الباحث القرآني

(p-130)﴿أمْ يَقُولُونَ افْتَراهُ﴾ أمْ مُنْقَطِعَةٌ والهاءُ لِـ ﴿ما يُوحى﴾ . ﴿قُلْ فَأْتُوا بِعَشْرِ سُوَرٍ مِثْلِهِ﴾ في البَيانِ وحَسُنِ النَّظْمِ تَحَدّاهم أوَّلًا بِعَشْرِ سُوَرٍ ثُمَّ لَمّا عَجَزُوا عَنْها سَهَّلَ الأمْرَ عَلَيْهِمْ وتَحَدّاهم بِسُورَةٍ، وتَوْحِيدُ المِثْلِ بِاعْتِبارِ كُلِّ واحِدَةٍ. ﴿مُفْتَرَياتٍ﴾ مُخْتَلَقاتٍ مِن عِنْدِ أنْفُسِكم إنْ صَحَّ أنِّي اخْتَلَقْتُهُ مِن عِنْدِ نَفْسِي فَإنَّكم عَرَبٌ فُصَحاءُ مِثْلِي تَقْدِرُونَ عَلى مِثْلِ ما أقْدِرُ عَلَيْهِ بَلْ أنْتُمْ أقْدَرُ لِتَعَلُّمِكُمُ القِصَصَ والأشْعارَ وتَعَوُّدِكُمُ القَرِيضَ والنَّظْمَ. ﴿وادْعُوا مَنِ اسْتَطَعْتُمْ مِن دُونِ اللَّهِ﴾ إلى المُعاوَنَةِ عَلى المُعارَضَةِ. ﴿إنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ﴾ أنَّهُ مُفْتَرًى ﴿فَإلَّمْ يَسْتَجِيبُوا لَكُمْ﴾ بِإتْيانِ ما دَعَوْتُمْ إلَيْهِ، وجُمِعَ الضَّمِيرُ إمّا لِتَعْظِيمِ الرَّسُولِ ﷺ أوْ لِأنَّ المُؤْمِنِينَ كانُوا أيْضًا يَتَحَدَّوْنَهم، وكانَ أمْرُ الرَّسُولِ ﷺ مُتَناوِلًا لَهم مِن حَيْثُ إنَّهُ يَجِبُ أتْباعُهُ عَلَيْهِمْ في كُلِّ أمْرٍ إلّا ما خَصَّهُ الدَّلِيلُ، ولِلتَّنْبِيهِ عَلى أنَّ التَّحَدِّيَ مِمّا يُوجِبُ رُسُوخَ إيمانِهِمْ وقُوَّةَ يَقِينِهِمْ فَلا يَغْفُلُونَ عَنْهُ ولِذَلِكَ رَتَّبَ عَلَيْهِ قَوْلَهُ: ﴿فاعْلَمُوا أنَّما أُنْزِلَ بِعِلْمِ اللَّهِ﴾ مُلْتَبِسًا بِما لا يَعْلَمُهُ إلّا اللَّهُ ولا يَقْدِرُ عَلَيْهِ سِواهُ. ﴿وَأنْ لا إلَهَ إلا هُوَ﴾ واعْلَمُوا أنْ لا إلَهَ إلّا اللَّهُ لِأنَّهُ العالِمُ القادِرُ بِما لا يَعْلَمُ ولا يَقْدِرُ عَلَيْهِ غَيْرُهُ، ولِظُهُورِ عَجْزِ آلِهَتِهِمْ ولِتَنْصِيصِ هَذا الكَلامِ الثّابِتِ صِدْقُهُ بِإعْجازِهِ عَلَيْهِ، وفِيهِ تَهْدِيدٌ وإقْناطٌ مِن أنْ يُجِيرَهم مِن بَأْسِ اللَّهِ آلِهَتُهم. ﴿فَهَلْ أنْتُمْ مُسْلِمُونَ﴾ ثابِتُونَ عَلى الإسْلامِ راسِخُونَ فِيهِ مُخْلِصُونَ إذا تَحَقَّقَ عِنْدَكم إعْجازُهُ مُطْلَقًا، ويَجُوزُ أنْ يَكُونَ الكُلُّ خِطابًا لِلْمُشْرِكِينَ والضَّمِيرُ في (لَمْ يَسْتَجِيبُوا) لِمَنِ اسْتَطَعْتُمْ أيْ فَإنْ لَمْ يَسْتَجِيبُوا لَكم إلى المُظاهَرَةِ لِعَجْزِهِمْ وقَدْ عَرَفْتُمْ مِن أنْفُسِكُمُ القُصُورَ عَنِ المُعارَضَةِ فاعْلَمُوا أنَّهُ نَظْمٌ لا يَعْلَمُهُ إلّا اللَّهُ، وأنَّهُ مُنَزَّلٌ مِن عِنْدِهِ وأنَّ ما دَعاكم إلَيْهِ مِنَ التَّوْحِيدِ حَقٌّ فَهَلْ أنْتُمْ داخِلُونَ في الإسْلامِ بَعْدَ قِيامِ الحُجَّةِ القاطِعَةِ، وفي مِثْلِ هَذا الِاسْتِفْهامِ إيجابٌ بَلِيغٌ لِما فِيهِ مِن مَعْنى الطَّلَبِ والتَّنْبِيهِ عَلى قِيامِ المُوجِبِ وزَوالِ العُذْرِ.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب