﴿قُلْ يا أيُّها النّاسُ﴾ خِطابٌ لِأهْلِ مَكَّةَ. ﴿إنْ كُنْتُمْ في شَكٍّ مِن دِينِي﴾ وصِحَّتِهِ. ﴿فَلا أعْبُدُ الَّذِينَ تَعْبُدُونَ مِن دُونِ اللَّهِ ولَكِنْ أعْبُدُ اللَّهَ الَّذِي يَتَوَفّاكُمْ﴾ فَهَذا خُلاصَةُ دِينِي اعْتِقادًا وعَمَلًا فاعْرِضُوها عَلى العَقْلِ الصِّرْفِ وانْظُرُوا فِيها بِعَيْنِ الإنْصافِ لِتَعْلَمُوا صِحَّتَها وهو أنِّي لا أعْبُدُ ما تَخْلُقُونَهُ وتَعْبُدُونَهُ، ولَكِنْ أعْبُدُ خالِقَكُمُ الَّذِي هو يُوجِدُكم ويَتَوَفّاكم. وإنَّما خَصَّ التَّوَفِّي بِالذِّكْرِ لِلتَّهْدِيدِ. ﴿وَأُمِرْتُ أنْ أكُونَ مِنَ المُؤْمِنِينَ﴾ بِما دَلَّ عَلَيْهِ العَقْلُ ونَطَقَ بِهِ الوَحْيُ، وحَذْفُ الجارِّ مِن أنْ يَجُوزَ أنْ يَكُونَ مِنَ المُطَّرِدِ مَعَ أنْ وأنْ يَكُونَ مِن غَيْرِهِ كَقَوْلِهِ:
؎ أمَرْتُكَ الخَيْرَ فافْعَلْ ما أُمِرْتَ بِهِ. . . فَقَدْ تَرَكْتُكَ ذا مالٍ وذا نَسَبِ
﴿وَأنْ أقِمْ وجْهَكَ لِلدِّينِ﴾ عُطِفَ عَلى ﴿أنْ أكُونَ﴾ غَيْرَ أنَّ صِلَةَ أنْ مَحْكِيَّةٌ بِصِيغَةِ الأمْرِ، ولا فَرْقَ بَيْنَهُما في الغَرَضِ لِأنَّ المَقْصُودَ وصْلُها بِما يَتَضَمَّنُ مَعْنى المَصْدَرِ لِتَدُلَّ مَعَهُ عَلَيْهِ، وصِيَغُ الأفْعالِ كُلُّها كَذَلِكَ سَواءٌ الخَبَرُ مِنها والطَّلَبُ، والمَعْنى وأُمِرْتُ بِالِاسْتِقامَةِ في الدِّينِ والِاسْتِبْدادِ فِيهِ بِأداءِ الفَرائِضِ، والِانْتِهاءِ عَنِ القَبائِحِ، أوْ في الصَّلاةِ بِاسْتِقْبالِ القِبْلَةِ. ﴿حَنِيفًا﴾ حالٌ مِنَ الدِّينِ أوِ الوَجْهِ. ﴿وَلا تَكُونَنَّ مِنَ المُشْرِكِينَ﴾ .
{"ayahs_start":104,"ayahs":["قُلۡ یَـٰۤأَیُّهَا ٱلنَّاسُ إِن كُنتُمۡ فِی شَكࣲّ مِّن دِینِی فَلَاۤ أَعۡبُدُ ٱلَّذِینَ تَعۡبُدُونَ مِن دُونِ ٱللَّهِ وَلَـٰكِنۡ أَعۡبُدُ ٱللَّهَ ٱلَّذِی یَتَوَفَّىٰكُمۡۖ وَأُمِرۡتُ أَنۡ أَكُونَ مِنَ ٱلۡمُؤۡمِنِینَ","وَأَنۡ أَقِمۡ وَجۡهَكَ لِلدِّینِ حَنِیفࣰا وَلَا تَكُونَنَّ مِنَ ٱلۡمُشۡرِكِینَ"],"ayah":"وَأَنۡ أَقِمۡ وَجۡهَكَ لِلدِّینِ حَنِیفࣰا وَلَا تَكُونَنَّ مِنَ ٱلۡمُشۡرِكِینَ"}