الباحث القرآني

(p-181)﴿وَهُوَ الَّذِي مَدَّ الأرْضَ﴾ بَسَطَها طُولًا وعَرْضًا لِتَثْبُتَ عَلَيْها الأقْدامُ ويَنْقَلِبَ عَلَيْها الحَيَوانُ. ﴿وَجَعَلَ فِيها رَواسِيَ﴾ جِبالًا ثَوابِتَ مِن رَسا الشَّيْءُ إذا ثَبَتَ، جَمْعُ راسِيَةٍ والتّاءُ لِلتَّأْنِيثِ عَلى أنَّها صِفَةُ أجْبَلَ أوْ لِلْمُبالَغَةِ. ﴿وَأنْهارًا﴾ ضَمَّها إلى الجِبالِ وعَلَّقَ بِهِما فِعْلًا واحِدًا مِن حَيْثُ إنَّ الجِبالَ أسْبابٌ لِتُوَلُّدِها. ﴿وَمِن كُلِّ الثَّمَراتِ﴾ مُتَعَلِّقٌ بِقَوْلِهِ: ﴿جَعَلَ فِيها زَوْجَيْنِ اثْنَيْنِ﴾ أيْ وجَعَلَ فِيها مِن جَمِيعِ أنْواعِ الثَّمَراتِ صِنْفَيْنِ اثْنَيْنِ كالحُلْوِ والحامِضِ، والأسْوَدِ والأبْيَضِ والصَّغِيرِ والكَبِيرِ. ﴿يُغْشِي اللَّيْلَ النَّهارَ﴾ يُلْبِسُهُ مَكانَهُ فَيَصِيرُ الجَوُّ مُظْلِمًا بَعْدَ ما كانَ مُضِيئًا، وقَرَأ حَمْزَةُ والكِسائِيُّ وأبُو بَكْرٍ ﴿يُغْشِي﴾ بِالتَّشْدِيدِ. ﴿إنَّ في ذَلِكَ لآياتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ﴾ فِيها فَإنَّ تَكَوُّنَها وتَخَصُّصَها بِوَجْهٍ دُونَ وجْهٍ دَلِيلٌ عَلى وُجُودِ صانِعٍ حَكِيمٍ دَبَّرَ أمَرَها وهَيَّأ أسْبابَها. ﴿وَفِي الأرْضِ قِطَعٌ مُتَجاوِراتٌ﴾ بَعْضُها طَيِّبَةٌ وبَعْضُها سَبِخَةٌ، وبَعْضُها رَخْوَةٌ وبَعْضُها صُلْبَةٌ، وبَعْضُها تَصْلُحُ لِلزَّرْعِ دُونَ الشَّجَرِ وبَعْضُها بِالعَكْسِ. ولَوْلا تَخْصِيصُ قادِرٍ مُوقِعٍ لِأفْعالِهِ عَلى وجْهٍ دُونَ وجْهٍ لَمْ تَكُنْ كَذَلِكَ، لِاشْتِراكِ تِلْكَ القِطَعِ في الطَّبِيعَةِ الأرْضِيَّةِ وما يَلْزَمُها ويَعْرِضُ لَها بِتَوَسُّطِ ما يَعْرِضُ مِنَ الأسْبابِ السَّماوِيَّةِ، مِن حَيْثُ إنَّها مُتَضامَّةٌ مُتَشارِكَةٌ في النِّسَبِ والأوْضاعِ. ﴿وَجَنّاتٌ مِن أعْنابٍ وزَرْعٌ ونَخِيلٌ﴾ وبَساتِينُ فِيها أنْواعُ الأشْجارِ والزُّرُوعِ، وتَوْحِيدُ الزَّرْعِ لِأنَّهُ مَصْدَرٌ في أصْلِهِ. وقَرَأ ابْنُ كَثِيرٍ وأبُو عَمْرٍو ويَعْقُوبُ وحَفْصٌ ﴿وَزَرْعٌ ونَخِيلٌ﴾ بِالرَّفْعِ عَطْفًا عَلى ﴿وَجَنّاتٌ﴾ . ﴿صِنْوانٌ﴾ نَخْلاتٌ أصْلُها واحِدٌ. ﴿وَغَيْرُ صِنْوانٍ﴾ مُتَفَرِّقاتٌ مُخْتَلِفاتُ الأُصُولِ. وقَرَأ حَفْصٌ بِالضَّمِّ وهو لُغَةُ بَنِي تَمِيمٍ كَـ ﴿قِنْوانٌ﴾ في جَمْعِ قِنْوٍ. (تُسْقى بِماءٍ واحِدٍ ونُفَضِّلُ بَعْضَها عَلى بَعْضٍ في الأُكُلِ) في الثَّمَرِ شَكْلًا وقَدْرًا ورائِحَةً وطَعْمًا، وذَلِكَ أيْضًا مِمّا يَدُلُّ عَلى الصّانِعِ الحَكِيمِ، فَإنَّ اخْتِلافَها مَعَ اتِّحادِ الأُصُولِ والأسْبابِ لا يَكُونُ إلّا بِتَخْصِيصِ قادِرٍ مُخْتارٍ. وقَرَأ ابْنُ عامِرٍ وعاصِمٌ ويَعْقُوبُ يُسْقى بِالتَّذْكِيرِ عَلى تَأْوِيلِ ما ذُكِرَ، وحَمْزَةُ والكِسائِيُّ يُفَضِّلُ بِالياءِ لِيُطابِقَ قَوْلُهُ ﴿يُدَبِّرُ الأمْرَ﴾ ﴿إنَّ في ذَلِكَ لآياتٍ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ﴾ يَسْتَعْمِلُونَ عُقُولَهم بِالتَّفَكُّرِ.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب