الباحث القرآني
قوله تعالى: ﴿انْفِرُوا خِفَافًا وَثِقَالًا﴾ الآية، اختلفوا في تفسير الخفاف والثقال، فقال ابن عباس في رواية عطاء: شبانا وكهولاً [[ذكره ابن أبي حاتم في "تفسيره" 6/ 1802 بغير سند وبصيغة التمريض.]]، وهو قول أنس والضحاك ومجاهد وقتادة وعكرمة وشمر بن عطية [[هو: شمر بن عطية بن عبد الرحمن الأسدي الكاهلي الكوفي، راوٍ صدوق، له أحاديث صالحة، وثقه النسائي وابن معين وغيرهما، توفي بعد سنة 100 هـ. انظر: "الكاشف" 1/ 490، و"تقريب التهذيب" 2681 (2821)، و"تهذيب التهذيب" 2/ 179.]]، ومقاتل بن حيان والحسن، هؤلاء قالوا: شبانًا وشيوخًا، وشبانا وشيبًا [[ذكره عنهم جميعًا الثعلبي 6/ 110 ب، وكذلك -عدا أنس- الإمام ابن جرير 10/ 138، وابن أبي حاتم 6/ 1802.
والجدير بالتنبيه أن في تفسير ابن جرير: بثمر بن عطية، وذكر المحقق أن في اسمه اضطرابًا ولم يهتد للصواب، والصواب: شمر بن عطية،، كما ذكره الواحدي وابن أبي حاتم والثعلبي، فليصحح.]]، وروى عطاء عنه أيضًا: (رجّالة وركبانا) [[ذكره ابن الجوزي في "زاد المسير" 3/ 442، والمؤلف في "الوسيط" 2/ 449.]] وهو قول عطية [[ذكره الثعلبي 6/ 111 أ، والبغوي 4/ 53.]]، وروى طاوس عنه: نشاطًا وغير نشاط [[رواه ابن جرير 10/ 139، من وراية العوفي وكذلك ابن أبي حاتم 3/ 1803، وذكره الثعلبي 6/ 111 أدون ذكر الراوي عنه.]]، وروي عنه أيضًا: ﴿خِفَافًا﴾ أهل الميسرة من المال، ﴿وَثِقَالًا﴾: أهل العسرة [[ذكره البغوي 4/ 53 بصيغة التمريض، وكذلك ابن الجوزي في "تفسيره" 3/ 442، والمؤلف في "الوسيط" 2/ 499.]]، وهو اختيار الزجاج، قال: موسرين ومعسرين [["معاني القرآن وإعرابه" 2/ 499.]].
وعلى العكس من هذا قال أبو صالح: ﴿خِفَافًا﴾ من المال، أي فقراء، ﴿وَثِقَالًا﴾ منه، أي أغنياء [[رواه الثعلبي 6/ 111 أ، وبنحوه ابن جرير 10/ 139، والبغوي 4/ 53.]]، وهو اختيار الفراء قال: "الخفاف: ذوو العسرة وقلة العيال، والثقال: ذوو العيال والميسرة [["معاني القرآن" 1/ 439.]] ".
قال أهل المعاني: الأولى أن يقال: هذا عام في كل حال، وفي كل أحد؛ لأنه ما من أحد إلا وهو ممن تخف عليه الحركة أو تثقل، فهو ممن أمر في هذه الآية بالنفير [[ذكره المؤلف في "الوسيط" 2/ 499، وبمعناه النحاس في "معاني القرآن الكريم" 3/ 212.]] ألا ترى إلى [[في (ج): (أن).]] ما روي عن أبي أيوب الأنصاري أنه شهد بدرًا ثم لم يتخلف عن غزوة للمسلمين [[بل ذكرت المصادر التالية أن أبا أيوب -رضي الله عنه- تخلف عامًا واحداً، وذكر بعضها أنه ندم على ذلك.]]، وكان يقول: قال الله تعالى: ﴿انْفِرُوا خِفَافًا وَثِقَالًا﴾ ولا أجدني إلا خفيفًا أو ثقيلاً [[رواه ابن جرير 14/ 138، والحاكم في "المستدرك"، كتاب "معرفة الصحابة" 3/ 458، وابن سعد في "الطبقات" 3/ 2/49.]]، وقيل للمقداد بن الأسود، وهو يريد الغزو وكان قد كبر وأسن: قد أعذر الله إليك، يعني: في القعود عن [[في (ج): (في).]] الغزو، فقال: أبت علينا سورة براءة ﴿انْفِرُوا خِفَافًا وَثِقَالًا﴾ [[رواه ابن جرير 10/ 139 - 140، والحاكم في "المستدرك" كتاب: معرفة الصحابة 3/ 349، وقال: صحيح الإسناد، وابن أبي حاتم 6/ 1802.]] وروي أيضًا أن أبا طلحة [[هو: زيد بن سهل بن الأسود النجاري الخزرجي، أبو طلحة الأنصاري صاحب رسول الله -ﷺ- ومن بني أخواله، وأحد أعيان البدريين، واحد النقباء الاثني عشر ليلة العقبة، توفي سنة 34 هـ. انظر: "المعارف" 154، و"سير أعلام النبلاء" 2/ 27، و"الإصابة" 1/ 566.]] قرأ هذه الآية فقال لبنيه: جهزوني جهزوني، فقالوا: لقد غزوت مع النبي -ﷺ- ومع أبي بكر وعمر حتى ماتوا فنحن نغزو عنك، فقال: لا، جهزوني جهزوني [[ساقط من (ج) و (م).]]، ما أرى الله إلا يستنفرنا شبانا وشيوخًا [[رواه الحاكم في "المستدرك"، كتاب: معرفة الصحابة، ذكر مناقب أبي طلحة == 3/ 353، وابن حبان في "صحيحه" (الإحسان) كتاب: المناقب، ذكر الموضع الذي مات فيه أبو طلحة، رقم (7184) 16/ 512، وابن أبي حاتم في "تفسيره" 6/ 1802، وصححه الحاكم، وقال: على شرط مسلم، وقال الذهبي: على شرط الشيخين.]].
وهذه الآية مما دل بظاهره على وجوب [[في (ج): (وجود)، وهو خطأ.]] الجهاد بكل حال، قال عطاء الخراسانى عن ابن عباس في هذه الآية: نسختها ﴿وَمَا كَانَ الْمُؤْمِنُونَ لِيَنْفِرُوا كَافَّةً﴾ [التوبة: 122] [[رواه ابن أبي حاتم في "تفسيره" 6/ 1803، والبغوي في "تفسيره" 4/ 54 بغير سند، والبيهقي في "السنن الكبرى"، كتاب: السير، باب: النفير .. رقم (17938) 9/ 81 وفي سنده عثمان بن عطاء الخرساني، قال الحافظ ابن حجر في "تقريب التهذيب" 385 (4502): (ضعيف. اهـ. وفيه علة أخرى وهي الإرسال؛ فإن عطاء الخرساني لم يسمع من ابن عباس كما في "العبر" 1/ 140، و"تهذيب التهذيب" 3/ 71، 72، وقد سبق بيان التحقيق في نسخ هذه الآية عند قوله تعالى: ﴿إِلَّا تَنْفِرُوا يُعَذِّبْكُمْ﴾.]] الآية، وقد ذكرنا في سورة البقرة أن الجهاد كان واجبًا على الأعيان، وهل ذلك يجب [[في (ي): (وهل يجب ذلك).]] اليوم كما كان يجب؟ ذكرنا الاختلاف فيه في قوله تعالى: ﴿كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِتَالُ وَهُوَ كُرْهٌ لَكُمْ﴾ [البقرة:216] [[انظر: "النسخة الأزهرية" 1/ 131 أوقد قال في هذا الموضع: اختلف العلماء في حكم هذه الآية، فمذهب عطاء أن المعني بهذا أصحاب رسول الله -ﷺ- خاصة دون غيرهم؛ لأنه قال: كان القتال مع النبي -ﷺ- فريضة .. وقال بعضهم: كان الجهاد في الابتداء من فرائض الأعيان، ثم صار فرض كفاية، لقوله عز وجل ﴿وَكُلًّا وَعَدَ اللَّهُ الْحُسْنَى﴾ ولو كان القاعد مضيعًا فرضًا ما كان موعوداً بالحسنى، وقال بعضهم: لم يزل الجهاد فرض كفاية، غير أن رسول الله -ﷺ- كان إذا استنفرهم تعين عليهم النفير، لوجوب طاعته، .. والإجماع اليوم على أنه من فروض الكفاية، إلا أن ==أن يدخل المشركون ديار المسلمين فإنه يتعين على كافة المسلمين إلى أن يقوم بكفايتهم من يصرف وجوههم.]].
وقوله تعالى: ﴿وَجَاهِدُوا بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنْفُسِكُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ﴾، قال أهل العلم: هذا يدل على أن الموسر يجب عليه الجهاد بالمال إذا عجز عن الجهاد ببدنه لزمانة [[الزمانة: العاهة والبلوى، انظر: "القاموس المحيط"، فصل الزاي، باب: النون ص 1203، و"مختار الصحاح" (ز م ن) ص 275.]] أو علة، فوجوب الجهاد بالمال كوجوب الجهاد بالبدن على الكفاية [[انظر: "تفسير ابن الجوزي" 3/ 443، والرازي 16/ 70 - 71، والخازن 2/ 228، و"حاشية الروض المربع" 4/ 256، وقال شيخ الإسلام ابن تيمية: والعاجز عن الجهاد بنفسه يجب عليه الجهاد بماله في أصح قولي العلماء .. فإن الله أمر بالجهاد بالمال والنفس في غير موضع من القرآن، و"مجموع فتاوى شيخ الإسلام" 28/ 87.]]، وقوله تعالى: ﴿ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ﴾ قيل: ذلكم خير لكم من التثاقل إلى الأرض إذا استنفرتم [[هذا قول ابن جرير، انظر "تفسيره" 10/ 140.]]، وقيل: معناه: أن الخير فيه لا في تركه [[ذكر هذا القول الماوردي في "النكت والعيون" 2/ 366، وابن الجوزي في "زاد المسير" 3/ 444.]]، فـ (خير) هاهنا ليس بالذي يصحبه (من)، وليس للتفضيل؛ لأن (خيرًا) [[في (ج): (ص).]] تستعمل بمعنيين: أحدهما [[في (ج): (أحد).]] بمعنى: هذا خير من ذاك، والثاني أنه بمعنى: خير في نفسه، كقوله: ﴿إِنِّي لِمَا أَنْزَلْتَ إِلَيَّ مِنْ خَيْرٍ فَقِيرٌ﴾ [القصص: 24]: ﴿وَإِنَّهُ لِحُبِّ الْخَيْرِ﴾ [العاديات: 8] ومثله كثير.
وقوله تعالى: ﴿إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ﴾: قال ابن عباس: إن كنتم تعلمون ما لكم من الثواب [[لم أجد من ذكره سوى المؤلف في "الوجيز" 1/ 465.]] والجزاء، وقيل: [إن كنتم] [[ما بين المعقوفين ساقط من (ج).]] تعلمون الخير في الجملة فاعلموا أن هذا خير [[لم أهتد إلى القائل.]].
{"ayah":"ٱنفِرُوا۟ خِفَافࣰا وَثِقَالࣰا وَجَـٰهِدُوا۟ بِأَمۡوَ ٰلِكُمۡ وَأَنفُسِكُمۡ فِی سَبِیلِ ٱللَّهِۚ ذَ ٰلِكُمۡ خَیۡرࣱ لَّكُمۡ إِن كُنتُمۡ تَعۡلَمُونَ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق