الباحث القرآني
قوله تعالى: ﴿لَا تَقُمْ فِيهِ أَبَدًا﴾ الآية، قال المفسرون: (إن أهل مسجد الضرار قالوا للنبي ﷺ: إنا نحب أن تأتينا فتصلي لنا فيه وتدعو بالبركة، فنهاه الله عن ذلك، وقال: ﴿لَا تَقُمْ فِيهِ أَبَدًا﴾ [[رواه عن ابن عباس بنحوه ابن جرير 11/ 24، وابن أبي حاتم 6/ 1881، وانظر "الدر المنثور" 3/ 494 - 495.]]، قال ابن عباس وغيره: (يريد لا تصل فيه أبدًا) [[رواه البغوي 4/ 95، والفيروزأبادي في "تنوير المقباس" ص 204، وانظر: "تفسير ابن جرير" 11/ 26، وابن الجوزي 3/ 500.]].
ثم بين أي المسجدين أحق بالقيام فيه، فقال: ﴿لَمَسْجِدٌ أُسِّسَ عَلَى التَّقْوَى﴾ اللام تأكيد للقسم، كأنه قيل: والله لمسجد أسس، أي [[في (ى): (أو بني أر بنيت)، وهو خطأ.]] بنيت حدوده ورفعت من قواعده، هذا معنى التأسيس، والتقوى: خصلة من الطاعة يحذر بها العقوبة، ثعلب عن ابن الأعرابي: (التقاة والتقية والتقوى والاتقاء: كله واحد) [["تهذيب اللغة" (تقي) 1/ 443.]]، والتقوى اسم، وموضع التاء واو وهي (فَعْلى) من وقيت مثل (شروى) من شريت وهذا بما قد تقدم الكلام فيه، قال ابن عباس: (أسس على التقوى: بني على الطاعة، وبناه المتقون الموحدون) [[رواه الفيروزأبادي في "تنوير المقباس" ص 204 مختصرًا.]]، وقوله تعالى: ﴿مِنْ أَوَّلِ يَوْمٍ﴾ (من) هاهنا: تدل على البداية؛ لأنها نقيضة (إلى) كقولك من كذا إلى كذا، قال زهير:
لمن الديار بقُنَّة الحِجْر [[ساقط من (ى).]] ... أقوين من حِجَج ومن شَهْر [[البيت مطلع قصيدة في "شرح ديوان زهير" ص 86، ونسب إليه أيضاً في "زاد المسير" 3/ 500، و"خزانة الأدب" 9/ 443.
والقنة: الجبل الصغير الذي ليس بمنتشر، أر الجبل السهل المنبسط على الأرض. وأقوين: خلون من السكان. وقوله: من شهر: أراد: من شهور، ورواية ثعلب: ومن دهر. والحجر: بكسر الحاء، موضع، والمعروف بهذا الاسم منازل ثمود، أما بفتح الحاء فهي مدينة اليمامة. انظر: "شرح الديوان" و"خزانه الأدب" نفس الموضعين السابقين، و"لسان العرب" (قنن).]]
وقوله تعالى: ﴿أَوَّلِ يَوْمٍ﴾ معناه أول الأيام إذا ميزت يومًا يومًا، كما تقول: أعطيت كل رجل في الدار، أي كل الرجال إذا ميزوا رجلاً رجلاً [[ذكر ابن جرير معنيين لقوله تعالى: ﴿مِنْ أَوَّلِ يَوْمٍ﴾ فقال: (من أول يوم): ابتدئ في بنائه .. وقيل: معنى قوله (من أول يوم) مبدأ أول يوم، كما تقول العرب: لم أره من يوم كذا، بمعنى: مبدؤه، و (من أول يوم) يراد به: من أول الأيام، كقول القائل: (لقيت كل رجك)، بمعنى (كل الرجال). "تفسير ابن جرير" 11/ 26.]]
﴿أَحَقُّ أَنْ تَقُومَ فِيهِ﴾، قال الزجاج: (أن) في موضع نصب، المعنى: أحق بأن تقوم فيه) [[اهـ. كلام الزجاج، انظر: "معاني القرآن وإعرابه" 2/ 469.]]، وهذا كما قلنا في قوله: ﴿وَأَجْدَرُ أَلَّا يَعْلَمُوا﴾ [التوبة: 97] فإن قيل لم قال: ﴿أَحَقُّ أَنْ تَقُومَ فِيهِ﴾ مع أنه لا يجوز قيامه في الآخر؟ قيل: للمظاهرة في الحجة بأنه لو كان من الحق الذي يجوز لكان هذا أحق.
واختلفوا في المسجد الذي أسس على التقوى فقال ابن عُمر، وزيد ابن ثابت، وأبو سعيد الخدري، وابن المسيب: هو مسجد رسول الله -ﷺ- بالمدينة) [[انظر آثارهم في "تفسير ابن جرير" 11/ 26 - 27، والثعلبي 6/ 148/ ب، و"الدر المنثور" 3/ 496.]]. وروي ذلك عن النبي -ﷺ- أنه قال: "هو مسجدي" رواه الخدري [[رواه عنه مسلم (1398)، كتاب: الحج، باب: بيان أن المسجد الذي أسس .. إلخ، والترمذي (3599)، كتاب: تفسير القرآن، والنسائي في "سننه"، كتاب: المساجد، ذكر المسجد الذي أسس على التقوى 2/ 36، وأحمد في المسند 3/ 8.]] وأُبي بن كعب [[رواه عنه أحمد في "المسند" 5/ 116، وابن جرير 11/ 28، وابن أبي شيبة وابن المنذر وأبو الشيخ وابن مردويه والخطيب والضياء في "المختارة" كما في "الدر المنثور" 3/ 496.]]، وهذا قول ابن عباس في رواية عطاء، وقال في رواية الوالبي والعوفي: هو مسجد قباء [[أخرج رواية الوالبي، ابن جرير في "تفسيره" 11/ 27، وابن أبي حاتم في "تفسيره" 6/ 1886، والبيهقي في "دلائل النبوة" 5/ 262، وأخرج رواية العوفي، ابن جرير 11/ 27، والثعلبي 6/ 149/ أ، والبغوي 4/ 96.]]، وهو قول الحسن [[انظر: "تفسير هود بن محكم" 2/ 168، و"البحر المحيط" 5/ 97.]] وابن زيد [[انظر: "تفسير ابن جرير" 11/ 28، والثعلبي 6/ 149/ أ، وابن أبي حاتم 6/ 1882.]] وعروة بن الزبير [[انظر المصادر السابقة، نفس المواضع.]] واختيار الزجاج [["معاني القرآن وإعرابه" 2/ 469.]].
وقوله تعالى: ﴿فِيهِ رِجَالٌ﴾، قال ابن عباس: (يريد الأنصار) [[لم أقف عليه.]]، ﴿يُحِبُّونَ أَنْ يَتَطَهَّرُوا﴾، قال الحسن: (أي من الذنوب) [[انظر: "تفسير هود بن محكم" 2/ 168.]]، وقال ابن عباس والكلبي وغيرهما: (يعني غسل الأدبار بالماء) [[رواه عن ابن عباس، الفيروزأبادي في "تنوير المقباس" ص 204، ورواه عن الكلبي، الثعلبي في "تفسيره" 6/ 149 ب، وانظر: "الوسيط" 2/ 525، و"تفسير البغوي" 4/ 96، و"الدر المنثور" 3/ 497.]]، ويروى أن رسول الله -ﷺ- أتاهم وهم في مسجدهم فقال: "إن الله قد أحسن الثناء عليكم في طهوركم فبم تتطهرون؟ " فقالوا: نغسل أثر الغائط بالماء، فقال النبي ﷺ "دوموا عليه" [[رواه بنحوه ابن ماجه في (354)، في الطهارة، باب: الاستنجاء بالماء، وأحمد 3/ 422، والحاكم في "المستدرك"، في الطهارة 1/ 155 وصححه، ووافقه الذهبي، وقال الألباني: صحيح باعتبار شواهده. انظر: "إرواء الغليل" 1/ 85.]].
قال المفسرون: (كان من عادة هؤلاء في الاستنجاء [استعمال الأحجار ثم الماء بعدها وهو الأكمل والأفضل في باب الاستنجاء) [[ذكره الزمخشري في "الكشاف" 2/ 214 بغير سند.]]] [[ما بين المعقوفين ساقط من (ح).]]، وقوله تعالى: ﴿وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُطَّهِّرِينَ﴾ أي: من الشرك والنفاق والأنجاس، قالوا: فلما نزلت هذه الآية أمر رسول الله ﷺ أصحابه [[من (ى).]] فقال: "انطلقوا إلى هذا المسجد الظالم أهله فأحرقوه واهدموه" [[رواه بنحوه ابن جرير 11/ 23، والثعلبي 6/ 147 ب، والبغوي 4/ 94، وانظر: "سيرة ابن هشام" 2/ 185، و"الدر المنثور" 3/ 495.]] ففعلوا ذلك، وأمر أن يتخذ كناسة تلقى فيها الجيف [[انظر: "تفسير الثعلبي" والبغوي، الموضعين السابقين.]].
{"ayah":"لَا تَقُمۡ فِیهِ أَبَدࣰاۚ لَّمَسۡجِدٌ أُسِّسَ عَلَى ٱلتَّقۡوَىٰ مِنۡ أَوَّلِ یَوۡمٍ أَحَقُّ أَن تَقُومَ فِیهِۚ فِیهِ رِجَالࣱ یُحِبُّونَ أَن یَتَطَهَّرُوا۟ۚ وَٱللَّهُ یُحِبُّ ٱلۡمُطَّهِّرِینَ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق











