الباحث القرآني

قوله تعالى: ﴿ذَلِكُمْ وَأَنَّ اللَّهَ مُوهِنُ كَيْدِ الْكَافِرِينَ﴾ الكلام في ﴿ذَلِكُمْ﴾ ومحله من الإعراب، ومحل ﴿أَن﴾ كما ذكرنا في قوله: ﴿ذَلِكُمْ فَذُوقُوهُ وَأَنَّ لِلْكَافِرِينَ﴾ [الأنفال: 14]، وحكى صاحب النظم عن بعض النحويين أنه قال: معنى (ذلك) أنه نقيض (لا) فكما أن (لا) ينفي ما قبله فـ (ذلك) يثبت ما قبله على [[في (ج): (عن).]] مناقضته، وكذلك (كلا): نفي لما قبله [[المشهور عند علماء اللغة أن (كلا) لا تقتصر على مجرد النفي بل تتضمن الزجر والردع، قال ابن قتيبة في "تأويل مشكل القرآن" ص 558: (كلا: ردع وزجر)، وفي "لسان العرب" (كلا) 7/ 3908، قال الأخفش: معنى (كلا) الردع والزجر، قال الأزهري: وهذا مذهب سيبويه، وإليه ذهب الزجاج في جميع القرآن، وروى ابن شميل عن الخليل أنه قال: كل شيء في القرآن (كلا): رد، يرد شيئًا ويثبت آخر.]]، و (كذلك): تثبيت لما قبله، على مناقضة (كلا). وإذا كان كذلك فالمعنى في قوله: ﴿ذَلِكُمْ﴾ إثبات ما ذكر قبله من القتل والرمي، وإبلاء المؤمنين بلاءً حسنًا، وتقدير الإعراب: الأمر ذلكم، والحق ذلكم [[وإلى هذا الإعراب ذهب أبو البقاء العكبري في "التبيان" (406)، وكذلك == الزمخشري في "تفسيره" 2/ 150 لكنه قدره بلفظ: الغرض ذلكم.]]. وفي قوله: ﴿مُوهِنُ كَيْدِ الْكَافِرِينَ﴾ وجوه من القراءة: التشديد مع التنوين، والإضافة، والتخفيف معهما [[قرأ ابن كثير ونافع وأبو جعفر وأبو عمرو (مَوهّنٌ) بفتح الواو، وتشديد الهاء، مع التنوين، ونصب الدال في (كيد) مفعول به. وقرأ ابن عامر وحمزة والكسائي ويعقوب وخلف، وشعبة عن عاصم (موْهِنٌ) بسكون الواو، وتخفيف الهاء، مع التنوين، ونصب الدال في (كيد) أيضًا. وقرأ حفص عن عاصم (موْهنُ) بسكون الواو، وتخفيف الهاء من غير تنوين، وخفض الدال في (كيد) على الإضافة. انظر: كتاب "السبعة" ص 304، و"تحبير التيسير في قراءات الأئمة العشرة" للجزري ص 118، و"المستنير في تخريج القراءات المتواترة" 1/ 256. ومن الجدير بالتنبيه أن المؤلف ذكر من وجوه القراءة: التشديد مع الإضافة، ولم أجد من ذكر ذلك في القراءات المتواترة أو الشاذة، لكن الزجاج ذكر جواز ذلك من الناحية اللغوية. انظر: "معاني القرآن" 2/ 407.]] أيضًا، ومثله قوله: ﴿كَاشِفَاتُ ضُرِّهِ﴾ [الزمر: 38]، بالتنوين، وبالإضافة [[بالتنوين قرأ أبو عمرو ويعقوب، وقرأ الباقون بالإضافة. انظر: "تحبير التيسير" ص 173، و"تقريب النشر" ص 168.]] أيضًا. قال أهل المعاني: وتوهينه كيدهم يكون بأشياء: بإطلاع المؤمنين على عوراتهم، وإلقاء الرعب في قلوبهم، وتفريقَ كلمتهم، ونقض ما أبرموا باختلاف عزومهم [[لم أجد هذا القول فيما بين يدي من كتب أهل المعاني، وقد ذكره بحروفه الفخر الرازي في "تفسيره" 15/ 141.]]. قال ابن عباس: يهنئ [[في (ح): (يعني).]] رسول الله ﷺ، يقول: "إني قد أوهنت كيد عدوك حتى قُتلت جبابرتهم [[في "تفسير الرازي": خيارهم.]] وأُسر [[هكذا في جميع النسخ، وفي "تفسير الرازي"، و"الوسيط" (أسرت).]] أشرافهم" [[انظر: "تفسير الرازي" 15/ 141، وبنحوه في "الوسيط" 2/ 450.]].
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب