الباحث القرآني
وقوله تعالى: ﴿يَوْمَ يُحْمَى عَلَيْهَا فِي نَارِ جَهَنَّمَ﴾ الآية، "يوم" ظرف للعذاب الأليم في قوله: ﴿فَبَشِّرْهُمْ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ﴾.
وقوله: ﴿يَوْمَ يُحْمَى﴾: قال الأصمعي: "أحميت الحديدة في النار فأنا أحميها إحماءً حتى حميت تحمى [[ساقط من: (ى).]] حميا" [[اهـ. كلام الأصمعي، انظر: "تهذيب اللغة" (حمي) 1013.]]، وذلك إذا أوقدت عليها، وقوله: ﴿عَلَيْهَا﴾ ليس منه [[ساقط من (ح).]] صلة الإحماء؛ لأنه يقال: أحميت الحديدة ولا يقال: على الحديدة، إلا إذا جعل (على) من صلة معنى الإحماء، وهو الإيقاد فمعنى قوله: "يحمى عليها" أي يوقد عليها، أنشد ابن السكيت [[انظر: "تهذيب إصلاح المنطق" ص83، و"تهذيب اللغة" (أبس) 1/ 107.]]:
إن كنت جلمود بصر [[في (ح): (نصرًا)، وهو خطأ.]] لا أؤبسه ... أوقد عليه فأحميه فينصدع [[البيت لعباس بن مرداس. انظر "ديوانه" ص 86، و"تهذيب إصلاح المنطق" ص 83، و"لسان العرب" (أبس) و (بصر).
والجلمود: الصخر الغليظ، والبصر: الحجارة الرخوة تضرب إلى البياض، == ومعنى أؤبسه: أذللَه. انظر: "لسان العرب" (أبس، بصر، جلمد)، قال ابن السكيت: "يقول: إني أقدر عليك على كل وجه، ولو كنت حجرًا لا يذلل لأوقدت عليه حتى يتفتت". "تهذيب إصلاح المنطق" ص 83.]] والكناية [[ساقط من (ح).]] في ﴿عَلَيْهَا﴾ تعود إلى ما عادت في قوله: ﴿وَلَا يُنْفِقُونَهَا﴾ [[في (ى): (زيادة نصها: "إلصاق الحار من النار"، ولا معنى لها في هذا الموضع، وسيأتي موضعها عند قوله تعالى: ﴿فَتُكْوَى بِهَا﴾.]]، قال ابن عباس: ﴿يَوْمَ يُحْمَى عَلَيْهَا﴾ أي: على الكنوز" [[ذكره المصنف في "الوسيط" 2/ 492، والفيروزأبادي في "تنوير المقباس" ص 192.]]، وقوله تعالى: ﴿فَتُكْوَى بِهَا﴾ معنى الكي في اللغة: إلصاق الحار من نار [[في (ي): (بالنار).]] أو حديدة بالعضو حتى يحترق الجلد، يقال: كوى البيطار [[البيطار: "معالج الدواب". انظر: "لسان العرب" (بطر) 1/ 301.]] بالمكواة يكوي كيًا، وقوله تعالى: ﴿جِبَاهُهُمْ﴾ جمع الجبهة وهي مستوى ما بين الحاجبين إلى الناصية، والأجبه: الرجل العريض الجبهة، وجبهت الرجل: إذا استقبلته بمكروه، كأنك ضربت به جبهته.
والجنوب: جمع الجنب، وهو الجانب المشبك بالعظام المقوسة، قال المفسرون: "من كان له مال في الدنيا لم يؤد زكاته أحمي دراهمه ودنانيره في نار جهنم وكوي بها في هذه المواضع، لا يوضع دينار مكان دينار ولا درهم مكان درهم، ولكن يوسع جلده، فيوضع بكل درهم ودينار كية على جلده" [[انظر: "تفسير الثعلبي" 6/ 102 ب، والبغوي 4/ 44، و"الدر المنثور" 3/ 419 - 420.]]، وهذا معنى قول ابن مسعود [[رواه ابن جرير 10/ 124، وابن أبي حاتم 6/ 1790، والثعلبي 6/ 102 ب، والطبراني وأبو الشيخ كما في "الدر المنثور" 3/ 419. قال الهيثمي في "مجمع الزوائد" 7/ 104: "رواه الطبراني ورجاله رجال الصحيح".]] وابن عباس [[رواه مختصرًا ابن المنذر، كما في "الدر المنثور" 3/ 419.]]، وكان أبو ذر يقول: "بشر الكانزين بكي في الجباه وكي في الجنوب وكي في الظهور حتى يلتقي الحر في أجوافهم" [[رواه بنحوه عبد الرزاق في "تفسيره" 1/ 2/ 273، وابن جرير 10/ 123.]]، ولهذا المعنى الذي أشار إليه أبو ذر خصت هذه المواضع [بالكي؛ لأن داخلها جوف بخلاف اليد والرجل، وكان أبو بكر الوراق [[هو: محمد بن إسماعيل بن العباس، أبو بكر الوراق، الإمام المحدث، كان حافظًا ثقة من شيوخ الدارقطني والبرقاني، ولد سنة 293 هـ، وتوفي سنة 378 هـ. انظر: "تاريخ بغداد" 2/ 53، و"سير أعلام النبلاء" 16/ 388، و"شذرات الذهب" 3/ 92.]] يقول: خُصت هذه المواضع] [[ما بين المعقوفين ساقط من (ى).]]؛ لأن صاحب المال إذا رأى الفقير قبض جبهته وزوى ما بين عينيه وطوى عنه كشحه [[الكشح: ما بين الخاصرة إلى الضلع من الخلف، وقيل غير ذلك، وطوى عنه كشحه: أي قاطعه وعاداه، وقيل: أعرض عنه وتباعد.
انظر: "مجمل اللغة" (كشح) 3/ 786، و"لسان العرب" (كشح) 7/ 3880.]]، وولاه ظهره" [[ذكره البغوي 4/ 44، والمؤلف في "الوسيط" 2/ 493، وبمعناه الثعلبي 6/ 102 ب.]].
وقوله تعالى: ﴿هَذَا مَا كَنَزْتُمْ لِأَنْفُسِكُمْ﴾ أي: يقال لهم: هذا الذي تكوون به ما جمعتم لأنفسكم وبخلتم به عن حق الله، وإضمار القول كثير في القرآن.
وقوله تعالى: ﴿فَذُوقُوا مَا كُنْتُمْ تَكْنِزُونَ﴾ من باب حذف المضاف، أي: ذوقوا عذاب ما كنتم تكنزون، وحديث أبي هريرة يفسّر هذه الآية، وهو ما أخبرنا الأستاذ أبو إسحاق أحمد بن محمد بن إبراهيم [[هو الثعلبي، شيخ المؤلف، وقد تقدمت ترجمته عند ذكر شيوخه.]] [رحمه الله قال [[سقطت كلمة: (قال) من (ح) و (م) في جميع السند على عادة المحدثين.]]: أنا [[في (م): (حدثنا) في جميع السند دون اختصار الكلمة.]] أبو محمد عبد الله بن حامد الأصفهاني قال: أخبرنا [[في (ى): (أنا)، على عادة المحدثين.]] أبو يحيى أحمد بن محمد بن إبراهيم] [[ما بين المعقوفين ساقط من (م).]] السمرقندي [[هو: أحمد بن محمد بن إبراهيم بن حازم أبو يحيى السمرقندي الكرابيسي، روى عن محمد بن نصر وابن خزيمة، اتهم في إكثاره من الرواية عن ابن نصر، وقد ثبت أن ابن نصر أجاز له بما صح عنده عنه.
انظر: "ميزان الاعتدال" 1/ 129، و"لسان الميزان" 1/ 251.]] قال: ثنا محمد بن نصر المروزي [[هو: محمد بن نصر بن الحجاج المروزي، الإمام شيخ الإسلام أبو عبد الله الحافظ، إمام عصره في الحديث بلا مدافعة، وكان من أعلم أهل زمانه بالاختلاف، وأكثرهم صيانة في العلم، مع حسن العبادة، وجودة التصنيف، توفي سنة 294 هـ.
انظر: "تذكرة الحفاظ" 2/ 650، و"البداية والنهاية" 11/ 102، و"تهذيب التهذيب" 3/ 717.]] قال: ثنا محمد بن عبد الملك ابن أبي الشوارب [[هو: محمد بن عبد الملك بن أبي الشوارب محمد بن عبد الله الأموي، أبو عبد الله البصري، إمام ثقة محدث فقيه، من رجال مسلم، توفي سنة 244 هـ.
انظر: "تاريخ بغداد" 2/ 344، و"سير أعلام النبلاء" 11/ 103، و"تهذيب التهذيب" 3/ 634.]] قال: ثنا عبد العزيز بن المختار [[هو: عبد العزيز بن المختار الأنصاري، أبو إسحاق الدباغ البصري، مولى حفصة == بنت سيرين، ثقة مكثر، من رجال البخاري ومسلم، وهو من الطبقة السابعة الذين توفوا بعد سنة 100 هـ. انظر: "الكاشف" 2/ 658، و"تقريب التهذيب" 359/ 4120، و"تهذيب التهذيب" 2/ 593.]] قال: ثنا سهيل [[هو: سهيل بن أبي صالح ذكوان السمان، أبو يزيد المدني، محدث مكثر، وثقه الجمهور وضعفه ابن معين وغيره، وقد تغير حفظه بآخره، وهو من رجال مسلم، وروى له البخاري مقرونًا بغيره، توفي سنة 138 هـ.
انظر: "الكاشف" 2/ 471، و"تقريب التهذيب" 259/ 2675، و"تهذيب التهذيب" 2/ 128.]] عن أبيه [[هو ذكوان، أبو صالح السمان الزيات، مولى جويرية بنت الأحمس الغطفاني، تابعي ثقة ثبت من أجل الناس وأوثقهم، كثير الحديث، مات سنة 101هـ.
انظر: "الكاشف" 2/ 386، و"تقريب التهذيب" 203 (1842)، و"تهذيب التهذيب" 1/ 579.]] عن أبي هريرة قال: قال رسول الله -ﷺ: "ما من صاحب كنز لا يؤدي زكاته إلا أحمي عليه في نار جهنم، فيجعل صفائح، فتكوى بها جبينه وجنباه، حتى يحكم الله بين عباده في يوم كان مقداره خمسين ألف سنة مما تعدون، ثم يرى سبيله إما إلى الجنة وإما إلى النار" [[رواه مسلم في "صحيحه" (987)، كتاب الزكاة، باب إثم مانع الزكاة، وأبو داود في "سننه" (1658)، كتاب الزكاة، باب في حقوق المال، وأحمد في "المسند" 2/ 262، 383.]].
{"ayah":"یَوۡمَ یُحۡمَىٰ عَلَیۡهَا فِی نَارِ جَهَنَّمَ فَتُكۡوَىٰ بِهَا جِبَاهُهُمۡ وَجُنُوبُهُمۡ وَظُهُورُهُمۡۖ هَـٰذَا مَا كَنَزۡتُمۡ لِأَنفُسِكُمۡ فَذُوقُوا۟ مَا كُنتُمۡ تَكۡنِزُونَ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق