الباحث القرآني

قوله تعالى: ﴿ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ لَمْ يَكُ مُغَيِّرًا نِعْمَةً﴾ الآية، (ذلك) إشارة إلى ما تقدم من أخذ الله بالعذاب لمن كفر بآيات الله، فـ (ذلك) ابتداء وخبره ﴿بِأَنَّ اللَّهَ﴾ وهو كما تقول: العقاب بذنوب العباد. وقوله تعالى: ﴿لَمْ يَكُ مُغَيِّرًا نِعْمَةً﴾ الآية، أكثر النحويين يقولون: إنما حذفت النون لأنها تشبه بما فيها [[في (س): (بما قبلها)، وهو خطأ.]] من الغنة حروف اللين، ووقعت طرفًا فحذفت تشبيهًا بها كما تقول: لم يدع، ولم يرم، ولم يك [[انظر: "كتاب سيبويه" 4/ 184، و"حاشية الصبان" 1/ 245.]]. وهذا ينتقض بقولهم: لم يزن، ولم يخن، ولم يسمع حذف النون في مثل هذا الموضع إلا من (كان) ، وذلك أن (كان) و (يكون) أم الأفعال، من أجل أن [[ساقط من (ح).]] كل فعل فيه معنى (كان) على ما تصرف منه، ففي (ضرب) معنى: كان ضربٌ، وفي (يضرب) معنى: يكون ضربٌ، فلما قويت بأنها أم الأفعال، وكثر استعمالها للحاجة إليها احتملت هذا الحذف، ولم تحتمله نظائرها، وهذا تعليل ذكره علي بن عيسى النحوي [[لم أقف على هذا القول في كتب الرماني المطبوعة، ولعله في شرحه لكتاب سيبوبه وهو لا يزال مخطوطًا ، ولم أتمكن من الاطلاع عليه.]]، وسنذكر تمام هذه المسألة في سورة هود عند قوله: ﴿فَلَا تَكُ فِي مِرْيَةٍ مِمَّا يَعْبُدُ هَؤُلَاءِ﴾ [هود: 109] إن شاء الله تعالى [[انظر: النسخة (ح): 3/ 45 ب، حيث قال: (لا تك): أصلها لا تكن، وإنما حذفت النون عند سيبويه لكثرة استعمال هذا الحرف، قال أبو إسحاق في قوله: (ولم يك من المشركين): ذكر الحيلة من البصريين أنه اجتمع فيها كثرة الاستعمال ومع ذلك أشبهت النون حروف اللين بأنه تكون علامة كما تكون حروف اللين علامة، وأنها غنة تخرج من الأنف؛ فلذلك حملت الحذف.]]. قال الكلبي: إن الله تعالى أطعم أهل مكة من جوع وآمنهم من خوف وبعث إليهم محمدًا رسولاً، وكان هذا كله مما أنعم عليهم، ولم يكن يغير عليهم ذلك لو لم يغيروا هم، وتغييرهم كفرانها، وترك شكرها، فإذا غيروا ذلك غير الله ما بهم فسلبهم النعمة، وأخذهم بالعقاب [[رواه مختصرًا الثعلبي 6/ 68 أ، وذكر السمرقندي 2/ 22 طرفًا منه.]]، وقال السدي: نعمة الله: محمد عليه السلام أنعم به على قريش فكفروا به وكذبوه فنقله إلى الأنصار [[رواه ابن جرير 10/ 24، وابن أبي هاشم 5/ 1718، والثعلبي 6/ 68 أ، والبغوي 3/ 369.]]. فعلى هذا هم غيّروا هذه النعمة عليهم بمحمد ﷺ بتكذيبهم وقصدهم قتله، فغير الله عليهم ما أعطاهم من نعم الدنيا وأخذهم بعذاب الآخرة. وقوله تعالى: ﴿وَأَنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ﴾، قال ابن عباس: يريد: سميع لقولكم، عليم بنياتكم [[في "تنوير المقباس" ص 184: (سميع) لدعائكم (عليم) بإجابتكم.]].
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب