الباحث القرآني

﴿فَلَوْلا كانَ﴾ فَهَلّا كانَ. ﴿مِنَ القُرُونِ مِن قَبْلِكم أُولُو بَقِيَّةٍ﴾ مِنَ الرَّأْيِ والعَقْلِ، أوْ أُولُو فَضْلٍ وإنَّما سُمِّيَ ﴿بَقِيَّةٍ﴾ لِأنَّ الرَّجُلَ يَسْتَبْقِي أفْضَلَ ما يُخْرِجُهُ، ومِنهُ يُقالُ فُلانٌ مِن بَقِيَّةِ القَوْمِ أيْ مِن خِيارِهِمْ، ويَجُوزُ أنْ يَكُونَ مَصْدَرًا كالتَّقِيَّةِ أيْ ذَوُو إبْقاءٍ عَلى أنْفُسِهِمْ وصِيانَةٍ لَها مِنَ العَذابِ، ويُؤَيِّدُهُ أنَّهُ قُرِئَ « بَقْيَةٍ» وهي المَرَّةُ (p-152)مِن مَصْدَرِ بَقاهُ يُبْقِيهِ إذا راقَبَهُ. ﴿يَنْهَوْنَ عَنِ الفَسادِ في الأرْضِ إلا قَلِيلا مِمَّنْ أنْجَيْنا مِنهُمْ﴾ لَكِنَّ قَلِيلًا مِنهم أنْجَيْناهم لِأنَّهم كانُوا كَذَلِكَ، ولا يَصِحُّ اتِّصالُهُ إلّا إذا جُعِلَ اسْتِثْناءً مِنَ النَّفْيِ اللّازِمِ لِلتَّحْضِيضِ. ﴿واتَّبَعَ الَّذِينَ ظَلَمُوا ما أُتْرِفُوا فِيهِ﴾ ما أُنْعِمُوا فِيهِ مِنَ الشَّهَواتِ واهْتَمُّوا بِتَحْصِيلِ أسْبابِها وأعْرَضُوا عَمّا وراءَ ذَلِكَ. ﴿وَكانُوا مُجْرِمِينَ﴾ كافِرِينَ كَأنَّهُ أرادَ أنْ يُبَيِّنَ ما كانَ السَّبَبُ لِاسْتِئْصالِ الأُمَمِ السّالِفَةِ، وهو فُشُوُّ الظُّلْمِ فِيهِمْ واتِّباعُهم لِلْهَوى وتَرْكُ النَّهْيِ عَنِ المُنْكَراتِ مَعَ الكُفْرِ، وقَوْلُهُ ﴿واتَّبَعَ﴾ عَلى مَعْطُوفٍ مُضْمَرٍ دَلَّ عَلَيْهِ الكَلامُ إذا المَعْنى: فَلَمْ يَنْهَوْا عَنِ الفَسادِ واتَّبَعَ الَّذِينَ ظَلَمُوا وكانُوا مُجْرِمِينَ عُطِفَ عَلى (اتَّبَعَ) أوِ اعْتَرَضَ. وقُرِئَ « وأتْبَعَ» أيْ وأتْبَعُوا جَزاءَ ما أُتْرِفُوا فَتَكُونُ الواوُ لِلْحالِ، ويَجُوزُ أنْ تُفَسَّرَ بِهِ المَشْهُورَةُ ويُعَضِّدَهُ تَقَدُّمُ الإنْجاءِ. ﴿وَما كانَ رَبُّكَ لِيُهْلِكَ القُرى بِظُلْمٍ﴾ بِشِرْكٍ. ﴿وَأهْلُها مُصْلِحُونَ﴾ فِيما بَيْنَهم لا يَضُمُّونَ إلى شِرْكِهِمْ فَسادًا وتَباغِيًا، وذَلِكَ لِفَرْطِ رَحْمَتِهِ ومُسامَحَتِهِ في حُقُوقِهِ ومِن ذَلِكَ قَدَّمَ الفُقَهاءُ عِنْدَ تَزاحُمِ الحُقُوقِ حُقُوقَ العِبادِ. وقِيلَ المُلْكُ يَبْقى مَعَ الشِّرْكِ ولا يَبْقى مَعَ الظُّلْمِ.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب