الباحث القرآني

قوله تعالى: ﴿أَلَمْ يَعْلَمُوا أَنَّهُ مَنْ يُحَادِدِ اللَّهَ﴾ الآية، قال ابن عباس والكلبي: (نزلت في المنافقين الذين تخلفوا عن غزوة تبوك [[ذكره عن الكلبي سببًا لنزول الآية السابقة الثعلبي 6/ 123 أ، والبغوي 4/ 68، وابن الجوزي 3/ 461، وفي "تنوير المقباس" ص 197: (ألم يعلموا): يعني جلاسًا وأصحابه.]]، قال أهل المعاني: معنى قولك: ألم تعلم [لمن لا يعلم] [[ما بين المعقوفين ساقط من (ح).]]: [الاستبطاء له] [[في (ح) و (ى): (الاستطالة).]] في تخلفه عن ذلك العلم [[ذكره بمعناه مع النسبة إلى أهل المعاني، الرازي في "تفسيره" 16/ 119، والخازن في "تفسيره" 2/ 238 ولم أجده في كتبهم التي بين يدي.]]. وقوله تعالى: ﴿أَنَّهُ﴾ [[ساقط من (ي).]] الكناية فيه ضمير الشأن والقصة، قال أبو علي الجرجاني: (وذلك أن (أن) يتضمن ما بعده من المبتدأ والخبر، ويشتمل عليهما [[في (ح): (عليها).]] حتى يصير معهما [[في (ح): (معها)، وفي (ى): (معًا).]] قصة وشأنًا، مثل قولك: زيد مريض، فإذا أردت أن تعلم غيرك مرضه قلت: اعلم أن زيدًا [[في (ى): (زيد)، وهو خطأ.]] مريض، ولو قلت: اعلم زيدًا مريضًا، كان العلم واقعًا على زيد نفسه دون المرض وانتقل المعنى عما كان عليه، فإذا قلت: اعلم أنه زيد مريض فقد تضمن (أن) ما بعده من المبتدأ والخبر، وجمع معناهما في الهاء التي وقع عليها [[في (ح): (عليهما).]] (أن) وعمل (أن) فيها، وشغل بها عن غيرها، فصارت الهاء كناية عن القصة والشأن، وارتفع ما بعدها من المبتدأ والخبر لشغلك (أن) بالهاء، وصار ما بعد الهاء من المبتدأ والخبر بيانا لما في الهاء من نية تلك القصة لأنها مبهمة، فقوله -عز وجل-: ﴿أَلَمْ يَعْلَمُوا أَنَّهُ﴾ الهاء [[ساقط من (ح).]] قد تضمنت ما بعدها من المبتدأ وخبره، وما بعدها من قوله: ﴿مَنْ يُحَادِدِ اللَّهَ﴾ مبتدأ، ولذلك [[في (ح): (وكذلك)، وهو خطأ.]] جزم لأنه شرطٌ مبتدأ [[(من) الجازمة شرطية، وهي اسم باتفاق. انظر: "أوضح المسالك" 3/ 189.]]. وقوله تعالى: ﴿مَنْ يُحَادِدِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ﴾ قال الليث: (حاددته أي: عاصيته [[اهـ. الكلام المنسوب لليث، انظر: "تهذيب اللغة" (حد) 1/ 760، والنص في كتاب: "العين" للخليل (حد) 3/ 20.]] وخالفته، والمحادة كالمجانبة والمخالفة والمعاداة، وذكر الزجاج اشتقاقه من الحد، قال: (ومعنى حاد فلان فلانًا: أي: صار في حد غير حده، كقولك: شاقه، ومعنى: ﴿مَنْ يُحَادِدِ اللَّهَ﴾ أي يصير في حد غير حد أولياء الله بالمخالفة) [[ذكر الزجاج بعفر معنى هذا القول في "معاني القرآن وإعرابه" 2/ 458، والبعض الآخر في المصدر السابق: نفسه 5/ 136.]]. قال ابن عباس: (يعني من يخالف الله ورسوله بتكذيب نبيه، والإظهار باللسان خلاف ما في القلب) [[انظر: "زاد المسير" 3/ 462، و"الوسيط" 2/ 507.]]، وقال الأخفش: ﴿يُحَادِدِ اللَّهَ﴾: يحارب الله) [[لم أجده، وقد ذكره من غير تعيين القائل الرازي 16/ 119 - 120، و"الخازن" 2/ 238.]]، وقال قطرب: (يعاند الله) [[انظر: المصدرين السابقين، نفس الموضع، دون تعيين القائل.]]، وقال الزجاج: (يعاد [[في (م): (يضاد)، وفي "معاني القرآن": يعادي، وذكره الرازي 16/ 120 بمثل ما أثبته.]] الله) [["معاني القرآن وإعرابه" 2/ 458.]]. ﴿فَأَنَّ لَهُ نَارَ جَهَنَّمَ﴾ [المعنى: فله نار جهنم] [[ما بين المعقوفين ساقط من (ح).]] ولكنه لما طال الكلام أعيد (أن) ليكون أوكد، ويجوز كسر (فإن) على الاستئناف بعد الفاء، والقراءة بالفتح [[يعني القراءة المتواترة، وقد قرأ ابن أبي عبلة وأبو رزين وأبو عمران وغيرهما بالكسر، انظر: "المحرر الوجيز" 6/ 552 - 553، و"زاد المسير" 3/ 462، و"البحر المحيط" 5/ 64.]]، هذا معنى كلام أبي إسحاق [[انظر: "معاني القرآن وإعرابه" 2/ 459 لكنه قال: (القراءة بالفتح والكسر). وكذلك قال أبو البقاء العكبري في "التبيان في إعراب القرآن" ص 423، وأنكر قراءة الكسر ابن جرير في "تفسيره" 10/ 170 - 171، ولا شك أنها شاذة، انظر التعليق السابق.]]، والكلام في إعراب هذه الآية يأتي [[في (ح): (بأن).]] في قوله: ﴿كُتِبَ عَلَيْهِ أَنَّهُ مَنْ تَوَلَّاهُ فَأَنَّهُ يُضِلُّهُ﴾ [الحج: 4] [[انظر: "النسخة الأزهرية" 4/ 3 أحيث قال: (قال أبو إسحاق: ﴿كُتِبَ عَلَيْهِ أَنَّهُ مَنْ تَوَلَّاهُ﴾ (أنه) في موضع رفع ﴿فَأَنَّهُ يُضِلُّهُ﴾ عطف عليه، والفاء الأجود فيها أن == تكون في معنى الجزاء، وجائز كسر (إن) مع الفاء، وتكون جزاء لا غير، .. وحقيقة (أن) الثانية أنها مكررة على جهة التوكيد؛ لأن المعنى: كتب عليه أنه من تولاه أضله) ثم ذكر رأي أبي علي الفارسي وأطال في ذلك.]].
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب