الباحث القرآني
(وقوله تعالى) [[ساقطة من: (أ).]] ﴿لِنَفْتِنَهُمْ فِيهِ وَمَنْ يُعْرِضْ عَنْ ذِكْرِ رَبِّهِ (يَسْلُكْهُ عَذَابًا صَعَدًا) [[ما بين القوسين ساقط من: (ع).]]﴾ يعني القرآن، وما جاء به محمد -ﷺ- من الموعظة؛ قاله ابن عباس [[لم أعثر على مصدر لقوله.]] ومقاتل [["تفسير مقاتل" 212/ أ.]].
﴿نسلكه (عذابًا) [[ما بين القوسين ساقط من: (ع).]]﴾ قال مقاتل: يدخله عذابًا [[ما ورد في "تفسير مقاتل" 212/ أهو: "شدة العذاب".]].
﴿صَعَدًا﴾ قال مجاهد [["جامع البيان" 29/ 116، و"النكت والعيون" 6/ 119، و"تفسير القرآن العظيم" 4/ 460، و"الدر المنثور" 8/ 306 وعزاه إلى عبد بن حميد.]]، ومقاتل [["تفسير مقاتل" 212/ أ.]]: شدَّة، ومشقة من العذاب.
وقال قتادة: صعوداً من عذاب الله، لا راحة فيه [["تفسير عبد الرزاق" 2/ 322، و"جامع البيان" 29/ 116، و"الكشف والبيان" 12/ 195/ أ، و"معالم التنزيل" 4/ 404، و"الدر المنثور" 8/ 306، وعزاه إلى عبد الرزاق، وعبد بن حميد.]].
قال عكرمة عن ابن عباس: هو جبل في جهنم [["جامع البيان" 29/ 116، و"المحرر الوجيز" 5/ 383، و"التفسير الكبير" 30/ 162 "الجامع لأحكام القرآن" 19/ 18، و"البحر المحيط" 8/ 352، و"تفسير القرآن العظيم" 4/ 460، و"الدر المنثور" 8/ 306 وعزاه إلى عبد بن حميد، وابن المنذر. وانظر: "المستدرك" 2/ 504، كتاب التفسير: باب تفسير سورة نوح، وقال: صحيح الإسناد، ووافقه الذهبي.]].
قال أبو سعيد الخدري: جبل في النار [[ورد قوله في: "المحرر الوجيز" 5/ 383، و"البحر المحيط" 8/ 352.]].
وقال الكلبي: يكلف أن يصعد جبلًا في النار (وقال) [[ساقطة من: (ع).]] من صخرة ملساء تجذب من أمامه بسلاسل، ومن خلفه بمقامع [[المقامع: جمع مِقْمَع ، وهو ما يضرب به ويُذَلَّل، ولذلك يقال: قمعته فانقمع، أي: كففته فكف.
"المفردات في غريب القرآن": 413.]] حتى يبلغ أعلاها، ولا يبلغ في أربعين سنة، فإذا بلغ أعلاها أحدر إلى أسفلها، ثم يكلف أيضًا صعودها، فذلك في دأبه [[دأبه: الدَّأب: العادة والشأن. انظر مادة: (دأب) في: "الصحاح" 1/ 123، و"القاموس المحيط" 1/ 64.]] أبدًا [[ورد قول الكلبي في: "الكشف والبيان" 12/ 195/ ب، كما ورد عند الفراء من غير نسبة، وإنما ذكروا أن الصعد: صخرة ملساء .. إلخ. "معاني القرآن" 3/ 194.]].
نزلت في الولِد بن المغيرة [[قاله الفراء في "معاني القرآن" 3/ 194، والثعلبي في "تفسيره" 1/ 195/ ب.]]، ونظيرها قوله: ﴿سَأُرْهِقُهُ صَعُودًا (17)﴾ [المدثر: 17]، قال أبو إسحاق: ومعنى ﴿صَعَدًا﴾ في اللغة طريق شاقَّة من العذاب [["معاني القرآن وإعرابه" 5/ 236 بنصه.
والصعد في اللغة يدل على ارتفاع ومشقة من ذلك الصعود خلاف الحدور، ويقال: صَعِد يَصْعَد، والإصعاد مقابله الحدور من مكان أرفع، والصعود: العقبة الكؤود، والمشقة من الأَّمر. "معجم مقاييس اللغة" 3/ 287 مادة: (صعد).
وجاء في المفردات: 280: (الصعود: الذهاب في المكان العالي، والصَّعود والحدور لمكان الصُّعُود والانحدار، وهما بالذات واحد، وإنما يختلفان بحسب اعتبار من يمر فيهما، فمتى كان المار صاعدًا يقال لمكانه: صَعودٌ، وإذا كان منحدرًا يقال لمكانه: حدور، والصَّعَدُ، والصَّعيدُ، والصعُود في الأصل واحد، لكن الصَّعود، والصَّعَد يقال للعقبة، ويستعار لكل شاق).]].
قال المبرد [[لم أعثر على مصدر لقوله.]]، وابن قتيبة [["تفسير غريب القرآن" 491، و"تأويل مشكل القرآن" 432.]]: ﴿صَعَدًا﴾ شاقًا. يقال: تَصَعَّدَهُ الأمر إذا شقَّ عليه [[بياض في: (ع).]].
وقال أبو عبيدة: الصعد مصدر، والمعنى عذابًا ذا صعد [["مجاز القرآن" 2/ 272، والعبارة عنه: ﴿عَذَابًا صَعَدًا﴾ مصدر صعود، وهو أشد العذاب.]]؛ وذلك أنه يصعد ذلك الجبل فيشق عليه، والمشي في الصعود يشق على الإنسان، فسمى المشقة صعدًا.
وسنزيد بيانًا عند قوله: ﴿سَأُرْهِقُهُ صَعُودًا (17)﴾ [المدثر: 17] إن شاء الله.
قوله تعالى: ﴿وَأَنَّ الْمَسَاجِدَ لِلَّهِ﴾ زعم سيبويه أن المفسرين حملوه على "أوحي" كأنه أوحي إليَّ أن المساجد لله، ومذهب الخليل: أنه على معنى: ولأن المساجد لله فلا تدعو [[في كلا النسختين: تدعوا.]]، كما أن قوله: ﴿إِنَّ هَذِهِ أُمَّتُكُمْ﴾ [الأنبياء: 92]، على معنى: ولأن هذه أمتكم أمة واحدة وأنا ربكم فاعبدون، (أي لهذا فاعبدون) [[ما بين القوسين ساقط من: (أ).]] [[ورد قول سيبويه في "الحجة"، نقله الواحدي عن أبي علي الفارسي بتصرف يسير. "الحجة" 6/ 331 - 332، وانظر: "كتاب سيبويه" 3/ 127.]].
واختلفوا في معنى المساجد، فالأكثرون [[حكاه الفخر أيضًا عن أكثر المفسرين، انظر: "التفسير الكبير" 30/ 162، وبه قال: عكرمة وابن عباس وقتادة. انظر: "جامع البيان" 29/ 117، و"النكت والعيون" 6/ 119، و"زاد المسير" 8/ 108.]] على أنها المواضع التي بنيت للصلاة وذكر الله.
قال مقاتل: يعني الكنائس، والبيع، ومساجد المسلمين [["تفسير مقاتل" 212/ أ.]].
﴿فَلَا تَدْعُوا مَعَ اللهِ﴾ فلا تعبدوا مع الله أحدًا، وذلك أن أهل الكتاب يشركون في صلاتهم في البيع، والكنائس، فأمر الله المؤمنين. ونحو هذا قال قتادة: كانت اليهود والنصارى، إذا دخلوا كنائسهم، وبيعهم أشركوا، فأمر الله أن يُخلص الدعوة إذا دخل المسجد [["تفسير عبد الرزاق" 2/ 323، و"جامع البيان" 29/ 117، و"الكشف والبيان" جـ: 12: 195/ ب، و"معالم التنزيل" 4/ 404، و"زاد المسير" 8/ 108، و"لباب التأويل" 4/ 318، و"تفسير القرآن العظيم" 4/ 460، و"الدر المنثور" 8/ 306 وعزاه إلى عبد بن حميد، وابن المنذر.]]. وهذا قول ابن عباس في رواية عكرمة قال: المساجد كلها [[ورد بمعنى هذه الرواية في: "النكت والعيون" 6/ 119، و"زاد المسير" 8/ 108 ونص العبارة عنه: (أنها المساجد التي هي بيوت الله للصلوات)، وقد وردت رواية ابن عباس بهذا اللفظ عن عكرمة. انظر: "جامع البيان" 29/ 117، و"تفسير القرآن العظيم" 4/ 460.]].
وعلى هذا القول واحدها يجوز أن يكون مسجَداً -بفتح الجيم-، وهو موضع السجود من الأرض، ويجوز أن يكون مسجِداً -بكسر الجيم-، وهو اسم جامع للموضع الذي يسجد عليه. وفيه بُعد أن [[أن: جاءت مكررة في: (ع).]] يكون اتخذ لذلك.
وقال سعيد بن جبير: المساجد: الأعضاء التي يسجد عليها العبد، وهي سبعة: القدمان، والركبتان، واليدان، والوجه [[ورد بمعنى هذه الرواية في: "النكت والعيون" 6/ 119، و"زاد المسير" 8/ 108 ونص العبارة عنه: (أنها المساجد التي هي بيوت الله للصلوات)، وقد وردت رواية ابن عباس بهذا اللفظ عن عكرمة. انظر: "جامع البيان" 29/ 117، و"تفسير القرآن العظيم" 4/ 460.]].
وهذا القول اختيار ابن الأنباري [["زاد المسير" 8/ 108، و"التفسير الكبير" 30/ 163، وانظر: "الوسيط" 4/ 367.]]، قال: يقول: إن هذه الأعضاء التي يقع السجود عليها مخلوقة لله، هو ابتدأها، وفطرها؛ فلا ينبغي أن تسجدوا عليها لغيره فتكونوا إذا فعلتم ذلك جاحدين لنعمته.
وعلى هذا القول معنى المساجد: مواضع السجود من الجسد، واحد ها مسجَد -بالفتح-، (وذكر الكلبي [[لم أعثر على مصدر لقوله.]]، والفراء [["معاني القرآن" 3/ 194.]] القولين اللذين ذكرناهما) [[ما بين القوسين ساقط من: (أ).]].
وروي عن الحسن أنه قال: أراد البقاع كلها [["الكشف والبيان" 12/ 195/ ب، و"معالم التنزيل" 4/ 404، و"المحرر الوجيز" 5/ 383، و"زاد المسير" 8/ 108، و"التفسير الكبير" 30/ 162، و"الجامع لأحكام القرآن" 19/ 19، و"فتح القدير" 5/ 309.]]. يعني أن الأرض كلها مواضع للسجود [[في (أ): السجود.]] يمكن أن يسْجد عليها، وهي كلها جعلت مسجدًا لهذه الأمة، يقول: الأرض كلها مخلوقة لله، فلا يسجدوا عليها لغير خالقها [[انظر: "التفسير الكبير" 30/ 162.]].
وروي عنه أيضًا أنه قال: المساجد هي الصلوات [["الكشف والبيان" 12/ 196/ أ، و"الجامع لأحكام القرآن" 19/ 20.]].
قال ابن قتيبة: يريد أن السجود لله، جمع "مَسْجَد" كما تقول: ضربت في الأرض مَضْرَبًا بعيدًا [["تأويل مشكل القرآن" 433 بتصرف يسير، وانظر: "تفسير غريب القرآن" 491.]]، [[في (أ): المصدر، وهي كلمة زائدة في معنى الكلام أثبتت سهوًا.]]: المسجد -على هذا القول- مصدر بمعنى السجود. وقال عطاء عن ابن عباس: يريد مكة التي القبلة إليها [["التفسير الكبير" 30/ 163، و"الجامع لأحكام القرآن" 19/ 20.]].
وعلى هذا القول "المساجد"، خاصة في مكة، وسميت بذلك؛ لأن كل أحد يسجد إليها.
وواحد المساجد -على الأقوال كلها- مَسْجَد -بفتح الجيم-، إلا قول من يقول إنها المواضع التي بنيت للصلاة، فإن واحدَها مسجِد -بكسر الجيم-؛ لأن المواضع، والمصادر من هذا الباب بفتح العين، إلا في أحرف معدودة، وهي: المسْجِد، والمَطْلِع، والمَنسِك، والمَنْبِت، والمَفْرِق، والمَسْقِط، والمَجْزِر، والمَحْشِر، والمَشْرِق، والمَغْرِب. وقد جاء في بعضها الفتح، وهو: المنسك، والمسكن، والمفرق، والمطلع. وهو جائز في كلها، وإن لم تسمع [[ما بين القوسين انظر فيه: كتاب "الجمل في النحو" للزجاجي: 388: باب اشتقاق اسم المكان والمصدر.]].
ثم رجع إلى الخبر عن مؤمني الجن:
قوله تعالى: ﴿وَأَنَّهُ لَمَّا قَامَ عَبْدُ اللهِ يَدْعُوهُ﴾ [[كلمة (يدعوه) ساقطة من: (ع).]] (يجوز فيه [[في (ع): في.]]: "وأنه" الفتح بالحمل على أوحي إليَّ"، والكسر بالقطع من قوله: "أوحي" والاستئناف) [[ما بين القوسين نقله الإمام الواحدي عن "الحجة" 6/ 332 بتصرف.]].
وقوله: ﴿عَبْدُ اللهِ﴾ يعني النبي -ﷺ- في قول الجميع [[وهو قول ابن عباس، والزبير بن العوام، والضحاك، وقتادة، والحسن.
انظر: "جامع البيان" 29/ 118 - 119، و"الدر المنثور" 8/ 307 - 308 من غير ذكر الضحاك، وعزاه إلى ابن جرير، وابن مردويه، وابن أبي حاتم، وابن المنذر، وعبد بن حميد.
وممن قال بذلك أيضًا من المفسرين: ابن قتيبة في: "تأويل مشكل القرآن" 433، والفراء في "معاني القرآن" 3/ 194، والزجاج في: "معاني القرآن وإعرابه" 5/ 337، والثعلبي في: "الكشف والبيان" 12/ 196/ ب، والماوردي في: == "النكت والعيون" 6/ 120.
وانظر أيضًا: "معالم التنزيل" 4/ 404، و"المحرر الوجيز" 5/ 383، و"زاد المسير" 8/ 108، و"التفسير الكبير" 30/ 163، و"الجامع لأحكام القرآن" 19/ 22، و"لباب التأويل" 4/ 318، و"البحر المحيط" 8/ 352.]]، قالوا ذلك حين كان يصلي ببطن مكة [[في (ع): نخلة.
وبطن نخلة: قرية قريبة من المدينة على طريق البصرة. "معجم البلدان" 1/ 449.]] ويقرأ القرآن [[انظر في: "الكشف والبيان" 12/ 196/ ب، و"معالم التنزيل" 4/ 404، و"لباب التأويل" 4/ 318.]].
وقوله: ﴿يَدْعُوهُ﴾ أي يعبدوه.
﴿كَادُوا يَكُونُونَ عَلَيْهِ لِبَدًا﴾ كادوا يركبونَهُ حرصًا على القرآن، وحبًّا لاستماعه. قاله الكلبي [[لم أعثر على مصدر لقوله.]]، (ومقاتل [["تفسير مقاتل" 212/ أ.]]) [[ساقط من: (ع).]].
واختار الفراء: كادوا يركبون النبي -ﷺ- رغبة في القرآن وشهوة له [["معاني القرآن" 3/ 194 بنصه.]].
وقال الزجاج: كادوا الجن الذين سمعوا القرآن، وتعجبوا منه أن يسقطوا على النبي -ﷺ- [["معاني القرآن وإعرابه" 5/ 337 بتصرف يسير جدًّا.]].
وقال ابن قتيبة: يعني الجن كانوا [[غير واضحة في: (ع).]] يتراكبون رغبة فيما سمعوا [["تأويل مشكل القرآن" 233 بتصرف يسير، وانظر: "تفسير غريب القرآن" 191.]].
ومعنى قوله ﴿لِبَدًا﴾ قال أبو عبيدة: (أي جماعات، واحدها [[في (أ): واحدتها.]] "لبدة". قال: وكذلك يقال للجراد الكثير، وأنشد لعبد مناف بن ربع (الهذلي) [[ساقط من: (أ).]]:
صابوا [[في (أ): كانوا.]] بستةِ أبْياتٍ وأرْبَعَةٍ ... حق كأنَّ عَلَيْهِم جَابياً لِبَدَا [[ورد البيت منسوبًا في: "ديوان الهذليين" 2/ 40، ومادة: (جبي) من كتب اللغة: "لسان العرب" 14/ 131، و"تاج العروس" 10/ 66، وانظر أيضًا: "مجاز القرآن" لأبي عبيدة: 2/ 272، و"جامع البيان" 29/ 113، المحرر: 5/ 384، و"البحر المحيط" 8/ 353، و"الكشاف" 29/ 93.
ومعنى البيت: صابوا: أي وقعوا، وقوله: حتى كأن عليهم جابيًا لبدًا. يقال: إن الجابي الجراد نفسه، واللّبد: المتركب بعضه على بعض. ديوان الهذليين: المرجع السابق.]]
قال: الجابي: الجراد؛ لأنه يجبي [[غير واضحة في: (ع).]] كل شيء يأكله) [[ما بين القوسين من قول أبي عبيدة. انظر: "مجاز القرآن" 2/ 272، ولعل الواحدي نقله عن "الحجة" 6/ 333.]].
قال أبو إسحاق: (معنى ﴿لِبَدًا﴾ يعني [[ساقط من: (ع).]]: يركب بعضهم بعضاً، وكل شيء ألصقته بشيء إلصاقًا شديدًا فقد لبّدته، ومن هذا اشتقاق هذه اللبود التي تفرش، وهو جمع "لِبْدَة"، ومن ضم اللام [[قرأ هشام بن عمار عن ابن عامر: ﴿لِبَدًا﴾ بضم اللام، وقرأ ابن ذكوان عن ابن عامر: "لِبدا" بكسر اللام، وكذلك الباقون. == انظر: "كتاب السبعة" 656، و"القراءات وعلل النحويين فيها" 2/ 721، و"الحجة" 6/ 333، و"حجة القراءات" 729، و"الكشف عن وجوه القراءات السبع" 2/ 342، و"النشر" 392.]] فهو جمع "لُبْدَة"، و"لِبْدَة" [[ساقطة من: (أ).]]، و"لُبْدَة" في معني واحد) [[ما بين القوسين من قول أبي إسحاق في: "معاني القرآن وإعرابه" 5/ 237 بتصرف.]]
ونحو هذا قال الفراء في اللُّبد، واللِّبد [["معاني القرآن" 3/ 194، وعبارته: " .. وقرأ بعضهم: "لُبُدا"، والمعنى فيهما -والله أعلم- واحد، يقال: لُبَدة، ولِبدَةٌ".]].
وقال الكسائي: لبدًا: ركامًا، جمعُ لبدة [[لم أعثر على مصدر لقوله.]].
وقال أبو علي الفارسي: (اللُّبَدُ -بضم اللام- الكثير من قوله: ﴿أَهْلَكْتُ مَالًا لُبَدًا﴾ [البلد: 6]، وكأنه قيل له: "لُبَد" [[وردت في "الحجة" 6/ 334: "لُبَّدًا".]] لركوب بعضه على بعض لكثرته، ولُصوق بعضه ببعض، وكأنه أراد: كادوا [[في (أ): كانوا.]] يَلْصقون به من شدة دنوهم للإصغاء، والاستماع مع كثرتهم، وهذا قريب المعنى من القراءة الأولى؛ إلا أن "لِبَداً" -بكسر اللام- أعرف لهذا المعنى وأكثر) [[ما بين القوسين من قول أبي علي الفارسي نقله الإمام الواحدي عنه بتصرف يسير من "الحجة" 6/ 334.]].
وقال المبرد: اللُّبَد: الجماعات، واحدها: "لبدة"، وأصله ما وقع بعضه على بعض [[اللام والباء والدال أصل كلمة صحيحة تدل على تكرُّس الشيء بعضه فوق بعض، من ذلك: اللِّبْد، وهو معروف، وتَلَبَّدت الأرضُ، ولبَّدها المطر، وصار الناس == عليه لُبَدًا إذا تجمعوا عليه. قاله ابن فارس. انظر: "معجم مقاييس اللغة" 5/ 228 - 229: مادة: (لبد).
وجاء في اللسان: لَبَد بالمكان يَلْبُدُ لُبودًا، ولَبَدَ لَبَدًا وألبد: أقام به ولزق، فهو مُلبِدٌ به، ولَبَدَ الشيءُ بالشيء يَلْبُدُ إذا ركب بعضه بعضًا، ومال لُبَد: كثير لا يخاف فناؤه، كأنه التبد بعضه على بعض، واللِّبدة واللُّبدة: الجماعة من الناس يقيمون، وسائرهم يظعنون كأنهم بتجمعهم تلبدوا. 3/ 385 - 387، مادة: (لبد). وانظر: "تاج العروس" 2/ 491، مادة: (لبد).]]، ولقال للأسد: ذو لِبدة لما يتلبد من الشعر بين كتفيه [["الكامل" 1/ 34 أو العبارة عنه قال: لِبْدَة الأسد: ما يتطارق مع شعره بين كتفيه، ويقال: أسد ذو لِبْدَة، وذو لَبد، وقد أورد الثعلبي بمعناه من غير عزو في "الكثسف والبيان" 12/ 196/ ب.]]. ومنه قول زهير:
له لِبَدٌ أظْفَارُهُ لم تُقَلَّمِ [["ديوانه" 84: دار بيروت، والبيت كاملاً:
لدى أسد شاكي السلاح مُقذَّفٍ ... له لبد أظافره لم تقلم
ومعناه: شاكي السلاح، أَي: سلاحه ذو شوكة. المقذف: الغليظ اللحم.
اللِّبَد: الشعر المتراكب على زبرة الأسد. أظافره لم تقلم: أي هو تام السلاح. حديده: يريد الجيش. "شرح شعر زهير بن أبي سلمى" لأبي العباس ثعلب، تحقيق: فخر الدين قباوة: 30.]]
قال [[أي المبرد.]]: وقال: "لُبَدٌ" كثير، و"لُبَدٌ" واحد ليس جمعًا لشيء، كقوله: رجلٌ حُطَمٌ [["الكامل" 3/ 1230 بنحوه، وكذا في "المقتضب" 3/ 323.]].
وفي الآية قولان آخران، أحدهما: (إن هذا من قول الجن لما رَجَعوا إلى قومهم، أخبروهم بما رأوا من طاعة أصحاب رسول الله -ﷺ- وائتمامهم به في الركوع والسجود، واقتدائهم به في الصلاة.
وهو قول سعيد بن جبير عن ابن عباس قال: لما رأوه يصلي وأصحابه يصلون بصلاته، ويسجدون بسجوده، تعجبوا من طواعية أصحابه له -ﷺ-، فقالوا لقومهم: ﴿وَأَنَّهُ لَمَّا قَامَ عَبْدُ اللهِ﴾ الآية [[ورد قوله في: "جامع البيان" 29/ 118، و"الكشف والبيان" جـ: 12: 196/ ب، و"النكت والعيون" 6/ 120، و"معالم التنزيل" 4/ 404، و"زاد المسير" 8/ 109، و"الجامع لأحكام القرآن" 19/ 22، و"تفسير القرآن العظيم" 4/ 461، و"الدر" 8/ 307 وعزاه إلى عبد بن حميد، والترمذي، والحاكم، وصححاه، وابن جرير، وابن مردويه، والضياء في المختارة، و"فتح القدير" 5/ 314.
انظر: "سنن الترمذي" 5/ 427: ح 3323، كتاب التفسير: باب ومن سورة الجن، وقال عنه: حديث حسن صحيح، و"المستدرك" 2/ 504، كتاب تفسير سورة الجن، وصححه، ووافقه الذهبي.]].
الثاني: قول قتادة، قال: لما قام عبد الله بالدعوة تلبدت [[في (أ): لبدت.]] الإنس والجن، وتظاهروا عليه ليبطلوا الحق الذي جاء به، ويطفئوا نور الله، فأبى الله إلا أن ينصره [[غير واضحة في: (ع).]] ويظهره على من ناوأه [[ناوأه: النَّوْء، والمناوأة: المعاداة، وناوأت الرَّجُلَ مناوأةً ونِواءً: فاخرْتُه، وعادَيْتُهُ. "لسان العرب" 1/ 178، مادة: (نوأ).]] [[انظر قوله في: "تفسير عبد الرزاق" 2/ 323، و"جامع البيان" 29/ 118 بنحوه، و"الكشف والبيان" 12/ 196/ ب، و"معالم التنزيل" 4/ 404، و"زاد المسير" 8/ 109 ، و"الجامع لأحكام القرآن" 19/ 22، و"البحر المحيط" 8/ 352، و"تفسير القرآن العظيم" 4/ 461، و"الدر المنثور" 8/ 830 وعزاه إلى عبد بن حميد وابن المنذر، و"فتح القدير" 5/ 309، وانظر: "الحجة" 6/ 334.]]، (وهذا قول الحسن [[المراجع السابقة.]]، وابن زيد [[المراجع السابقة عدا "تفسير عبد الرزاق".]]) [[ما بين القوسين نقله الإمام الواحدي عن ابن جرير 29/ 118 - 119 مختصرًا.]].
{"ayah":"لِّنَفۡتِنَهُمۡ فِیهِۚ وَمَن یُعۡرِضۡ عَن ذِكۡرِ رَبِّهِۦ یَسۡلُكۡهُ عَذَابࣰا صَعَدࣰا"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق