهُ أفْرَغَ الحَمَأ فَصَوَّرَ مِنها تِمْثالَ إنْسانٍ أجْوَفَ، فَيَبِسَ حَتّى إذا نُقِرَ صَلْصَلَ، ثُمَّ غَيَّرَ ذَلِكَ طَوْرًا بَعْدَ طَوْرٍ حَتّى سَوّاهُ ونَفَخَ فِيهِ مِن رُوحِهِ، أوْ مُنْتِنٍ مِن سَنَنْتُ الحَجْرَ عَلى الحَجْرِ إذا حَكَكْتُهُ بِهِ، فَإنَّ ما يَسِيلُ بَيْنَهُما يَكُونُ مُنْتِنًا ويُسَمّى السَّنِينَ. ﴿والجانَّ﴾ أبا الجِنِّ. وقِيلَ إبْلِيسُ ويَجُوزُ أنْ يُرادَ بِهِ الجِنْسُ كَما هو الظّاهِرُ مِنَ الإنْسانِ، لِأنَّ تَشَعُّبَ الجِنْسِ لِما كانَ مِن شَخْصٍ واحِدٍ خُلِقَ مِن مادَّةٍ واحِدَةٍ كانَ الجِنْسُ بِأسْرِهِ مَخْلُوقًا مِنها وانْتِصابُهُ بِفِعْلٍ يُفَسِّرُهُ. ﴿خَلَقْناهُ مِن قَبْلُ﴾ مِن قَبْلِ خَلْقِ الإنْسانِ. ﴿مِن نارِ السَّمُومِ﴾ مِن نارِ الحَرِّ الشَّدِيدِ النّافِذِ في المَسامِّ، ولا يَمْتَنِعُ خَلْقُ الحَياةِ في الأجْرامِ البَسِيطَةِ كَما لا يَمْتَنِعُ خَلْقُها في الجَواهِرِ المُجَرَّدَةِ، فَضْلًا عَنِ الأجْسادِ المُؤَلَّفَةِ الَّتِي الغالِبُ فِيها الجُزْءُ النّارِيُّ، فَإنَّها أقْبَلُ لَها مِنَ الَّتِي الغالِبُ فِيها الجُزْءُ الأرْضِيُّ، وقَوْلُهُ: ﴿مِن نارِ﴾ بِاعْتِبارِ الغالِبِ كَقَوْلِهِ: ﴿خَلَقَكم مِن تُرابٍ﴾ ومَساقُ الآيَةِ كَما هو لِلدَّلالَةِ عَلى كَمالِ قُدْرَةِ اللَّهِ تَعالى وبَيانِ بَدْءِ خَلْقِ الثَّقَلَيْنِ فَهو لِلتَّنْبِيهِ عَلى المُقَدِّمَةِ الثّانِيَةِ الَّتِي يَتَوَقَّفُ عَلَيْها إمْكانُ الحَشْرِ، وهو قَبُولُ المَوادِّ لِلْجَمْعِ والإحْياءِ.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب