الباحث القرآني

قوله تعالى: ﴿لَا تَعْتَذِرُوا﴾، قال المفضل بن سلمة: (معنى الاعتذار هو أثر الموجدة، من قولهم اعتذرت المنازل إذا درست) [[اهـ. كلام المفضل، انظر: "تهذيب اللغة" (عذر) 3/ 2368.]]، يقال: مررت بمنزل معتذر بال. قال ابن أحمر في الاعتذار بمعنى الدروس: قد كنت تعرف آيات فقد جَعَلت ... أطلال إلفك بالودكاء تعتذر [[البيت لابن أحمر كما في "تهذيب اللغة" (عذر) 3/ 2368، و"لسان العرب" 5/ 2859، و (ودك) 10/ 509. والودكاء: موضع، أو رملة. انظر: "لسان العرب"، الموضع السابق الأخير. والشاعر يذكر شيخوخته وزوال شبابه، إذ يقول في بيت سابق: بان الشباب وأفنى ضعفه العمر ... لله درك، أي العيش تنتظر يقول: عشت ضعف عمر رجل، فما معنى البقاء والانتظار، ثم إن الآيات والعلامات في بقايا وأطلال المكان الذي كنت آلفه قد بدأت تندرس وتزول.]] وأخذ الاعتذار من هذا؛ لأن من اعتذر شاب اعتذاره بكذب [[في (ح): (بكدر)، وأتبت ما في (م) و (ى) لموافقته لما في "تهذيب اللغة" (عذر).]] يعفي على ذنبه. وقال ابن الأعرابي: (اعتذرت إليه: هو قطع ما في قلبه) [[اهـ. كلام ابن الأعرابي، انظر: "تهذيب اللغة" (عذر) 3/ 2368.]]، ومنه عذرة الغلام لقُلفته، وهي ما يقطع عند الختان، وعذرة الجارية سميت عذرة بالعذر وهو القطع، قاله اللحياني [[انظر قوله في: "تهذيب اللغة" (عذر) 3/ 2368.]]، لأنها إذا خفضت [[الخفض للجارية: كالختان للغلام. "لسان العرب" (خفض).]] قطعت نواتها، وإذا افترعت [[في "لسان العرب" (فرع) 6/ 3395: افترع البكر: افتضها، والفرعة: دمها، وقيل له: افتراع لأنه أول جماعها.]] انقطع حاتم عذرتها، ومن هذا يقال: اعتذرت المياه إذا انقطعت، وعلى هذا معنى العذر [[ساقط من (ح).]]: قطع اللائمة عن الجاني، فالقولان قريبان من السواء لأن هو أثر الموجدة قطع له. وقوله تعالى: ﴿قَدْ كَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ﴾، قال أبو إسحاق: (تأويله: قد ظهر كفركم بعد إظهاركم الإيمان) [["معاني القرآن وإعرابه" 2/ 459، وقول الزجاج هذا بناء على أنهم كانوا كفارًا منافقين قبل هذا القول، لكن لفظ الآية أعم بما ذكره الزجاج، فالاستهزاء بالله أو رسوله أو شيء بما جاء به الإسلام يعد باب من أبواب الكفر الأكبر؛ لأنه يدل على الاستخفاف والاستصغار، وأساس الإيمان تعظيم الله تعالى وما يمت إليه بسبب بأقصى ما يمكن.]]. وقوله تعالى: ﴿إِنْ نَعْفُ عَنْ طَائِفَةٍ مِنْكُمْ نُعَذِّبْ طَائِفَةً﴾، قال المفسرون: (الطائفتان كانوا ثلاثة نفر هزيء اثنان وضحك واحد على ما بينا) [[انظر: "تفسير ابن جرير" 10/ 173، و"الدر المنثور" 3/ 456 - 457.]]، فالطائفة الأولى الضاحك، والأخرى الهازئان، قال مجاهد في قوله، تعالى: ﴿وَلْيَشْهَدْ عَذَابَهُمَا طَائِفَةٌ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ﴾ [النور: 2]، أقلها واحد [[رواه ابن جرير 18/ 69 (ط. الحلبي) وعبد الرزاق في "تفسيره" 2/ 50، والبغوي في "تفسيره" 6/ 8، وابن المنذر وابن أبي حاتم، كما في "الدر المنثور" 3/ 457.]]، وقال عطاء: أقلها اثنان [[رواه عبد الرزاق في "تفسيره" 2/ 50، والبغوي 6/ 8]]. وقال أبو إسحاق: (الطائفة في اللغة: أصلها الجماعة؛ لأنها المقدار الذي يطيف بالشيء، وقد يجوز أن يقال [[في (ى): (تكون)، وهو خطأ.]] للواحد: طائفة يراد نفسٌ طائفة) [["معاني القرآن واعرابه" 2/ 460.]]. وقال ابن الأنباري: (العرب توقع الجمع على الواحد فتقول: خرج فلان إلى مكة على الجمال، والله تعالى يقول [[ساقط من (ح).]]: ﴿الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ﴾ [آل عمران: 173] يعني نعيم بن مسعود. قال: ويجوز أن تكون الطائفة إذا أريد بها الواحد يكون أصلها طائفا فتدخل الهاء للمبالغة) [[انظر: "زاد المسير" 3/ 466 مختصرًا.]]. وروى الفراء بإسناده عن ابن عباس قال: (الطائفة: الواحد فما فوقه) [["معاني القرآن" 2/ 245 وسنده واهٍ؛ إذ هو من رواية الكلبي عن أبي صالح عن ابن عباس.]]، قال الكلبي: (الذي ضحك هو المعفو عنه) [[رواه بمعناه عبد الرزاق في"تفسيره" 1/ 2/ 282، وابن المنذر وأبو الشيخ كما في "الدر المنثور" 3/ 456، وذكره بلفظ مقارب ابن الجوزي في "زاد المسير" 3/ 364.]]، وقال محمد بن إسحاق: (الذي عفي عنه رجل واحد يقال له: مخشي [[في السيرة النبوية: مخشن، وقد أشار ابن هشام في موضع سابق 4/ 524 إلى الاختلاف في اسمه، وأثبت ابن حجر في "الإصابة" 3/ 391 ما ذكره المؤلف، ولم يشر إلى الخلاف، بل إن ابن جرير رواه في "تفسيره" 10/ 173 عن ابن إسحاق بلفظ المؤلف، وهذا يدل على أنه الراجح في اسمه.]] بن حُمير الأشجعي [[هو: مخشي بن حُمير -مصغرًا- الأشجعي، كان ممن نزل فيه قوله تعالى: ﴿وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ لَيَقُولُنَّ إِنَّمَا كُنَّا نَخُوضُ وَنَلْعَبُ﴾ فكان ممن عفي عنه، فقال يا رسول الله: غير اسمي واسم أبي، فسماه عبد الله بن عبد الرحمن، فدعا ربه أن يقتل شهيداً حيث لا يعلم به، فقتل يوم اليمامة ولم يعلم له أثر. انظر: "السيرة النبوية" 4/ 209، و"الإصابة" 3/ 391.]]، أنكر [[في (ح): (نكر).]] عليهم بعض ما سمع، وجعل يسير مجانبًا لهم، فلما نزلت هذه الآية بريء من النفاق) [["السيرة النبوية" 4/ 209.]].
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب