الباحث القرآني

قوله تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا مَا لَكُمْ إِذَا قِيلَ لَكُمُ انْفِرُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ﴾ الآية، أجمع المفسرون على أن هذه الآية حثٌ لمن تثاقل عن غزوة تبوك، وذلك كان في زمان [[في (ي). (زمن)، وأثبت ما في (ح) و (م) لموافقته لـ"الوسيط" و"تفسير الثعلبي".]] عسرة من الناس، وجدب من البلاد، وشدة من الحر، حين أخرفت النخل، وطابت الثمار، فعظم ذلك على الناس وشق عليهم الخروج إلى القتال، فأنزل الله هذه الآية [[ساقط من (ج).]] يحرض أولياءه على ذلك [[انظر: "تفسير ابن جرير" 10/ 133، وابن أبي حاتم 6/ 1796، والسمرقندي 2/ 49، والثعلبي 6/ 108أ، والبغوي 4/ 48، و"أسباب النزول" ص250 - 251، و"الوسيط" للمؤلف 2/ 495، وذكر الزجاج أيضًا إجماع المفسرين على ذلك، انظر: "معاني القرآن وإعرابه" 2/ 447.]]، وقوله تعالى: ﴿مَا لَكُمْ﴾ استفهام معناه التوبيخ، كقولك لمن تستبطئه في أمر: مالك متباطئًا عن هذا الأمر؟!. وقوله تعالى: ﴿إِذَا قِيلَ لَكُمُ انْفِرُوا﴾ يقال: استنفر الإمام الناس لجهاد [[في (ي): (للجهاد).]] العدو [[ساقطة من (ي).]] فنفروا ينفرون نفرًا ونفيرًا: إذا حثهم ودعاهم إليه، ومنه قول النبي -ﷺ-: "وإذا استنفرتم فانفروا" [[رواه البخاري (2825) في عدة مواضع، منها كتاب: الجهاد، باب: وجوب النفير، ورواه مسلم (1353)، كتاب: الإمارة، باب: تحريم رجوع المهاجر إلى استيطان وطنه، والنسائي في "سننه" كتاب: البيعة، باب: ذكر الاختلاف في انقطاع الهجرة 7/ 146، والترمذي (1590) كتاب: السير، باب: ما جاء في الهجرة، وأبو داود (1479) كتاب: الجهاد، باب: الهجرة هل انقطعت، وأحمد في "المسند" 1/ 226.]]، وأصل النفر: الخروج إلى مكان لأمر هاج عليه [[عبارة الطبري 10/ 133: لأمر هاجه على ذلك، وعبارة "الوسيط" 2/ 496: لأمر أوجب الخروج.]]، واسم ذلك القوم الذين يخرجون: النفير، ومنه قولهم: فلان لا في العير ولا في النفير [[قال الأزهري: قيل هذا المثل لقريش من بين العرب، وذلك أن النبي -ﷺ- لما هاجر إلى المدينة، ونهض منها ليلقى عير قريش سمع مشركو قريش بذلك فنهضوا ولقوه ببدر ليأمن عيرهم المقبل من الشام مع أبي سفيان، فكان من أمرهم بما كان، ولم يكن تخلف عن العير والقتال إلا زمن أو من لا خير فيه، فكانوا يقولون لمن لا == يستصلحونه لمهم: فلان لا في العير ولا في النفير، فالعير من كان منهم مع أبي سفيان، والنفير: من كان منهم مع عتبة بن ربيعة قائدهم يوم بدر. "تهذيب اللغة" (نفر) 4/ 3628.]]. وقوله تعالى: ﴿اثَّاقَلْتُمْ إِلَى الْأَرْضِ﴾، قال ابن عباس: يريد أحببتم المقام [["تنوير المقالة" ص 193 بمعناه.]]، وقال الزجاج: معناه تثاقلتم إلى الإقامة بأرضكم، قال: ويجوز: اثاقلتم إلى شهوات الدنيا [["معاني القرآن وإعرابه" 2/ 447.]]، وهذا نحو قوله تعالى: ﴿وَلَكِنَّهُ أَخْلَدَ إِلَى الْأَرْضِ﴾ [الأعراف: 176] وقد مر. واثاقلتم: أصله: تثاقلتم [ومعناه: تباطأتم] [[ما بين المعقوفين ساقط من (ح).]]، وهو نحو قوله: ﴿فَادَّارَأْتُمْ﴾ [البقرة: 72] و ﴿اطَّيَّرْنَا﴾ [النمل: 47] وقد مرّ. وقوله تعالى: ﴿أَرَضِيتُمْ بِالْحَيَاةِ الدُّنْيَا مِنَ الْآخِرَةِ﴾، قال ابن عباس: يريد: قدّمتم الدنيا على الآخرة [[ذكره المؤلف في "الوسيط" 2/ 496.]] يريد بالآخرة الجنّة، قال الزجاج: "أي رضيتم بنعيم الحياة الدنيا من نعيم الآخرة، وقال أبو علي الفارسي: المعنى [["معاني القرآن وإعرابه" 2/ 447.]]: أرضيتم بالحياة الدنيا بدلاً من الآخرة، كما قال تعالى: ﴿وَلَوْ نَشَاءُ لَجَعَلْنَا مِنْكُمْ مَلَائِكَةً فِي الْأَرْضِ يَخْلُفُونَ﴾ [[ساقط من (ح).]] أي بدلاً منكم [["الحجة للقراء السبعة" 2/ 24.]]. قال الراعي: أخذوا المخاض من الفصيل غُلَّبة ... ظلمًا ويكتب للأمير فصيلاً [[انظر: "ديوان الراعي" ص 145، و"جمهرة أشعار العرب" ص 336، و"شرح أبيات المغني" الشاهد رقم (529) 1/ 342. والمخاض: الناقة الحامل. والفصيل: ولد الناقة المفصول عن الرضاعة. انظر: "لسان العرب" (مخض وفصل). والشاعر يشكو جباة الزكاة ويذكر ظلمهم.]] أراد: بدلاً من الفصيل. ﴿فَمَا مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا﴾، قال ابن عباس: يريد: الدنيا كلها [[ذكره المؤلف في "الوسيط" 2/ 496، ورواه بمعناه الفيروزأبادي في "تنوير المقباس" ص 193.]]. ﴿إِلَّا قَلِيلٌ﴾ عند شيء من الجنة [[روى مسلم في (2858)، كتاب: الجنة، باب: فناء الدنيا عن المستورد بن شداد أن رسول الله -ﷺ- قال: "والله ما الدنيا في الآخرة إلا مثل ما يجعل أحدكم أصبعه هذه -وأشار يحيى (أحد الرواة) بالسبابة- في اليم فلينظر بم ترجع".]]، وقال الزجاج: أي ما يتمتع به في الدنيا قليل عند ما يتمتع به أولياء الله في الجنة [["معاني القرآن وإعرابه" 2/ 448.]].
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب