الباحث القرآني

﴿وَإذْ قالَ إبْراهِيمُ رَبِّ اجْعَلْ هَذا البَلَدَ﴾ بَلْدَةَ مَكَّةَ. ﴿آمِنًا﴾ ذا أمْنٍ لِمَن فِيها، والفَرْقُ بَيْنَهُ وبَيْنَ قَوْلِهِ: ﴿اجْعَلْ هَذا بَلَدًا آمِنًا﴾ أنَّ المَسْؤُولَ في الأوَّلِ إزالَةُ الخَوْفِ عَنْهُ وتَصْيِيرُهُ آمِنًا، وفي الثّانِي جَعْلُهُ مِنَ البِلادِ الآمِنَةِ. ﴿واجْنُبْنِي وبَنِيَّ﴾ بَعِّدْنِي وإيّاهم، ﴿أنْ نَعْبُدَ الأصْنامَ﴾ واجْعَلْنا مِنها في جانِبٍ وقُرِئَ « وأجْنِبْنِي» وهُما عَلى لُغَةِ نَجْدٍ وأمّا أهْلُ الحِجازِ فَيَقُولُونَ جَنِّبْنِي شَرَّهُ. وفِيهِ دَلِيلٌ عَلى أنَّ عِصْمَةَ الأنْبِياءِ بِتَوْفِيقِ اللَّهِ وحِفْظِهِ إيّاهم وهو بِظاهِرِهِ، لا يَتَناوَلُ أحْفادَهُ وجَمِيعَ ذُرِّيَّتِهِ. وزَعَمَ ابْنُ عُيَيْنَةَ أنَّ أوْلادَ إسْماعِيلَ عَلَيْهِ الصَّلاةُ والسَّلامُ لَمْ يَعْبُدُوا الصَّنَمَ مُحْتَجًّا بِهِ وإنَّما كانَتْ لَهم حِجارَةٌ يَدُورُونَ بِها ويُسَمُّونَها الدَّوّارَ ويَقُولُونَ البَيْتُ حَجَرٌ فَحَيْثُما نَصَبْنا حَجَرًا فَهو بِمَنزِلَتِهِ. ﴿رَبِّ إنَّهُنَّ أضْلَلْنَ كَثِيرًا مِنَ النّاسِ﴾ فَلِذَلِكَ سَألْتُ مِنكَ العِصْمَةَ واسْتَعَذْتُ بِكَ مِن إضْلالِهِنَّ، وإسْنادُ الإضْلالِ إلَيْهِنَّ بِاعْتِبارِ السَّبَبِيَّةِ كَقَوْلِهِ تَعالى: ﴿وَغَرَّتْهُمُ الحَياةُ الدُّنْيا﴾ ﴿فَمَن تَبِعَنِي﴾ عَلى دِينِي. ﴿فَإنَّهُ مِنِّي﴾ أيْ بَعْضِي لا يَنْفَكُّ عَنِّي في أمْرِ الدِّينِ. ﴿وَمَن عَصانِي فَإنَّكَ غَفُورٌ رَحِيمٌ﴾ تَقْدِرُ أنْ تَغْفِرَ لَهُ وتَرْحَمَهُ ابْتِداءً، أوْ بَعْدَ التَّوْفِيقِ لِلتَّوْبَةِ. وفِيهِ دَلِيلٌ عَلى أنَّ كُلَّ ذَنْبٍ فَلِلَّهِ أنْ يَغْفِرَهُ حَتّى الشِّرْكَ إلّا أنَّ الوَعِيدَ فَرَّقَ بَيْنَهُ وبَيْنَ غَيْرِهِ.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب