الباحث القرآني

﴿قالَ لا يَأْتِيكُما طَعامٌ تُرْزَقانِهِ إلا نَبَّأْتُكُما بِتَأْوِيلِهِ﴾ أيْ بِتَأْوِيلِ ما قَصَصْتُما عَلَيَّ، أوْ بِتَأْوِيلِ الطَّعامِ يَعْنِي بَيانَ ماهِيَّتِهِ وكَيْفِيَّتِهِ فَإنَّهُ يُشْبِهُ تَفْسِيرَ المُشْكِلِ، كَأنَّهُ أرادَ أنْ يَدْعُوَهُما إلى التَّوْحِيدِ ويُرْشِدَهُما إلى الطَّرِيقِ القَوِيمِ قَبْلَ أنْ يُسْعِفَ إلى ما سَألاهُ مِنهُ كَما هو طَرِيقَةُ الأنْبِياءِ والنّازِلِينَ مَنازِلَهم مِنَ العُلَماءِ في الهِدايَةِ والإرْشادِ، فَقَدَّمَ ما يَكُونُ مُعْجِزَةً لَهُ مِنَ الإخْبارِ بِالغَيْبِ لِيَدُلَّهُما عَلى صِدْقِهِ في الدَّعْوَةِ والتَّعْبِيرِ. ﴿قَبْلَ أنْ يَأْتِيَكُما ذَلِكُما﴾ أيْ (p-164)ذَلِكَ التَّأْوِيلُ. ﴿مِمّا عَلَّمَنِي رَبِّي﴾ بِالإلْهامِ والوَحْيِ ولَيْسَ مِن قَبِيلِ التَّكَهُّنِ أوِ التَّنْجِيمِ. ﴿إنِّي تَرَكْتُ مِلَّةَ قَوْمٍ لا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وهم بِالآخِرَةِ هم كافِرُونَ﴾ تَعْلِيلٌ لِما قَبْلَهُ أيْ عَلَّمَنِي ذَلِكَ لِأنِّي تَرَكْتُ مِلَّةَ أُولَئِكَ. ﴿واتَّبَعْتُ مِلَّةَ آبائِي إبْراهِيمَ وإسْحاقَ ويَعْقُوبَ﴾ أوْ كَلامٌ مُبْتَدَأٌ لِتَمْهِيدِ الدَّعْوَةِ وإظْهارِ أنَّهُ مِن بَيْتِ النُّبُوَّةِ لِتَقْوى رَغْبَتُهُما في الِاسْتِماعِ إلَيْهِ والوُثُوقِ عَلَيْهِ، ولِذَلِكَ جُوِّزَ لِلْحامِلِ أنْ يَصِفَ نَفْسَهُ حَتّى يُعْرَفَ فَيُقْتَبَسُ مِنهُ، وتَكْرِيرُ الضَّمِيرِ لِلدَّلالَةِ عَلى اخْتِصاصِهِمْ وتَأْكِيدِ كُفْرِهِمْ بِالآخِرَةِ. ﴿ما كانَ لَنا﴾ ما صَحَّ لَنا مَعْشَرَ الأنْبِياءِ. ﴿أنْ نُشْرِكَ بِاللَّهِ مِن شَيْءٍ﴾ أيِّ شَيْءٍ كانَ. ﴿ذَلِكَ﴾ أيِ التَّوْحِيدُ. ﴿مِن فَضْلِ اللَّهِ عَلَيْنا﴾ بِالوَحْيِ. ﴿وَعَلى النّاسِ﴾ وعَلى سائِرِ النّاسِ يَبْعَثُنا لِإرْشادِهِمْ وتَثْبِيتِهِمْ عَلَيْهِ. ﴿وَلَكِنَّ أكْثَرَ النّاسِ﴾ المَبْعُوثِ إلَيْهِمْ. ﴿لا يَشْكُرُونَ﴾ هَذا الفَضْلَ فَيُعْرِضُونَ عَنْهُ ولا يَتَنَبَّهُونَ، أوْ مِن فَضْلِ اللَّهِ عَلَيْنا وعَلَيْهِمْ بِنَصْبِ الدَّلائِلِ وإنْزالِ الآياتِ ولَكِنَّ أكْثَرَهم لا يَنْظُرُونَ إلَيْها ولا يَسْتَدِلُّونَ بِها فَيُلْغُونَها كَمَن يَكْفُرُ النِّعْمَةَ ولا يَشْكُرُها.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب