الباحث القرآني

﴿وَبَرَزُوا لِلَّهِ جَمِيعًا﴾ أيْ يَبْرُزُونَ مِن قُبُورِهِمْ يَوْمَ القِيامَةِ لِأمْرِ اللَّهِ تَعالى ومُحاسَبَتِهِ، أوْ لِلَّهِ عَلى ظَنِّهِمْ فَإنَّهم كانُوا يُخْفُونَ ارْتِكابَ الفَواحِشِ ويَظُنُّونَ أنَّها تَخْفى عَلى اللَّهِ تَعالى، فَإذا كانَ يَوْمُ القِيامَةِ انْكَشَفُوا لِلَّهِ تَعالى عِنْدَ أنْفُسِهِمْ، وإنَّما ذُكِرَ بِلَفْظِ الماضِي لِتَحَقُّقِ وُقُوعِهِ. ﴿فَقالَ الضُّعَفاءُ﴾ الأتْباعُ جَمْعُ ضَعِيفٍ يُرِيدُ بِهِ ضِعافَ (p-197)الرَّأْيِ، وإنَّما كُتِبَتْ بِالواوِ عَلى لَفْظِ مَن يُفَخِّمُ الألِفَ قَبْلَ الهَمْزَةِ فَيُمِيلُها إلى الواوِ. ﴿لِلَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا﴾ لِرُؤَسائِهِمُ الَّذِينَ اسْتَتْبَعُوهم واسْتَغْوُوهم. ﴿إنّا كُنّا لَكم تَبَعًا﴾ في تَكْذِيبِ الرُّسُلِ والإعْراضِ عَنْ نَصائِحِهِمْ، وهو جَمْعٌ تابِعٌ كَغائِبٍ وغُيَّبٍ، أوْ مَصْدَرٌ نُعِتَ بِهِ لِلْمُبالَغَةِ أوْ عَلى إضْمارِ مُضافٍ. ﴿فَهَلْ أنْتُمْ مُغْنُونَ عَنّا﴾ دافِعُونَ عَنّا. ﴿مِن عَذابِ اللَّهِ مِن شَيْءٍ﴾ مِنِ الأُولى لِلْبَيانِ واقِعَةٌ مَوْقِعَ الحالِ، والثّانِيَةُ لِلتَّبْعِيضِ واقِعَةٌ مَوْقِعَ المَفْعُولِ أيْ بَعْضَ الشَّيْءِ الَّذِي هو عَذابُ اللَّهِ، ويَجُوزُ أنْ تَكُونا لِلتَّبْعِيضِ أيْ بَعْضَ شَيْءٍ هو بَعْضُ عَذابِ اللَّهِ، والإعْرابُ ما سَبَقَ ويَحْتَمِلُ أنْ تَكُونَ الأوْلى مَفْعُولًا والثّانِيَةُ مَصْدَرًا، أيْ فَهَلْ أنْتُمْ مُغْنُونَ بَعْضَ العَذابِ بَعْضَ الإغْناءِ. ﴿قالُوا﴾ أيِ الَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا جَوابًا عَنْ مُعاتَبَةِ الأتْباعِ واعْتِذارًا عَمّا فَعَلُوا بِهِمْ. ﴿لَوْ هَدانا اللَّهُ﴾ لِلْإيمانِ ووَفَّقَنا لَهُ. ﴿لَهَدَيْناكُمْ﴾ ولَكِنْ ضَلَلْنا فَأضْلَلْناكم أيِ اخْتَرْنا لَكم ما اخْتَرْناهُ لِأنْفُسِنا، أوْ لَوْ هَدانا اللَّهُ طَرِيقَ النَّجاةِ مِنَ العَذابِ لَهَدَيْناكم وأغْنَيْناهُ عَنْكم كَما عَرَّضْناكم لَهُ، لَكِنْ سُدَّ دُونَنا طَرِيقُ الخَلاصِ. ﴿سَواءٌ عَلَيْنا أجَزِعْنا أمْ صَبَرْنا﴾ مُسْتَوَيانِ عَلَيْنا الجَزَعُ والصَّبْرُ. ﴿ما لَنا مِن مَحِيصٍ﴾ مَنجى ومَهْرَبٍ مِنَ العَذابِ، مِنَ الحَيْصِ وهو العَدْلُ عَلى جِهَةِ الفِرارِ، وهو يَحْتَمِلُ أنْ يَكُونَ مَكانًا كالمَبِيتِ ومَصْدَرًا كالمَغِيبِ، ويَجُوزُ أنْ يَكُونَ قَوْلُهُ ﴿سَواءٌ عَلَيْنا﴾ مِن كَلامِ الفَرِيقَيْنِ ويُؤَيِّدُهُ ما رُوِيَ أنَّهم يَقُولُونَ: تَعالَوْا نَجْزَعُ فَيَجْزَعُونَ خَمْسَمِائَةِ عامٍ فَلا يَنْفَعُهم، فَيَقُولُونَ تَعالَوْا نَصْبِرُ فَيَصْبِرُونَ كَذَلِكَ ثُمَّ يَقُولُونَ ﴿سَواءٌ عَلَيْنا﴾ .
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب