الباحث القرآني

﴿وَقالَ الشَّيْطانُ لَمّا قُضِيَ الأمْرُ﴾ أُحْكِمَ وفُرِغَ مِنهُ ودَخَلَ أهْلُ الجَنَّةِ الجَنَّةَ وأهْلُ النّارِ النّارَ خَطِيبًا في الأشْقِياءِ مِنَ الثَّقَلَيْنِ. ﴿إنَّ اللَّهَ وعَدَكم وعْدَ الحَقِّ﴾ وعْدًا مِن حَقِّهِ أنْ يُنْجَزَ أوْ وعْدًا أنْجَزَهُ وهو الوَعْدُ بِالبَعْثِ والجَزاءِ. ﴿وَوَعَدْتُكُمْ﴾ وعْدَ الباطِلِ وهو أنْ لا بَعْثَ ولا حِسابَ وإنْ كانا فالأصْنامُ تَشْفَعُ لَكم. ﴿فَأخْلَفْتُكُمْ﴾ جَعَلَ تَبَيُّنَ خُلْفِ وعْدِهِ كالإخْلافِ مِنهُ. ﴿وَما كانَ لِي عَلَيْكم مِن سُلْطانٍ﴾ تَسَلُّطٍ فَأُلْجِئُكم إلى الكُفْرِ والمَعاصِي. ﴿إلا أنْ دَعَوْتُكُمْ﴾ إلّا دُعائِي إيّاكم إلَيْها بِتَسْوِيلِي وهو لَيْسَ مِن جِنْسِ السُّلْطانِ ولَكِنَّهُ عَلى طَرِيقَةِ قَوْلِهِمْ: تَحِيَّةٌ بَيْنَهم ضَرْبٌ وجِيعٌ. ويَجُوزُ أنْ يَكُونَ الِاسْتِثْناءُ مُنْقَطِعًا. ﴿فاسْتَجَبْتُمْ لِي﴾ أسْرَعْتُمْ إجابَتِي. ﴿فَلا تَلُومُونِي﴾ بِوَسْوَسَتِي فَإنَّ مَن صَرَّحَ العَداوَةَ لا يُلامُ بِأمْثالِ ذَلِكَ. ﴿وَلُومُوا أنْفُسَكُمْ﴾ حَيْثُ أطَعْتُمُونِي إذْ دَعَوْتُكم ولَمْ تُطِيعُوا رَبَّكم لِما دَعاكم، واحْتَجَّتِ المُعْتَزِلَةُ بِأمْثالِ ذَلِكَ عَلى اسْتِقْلالِ العَبْدِ بِأفْعالِهِ ولَيْسَ فِيها ما يَدُلُّ عَلَيْهِ، إذْ يَكْفِي لِصِحَّتِها أنْ يَكُونَ لِقُدْرَةِ العَبْدِ مَدْخَلٌ ما في فِعْلِهِ وهو الكَسْبُ الَّذِي يَقُولُهُ أصْحابُنا. ﴿ما أنا بِمُصْرِخِكُمْ﴾ بِمُغِيثِكم مِنَ العَذابِ. ﴿وَما أنْتُمْ بِمُصْرِخِيَّ﴾ بِمُغِيثِيَّ وقَرَأ حَمْزَةُ بِكَسْرِ الياءِ عَلى الأصْلِ في التِقاءِ السّاكِنَيْنِ، وهو أصْلٌ مَرْفُوضٌ في مِثْلِهِ لِما فِيهِ مِنَ اجْتِماعِ ياءَيْنِ وثَلاثِ كَسَراتٍ مَعَ أنَّ حَرَكَةَ ياءِ الإضافَةِ الفَتْحُ، فَإذا لَمْ تُكْسَرْ وقَبْلَها ألِفٌ فَبِالحَرِيِّ أنْ لا تُكْسَرُ وقَبْلَها ياءٌ، أوْ عَلى لُغَةِ مَن يُزِيدُ ياءً عَلى ياءِ الإضافَةِ إجْراءً لَها مَجْرى الهاءِ والكافِ في: ضَرَبْتُهُ، وأعْطَيْتُكَهُ، وحَذْفُ الياءِ اكْتِفاءً بِالكَسْرَةِ. ﴿إنِّي كَفَرْتُ بِما أشْرَكْتُمُونِ مِن قَبْلُ﴾ « ما» إمّا مَصْدَرِيَّةٌ ومِن مُتَعَلِّقَةٌ بِأشْرَكْتُمُونِي أيْ كَفَرْتُ اليَوْمَ بِإشْراكِكم إيّايَ مِن قَبْلِ هَذا اليَوْمِ أيْ في الدُّنْيا بِمَعْنى تَبَرَّأْتُ مِنهُ واسْتَنْكَرْتُهُ كَقَوْلِهِ: ﴿وَيَوْمَ القِيامَةِ يَكْفُرُونَ بِشِرْكِكُمْ﴾ . أوْ مَوْصُولَةٌ بِمَعْنى مِن نَحْوِ ما في قَوْلِهِمْ: سُبْحانَ ما سَخَّرَكُنَّ لَنا، و ﴿مِن﴾ مُتَعَلِّقَةٌ بِـ ﴿كَفَرْتُ﴾ أيْ كَفَرْتُ بِالَّذِي أشْرَكْتُمُونِيهِ وهو اللَّهُ تَعالى بِطاعَتِكم إيّايَ فِيما دَعَوْتُكم إلَيْهِ مِن عِبادَةِ الأصْنامِ وغَيْرِها مِن قَبْلِ إشْراكِكم، حِينَ رَدَدْتُ أمْرَهُ بِالسُّجُودِ لِآدَمَ عَلَيْهِ الصَّلاةُ والسَّلامُ وأشْرَكَ مَنقُولٌ مَن شَرَكْتُ زَيْدًا لِلتَّعْدِيَةِ إلى مَفْعُولٍ ثانٍ. ﴿إنَّ الظّالِمِينَ لَهم عَذابٌ ألِيمٌ﴾ تَتِمَّةُ كَلامِهِ أوِ ابْتِداءُ كَلامٍ مِنَ اللَّهِ تَعالى وفي حِكايَةِ أمْثالِ ذَلِكَ لُطْفٌ لِلسّامِعِينَ (p-198)وَإيقاظٌ لَهم حَتّى يُحاسِبُوا أنْفُسَهم ويَتَدَبَّرُوا عَواقِبَهم.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب