الباحث القرآني

(p-108)﴿قُلْ لَوْ شاءَ اللَّهُ﴾ غَيْرَ ذَلِكَ. ﴿ما تَلَوْتُهُ عَلَيْكم ولا أدْراكم بِهِ﴾ ولا أعْلَمَكم بِهِ عَلى لِسانِي، وعَنِ ابْنِ كَثِيرٍ « ولَأدْراكم» بِلامِ التَّأْكِيدِ أيْ لَوْ شاءَ اللَّهُ ما تَلَوْتُهُ عَلَيْكم ولَأعْلَمَكم بِهِ عَلى لِسانِ غَيْرِي. والمَعْنى أنَّهُ الحَقُّ الَّذِي لا مَحِيصَ عَنْهُ لَوْ لَمْ أُرْسَلْ بِهِ لَأرْسَلَ بِهِ غَيْرِي. وقُرِئَ « ولا أدْرَأكم» « ولا أدْرَأْتُكم» بِالهَمْزِ فِيهِما عَلى لُغَةِ مَن يَقْلِبُ الألِفَ المُبْدَلَةَ مِنَ الياءِ هَمْزَةً، أوْ عَلى أنَّهُ مِنَ الدَّرْءِ بِمَعْنى الدَّفْعِ أيْ ولا جَعَلْتُكم بِتِلاوَتِهِ خُصَماءَ تَدْرَءُونَنِي بِالجِدالِ، والمَعْنى أنَّ الأمْرَ بِمَشِيئَةِ اللَّهِ تَعالى لا بِمَشِيئَتِي حَتّى أجْعَلَهُ عَلى نَحْوِ ما تَشْتَهُونَهُ ثُمَّ قَرَّرَ ذَلِكَ بِقَوْلِهِ: ﴿فَقَدْ لَبِثْتُ فِيكم عُمُرًا﴾ مِقْدارًا عُمُرَ أرْبَعِينَ سَنَةً. ﴿مِن قَبْلِهِ﴾ مِن قَبْلِ القُرْآنِ لا أتْلُوهُ ولا أعْلَمُهُ، فَإنَّهُ إشارَةٌ إلى أنَّ القُرْآنَ مُعْجِزٌ خارِقٌ لِلْعادَةِ فَإنَّ مَن عاشَ بَيْنَ أظْهُرِهِمْ أرْبَعِينَ سَنَةً لَمْ يُمارِسْ فِيها عِلْمًا ولَمْ يُشاهِدْ عالِمًا ولَمْ يُنْشِئْ قَرِيضًا ولا خُطْبَةً، ثُمَّ قَرَأ عَلَيْهِمْ كِتابًا بَزَّتْ فَصاحَتُهُ فَصاحَةَ كُلِّ مِنطِيقٍ وعَلا مِن كُلِّ مَنثُورٍ ومَنظُومٍ، واحْتَوى عَلى قَواعِدَ عِلْمَيِ الأُصُولِ والفُرُوعِ وأعْرَبَ عَنْ أقاصِيصِ الأوَّلِينَ وأحادِيثِ الآخِرِينَ عَلى ما هي عَلَيْهِ عُلِمَ أنَّهُ مَعْلُومٌ بِهِ مِنَ اللَّهِ تَعالى. ﴿أفَلا تَعْقِلُونَ﴾ أيْ أفَلا تَسْتَعْمِلُونَ عُقُولَكم بِالتَّدَبُّرِ والتَّفَكُّرِ فِيهِ لِتَعْلَمُوا أنَّهُ لَيْسَ إلّا مِنَ اللَّهِ.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب