الباحث القرآني

﴿يا صاحِبَيِ السِّجْنِ﴾ أيْ يا ساكِنِيهِ، أوْ يا صاحِبَيَّ فِيهِ فَأضافَهُما إلَيْهِ عَلى الِاتِّساعِ كَقَوْلِهِ: ؎ يا سارِقَ اللَّيْلَةَ أهْلَ الدّارِ ﴿أأرْبابٌ مُتَفَرِّقُونَ﴾ شَتّى مُتَعَدِّدَةٌ مُتَساوِيَةُ الأقْدامِ. ﴿خَيْرٌ أمِ اللَّهُ الواحِدُ﴾ المُتَوَحِّدُ بِالأُلُوهِيَّةِ. ﴿القَهّارُ﴾ الغالِبُ الَّذِي لا يُعادِلُهُ ولا يُقاوِمُهُ غَيْرُهُ. ﴿ما تَعْبُدُونَ مِن دُونِهِ﴾ خِطابٌ لَهُما ولِمَن عَلى دِينِهِما مِن أهْلِ مِصْرَ. ﴿إلا أسْماءً سَمَّيْتُمُوها أنْتُمْ وآباؤُكم ما أنْزَلَ اللَّهُ بِها مِن سُلْطانٍ﴾ أيْ إلّا أشْياءَ بِاعْتِبارِ أسامٍ أطْلَقْتُمْ عَلَيْها مِن غَيْرِ حُجَّةٍ تَدُلُّ عَلى تَحَقُّقِ مُسَمَّياتِها فِيها فَكَأنَّكم لا تَعْبُدُونَ إلّا الأسْماءَ المُجَرَّدَةَ. والمَعْنى أنَّكم سَمَّيْتُمْ ما لَمْ يَدُلَّ عَلى اسْتِحْقاقِهِ الأُلُوهِيَّةَ عَقَلٌ ولا نَقْلٌ آلِهَةً، ثُمَّ أخَذْتُمْ تَعْبُدُونَها بِاعْتِبارِ ما تُطْلِقُونَ عَلَيْها. ﴿إنِ الحُكْمُ﴾ ما الحُكْمُ في أمْرِ العِبادَةِ. ﴿إلا لِلَّهِ﴾ لِأنَّهُ المُسْتَحِقُّ لَها بِالذّاتِ مِن حَيْثُ إنَّهُ الواجِبُ لِذاتِهِ المُوجِدُ لِلْكُلِّ والمالِكُ لِأمْرِهِ. ﴿أمَرَ﴾ عَلى لِسانِ أنْبِيائِهِ. ﴿ألا تَعْبُدُوا إلا إيّاهُ﴾ الَّذِي دَلَّتْ عَلَيْهِ الحُجَجُ. ﴿ذَلِكَ الدِّينُ القَيِّمُ﴾ الحَقُّ وأنْتُمْ لا تُمَيِّزُونَ المُعْوَجَّ عَنِ القَوِيمِ، وهَذا مِنَ التَّدَرُّجِ في الدَّعْوَةِ وإلْزامِ الحُجَّةِ، بَيَّنَ لَهم أوَّلًا رُجْحانَ التَّوْحِيدِ عَلى اتِّخاذِ الآلِهَةِ عَلى طَرِيقِ الخَطابَةِ، ثُمَّ بَرْهَنَ عَلى أنَّ ما يُسَمُّونَها آلِهَةً ويَعْبُدُونَها لا تَسْتَحِقُّ الإلَهِيَّةَ فَإنَّ اسْتِحْقاقَ العِبادَةِ إمّا بِالذّاتِ وإمّا بِالغَيْرِ وكِلا القَسَمَيْنِ مُنْتَفٍ عَنْها، ثُمَّ نَصَّ عَلى ما هو الحَقُّ القَوِيمُ والدِّينُ المُسْتَقِيمُ الَّذِي لا يَقْتَضِي العَقْلُ غَيْرَهُ ولا يَرْتَضِي العِلْمُ دُونَهُ. ﴿وَلَكِنَّ أكْثَرَ النّاسِ لا يَعْلَمُونَ﴾ فَيَخْبُطُونَ في جَهالاتِهِمْ.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب