الباحث القرآني

قوله تعالى: ﴿وَإِذْ زَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ أَعْمَالَهُمْ﴾ كان هذا التزيين على ما قاله ابن عباس [["تفسير ابن جرير" 18/ 10، وابن أبي حاتم 5/ 1714، والثعلبي 6/ 65 ب.]] وابن إسحاق [["تفسير ابن جرير" 10/ 19، والثعلبي 6/ 65 ب، والنصر مختصرًا في: "السيرة النبوية" 2/ 250 ، عن ابن إسحاق، عن عروة بن الزبير.]] والسدي [["تفسير ابن جرير" 10/ 18، والثعلبى 6/ 65 ب.]] والكلبي [["تفسير الثعلبي"، الموضع السابق.]]: إن قريشًا لما أجمعت المسير، ذكرت الذي بينها وبين بني كنانة [[قبيلة كبيرة مشهورة وهم بنو كنانة بن خزيمة بن مدركة بن إلياس بن مضر بن نزار بن معد بن عدنان. انظر: "السيرة النبوية" 1/ 1، و"نهاية الأرب" ص 366.]]، ومدلج [[هم بنو مدلج بن مرة بن تيم بن عبد مناف بن كنانة. راجع: "الروض الأنف" 2/ 233، و"الإصابة في تمييز الصحابة" 2/ 19 (3115)، و"نهاية الأرب" ص 372.]] من الحرب، وكانوا قد قتلوا الفاكه بن المغيرة [[هو: الفاكه بن المغيرة بن عبد الله بن عمر بن مخزوم، أحد الفصحاء المقدمين من قريش في الجاهلية. انظر: "المحبر" ص 175، 297، و"التبيين في أنساب قريش" ص 189.]]، وعوفًا [[هو: عوف بن عبد عوف بن عبد الحارث بن زهرة بن كلاب القرشي الزهري. انظر: "الإصابة في تمييز الصحابة" 2/ 416 (5179)، في ترجمة ابنه عبدالرحمن.]] أبا عبد الرحمن بن عوف ومالك بن الشريد [[لم أعثر على ترجمته.]] وكانوا يطلبونهم بدم، وكاد هذا أن يثنيهم عن الخروج من مكة، فتبدا لهم إبليس في جند من الشيطان معه رايته، في صورة سراقة بن مالك بن جعشم الكناني ثم المدلجي، وكان من أشرافهم، فقالوا: نحن نريد قتال هذا الرجل ونخاف من قومك فقال لهم: أنا جار لكم من قومي، فلا غالب لكم اليوم من الناس، ومعنى الجار هاهنا: الدافع عن صاحبه الشر كما يدفع الجار عن جاره، والعرب تقول: أنا جار لك من فلان، أي: حافظ لك من معرّته فلا يصل إليك منه مكروه. وقوله تعالى: ﴿فَلَمَّا تَرَاءَتِ الْفِئَتَانِ﴾ [قال ابن عباس: التقى الجمعان [["تنوير المقباس" ص 183.]]، قال الزجاج: توافقتا حتى رأت كل واحدة الأخرى [["معاني القرآن وإعرابه" 2/ 421.]]] [[ما بين المعقوفين ساقط من (ح).]]. ﴿نَكَصَ عَلَى عَقِبَيْهِ﴾ النكوص: الإحجام عن الشيء، نكص ينكص نكوصًا ونكيصًا: إذا تأخر عن الشيء وجبن، وأنشد أبو عبيدة [[انظر قول أبي عبيدة في معنى (النكوص) في "مجاز القرآن" 1/ 247، 2/ 60، ولم أقف على إنشاده البيت.]] قول الكميت: فما نفع المستأخرين نكيصهم ... ولا ضر أهل السابقات التعجل [[انظر: البيت في "هاشميات الكميت" ص130.]] وزاد الكسائي: نكصانًا [[لم أقف عليه.]]، وقال الزجاج: نكص على عقبيه: رجع بخزي [["معاني القرآن وإعرابه" 2/ 421.]]، وقال القتيبي: رجع القهقرى [["تفسير غريب القرآن" لابن قتيبة ص190.]]، وقال ابن عباس: [رجع موليًا [[رواه ابن جرير 10/ 19 من رواية ابن جريج عنه بلفظ: رجع مدبرًا، ورواه أيضًا 10/ 19 من رواية علي بن أبي طلحة عنه بلفظ: فولى مدبرًا.]]، وقال الضحاك: ولى مدبرًا [[رواه الثعلبي 6/ 65 ب، والبغوي 3/ 366.]]، وقال قطرب: رجع من حيث جاء [[أخرجه الثعلبي 6/ 65 ب.]]. قال الكلبي عن ابن عباس:] [[ما بين المعقوفين ساقط من (م).]] لما التقوا كان إبليس في صف المشركين على صورة سراقة آخذًا بيد الحارث بن هشام، فرأى عدو الله الملائكة حين نزلت من السماء -وهو روحاني يراهم- نكص على عقبيه فقال له الحارث: يا سراق أفرارًا من غير قتال، فقال [[ساقط من (س)]] له: ﴿إِنِّي أَرَى مَا لَا تَرَوْنَ إِنِّي أَخَافُ اللَّهَ﴾ ودفع في صدر الحارث وانطلق [[ساقط من (س).]]، وانهزم الناس [[رواه الثعلبي 6/ 66 أ، والبغوي 3/ 366.]]، قال الحسن في قوله: ﴿إِنِّي أَرَى مَا لَا تَرَوْنَ﴾ أي: جبريل معتجرًا [[الاعتجار: أن يلف العمامة على رأسه، ويرد طرفها على وجهه، ولا يعمل منها شيئًا تحت ذقنه. انظر: "النهاية في غريب الحديث" (عجر) 3/ 185، و"لسان العرب" (عجر) 5/ 2815.]] ببرد [[في (ح): (برداء)، وما أثبته موافق للمصادر التالية.]]، يمشي بين يدي النبي ﷺ وفي يده اللجام يقود الفرس، ما ركب [[رواه ابن جرير 10/ 20، والثعلبي 6/ 66 أ، والبغوي 3/ 366.]]. وقال محمد بن إسحاق: رأى جندًا من الملائكة، أيد الله بهم رسوله والمؤمنين [["السيرة النبوية" 2/ 309.]]. وقوله تعالى: ﴿إِنِّي أَخَافُ اللَّهَ﴾، قال قتادة وابن إسحاق: صدق عدو الله في قوله: ﴿إِنِّي أَرَى مَا لَا تَرَوْنَ﴾ وكذب في قوله: ﴿إِنِّي أَخَافُ اللَّهَ﴾ والله ما به مخافة الله [[كفر إبليس كفر إباء واستكبار لا كفر جحود وإنكار؛ ولذا لا يستبعد خوفه من عقاب الله فيما دون الهلاك.]]، ولكن علم أنه لا قوة له ولا منعة، فأوردهم وأسلمهم وتلك عادة عدو الله لمن أطاعه [[ذكر هذا القول عنهما: الثعلبي 6/ 66 أ، والواقع أنه دمج قوليهما مع اختلافهما في اللفظ. == انظر قول قتادة في: "تفسير ابن جرير" 10/ 19، و"الدر المنثور" 3/ 345، وانظر قول ابن إسحاق في: "السيرة النبوية" 2/ 309، و"تفسير ابن جرير" 10/ 19.]]، وقال الكلبي: خاف أن يأخذه جبريل ويعرفهم حاله فلا يطيعون [[رواه الثعلبي 6/ 66 ب، والبغوي 3/ 367.]]، ولا معنى لهذا؛ لأن إبليس غير مرئي فيعرف بالرؤية، وكيده الوسوسة والتخييل [[يعني أنه لن يظهر لهم عند كيده بالوسوسة، فالتعريف به لا يفيد ولا يمنع من كيده.]]. وقال عطاء: إني أخاف الله أن يهلكني فيمن يهلك [[رواه الثعلبي 6/ 66 ب، والبغوي 3/ 366، قلت: هذا القول فيه نظر لأن الله وعد إبليس بالإنظار إلى يوم يبعثون.]]، وقال أبو إسحاق: ظن أن الوقت الذي انظر إليه قد حضر [["معاني القرآن واعرابه" 2/ 421.]]، واختار ابن الأنباري هذا القول وقال: يعني [[في (ح): (معنى)، وهو خطأ.]] أخاف أن يكون الوقت المعلوم الذي يزول معه إنظاري قد حضر فيقع بي العذاب، لما عاين الملائكة خاف أن يكون وقت الإنظار قد انقضى [[في (م) و (س): (تقضى).]]، فقال ما قال اشفاقًا على نفسه [[ذكر بعض هذا القول مع اختلاف يسير ابن الجوزي في "زاد المسير" 3/ 367.]] [[في هذا القول أيضًا نظر؛ لأن إبليس يعلم أنه إذا انقضى وقت الإنظار لن يفيد الهرب، والظاهر أن إبليس خاف عقاب الله فيما دون الهلاك.]]. وقوله تعالى: ﴿وَاللَّهُ شَدِيدُ الْعِقَابِ﴾ يجوز أن يكون متصلًا بما أخبر به عن إبليس، ويجوز أن ينقطع كلامه عند قوله: ﴿أَخَافُ اللَّهَ﴾ فقال الله. ﴿وَاللَّهُ شَدِيدُ الْعِقَابِ﴾ [[ذكر نحو هذا القول الثعلبي 6/ 66 ب، والبغوي 3/ 367، وابن الجوزي 3/ 367.]].
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب