الباحث القرآني
قوله عز وجل: ﴿وَإِذْ يَعِدُكُمُ اللَّهُ إِحْدَى الطَّائِفَتَيْنِ﴾ إحدى: تأنيث أحد على غير بنائه [[انظر: "لسان العرب" (وحد) 8/ 4779.]]، كأنهم استأنفوا للمؤنث بناءً كصفراء من أصفر، وعطشى [[في (ح) كتبت هكذا: (عطشا).]] من عطشان، و (الطائفتان) العير والنفير في قول المفسرين [[انظر: "تفسير ابن جرير" 9/ 184، و"تفسير السمرقندي" 2/ 6، و"تفسير البغوي" 3/ 328، و"الدر المنثور" 3/ 300 - 301، والمراد بالعير: الإبل التي تحمل تجارة قريش مقبلة من الشام وفيها أربعون رجلاً بزعامة أبي سفيان بن حرب ، وأما == النفير فهم كفار قريش الذين نفروا بزعامة أبي جهل لحماية عيرهم من رسول الله ﷺ وأصحابه. انظر. "السيرة النبوية" لابن هشام 2/ 244 - 247]].
قوله تعالى: ﴿أَنَّهَا لَكُمْ﴾ (أن) في موضع نصب على البدل من (إحدى) قاله الفراء [["معاني القرآن" له 1/ 404.]] والزجاج [["معاني القرآن وإعرابه" له 2/ 402.]]، قالا: ومثله قوله: ﴿فَهَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا السَّاعَةَ أَنْ تَأْتِيَهُمْ﴾ [محمد: 18] فـ (أن) في موضع نصب كما نصبت الساعة، ومثله: ﴿وَلَوْلَا رِجَالٌ مُؤْمِنُونَ وَنِسَاءٌ مُؤْمِنَاتٌ لَمْ تَعْلَمُوهُمْ أَنْ تَطَئُوهُمْ﴾ [الفتح: 25] (أن) في موضع رفع بـ (لولا) [[انظر: المصدرين السابقين، نفس الموضع، والزجاج لم يذكر الآية الأولى وهي قوله تعالى: ﴿هَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا السَّاعَةَ﴾.]]، وقال أبو علي الفارسي: (إحدى) في موضع نصب بأنه المفعول الثاني و (أنها لكم) بدل منه، والتقدير: وإذ [[في (م): (والله)، وهو خطأ.]] يعدكم الله ثبات إحدى الطائفتين، أو ملك إحدى الطائفتين، ونحو هذا مما يدل عليه (لكم).
وقوله تعالى: ﴿وَتَوَدُّونَ أَنَّ غَيْرَ ذَاتِ الشَّوْكَةِ تَكُونُ لَكُمْ﴾ قال ابن عباس: يريد التي ليس فيها حرب ولا قتال [["تنوير المقباس" ص 177 بمعناه.]]، وقال الزجاج: أي تودون أن الطائفة التي ليست فيها حرب ولا سلاح -وهو [[في "معاني القرآن وإعرابه": وهي، والمقصود: الإبل التي مع أبي سفان وهي العير.]] الإبل- تكون لكم، و (ذات الشوكة) أي: ذات السلاح [["معاني القرآن وإعرابه" للزجاج 1/ 2/ 402.]].
وتأنيث (ذات) لأن المراد بها الطائفة ، والمعنى: وتودون أن الطائفة غير ذات الشوكة تكون لكم، وأما (الشوكة) فهي هاهنا السلاح [[انظر: "جمهرة اللغة" (ش ك و) 2/ 878، و"الصحاح" (شوك) 4/ 1595.]]، وأصلها: النبت الذي له حد، شبّه السلاح به، ومنه يقال: رجل شائك السلاح إذا كان حديد السنان والنصل، وهو فاعل من الشوك، ثم يقلب شائك فيقال: شاكي السلاح، كما يقال: جرف هار، وهاير، ومنه قول زهير:
لدى أسد شاكي السلاح ضبارم [[الضبارم، بضم الضاد: الأسد الشديد الخَلق، ويطلق على الرجل الشجاع الجريء على الأعداء.
انظر: "لسان العرب" (ضبرم) 4/ 2548.]] ... له لبد أظفاره لم تقلم [["ديوانه" بشرح أبي العباس ثعلب ص 23، وفيه: شاكي السلاح مقذف، وكذلك هو في رواية الشنتمري في "شرح الديوان" ص 21.
والمقذف: الغليظ اللحم، واللبد: الشعر المتراكب على زبرة الأسد، كما في المصدرين السابقين.]]
قال أبو عبيد: الشاكي والشائك [[في (م): (الشائك والشاكي).]] جميعًا: ذو الشوكة والحد في سلاحه [["لسان العرب" 4/ 2362 - 2363 (شوك).]].
وكما يوصف الرجل بهذا يوصف السلاح أيضًا به، فيقال: سلاح [[ساقط من (س).]] شاك وشائك، قال عنترة: فتعرفوني أنني أنا ذاكم ... شاك سلاحي في الحوادث معلم [[نسب المؤلف هذا البيت لعنترة، وليس في "ديوانه"، ولم أجد من نسبه له، والصحيح أنه لطريف بن تميم العنبري. كما في "الأصمعيات" ص 128، و"شرح شواهد الشافعية" ص 270، و"كتاب سيبويه" 3/ 466، و"معاهد التنصيص" 1/ 204.]]
ومنه قول المجدث [[لم يتبين لي من هو ولم يذكر في "كتاب ألقاب الشعراء" من سمي بالمجدث أو ما يقاربه.]]:
وألبس من رضاه في طريقي ... سلاحًا يذعر الأبطال شاكا [[انظر البيت بلا نسبة في "البحر المحيط" 4/ 455، و"الدر المصون" 5/ 569.]]
وهذا من قولهم: هو شاك السلاح بحذف الياء، كما قالوا رجل مال [[في "لسان العرب" 7/ 4300 (مول). رجلٌ مال: ذو مال، وقيل كثير المال، كأنه قد جعل نفسه مالاً، وحقيقته: ذو مال.]]: ذو مال، ونال من النوال [[في "لسان العرب" 8/ 4583 (قول): رجل نال -بوزن بالٍ-: جواد، وهي في الأصل: نائل.]]، وكبش صاف [[في "لسان العرب" 4/ 2527 - 2528 (صوف): (كبش أصوف وصَوِف، على مثال (فَعِل) وصائف وصافٌ وصاف، الأخيرة مقلوبة، وصوفا في كل ذلكَ: كثير الصوف.]]: ذو صوف، وكذلك رجل شاك [[بضم الكاف وكسرها. انظر "لسان العرب" 4/ 2309 (شكك).]]، وسلاح شاك [[في "القاموس المحيط" 4/ 2362 - 2363 (شوط): رجل شاكُ السلاح، وشائكه، وشوكه، وشاكيه، حديده.
وفي "لسان العرب" 10/ 454 (شوك): رجل شاكي السلاح وشاكُ السلاح، برفع الكاف، مثل جرف هارٍ وهارٌ، ومن قال: شاك السلاح، بحذف الياء فهو كما يقال: رجل مال ونال: من المال والنوال، وإنما هو مائل، ونائل.]]، فأما قولهم: شاكّ في السلاح بالتشديد مع (في) فمعناه: ذو شكة، والشكة: السلاح [[في "لسان العرب" 4/ 2309 (شكك): الشاكُّ في السلاح: وهو اللابس السلاح التام.]].
وقوله تعالى: ﴿وَيُرِيدُ اللَّهُ أَنْ يُحِقَّ الْحَقَّ بِكَلِمَاتِهِ﴾ قال ابن عباس: ﴿يُحِقَّ الْحَقَّ﴾ يظهر الإسلام [[انظر: "زاد المسير" 3/ 324، وقد ورد نحوه في التفسير المنسوب لابن عباس والمطبوع باسم "تنوير المقباس من تفسير ابن عباس" ص 177. وهذا الكتاب مع عدم صحة نسبته إلى ابن عباس فإن جامعه -والمشهور أنه الفيروز أبادي- قد رواه بشده عن محمد بن مروان السدي عن الكلبي عن أبي صالح عن ابن عباس، وهذه هي سلسة الكذب. انظر: "الإتقان" 3/ 215.]]، وقال أهل المعاني [[لم أجد هذا القول فيما بين يدي من كتب أهل المعاني، وقد ذكر نحو هذا القول أبو السعود في تفسيره "إرشاد العقل السليم" 4/ 7.]]: معنى يحق الحق: يظهره ويعليه لأن الحق حق حيث كان، ولكنه إذا لم يكن ظاهرًا أشبه الباطل؛ لأن من صفة الحق ظهوره، فإظهاره تحقيق له من هذا الوجه [[بين الراغب الأصفهاني أن إحقاق الحق على ضربين: أحدهما: بإظهار الأدلة والآيات، والثاني: بإكمال الشريحة وبثها في الكافة. انظر: "المفردات في غريب القرآن" ص 125 (حقق).]].
وقوله تعالى: ﴿بِكَلِمَاتِهِ﴾، قال ابن عباس: أي بعداته [[لم أجد من رواه عنه، وقد ذكر هذا القول ابن الجوزي في "زاد المسير" 3/ 324 دون أن ينسبه لأحد، ومعناه: بوعوده السابقة بأن يظهر الدين.]]، وقال عطاء عنه [[ساقط من (س)، وفي (ح): وقال: طاعته موعد ... إلخ. وهو خطأ، ولم أجد من ذكر هذه الرواية.]]: موعود من الله قد سبق في علمه، ووعد نبيه بذلك في سورة الدخان: ﴿يَوْمَ نَبْطِشُ الْبَطْشَةَ الْكُبْرَى إِنَّا مُنْتَقِمُونَ﴾ [[الآية 16.]] يريد: ننتقم له من أبي جهل [[هو: عمرو بن هشام بن المغيرة المخزومي القرشي، أحد طواغيت قريش وأبطالها == ودهاتها في الجاهلية، وكان أشد الناس عداوة للنبي ﷺ وأصحابه، قتل يوم بدر سنة 2 هـ. انظر: "سيرة ابن هشام" 1/ 215 - 417، و"تهذيب الأسماء واللغات" 2/ 206، و"الأعلام" 5/ 87.]]، فـ (كلماته) على هذا ما قد أخبر به من إظهار الحق وإعزازه بقوله [[الجار والمجرور متعلقان بقوله: أخبر.]]: ﴿لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ﴾ [[التوبة: 33، الفتح: 28، الصف: 9.]] على ما تقدم به وعده [[الذي ذهب إليه ابن جرير في "تفسيره" 9/ 188 - 189، والزمخشري في "الكشاف" 2/ 145 أن المراد بـ (كلماته): آياته المنزلة في قتال الكفار، وذهب مقاتل في "تفسيره" 118 ب إلى أن المراد بذلك ما أنزل على محمد ﷺ.]].
وقال بعضهم: (بكلماته) أي بأمره إياكم أن تجاهدوهم [[انظر: التعليق السابق.]].
قوله تعالى: ﴿وَيَقْطَعَ دَابِرَ الْكَافِرِينَ﴾ قد ذكرنا الكلام في معنى (الدابر) فيما تقدم [[انظر: "تفسير البسيط" الأنعام: 45.]]، قال أبو إسحاق: أي: ظَفَركم بذات الشوكة أقطع [[في (ح): (أو قطع)، وهو خطأ.]] لدابرهم [["معاني القرآن وإعرابه" 2/ 402.]]، وفي هذا بيان عن النعمة عليهم بالظفر بقريش حين خرجوا [[في (م): (دخلوا)، وهو خطأ.]] يحمون العير، وإن كرهوا هم ذلك، وأن ما أراد الله لهم كان خيرًا مما أرادوا هم.
{"ayah":"وَإِذۡ یَعِدُكُمُ ٱللَّهُ إِحۡدَى ٱلطَّاۤىِٕفَتَیۡنِ أَنَّهَا لَكُمۡ وَتَوَدُّونَ أَنَّ غَیۡرَ ذَاتِ ٱلشَّوۡكَةِ تَكُونُ لَكُمۡ وَیُرِیدُ ٱللَّهُ أَن یُحِقَّ ٱلۡحَقَّ بِكَلِمَـٰتِهِۦ وَیَقۡطَعَ دَابِرَ ٱلۡكَـٰفِرِینَ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق