الباحث القرآني

قوله تعالى: ﴿يَحْذَرُ الْمُنَافِقُونَ﴾ الآية، قال مجاهد والكلبي: (كان المنافقون يعيبون رسول الله ﷺ فيما بينهم، يقولون: عسى الله أن لا يفشي علينا سرنا، فأنزل الله هذه الآية) [[رواه عن مجاهد بنحوه ابن جرير 10/ 171، وابن أبي حاتم 6/ 1829، والثعلي 6/ 123 أولم أجد من ذكره عن الكلبي.]]. وقوله تعالى: ﴿يَحْذَرُ الْمُنَافِقُونَ﴾ إخبار عنهم بما كانوا يفرقون من هتكهم وفضيحتهم، قال الزجاج: (ويجوز أن يكون لفظه خبرًا ومعناه أمرًا) [["معاني القرآن وإعرابه" 2/ 459 بنحوه.]]، وهذا بعيد، وآخر الآية دليل على أن المراد بقوله: ﴿يَحْذَرُ الْمُنَافِقُونَ﴾ [[من (ى).]] الخبر وهو قوله تعالى: ﴿إِنَّ اللَّهَ مُخْرِجٌ مَا تَحْذَرُونَ﴾. وقوله: ﴿أَنْ تُنَزَّلَ عَلَيْهِمْ سُورَةٌ﴾ الظاهر أن الكناية عائدة على المنافقين، والوجه أن ترجع إلى المؤمنين، [والمعنى: أن تنزل على المؤمنين، [[ما بين المعقوفين ساقط من (ى).]] سورة تنبئهم بما في قلوب المنافقين [[في (ى): (قلوبهم).]]، [ونحو هذا قال الحسن [[ذكر عن الحسن عدة أقوال بهذا المعنى، فروى عنه الثعلبي في "تفسيره" 6/ 123 أأنه قال: (كان المسلمون يسمون هذه السورة الحفارة حفرت في قلوب المنافقين فأظهرته)، وذكره عنه الهواري في "تفسيره" 2/ 147 بلفظ: (كانت تسمى حافرة، أنبأت بما في قلوب المنافقين)، وقال ابن الجوزي في "زاد المسير" 3/ 463: في == قوله (يحذر المنافقون) قولان: أحدهما: أنه إخبار من الله -عز وجل- عن حالهم، قاله الحسن .. إلخ.]]. وقوله تعالى: ﴿تُنَبِّئُهُمْ بِمَا فِي قُلُوبِهِمْ﴾] [[ما بين المعقوفين ساقط من (ى).]] قال ابن عباس: (يريد: ينزل الله في تلك السورة [ما استتروا به من الناس) والمعنى: يظهر] [[ما بين المعقوفين ساقط من (ى).]] ما في قلوبهم من الحسد لرسول الله ﷺ والمؤمنين وما كانوا ينطوون [[في (ى): (ينطون)، بلا نقط في جميع الحروف.]] عليه من العداوة لهم. وقوله تعالى: ﴿قُلِ اسْتَهْزِئُوا﴾ أمر وعيد ﴿إِنَّ اللَّهَ مُخْرِجٌ﴾ مظهر ﴿مَا تَحْذَرُونَ﴾ ظهوره، قال عطاء عن ابن عباس: (أنزل الله أسماء المنافقين وكانوا سبعين رجلاً فأنزل الله أسماءهم، وأسماء آبائهم وعشائرهم في القرآن، ثم نسخ تلك الأسماء رأفة منه ورحمة؛ لأن أولادهم كانوا مسلمين، والناس يعير بعضهم بعضًا) [[رواه البغوي في "تفسيره" 4/ 68 بنحوه.]]، فعلى هذا قد أنجز الله وعده بإظهار ذلك في قوله: ﴿إِنَّ اللَّهَ مُخْرِجٌ مَا تَحْذَرُونَ﴾، وقال بعضهم: (إن الله أخرج ذلك حيث ألهم النبي -ﷺ- معرفتهم فقال: ﴿وَلَتَعْرِفَنَّهُمْ فِي لَحْنِ الْقَوْلِ﴾ [محمد: 30] [[ذكره القرطبي في "تفسيره" 8/ 196 ولم يعين القائل، واعتمد هذا القول المؤلف في "الوسيط" 2/ 507.]]، قال عطاء ومقاتل وقتادة: (كانت تسمى هذه السورة الفاضحة والمثيرة والمبعثرة، أثارت مخازي المنافقين وفضحتهم) [[رواه عن قتادة بلفظه الثعلبي 6/ 123، والبغوي 4/ 68، وبنحوه ابن جرير 10/ 171، وابن أبي حاتم 6/ 1829، وانظر: قول مقاتل في "تفسيره" 131 أمختصرًا، ولم أجد من ذكره عن عطاء.]] فإن قيل: أكان المنافقون يحذرون هذا وهم ينطوون [[في (ى): (يبطنون)، بلا نقط.]] على الكفر ومجانبة الإيمان؟. قيل: هذا لا يلزم على مذهب الزجاج، حيث جعل [[في (م): (يجعل).]] قوله: (يحذر) بمعنى الأمر [[انظر: "معاني القرآن واعرابه" 2/ 459.]]، وإن جعلته خبرًا فالمنافقون كانوا ينحرفون عن النبي -ﷺ- حسدًا له [[ساقط من (ى).]] وبغيًا، وقلوبهم تشهد بصدقه، وهم يخافون نزول سورة عليه يكشف فيها أمرهم، إذا كانوا لا يشكون في نزول الملائكة عليه، وأن الله يطلعه من الغيب على ما هو مستور عن غيره، هذا كلام ابن الأنباري [[ذكره ابن الجوزي 3/ 463 بمعناه مختصرًا، وأشار إلى أن محمد بن القاسم بن الأنباري اختاره.]]، وقد أشار الزجاج إلى هذه الجملة حيمث قال في قوله: ﴿يَحْذَرُ الْمُنَافِقُونَ﴾: (ويجوز أن يكون خبرًا عنهم؛ لأنهم كانوا يكفرون عنادًا وحسدًا) [["معاني القرآن وإعرابه" 2/ 459.]].
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب