الباحث القرآني

﴿وَكَذَلِكَ﴾ ومِثْلُ ذَلِكَ الأخْذِ. ﴿أخْذُ رَبِّكَ﴾ وقُرِئَ « أخَذَ رَبُّكَ» بِالفِعْلِ وعَلى هَذا يَكُونُ مَحَلُّ الكافِ النَّصْبَ عَلى المَصْدَرِ. ﴿إذا أخَذَ القُرى﴾ أيْ أهْلَكَها وقُرِئَ « إذْ» لِأنَّ المَعْنى عَلى المُضِيِّ. ﴿وَهِيَ ظالِمَةٌ﴾ حالٌ مِنَ القُرى وهي في الحَقِيقَةِ لِأهْلِها لَكِنَّها لِما أُقِيمَتْ مَقامَهُ أُجْرِيَتْ عَلَيْها، وفائِدَتُها الإشْعارُ بِأنَّهم أُخِذُوا بِظُلْمِهِمْ وإنْذارُ كُلِّ ظالِمٍ ظَلَمَ نَفْسَهُ، أوْ غَيْرَهُ مِن وخامَةِ العاقِبَةِ. ﴿إنَّ أخْذَهُ ألِيمٌ شَدِيدٌ﴾ وجِيعٌ غَيْرُ مَرْجُوِّ الخَلاصِ مِنهُ، وهو مُبالَغَةٌ في التَّهْدِيدِ والتَّحْذِيرِ. ﴿إنَّ في ذَلِكَ﴾ أيْ فِيما نَزَلَ بِالأُمَمِ الهالِكَةِ أوْ فِيما قَصَّهُ اللَّهُ تَعالى مِن قَصَصِهِمْ. ﴿لآيَةً﴾ لَعِبْرَةً. ﴿لِمَن خافَ عَذابَ الآخِرَةِ﴾ يَعْتَبِرُ بِهِ عَظَمَتَهُ لِعِلْمِهِ بِأنَّ ما حاقَ بِهِمْ أُنْمُوذَجٌ مِمّا أعَدَّ اللَّهُ لِلْمُجْرِمِينَ في الآخِرَةِ، أوْ يَنْزَجِرُ بِهِ عَنْ مُوجِباتِهِ لِعِلْمِهِ بِأنَّها مِن إلَهٍ مُخْتارٍ يُعَذِّبُ مَن يَشاءُ ويَرْحَمُ مَن يَشاءُ. فَإنَّ مَن أنْكَرَ الآخِرَةَ وأحالَ فَناءَ هَذا العالَمِ لَمْ يَقُلْ بِالفاعِلِ المُخْتارِ، وجَعَلَ تِلْكَ الوَقائِعَ لِأسْبابٍ فَلَكِيَّةٍ اتَّفَقَتْ في تِلْكَ الأيّامِ لا لِذُنُوبِ المُهْلَكِينَ بِها. ﴿ذَلِكَ﴾ إشارَةٌ إلى يَوْمِ القِيامَةِ وعَذابُ الآخِرَةِ دَلَّ عَلَيْهِ. ﴿يَوْمٌ مَجْمُوعٌ لَهُ النّاسُ﴾ أيْ يُجْمَعُ لَهُ النّاسُ، والتَّغْيِيرُ لِلدَّلالَةِ عَلى ثَباتِ مَعْنى الجَمْعِ لِلْيَوْمِ وأنَّهُ مِن شَأْنِهِ لا مَحالَةَ وأنَّ النّاسَ لا يَنْفَكُّونَ عَنْهُ فَهو أبْلَغُ مِن قَوْلِهِ: ﴿يَوْمَ يَجْمَعُكم لِيَوْمِ الجَمْعِ﴾ ومَعْنى الجَمْعِ لَهُ الجَمْعُ لِما فِيهِ مِنَ المُحاسَبَةِ والمُجازاةِ. ﴿وَذَلِكَ يَوْمٌ مَشْهُودٌ﴾ أيْ مَشْهُودٌ فِيهِ أهْلُ السَّمَواتِ والأرَضِينَ فاتَّسَعَ فِيهِ بِإجْراءِ الظَّرْفِ مَجْرى المَفْعُولِ بِهِ كَقَوْلِهِ: في مَحْفَلٍ مِن نَواصِي النّاسِ مَشْهُودٍ، أيْ كَثِيرٌ شاهَدُوهُ، ولَوْ جُعِلَ اليَوْمُ مَشْهُودًا في نَفْسِهِ لَبَطَلَ الغَرَضُ مِن تَعْظِيمِ اليَوْمِ وتَمْيِيزِهِ فَإنَّ سائِرَ الأيّامِ كَذَلِكَ.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب