الباحث القرآني
قوله تعالى: ﴿وَلَوْ تَرَى إِذْ يَتَوَفَّى الَّذِينَ كَفَرُوا الْمَلَائِكَةُ﴾ أكثر المفسرين على أن الآية عامة في جميع من قتلوا من المشركين ببدر [[انظر: "تفسير ابن جرير" 10/ 22 - 23، والبغوي 3/ 368، وابن عطية 6/ 449 - 340، وقد رجح ابن كثير 2/ 353 أنها عامة في حق كل كافر.]]، وقال محمد بن إسحاق: نزلت في الذين [ذكروا في الآية الأولى وهم الذين] [[ما بين المعقوفين ساقط من (س).]] تركوا الهجرة إلى رسول الله ﷺ فقتلوا مع المشركين [[بالمقارنة بما في "السيرة النبوية" يتبين وهم الواحدي رحمه الله في نسبة هذا القول لابن إسحاق، فابن إسحاق ذكر أن هؤلاء المذكورين الذين تركوا الهجرة نزل فيهم قول الله تعالى: ﴿إِنَّ الَّذِينَ تَوَفَّاهُمُ الْمَلَائِكَةُ ظَالِمِي أَنْفُسِهِمْ قَالُوا فِيمَ كُنْتُمْ قَالُوا كُنَّا مُسْتَضْعَفِينَ فِي الْأَرْضِ قَالُوا أَلَمْ تَكُنْ أَرْضُ اللَّهِ وَاسِعَةً فَتُهَاجِرُوا فِيهَا﴾ [النساء: 97]، أما ما يتعلق في تفسير قوله تعالى: ﴿وَلَوْ تَرَى إِذْ يَتَوَفَّى الَّذِينَ كَفَرُوا الْمَلَائِكَةُ﴾ فقد ذكر أنها عامة في الكفار كلهم حيث قال: ثم ذكر الله تعالى أهل الكفر، وما يلقونه عند موتهم، ووصفهم بصفتهم وأخبر نبيه ﷺ عنهم.
انظر: "السيرة النبوية" 2/ 283.]].
وجواب (لو) محذوف بتقدير: لرأيت أمرًا عظيمًا، وأمرًا عجيبًا، وحذف الجواب في القرآن كثير، قد سبق الكلام فيه في مواضع [[انظر مثلاً: "تفسير البسيط" [البقرة: 103].]]، والمرئي بقوله: (ترى) مدلول عليه، مفهوم من الكلام؛ لأنه يفهم منه: ولو ترى الملائكة يضربون من الكفار الوجوه والأدبار، وبناؤه على المفهوم أحسن من التصريح لأنه أفخم.
ومعنى ﴿يَتَوَفَّى الَّذِينَ كَفَرُوا﴾: يقبضون أرواحهم على استيفائها؛ لأن الموت إنما يكون بإخراج الروح على التمام، وهذا يقتضي أن الإنسان هو الروح؛ لأنه قال: ﴿يَتَوَفَّى الَّذِينَ كَفَرُوا﴾ فهذا يوجب أن الإنسان هو الروح، ولولا هذا لم يكن قد توفاه الملك وإنما توفي بعضه وهو الروح، إلا أن يجعل من باب حذف المضاف فيقال: المعنى: يتوفى أرواح الذين كفروا وأنفسهم [[في "لسان العرب" (وفي) 8/ 4886: الوفاة: الموت، وتوفي فلان وتوفاه الله: إذا قبض نفسه، وفي "الصحاح": إذا قبض روحه، وقال غيره: توفي الميت: استيفاء مدته التي وفيت له وعدد أيامه وشهوره وأعوامه في الدنيا اهـ. فإذا عرف أن الوفاة تطلق على قبض الروح لم يلزم من قول القائل: توفي الله الإنسان، أن الإنسان هو الروح ولا أن يجعل ذلك من باب حذت المضاف، وقد ذكر شيخ الإسلام ابن تيمية الخلاف في المسألة التي ذكرها المصنف فقال: تنازع الناس في مسمى (الإنسان) هل هو الروح فقط أو الجسد فقط؟ والصحيح أنه اسم للروح والجسد جميعًا، وإن كان مع القرينة قد يراد به هذا تارة، وهذا تارة. "مجموع فتاوى شيخ الإسلام" 12/ 67.]].
وقوله تعالى: ﴿يَضْرِبُونَ وُجُوهَهُمْ وَأَدْبَارَهُمْ﴾ مضارع معناه الحال، قال ابن عباس: كان المشركون إذا أقبلوا بوجوههم إلى المسلمين ضربوا وجوههم بالسيوف، وإذا ولوا ضربوا أدبارهم [[رواه ابن جرير 10/ 22، والثعلبي 6/ 67 أ، والبغوي 3/ 368، وفي سنده انقطاع بين ابن جرير وابن عباس، انظر: "الكشاف" 2/ 185.]]، ونحو هذا قال مُرة وابن جريج: أي: مقاديمهم ومآخيرهم [[رواه عنهما الثعلبي 6/ 67 أبلفظ: (وجوههم) ما أقبل منهم، (وأدبارهم) ما أدبر منهم، وبنحو هذا اللفظ رواه البغوي 3/ 368 عن ابن جريج.]]، وتقديره: يضربون أجسادهم كلها [[هذا التقدير عدول عن ظاهر الآية بلا دليل، وليس هو التقدير الدقيق لقول مرة وابن جريج. وقد ذكر الزمخشري في "الكشاف" 2/ 163 علة تخصيص الوجه والدبر فقال: وإنما خصوهما بالضرب لأن الخزي والنكال في ضربهما أشد.]]، وقال الحسن: قال رجل يا رسول الله: إني رأيت بظهر أبي جهل مثل الشراك [[الشراك: سير النعل الذي يكون على وجهها. انظر: "لسان العرب" (شرك) 4/ 2250.]]، قال: "ذلك ضرب الملائكة" [[رواه ابن جرير 10/ 22، والثعلبي 6/ 67 أ، وهو حديث مرسل، وقد اختلف العلماء في مراسيل الحسن البصري، والإمام أحمد يرى أنها من أضعف المراسيل. انظر: "شرح علل الترمذي" 1/ 290.]].
وقوله تعالى: ﴿وَذُوقُوا عَذَابَ الْحَرِيقِ﴾ فيه إضمار أي: ويقولون ذوقوا، وإنما حذف لدلالة الكلام عليه من جهة أن عقابهم لهم يقتضي أن يقولوا لهم ما يسوؤهم، وحذف القول في القرآن كثير كقوله: ﴿وَإِذْ يَرْفَعُ إِبْرَاهِيمُ الْقَوَاعِدَ مِنَ الْبَيْتِ وَإِسْمَاعِيلُ رَبَّنَا﴾ [البقرة: 127] أي: ويقولان [[في (ج) و (س): (ويقولون).]] ربنا، ومثله: ﴿وَلَوْ تَرَى إِذِ الْمُجْرِمُونَ نَاكِسُو رُءُوسِهِمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ رَبَّنَا﴾ [السجدة: 12] أي: ويقولون ربنا، قال ابن عباس: يقولون لهم هذا بعد الموت [[رواه البغوي 3/ 368.]]، ونحو ذلك قال الحسن [[رواه الثعلبي 6/ 67 أ، والبغوي 3/ 368.]] وغيره [[انظر: "تفسير مقاتل" ل 123 أ، وابن الجوزي 3/ 369 ، والزمخشري 2/ 163.]].
وقال بعضهم: كان قول الملائكة لهم: ﴿وَذُوقُوا عَذَابَ الْحَرِيقِ﴾ في الدنيا وذلك أنه كان مع الملائكة مقامع كلما ضربوا التهبت النار في الجراحات، فذلك قوله: ﴿وَذُوقُوا عَذَابَ الْحَرِيقِ﴾ [[ذكر هذا القول دون نسبة الثعلبي 6/ 67 أ، والبغوي 3/ 368، والزمخشري 2/ 163، وابن الجوزي 3/ 369، وعزاه الرازي في "تفسيره" 15/ 178 إلى ابن عباس، وعندي شك في هذا العزو، وذلك أن الرازي فسر هذه الجملة بما ذكره الواحدي هنا تمامًا لكنه أسقط هو أو أحد النساخ قول ابن عباس السابق وما بعده، وعزا هذا القول إلى ابن عباس.]] والصحيح أن هذا يقوله الملائكة لهم في الآخرة [[وهذا ما ذهب إليه ابن جرير 10/ 22، والثعلبي 6/ 67 أ.]]
{"ayah":"وَلَوۡ تَرَىٰۤ إِذۡ یَتَوَفَّى ٱلَّذِینَ كَفَرُوا۟ ٱلۡمَلَـٰۤىِٕكَةُ یَضۡرِبُونَ وُجُوهَهُمۡ وَأَدۡبَـٰرَهُمۡ وَذُوقُوا۟ عَذَابَ ٱلۡحَرِیقِ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق