الباحث القرآني
وقوله تعالى: ﴿قَاتِلُوا الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلَا بِالْيَوْمِ الْآخِرِ﴾ الآية، هذه الآية نزلت في أهل الكتاب، قال مجاهد: "نزلت حين أمر رسول الله -ﷺ- بحرب الروم فغزا [[في (ى): (فغزوا)، وأثبت ما في (ح) و (م) لأنه أسد في انتظام الكلام، ولموافقته لما في تفسير الثعلبي.]] بعد نزولها غزوة تبوك" [[رواه الثعلبي 6/ 92 ب وهو كذلك في تفسير مجاهد ص 367.]]، وقال الكلبي: "نزلت في قريظة والنضير من اليهود وأراد رسول الله -ﷺ- قتالهم فصالحوه، فكانت أول جزية أصابها أهل الإسلام، وأول ذل أصاب أهل الكتاب بأيدي المسلمين" [[ذكره الثعلبي 6/ 92 ب.]].
وإذا كانت الآية نازلة فيهم فمعنى قوله: ﴿لَا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلَا بِالْيَوْمِ الْآخِرِ﴾ أن إقرارهم عن غير معرفة فليس بإيمان، وهذا معنى قول أبي إسحاق: "إنهم لا يؤمنون بالله إيمان الموحدين، فأعلم الله -عز وجل- أن ذلك غير إيمان، وأن إيمانهم بالبعث ليس على جهة الإيمان لأنهم لا [[(لا) ساقطة من (ح).]] يقرون بأن [[في (ى): (أن)، وما أثبته موافق لـ"معاني القرآن وإعرابه".]] أهل الجنة يأكلون ويشربون [[قال الإمام ابن كثير في "تفسيره" 2/ 382: "لما كفروا بمحمد ﷺ لم يبق لهم إيمان صحيح بأحد الرسل، ولا بما جاؤوا به، وإنما يتبعون آراءهم وأهواءهم وآباءهم فيما هم فيه، لا لأنه شرع الله ودينه؛ لأنهم لو كانوا مؤمنين بما بأيديهم إيمانًا صحيحًا لقادهم ذلك إلى الإيمان بمحمد ﷺ؛لأن جميع الأنبياء بشروا به وأمروا باتباعه"ا. هـ.]] " [["معاني القرآن وإعرابه" 2/ 441، وقد اختصر المؤلف كلام الزجاج.]].
وقوله تعالى: ﴿وَلَا يُحَرِّمُونَ مَا حَرَّمَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ﴾، قال ابن عباس: "يريد من الميتة والدم ولحم الخنزير" [[لم أقف على مصدره.]]، وقال الكلبي: "يعني الخمر" [[لم أقف على مصدره، وقد رواه ابن أبي حاتم 6/ 1778، عن سعيد بن جبير.]]، وقوله تعالى: ﴿وَلَا يَدِينُونَ دِينَ الْحَقِّ﴾، قال الكلبي: "ولا يعبدون عبادة الحق" [[في "تنوير المقباس" عنه عن ابن عباس ص 191: ("لا يخضعون لله بالتوحيد").]]، والحق هو الله تعالى، وروى شيبان [[هو: شيبان بن عبد الرحمن التيمي مولاهم، أبو معاوية البصري، المؤدب، كان == معلمًا صدوقًا ثقة صاحب كتاب، روى عن قتادة والحسن البصري وغيرهما، وتوفي سنة 641 هـ. انظر: "الكاشف" 1/ 491، و"تقريب التهذيب" ص 369 (2833)، و"تهذيب التهذيب" 2/ 475.]] عن قتادة: الحق هو الله ودينه الإسلام، قال الله تعالى: ﴿إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللَّهِ الْإِسْلَامُ﴾ [آل عمران: 19]: [[انظر قول قتادة في تفسير الثعلبي 6/ 93 أ، والبغوي 4/ 34.]] [وقال أبو عبيدة: معناه] [[ما بين المعقوفين من (م).]] ولا يطيعون الله طاعة أهل الإسلام، وكل من أطاع ملكًا أو ذا سلطان فقد دان له، ومنه قول زهير [[البيت في "شرح ديوانه" ص 183، و"تفسير ابن جرير" 10/ 109.
و"جو": موضع في ديار بني أسد، و"عمرو": هو عمرو بن هند بن المنذر بن ماء السماء، و"فدك": قرية معروفة شمال الحجاز.
والشاعر يخاطب الحارث بن ورقاء الأسدي، الذي أغار على إبل زهير، وأسر راعيه وكانت بنو أسد تحت نفوذ عمرو بن هند ملك العراق، فهدد زهير الحارث بهجاء لاذع إن لم يرد الإبل والراعي، يقول بعد البيت المذكور:
ليأتينك مني منطق قذع ... باق، كما دنس القبطية الودك
انظر: "شرح الديوان" ص 164، 183.]]:
لئن حللت [[(حللت) ساقط من (ى).]] بجوٍ في بني أسد ... في دين عمرو وحالت بيننا فدك [[اهـ. كلام أبي عبيدة، انظر: "مجاز القرآن" 1/ 255.]]
أي في طاعة عمرو، وطى هذا التقدير: لا يدينون دين أهل الحق، أي طاعة أهل الإسلام فحذف المضاف، وقوله تعالى: ﴿مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ﴾، قال ابن عباس: "يريد من اليهود والنصارى والصابئين" [["تنوير المقباس" ص191، دون ذكر الصابئين، وقد اختلف المؤرخون والمفسرون في حقيقة دين الصابئة، والصححيح أن هذا الاسم يطلق على فرقتين:
الأولى: الصابئة الحرانية، وهؤلاء هم امتداد قوم إبراهيم -عليه السلام-، ويذكر الدكتور == النشار نقلاً -عن البيروني- أن هؤلاء الوثنيين عباد الكواكب إنما تسموا باسم الصابئة أيام المأمون بفتوى شيخ فقيه من أهل حران حتى ينجوا من القتل أو إلزامهم بالإسلام.
الثانية: الصابئة على وجه الحقيقة، وهؤلاء قوم من اليهود تخلفوا ببابل بعد عودة قومهم إلى فلسطين، ووضعوا مذهبًا ممتزجًا من اليهودية والمجوسية، ويتجهون في صلاتهم نحو القطب الشمالي ولا يزال لهم وجود في العراق.
انظر: "المصنف" للصنعاني 6/ 124، و"الملل والنحل" للشهرستاني (الهامش في) 2/ 95، و"المغني" 13/ 203، و"تفسير الرازي" 16/ 31، و"نشأة الفكر الفلسفي" د. النشار 1/ 209 - 219.]]، وقوله تعالى: ﴿حَتَّى يُعْطُوا الْجِزْيَةَ عَنْ يَدٍ﴾، قال الحسن: "قاتل رسول الله، ﷺ أهل هذه [[ساقط من (ي).]] الجزيرة من العرب على الإسلام ولم يقبل منهم غيره، وكان أفضل الجهاد، وكان بعده جهاد آخر على هذه الطعمة [[هذا يوحي بأن جهاد أهل الكتاب من أجل الجزية، والواقع أن الهدف من القتال نشر نور الله في الآفاق، والقضاء على الحواجز التي تحول دون إبلاغ الناس كلام الله، والجزية ضريبة على المعاهد الذي رغب البقاء على دينه، وهي في مقابل حمايته والدفاع عنه، وتأمين الأمن له في ظل الدولة الإسلامية.]] -يعني الجزية- في شأن أهل الكتاب وهو قوله: ﴿قَاتِلُوا الَّذِينَ﴾ إلى قوله: ﴿حَتَّى يُعْطُوا الْجِزْيَةَ﴾ [[رواه الثعلبي 6/ 93 ب، لكنه لم يقل: يعني الجزية ورواه أيضًا ابن أبي شيبة وأبو الشيخ كما في "الدر المنثور" 3/ 412 لكن لفظهما "على هذه الأمة" بدل "على هذه الطعمة" وبه يزول الإشكال.]].
والجزية هي [[ساقط من (ى).]]: ما يعطي المعاهد على عهده، وهي (فِعْلة) من جزى يجزي إذا قضى ما عليه، وقوله: ﴿عَنْ يَدٍ﴾، قال ابن عباس: "هو أنهم يعطونها بأيديهم يمشون بها كارهين ولا يجيئون بها ركبانًا، ولا يرسلون بها" [[رواه الثعلبي 6/ 94 ب، ورواه مختصرًا البغوي 4/ 33، وأشار إليه ابن جرير 10/ 110 بقوله: وذلك قول روي عن ابن عباس من وجه فيه نظر.]].
وهو قوله: ﴿وَهُمْ صَاغِرُونَ﴾ أي: ذليلون مقهورون يتلتلون بها تلتلة [[في (ى): (ثلثله)، والتلتله: الشدة والعنف في السوق، انظر: "لسان العرب" (تلل) 1/ 442.]]، يريد أنهم يُجرّون إلى الموضع الذي تقبض منهم فيه [[(فيه) ساقط من (ى).]] بالعنف حتى يؤدوها من يدهم، وروى يحيى بن آدم [[هو: يحيى بن آدم بن سليمان، أبو زكريا الأموي مولاهم الكوفي، العلامة الحافظ المجود، كان ثقة، كثير الحديث، من كبار أئمة الاجتهاد، توفي سنة 203 هـ.
انظر: "التاريخ الكبير" 8/ 261، و"تذكرة الحفاظ" 1/ 359، و"سير أعلام النبلاء" 9/ 522، و"تهذيب التهذيب" 4/ 337.]] عن عثمان البُري [[هو: عثمان بن مقسم البري، أبو سلمة الكندي مولاهم البصري أحد فقهاء البصرة المفتين، على ضعف في حديثه وبدعة فيه، وقد تركه النسائي والقطان وابن معين وغيرهم. انظر: "التاريخ" 6/ 252، وكتاب "الضعفاء الصغير" ص 164، و"سير أعلام النبلاء" 7/ 325، و"ميزان الاعتدال" 3/ 453.
ملحوظة: عثمان المذكور روى له الترمذي (1941)، كتاب: البر، باب: ما جاء في الخيانة والغش حديثًا من طريق زيد بن الحباب عن أبي سلمة الكندي عن فرقد. وقد اعتبر ابن حجر في "تقريب التهذيب" ص 646 (8146) أبا سلمة مجهولاً، والصحيح أنه هو عثمان البري. انظر: السير، الموضع السابق.]] في قوله: ﴿عَنْ يَدٍ﴾ قال: "نقد [[هكذا في جميع النسخ، وفي "تهذيب اللغة": نقدًا. ومراد المؤلف: عن نقد، كما في "معالم التنزيل" 4/ 33.]] ليس بنسيئة" [["تهذيب اللغة" (يدى) 4/ 3975، ولفظه: قال: نقدًا عن ظهر يد، ليس بنسيئة.]].
وذكر أهل المعاني في قوله: ﴿عَنْ يَدٍ﴾ أقوالاً:- روى أبو عبيد عن أبي عبيدة قال: "كل من انطاع [[في (م): (أطاع).]] لمن قهره فأعطى عن غير طيبة نفس فقد أعطى عن يد" [[اهـ. كلام أبي عبيدة، انظر: "مجاز القرآن" 1/ 256.]]، ومعنى هذا أنه أعطى عن ذل واستسلام كما يقال: أعطى فلان بيده: إذا ذل واعترف بالانقياد، ودل على هذا قوله: ﴿وَهُمْ صَاغِرُونَ﴾، قال القتيبي: "يقال أعطاه عن يد، وعن ظهر يد: إذا أعطاه مبتدئًا غير مكافيء" [[اهـ. كلام القتيبي، انظر: "تفسير غريب القرآن" ص 184.]]، وهذا بالعكس أولى؛ فإنهم يبذلون الجزية دفعًا عن رقابهم ومكافأة للمسلمين بإقرارهم على دينهم، ولكن المعنى ههنا "عن يد" أي عن غير مكافأة [منكم إياهم] [[في (ح): (ومنكم أتاهم)، وهو خطأ.]] بما أعطوا من المال [[ابن قتيبة ينفي مكافأة أهل الذمة للمسلمين، بل يدفعون الجزية بلا مقابل، والمؤلف ينفي مكافأة المسلمين لهم، فهم إذا دفعوا الجزية لا يرد المسلمون مكافأة لها.]]، وذكر أبو إسحاق فيه أوجهًا [[في (ي): (وجهًا).]]:
أحدها [[في (ى): (آخر).]]: ﴿عَنْ يَدٍ﴾ أي عن ذلٍ واعترافٍ للمسلمين بأن أيديهم فوق أيديهم.
والثاني: ﴿عَنْ يَدٍ﴾ عن قهر وذلٍ، كما تقول اليد في هذا لفلان أي: الأمر النافذ لفلان [[ساقط من (ى).]].
والثالث: ﴿عَنْ يَدٍ﴾ أي: عن إنعام عليهم بذاك؛ لأن قبول الجزية منهم [[في (ى): (منكم).]] وترك أنفسهم لهم نعمة عليهم ويد من المعروف جزيلة [[ساقط من (ح).]] " [[انظر: "معاني القرآن وإعرابه" 2/ 442 بنحوه، والنص منقول من "تهذيب اللغة" (يدي) 14/ 240.]].
وحكى غيره: ﴿عَنْ يَدٍ﴾ أي: عن جماعة، لا يعفى عن ذي فضل منهم لفضله" واليد: جماعة القوم، يقال: القوم على يد واحدة أي هم مجتمعون [[في "لسان العرب" (يدي) 8/ 4954: "يد الرجل: جماعة قومه وأنصاره، عن ابن الأعرابي".]]، ومنه قوله ﷺ [[من (م) وفي سائر النسخ: عليه السلام.]] "وهم يد على من سواهم" [[رواه ابن ماجه (1683)، كتاب الديات، باب المسلمون تتكافأ دماؤهم، وأحمد في "المسند" 2/ 215، وسنده حسن كما في "صحيح الجامع الصغير" رقم (6712) 2/ 1137.]] يعني هم جميعاً، كلمتهم ونصرتهم واحدة على جميع الملل، وقال أبو علي: "ويجوز ﴿عَنْ يَدٍ﴾: عن ظهور عليهم وغلبة لهم من قولهم: لا يد لي [[في (ى): (له).]] به أي لا قوة لي عليه" [[لم أجده فيما بين يدي من كتب أبي علي الفارسي.]].
وقوله تعالى: ﴿وَهُمْ صَاغِرُونَ﴾ قد ذكرنا قولًا واحداً فيه عن ابن عباس، وهو أنهم يمشون بها من غير ركوب ولا توكيل [[تقدم تخريجه.]]، وقال عطاء: "يريد ذليلًا قائمًا على رجليه وهو صاغر" [[لم أجد من ذكره.]]، يعني أنه يعطي ذلك عن قيام ولا يجلس، وهذا قول عكرمة [[رواه ابن جرير 10/ 109، والبغوي 4/ 33.]]، وقال الكلبي: "هو أنه إذا أعطى الجزية صفع في قفاه" [[ذكره الثعلبي 6/ 94 أ، والبغوي 4/ 33.]]، وقيل: معنى الصغار ههنا: "هو إعطاؤهم إياها" [[ذكر هذا القول من غير نسبة ابن جرير 10/ 109، والثعلبي 6/ 94 أ، والبغوي 4/ 34، والماوردي 2/ 352، وابن الجوزي 3/ 421.]].
فأما حكم هذه الآية: فاعلم أن المشركين فريقان: فريق هم عبدة الأوثان، وعبدة ما استحسنوا، فهؤلاء لا يقرون على دينهم بأخذ الجزية ويجب قتالهم حتى يقولوا: لا إله إلا الله، وفريق هم أهل الكتاب وهم اليهود والنصارى والصابئون [[سبق التعريف بهم.]] والسامرة [[السامرة: فرقة من اليهود لهم توراة غير التوراة التي بأيدي سائر اليهود وينكرون نبوة من عدا موسى وهارون ويوشع بن نون عليهم السلام والنبي المنتظر، وقبلتهم جبل بنابلس، ولا يعرفون حرمة لبيت المقدس، وهم فرقتان: الدوستانية الألفانية، والكوسانية، والأولى لا تقر بالبعث في الآخرة.
انظر: "الفصل في الملل والأهواء والنحل" 1/ 98، و"الملل والنحل" (بهامش الفصل) 2/ 58.]] وهذان الصنفان [[يعني الصابئين والسامرة.]] سبيلهم في أهل الكتاب سبيل أهل البدع فينا، وكذلك المجوس سبيلهم سبيل أهل الكتاب؛ لأن النبي -ﷺ-: "سنوا بهم سنة أهل الكتاب" [[رواه مالك في "الموطأ"، كتاب الزكاة (42) 1/ 233، ومن طريقه رواه الشافعي في "الأم" 4/ 246، والبيهقي في "السنن الصغير"، كتاب الجزية رقم (3703) 4/ 4، و"الكبرى"، كتاب الجزية، باب المجوس 9/ 319، وابن أبي شيبة في "المصنف" كتاب الجهاد، باب ما قالوا في المجوس رقم (12697) 12/ 243، وهو حديث ضعيف كما في "فتح الباري" 6/ 261، و"إرواء الغليل" رقم (1248) 5/ 88.]]، ويروى أنه عليه الصلاة والسلام أخذ الجزية من مجوس هجر [[رواه البخاري (3157)، كتاب الجزية، باب: الجزية والموادعة (1586)، وأبو داود، (2501) كتاب الخراج والإمارة والفيء، باب في أخذ الجزية من المجوس والترمذي، كتاب السير، باب ما جاء في أخذ الجزية من المجوس، والدارمي، كتاب الجهاد، باب في أخذ الجزية من المجوس، رقم (2501) 2/ 307، وأحمد في "المسند" 1/ 191.]]، فهؤلاء يجب قتالهم حتى يعطوا الجزية، ويعاهدوا المسلمين على أداء الجزية.
وأما قدرها فقال أنس: "قسم رسول الله -ﷺ- على كل محتلم دينارًا" [[ذكره الثعلبي 6/ 93 ب مع أثر عمر الذي بعده، بغير سند، والحديث مشهور عن معاذ، فقد رواه عنه أبو داود (1576)، كتاب الزكاة، باب في زكاة السائمة، والترمذي (623)، كتاب الزكاة، باب ما جاء في زكاة البقر، والنسائي، كتاب الزكاة، باب زكاة البقر 5/ 25، والحاكم 1/ 398 قال الترمذي: حديث حسن، وقال الحاكم: صحيح على شرط الشيخين، ووافقه الذهبي.]]، وقسم عمر -رضي الله عنه- على الفقراء من أهل الذمة اثنى عشر درهمًا، وعلى الأوساط [[في (ح): (الأوسط).]] أربعة وعشرين، وعلى أهل الثروة ثمانية وأربعين درهما [[رواه أبو عبيد في كتاب "الأموال" (ص 50)، وابن أبي شيبة في "المصنف"، كتاب الجهاد، باب ما قالوا في وضع الجزية رقم (12689) 12/ 241 بنحوه عن محمد ابن عبد الله الثقفي.]]، قال أصحابنا: "وأقل الجزية دينار ولا يزاد على الدينار إلا بالتراضي [[هذا مذهب الشافعي -رحمه الله- انظر: "الأم" 4/ 253 - 256، وفي المسألة أقوال للفقهاء انظرها في كتاب "الأموال" لأبي عبيد ص 49 - 52، و"المغني" 13/ 209 - 212.]]، فإذا رضوا والتزموا الزيادة ضربنا على المتوسط دينارين وعلى الغني أربعة دنانير، والاختيار في الابتداء إليهم، فإذا قبلوا وجب على الإمام تقريرهم في بلاد الإسلام، إلا أن يخاف فتنة، فالمصلحة مفوضة إلى اجتهاده، فإن قبل الواحد منهم أربعة دنانير ثم بدا له وأراد أن يقر في بلاد الإسلام بدينار واحد لم يكن له إلى ذلك سبيل، فإن نقض العهد كلفناه [[في (ح): (كلفنا).]] الخروج إلى دار الحرب، فإن قبل بعد النقض دينارا واحدا لزمنا [[في (ى): (ألزمناه).]] تقريره [[انظر: كتاب "الأم" 4/ 267، وهذا بناء على أن الاختيار في الابتداء إليهم، وناقض العهد يعتبر مبتدئًا.]]، قال المفسرون: "وإنما أقر هؤلاء على دينهم بأخذ الجزية حرمة لآبائهم الذين انقرضوا على الحق من شريعة التوراة والإنجيل؛ ولأن في أيديهم كتابهم فربما يتفكرون وينظرون فيعرفون صدق محمد ﷺ ونبوته، فأمهلوا لهذا المعنى" [[انظر: "لباب التأويل في معاني التنزيل" 2/ 215، و"تفسير الرازي" 16/ 32.]].
ومصرف الجزية مصرف الفيء ولا يجوز صرف شيء منها إلى مصرف الصدقات [[قال أبو إسحاق الشيرازي في "المهذب في فقه الإمام الشافعي" 2/ 248، 249: "اختلف قول الشافعي -رضي الله عنه- فيما يحصل من مال الفيء بعد رسول الله -ﷺ- فقال في أحد القولين: يصرف في المصالح؛ لأنه مال راتب لرسول الله ﷺ فصرف بعد موته في المصالح كخمس الخمس، فعلى هذا يبدأ بالأهم، وهو سد الثغور، وأرزاق المقاتلة، ثم الأهم فالأهم، وقال في القول الثاني: هو للمقاتلة ... ولا يعطى من الفيء صبي ولا مجنون ولا عبد ولا امرأة ولا ضعيف لا يقدر على القتال؛ لأن الفيء للمجاهدين".
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية: "اتفق العلماء على أن يصرف منه -يعني الفيء- أرزاق الجند المقاتلين، الذين يقاتلون الكفار، فإن تقويتهم تذل الكفار، فيؤخذ منهم الفيء، وتنازعوا هل يصرف في سائر مصالح المسلمين، أم تختص به == المقاتلة؟ على قولين للشافعي، ووجهين في مذهب الإمام أحمد، لكن المشهور في مذهبه، وهو مذهب أبي حنيفة ومالك: أنه لا يختص به المقاتلة، بل يصرف في المصالح كلها" ثم قال: " .. فيصرف منه إلى كل من للمسلمين به منفعة عامة كالمجاهدين، وكولاة أمورهم، من ولاة الحرب، وولاة الديوان، وولاة الحكم ... ويصرف منه إلى ذوي الحاجات منهم أيضاً". "مجموع فتاوى شيخ الإسلام" (28/ 565، 566).]].
{"ayah":"قَـٰتِلُوا۟ ٱلَّذِینَ لَا یُؤۡمِنُونَ بِٱللَّهِ وَلَا بِٱلۡیَوۡمِ ٱلۡـَٔاخِرِ وَلَا یُحَرِّمُونَ مَا حَرَّمَ ٱللَّهُ وَرَسُولُهُۥ وَلَا یَدِینُونَ دِینَ ٱلۡحَقِّ مِنَ ٱلَّذِینَ أُوتُوا۟ ٱلۡكِتَـٰبَ حَتَّىٰ یُعۡطُوا۟ ٱلۡجِزۡیَةَ عَن یَدࣲ وَهُمۡ صَـٰغِرُونَ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق