الباحث القرآني
وقوله تعالى: ﴿لَوْ كَانَ عَرَضًا قَرِيبًا﴾ الآية، قال المفسرون: نزلت هذه الآية في المنافقين الذين تخلفوا عن غزوة تبوك [[انظر: "تفسير ابن جرير" 10/ 141، والثعلبي 6/ 111 ب، والبغوي 4/ 54، وابن الجوزي 3/ 444، و"أسباب النزول" للمؤلف ص 251.]]، قال الكلبي: لما رجع رسول الله -ﷺ- من تبوك أبدى الله نفاقهم، وأنزل هذه الآية [[ذكره بمعناه الهواري في "تفسيره" 2/ 134.]]، قال الزجاج والمبرد وغيرهما: لو كان ما دعوا إليه أو [[في (ج): (و).]] لو كان المدعو إليه سفرًا قاصدًا، فحذف اسم (كان) لدلالة ما تقدم من الكلام عليه [[انظر: قول الزجاج في "معاني القرآن وإعرابه" 2/ 449، وانظر أيضًا: "تفسير الطبري" 10/ 141، والثعلبي 6/ 111 ب، والبغوي 4/ 54، وابن الجوزي 3/ 444، وأبي حيان 5/ 45، ولم أجد مصدر قول المبرد، ولعله في كتابه "معاني القرآن" الذي لم أعثر عليه.]] و ﴿عَرَضًا قَرِيبًا﴾ يريد: من عرض الدنيا، قاله ابن عباس [[رواه بمعناه ابن أبي حاتم في "تفسيره" 6/ 1804، والفيروزأبادي في "تنوير المقباس" ص 194.]]، وقال الضحاك: غنيمة قريبة [[لم أجد من ذكره عنه، وقد رواه ابن أبي حاتم في المصدر السابق، نفس الموضع عن الضحاك عن ابن عباس.]].
وقال الكلبي: مالاً قريبًا [[ذكره الهواري في "تفسيره" 1/ 134 بنحوه.]]، ومضى الكلام في العرض عند قوله: ﴿يَأْخُذُونَ عَرَضَ هَذَا الْأَدْنَى﴾ [الأعراف: 169].
وقوله تعالى: ﴿وَسَفَرًا قَاصِدًا﴾، قال الليث: القصد [[ساقط من (ج).]]: استقامة الطريقة يقال: قصد يقصد قصدًا فهو قاصد [["تهذيب اللغة" (قصد) 3/ 2971، والنص في كتاب: "العين" (قصد) 5/ 54.]]، قال ابن عباس: سفرًا قاصدًا يريد: قريبًا [["تنوير المقباس" 194 بمعناه.]]، وقال الكلبي: هينا [[ذكره الهواري في "تفسيره" 2/ 134.]]، وقال الزجاج: أي سهلاً قريبًا [["معاني القرآن وإعرابه" 2/ 449.]]، وقال أهل المعاني: وسفرًا قاصدًا سهلاً باقتصاده من غير طول في أمره، وإنما قيل للعدل قصد لأنه مما ينبغي أن يقصد [[ذكر نحو هذا القول الرازي في "تفسيره" 16/ 72، ولم أجد من ذكره من أهل المعاني.]]، وقال المبرد: قاصدًا: ذا قصد، أي ذا اعتدال في غير طول، أو ذا لين وسهولة واستقامة، كقولهم: لابن [[لابن: أي ذو لبن. انظر: "لسان العرب" (لبن) 7/ 3989، (رمح) 3/ 1724.]] ورامح [[رامح: أي ذو رمح. انظر: المصدر السابق (رمح) 3/ 1724.]] وتامر [[الكلمة ساقطة من (ي)، ومعناها: ذو تمر. انظر: الممدر السابق، نفس الموضعين.]].
وقوله تعالى: ﴿وَلَكِنْ بَعُدَتْ عَلَيْهِمُ الشُّقَّةُ﴾، قال الليث: الشقة: بعد مسير إلى أرض بعيدة، يقال: شقة شاقة [["تهذيب اللغة" (شق) 2/ 1906، والنص في كتاب: "العين" (شق) 5/ 7 دون قوله: يقال .. إلخ.]]، قال الضحاك: {بَعُدَتْ عَلَيْهِمُ الشُّقَّةُ}: المسافة [[لم أعثر على من خرجه، وقد رواه ابن أبي حاتم في "تفسيره" 6/ 1804 عن الضحاك عن ابن عباس بلفظ: المسيرة.]]، وقال الكلبي: يعني السفر إلى الشام [[ذكره المؤلف في "الوسيط" 2/ 500.]]، وقال الزجاج: بعدت عليهم الغاية التي تقصدها [["معاني القرآن وإعرابه" 2/ 450.]]، ونحوه قال ابن كيسان [[انظر قوله في "تفسير الثعلبي" 6/ 111 ب.]]، وقال قطرب: الشقة: السفر البعيد؛ لأنه يشق على الإنسان [[انظر قوله في المصدر السابق، نفس الموضع.]]، وقال غيره: الشقة: القطعة من الأرض التي يشق ركوبها على صاحبها [[هذا قول علي بن عيسى الرماني. انظر: "البحر المحيط" 5/ 45.]].
وقوله تعالى: ﴿وَسَيَحْلِفُونَ بِاللَّهِ لَوِ اسْتَطَعْنَا لَخَرَجْنَا مَعَكُمْ﴾، قال الكلبي: يعني: لو قدرنا وكان لنا سعة في المال [[لم أجد من ذكره عنه، وقد ذكره من غير نسبة المؤلف في "الوسيط" 2/ 500، وابن الجوزي في "زاد المسير" 3/ 444، والماوردي في "النكت والعيون" 2/ 367.]]، قال أهل المعاني: وفي هذا دلالة على نبوة محمد ﷺ لأنه أخبر أنهم سيحلفون، ثم جاءوا فحلفوا كما أخبر أنه سيكون منهم [[القول للحوفي في كتابه "البرهان" 11/ 185 أ، وانظر: "الكشاف" 2/ 191، و"مفاتيح الغيب" 16/ 75.]].
وقوله تعالى: ﴿يُهْلِكُونَ أَنْفُسَهُمْ﴾، قال ابن عباس: بالكذب والنفاق [[ذكره الفيروزأبادي في "تنوير المقباس" ص 194 بلفظ: بالحلف الكاذبة.]]، وقوله [[من (م).]]: ﴿وَاللَّهُ يَعْلَمُ إِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ﴾، قال قتادة: لأنهم كانوا يستطيعون الخروج ولكن كانت تبطئة من عند أنفسهم زهادة في الخير [[رواه ابن جرير 10/ 141، وعبد بن حميد وابن المنذر كما في "الدر المنثور" 3/ 441.]]، وقال الحسن: لكاذبون: أي مستطيعون [[في (ي): (مستطيعين).]] للخروج [[ساقط من (ج).]] [[لم أقف عليه.]]، وقال مجاهد: أي ذلك الذي قالوا بألسنتهم مخالف لما في قلوبهم [[لم أعثر عليه في المصادر التي بين يدي.]].
فإن قيل: أليس عندكم لو استطاعوا لخرجوا وإذ [[في (ج): (فإذا).]] لم يخرجوا فلأنهم لم يستطيعوا، والله تعالى قد كذبهم في قولهم [[في (ج) و (ي): (قوله)، وهو خطأ.]] لم نستطيع، فبان أنهم استطاعوا ولم يخرجوا؟ [[ذكر الرازي أن ممن اعترض هذا الاعتراض أبا على الجبائي والكعبي. انظر: "تفسير الفخر الرازي" 16/ 72 - 73.]]
قلنا: الاستطاعة ههنا معناه: الزاد والسلاح والمركوب وكانوا مياسير ذوي عدة فاستطاعتهم كان بالعدة وكُذّبوا في قولهم: لم نستطع [[يشير المؤلف -رحمه الله- إلى خلاف محتدم بين المعتزلة والأشاعرة في باب الاستطاعة والقدرة، وفي المسألة عدة أقوال أبرزها:
الأول: قول المعتزلة، وهو أن الاستطاعة قبل الفعل، يقول عبد الجبار الهمداني: وجملة ذلك أن من مذهبنا أن القدرة متقدمة لمقدورها، وعند المجبرة أنها مقارنة له. "شرح الأصول الخمسة" ص 398، وانظر أيضًا: "مقالات الإسلاميين" 1/ 300، و"الفرق بين الفرق" ص 137، و"شرح العقيدة الطحاوية" 2/ 633.
الثاني: قول الأشاعرة ومن وافقهم، وهو أن الاستطاعة تكون مع الفعل، ولا يجوز أن تتقدمه البتة، يقول الجويني في "الإرشاد" ص 219. والدليل على أن الحادث == مقدور، وأن الاستطاعة تقارن الفعل، أن نقول: القدرة من الصفات المتعلقة، ويستحيل تقديرها دون متعلق لها، فإن فرضنا قدرة متقدمة، وفرضنا مقدوراً بعدها في حالتين متعاقبتين فلا يتقرر على أصول المعتزلة تعلق القدرة بالمقدور، فإنا إذا نظرنا إلى الحالة الثانية فلا تعلق للقدرة فيها، فإذا لم يتحقق في الحالة الأولى إمكان، ولم يتقرر في الحالة الثانية اقتدار، فلا يبقى لتعلق القدرة معنى. أهـ. وانظر أيضًا: "غاية المرام من علوم الكلام" ص 245، و"شرح العقيدة الطحاوية" 2/ 633.
الثالث: قول عامة أهل السنة ومحققي المتكلمين، وهو أن الاستطاعة قسمان:
أ- استطاعة للعبد بمعنى الصحة والوسع، وسلامة الآلات والتمكن وانتفاء الموانع، فهذه قد تتقدم الفعل، وهي المذكورة في قوله تعالى: ﴿وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا﴾ [آل عمران: 97]، وكذا في قوله تعالى: ﴿فَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَإِطْعَامُ سِتِّينَ مِسْكِينًا﴾ [المجادلة: 4]، فالمراد من الاستطاعة في الآيتين استطاعة الأسباب والآلات وانتفاء المانع.
ب- استطاعة للعبد تكون موجبة للفعل، محققة له، فيها يتحقق وجوده، ويظهر كيانه، وهذه الاستطاعة مقارنة للفعل لا تتقدمه. انظر: "مجموع فتاوى شيخ الإسلام" 8/ 372، و"شرح العقيدة الطحاوية" 2/ 633.]].
{"ayah":"لَوۡ كَانَ عَرَضࣰا قَرِیبࣰا وَسَفَرࣰا قَاصِدࣰا لَّٱتَّبَعُوكَ وَلَـٰكِنۢ بَعُدَتۡ عَلَیۡهِمُ ٱلشُّقَّةُۚ وَسَیَحۡلِفُونَ بِٱللَّهِ لَوِ ٱسۡتَطَعۡنَا لَخَرَجۡنَا مَعَكُمۡ یُهۡلِكُونَ أَنفُسَهُمۡ وَٱللَّهُ یَعۡلَمُ إِنَّهُمۡ لَكَـٰذِبُونَ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق