الباحث القرآني

(p-111)﴿والَّذِينَ كَسَبُوا السَّيِّئاتِ جَزاءُ سَيِّئَةٍ بِمِثْلِها﴾ عُطِفَ عَلى قَوْلِهِ ﴿لِلَّذِينَ أحْسَنُوا الحُسْنى﴾ عَلى مَذْهَبِ مَن يُجَوِّزُ: في الدّارِ زَيْدٌ والحُجْرَةِ عَمْرٌو، أوِ (الَّذِينَ) مُبْتَدَأٌ، والخَبَرُ ﴿جَزاءُ سَيِّئَةٍ بِمِثْلِها﴾ عَلى تَقْدِيرِ: وجَزاءُ الَّذِينَ كَسَبُوا السَّيِّئاتِ جَزاءُ سَيِّئَةٍ بِمِثْلِها، أيْ أنْ تُجازى سَيِّئَةٌ بِسَيِّئَةٍ مِثْلِها لا يُزادُ عَلَيْها، وفِيهِ تَنْبِيهٌ عَلى أنَّ الزِّيادَةَ هي الفَضْلُ أوِ التَّضْعِيفُ أوْ ﴿كَأنَّما أُغْشِيَتْ وُجُوهُهُمْ﴾، أوْ ﴿أُولَئِكَ أصْحابُ النّارِ﴾ وما بَيْنَهُما اعْتِراضٌ فَـ ﴿جَزاءُ سَيِّئَةٍ﴾ مُبْتَدَأٌ خَبَرُهُ مَحْذُوفٌ أيْ فَجَزاءُ سَيِّئَةٍ بِمِثْلِها واقِعٌ، أوْ بِمِثْلِها عَلى زِيادَةِ الباءِ أوْ تَقْدِيرِ مُقَدَّرٍ بِمِثْلِها. ﴿وَتَرْهَقُهم ذِلَّةٌ﴾ وقُرِئَ بِالياءِ. ﴿ما لَهم مِنَ اللَّهِ مِن عاصِمٍ﴾ ما مِن أحَدٍ يَعْصِمُهم مِن سَخَطِ اللَّهِ، أوْ مِن جِهَةِ اللَّهِ ومَن عِنْدَهُ كَما يَكُونُ لِلْمُؤْمِنِينَ. ﴿كَأنَّما أُغْشِيَتْ﴾ غُطِّيَتْ. ﴿وُجُوهُهم قِطَعًا مِنَ اللَّيْلِ مُظْلِمًا﴾ لِفَرْطِ سَوادِها وظُلْمَتِها ومُظْلِمًا حالٌ مِنَ اللَّيْلِ والعامِلُ فِيهِ ﴿أُغْشِيَتْ﴾ لِأنَّهُ العامِلُ في قِطَعًا وهو مَوْصُوفٌ بِالجارِّ والمَجْرُورِ، والعامِلُ في المَوْصُوفِ عامِلٌ في الصِّفَةِ أوْ مَعْنى الفِعْلِ في ﴿مِنَ اللَّيْلِ﴾ . وقَرَأ ابْنُ كَثِيرٍ والكِسائِيُّ ويَعْقُوبُ ﴿قِطَعًا﴾ بِالسُّكُونِ فَعَلى هَذا يَصِحُّ أنْ يَكُونَ ﴿مُظْلِمًا﴾ صِفَةً لَهُ أوْ حالًا مِنهُ. ﴿أُولَئِكَ أصْحابُ النّارِ هم فِيها خالِدُونَ﴾ مِمّا يَحْتَجُّ بِهِ الوَعِيدِيَّةُ. والجَوابُ أنَّ الآيَةَ في الكُفّارِ لِاشْتِمالِ السَّيِّئاتِ عَلى الكُفْرِ والشِّرْكِ ولِأنَّ الَّذِينَ أحْسَنُوا يَتَناوَلُ أصْحابَ الكَبِيرَةِ مِن أهْلِ القِبْلَةِ فَلا يَتَناوَلُهم قَسِيمُهُ. ﴿وَيَوْمَ نَحْشُرُهم جَمِيعًا﴾ يَعْنِي الفَرِيقَيْنِ جَمِيعًا. ﴿ثُمَّ نَقُولُ لِلَّذِينَ أشْرَكُوا مَكانَكُمْ﴾ الزَمُوا مَكانَكم حَتّى تَنْظُرُوا ما يُفْعَلُ بِكم. ﴿أنْتُمْ﴾ تَأْكِيدٌ لِلضَّمِيرِ المُنْتَقِلِ إلَيْهِ مِن عامِلِهِ. ﴿وَشُرَكاؤُكُمْ﴾ عُطِفَ عَلَيْهِ وقُرِئَ بِالنَّصْبِ عَلى المَفْعُولِ مَعَهُ. ﴿فَزَيَّلْنا بَيْنَهُمْ﴾ فَفَرَّقْنا بَيْنَهم وقَطَّعَنا الوُصُلَ الَّتِي كانَتْ بَيْنَهم. ﴿وَقالَ شُرَكاؤُهم ما كُنْتُمْ إيّانا تَعْبُدُونَ﴾ مَجازٌ عَنْ بَراءَةِ ما عَبَدُوهُ مِن عِبادَتِهِمْ فَإنَّهم إنَّما عَبَدُوا في الحَقِيقَةِ أهْواءَهم لِأنَّها الآمِرَةُ بِالإشْراكِ لا ما أشْرَكُوا بِهِ. وقِيلَ يُنْطِقُ اللَّهُ الأصْنامَ فَتُشافِهُهم بِذَلِكَ مَكانَ الشَّفاعَةِ الَّتِي يَتَوَقَّعُونَ مِنها. وقِيلَ المُرادُ بِالشُّرَكاءِ المَلائِكَةُ والمَسِيحُ وقِيلَ الشَّياطِينُ.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب