الباحث القرآني

وقوله تعالى: ﴿لَا يَسْتَأْذِنُكَ الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ﴾ الآية. قال ابن عباس: هذا تعيير للمنافقين حين استأذنوا في القعود عن الجهاد [[رواه ابن جرير، وابن أبي حاتم 6/ 1806، والنحاس في "الناسخ والمنسوخ" 2/ 439.]]، [وقال الزجاج:] [[ما بين المعقوفين ساقط من (ي).]] أعلم الله نبيه أن علامة النفاق في ذلك الوقت الاستئذان [["معاني القرآن وإعرابه" 2/ 450، وبقية النص: في التخلف عن الجهاد.]]. وقوله تعالى: ﴿أَنْ يُجَاهِدُوا بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ﴾، قال: موضع (أن) نصب، المعنى: لا يستأذنك هؤلاء في أن يجاهدوا [[ذكر النحاس في "إعراب القرآن" 2/ 21 هذا التقدير عن الزجاج ثم قال: قال غيره: هذا غلط، وإنما المعنى ضد هذا، ولكن التقدير: (إنما يستأذنك الذين لا يؤمنون بالله واليوم الآخر) في التخلف لئلا يجاهدوا، وحقيقته في العربية: كراهة أن يجاهدوا كما قال جل وعز: ﴿يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ أَنْ تَضِلُّوا﴾ [النساء: 176]. وانظر: "الكشاف" 2/ 192 وحاشيته، فقد جوّز الزمخشري ما ذهب إليه الزجاج، وزاده إيضاحًا ابن المنير، واعتبره أدباً إسلاميًا يجب أن يقتفى فلا يليق بالمرء أن يستأذن أخاه أن يسدي إليه معروفًا. وأقول: إن أسباب النزول وسياق الآيات لا سيما قوله تعالى: ﴿عَفَا اللَّهُ عَنْكَ لِمَ أَذِنْتَ لَهُمْ﴾ يدل على ضعف هذا القول، فما كان الله ليعاتب نبيه على إذنه لهم بالجهاد، بل على إذنه بالتخلف عن الجهاد، وهذا يدل على أنهم استأذنوه القعود لا في الجهاد.]]، ولكن (في) حذفت فأفضى الفعل فنصب (أن) [[القول للزجاج في "معاني القرآن وإعرابه" 2/ 450.]]. قال سيبويه: ويجوز أن يكون موضعه [[في "معاني القرآن وإعرابه": موضعها.]] جرًا لأن حذفها هاهنا جاز من ظهور (أن) فلو أظهرت المصدر لم تحذف (في)، لا يجوز: لا يستأذنك القوم الجهاد [[في (ج): (أن يجاهدوا)، والصواب ما أثبته وهو موافق لـ"معاني القرآن وإعرابه".]] [حتى تقول: في الجهاد، ويجوز: لا يستأذنك القوم أن يجاهدوا] [[ما بين المعقوفين ساقط من (ج).]] [[انظر قول سيبويه في "معاني القرآن وإعرابه" للزجاج 2/ 450 ولم أجده في مظانه في كتاب سيبويه، كما أن الأستاذين د/ محمد عبد الخالق عضيمة، وعبد السلام هارون لم يذكرا هذه الآية في فهرسيهما لكتاب سيبويه، وقد ذكر سيبويه النصب على نزع الخافض في عدة مواضع في كتابه منها: 1/ 38، 159، 3/ 127، 135، 137 ومن أقواله في كتابه 3/ 154: واعلم أن اللام ونحوها من حروف ==الجر قد تحذف من (أن) كما حذفت من (أنَّ)، جعلوها بمنزلة المصدر حين قلت: فعلت ذلك حذر الشر، أي لحذر الشر، ويكون مجرورًا على التفسير الآخر.]]. قال أصحاب الحقائق [[أهل الحقائق عند المؤلف هنا هم أهل المعاني كابن الأنباري كما بين ذلك من قبل.]]: ليست هذه الآية على ظاهرها؛ لأن ترك الاستئذان عن [[هكذا في جميع النسخ، والصواب: (من)، عبارة المؤلف في "الوسيط" 3/ 501: .. وإلا فالاستئذان من الإمام في القعود عن الجهاد غير مذموم.]] الإمام في الجهاد مذموم، وهؤلاء محمودون في هذه الآية بترك الاستئذان [[في (ي): (الإيذان).]]، وهاهنا إضمار وهو أحد شيئين: أحدهما: أن يكون التقدير: لا يستأذنك هؤلاء أن يجاهدوا فحذف (لا)، والثاني: لا يستأذنك هؤلاء كراهية أن يجاهدوا [[ذكر بعض هذا القول النحاس في "إعراب القرآن" 2/ 21، والرازي في "تفسيره" 16/ 76.]]، وقد ذكرنا نحو هذا في قوله تعالى: ﴿يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ أَنْ تَضِلُّوا﴾ [النساء: 176] وفي غيره من المواضع، والذي دل على هذا المحذوف ذم المنافقين وسياق القصة، وهو قوله: ﴿لِمَ أَذِنْتَ لَهُمْ﴾ إنما كان ذلك إذنًا في القعود عن الجهاد لا في الجهاد، ويدل عليه أيضًا ما بعده من قوله تعالى: ﴿إِنَّمَا يَسْتَأْذِنُكَ الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ﴾ أي في القعود عن الجهاد. وقال صاحب النظم: ظاهر نظم [[ساقط من (ي).]] هذه الآية والتي بعدها يوهم أن الاستئذان في الجهاد مذموم، وهذا غير سائغ في المعنى؛ لأن الذم إنما وقع على من يستأذن في القعود عن الجهاد، فالتأويل: لا يستأذنك الذين يؤمنون بالله واليوم الآخر في القعود عن الجهاد، فجاء هذا النظم على سبق العلم من الجميع إلى أنه [[في (ي): (لأنه).]] لا يقع الذم في مثل هذا إلا على من يستأذن [[في (ي): (يستأذنك).]] في ترك الجهاد والقعود عنه، ومثله قوله: ﴿وَتَرْغَبُونَ أَنْ تَنْكِحُوهُنَّ﴾ [النساء:127] فهذا أيضًا ظاهره أنهم يرغبون في نكاحهن والمعنى على خلافه؛ لأن هذا ورد في عضل الولي [[في "الصحاح" (عضل) 5/ 1767: عضل الرجل أيمه: إذا منعها من التزويج.]] عن التزويج وامتناعه من أن يتزوجها، والعرب تقول: رغبت أن أفعل كذا بمعنى: عن أن أفعله، ورغبت أن أفعله [بمعنى في أن أفعله] [[ما بين المعقوفين ساقط من (ج).]] ولا يعرف ذلك إلا بالاعتبار بمكانه [[في (ج): (لمكانه)، وهو خطأ.]] الذي وقع به، والقصة التي حدث فيها، من ذلك قول الخنساء: يا صخر ورّاد ماء قد تناذره .... أهل الموارد ما في ورده عار [[انظر: "ديوان الخنساء" ص 48، ومعنى تناذره: أنذر بعضهم بعضًا، والموارد: جمع مورد، وهو المنهل والماء الذي يورد للسقيا. وهي تعني الموت، أي لإقدامه وشجاعته. انظر: "الكامل" 4/ 48، و"أنيس الجلساء في شرح ديوان الخنساء" ص75.]] ظاهر قولها: ما [[لفظ: (ما) ساقط من (ج).]] في ورده عار، أن معناه [: ما على من ورده عار] [[نص ما بين المعقوفتين في (ي) هكذا: (على ما ورده عار)، وهو خطأ ظاهر.]] ومعناه في الباطن: ما في ترك ورده مخافة عار؛ لأنها عنت: ماء ورده في موضع مخوف يتناذره الناس ويتحامونه، تقول: فهو يرد هذا الماء لشجاعته وجرأته، وإن ترك ورده تارك لم يكن عليه عار لهول ما فيه. وقوله تعالى: ﴿وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِالْمُتَّقِينَ﴾، قال ابن عباس: يريد: ليس فيهم منافق [[في "تنوير المقباس" ص 194: ﴿وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِالْمُتَّقِينَ﴾ الكفر والشرك.]]. قال أهل المعاني: لم يخرجهم من [[ساقط من (ج).]] صفة المتقين إلا لأنه علم أنهم ليسوا منهم [["البرهان" للحوفي 11/ 192 ب بنحوه.]].
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب