الباحث القرآني

قوله تعالى: ﴿أَوَأَمِنَ أَهْلُ الْقُرَى﴾ الآية. قرأ أكثر القراء [[يقرأ: ﴿أَوْ أَمِنَ﴾ بإسكان الواو وتحريكها، فقرأ ابن عامر ونافع وابن كثير: ﴿أَوْ أَمِنَ﴾ بإسكان الواو غير أن ورشًا يلقى حركة الهمزة من ﴿أَمِنَ﴾ على الواو من ﴿أَوْ﴾ على أصله، وقرأ الباقون بفتح الواو. انظر: "السبعة" ص 286، و"المبسوط" ص 182، و"التذكرة" 2/ 421، و"التيسير" ص 111، و"النشر" 2/ 270.]] ﴿أَوَأَمِنَ﴾ بفتح الواو، وهو حرف العطف دخلت على همزة الاستفهام، كما دخل في قوله: ﴿أَثُمَّ إِذَا مَا وَقَعَ﴾ [يونس: 51]، وقوله: ﴿أَوَكُلَّمَا عَاهَدُوا﴾ [البقرة: 100]. وهذه القراءة أشبه بما قبله وما بعده؛ لأن ما قبله: ﴿أَفَأَمِنَ أَهْلُ الْقُرَى﴾ [الأعراف: 97]، وما بعده: ﴿أَفَأَمِنُوا مَكْرَ اللَّهِ﴾ [الأعراف: 99]، ﴿أَوَلَمْ يَهْدِ لِلَّذِينَ يَرِثُونَ الْأَرْضَ﴾ [[قال أبو علي في "الحجة" 4/ 55: (فكما أن هذه الأشياء في هذه الآيات حروف عطف دخل عليها حرف الاستفهام كذلك يكون قوله: ﴿أَوَأَمِنَ﴾) اهـ.]] [الأعراف: 100]. وقرأ نافع وابن عامر: ﴿أَوَأَمِنَ﴾ ساكنة الواو، و (أو) يستعمل على ضربين: أحدهما: أن يكون بمعنى أحد الشيئين كقولك: زيدٌ أو عمرو جاء، كما تقول: أحدهما جاء، وهي إذا كانت للإباحة والتمييز كذلك أيضاً؛ لأنها لأحد الشيئين كقولك: جالس الحسن أو ابن سيرين، ويدلك على أنها ليست بمعنى الواو أنه إذا جالس أحدهما فقد ائتمر [[في (ب): (فقد أتم الأمر) وائْتَمر الأمر أي امتثله، انظر: "اللسان" 1/ 127 (أمر).]] الأمر ولم يخالف، وإنما جاز له الجمع بين مجالستهما من حيث كان كل واحد منهما مجالسته بمعنى مُجالسة الآخر، ليس من حيث كانت (أو) بمعنى (الواو). والضرب الثاني: أن يكون للإضراب [[في (ب): (الإضراب)، وهو تحريف.]] عما قبلها. كقولك: (أنا أخرج) ثم تقول: (أو أقيم)، أضربت عن الخروج وأثبتَّ الإقامة. كأنك قلت: (لا بل أقيم)، كما أنك في قولك: (إنها لإبل أو [[النص كله من "الحجة" لأبي علي 4/ 54، وفيه في قولك: (إنها الإبل أم شاء).]] شاء) مُضرِب عن الأول، فوجه هذه القراءة: أنه جعل (أو) للإضراب، لا على أنه أبطل الأول، ولكن كقوله: ﴿الم (1) تَنْزِيلُ الْكِتَابِ لَا رَيْبَ فِيهِ مِنْ رَبِّ الْعَالَمِينَ (2) أَمْ يَقُولُونَ﴾ [السجدة:1 - 3]، فكأن المعنى في هذه الآية: أأمنوا هذه الضروب من معاقبتهم والأخذ لهم، وإن شئت جعلت (أو) هاهنا التي لأحد الشيئين، ويكون المعنى: أفأمنوا إحدى هذه العقوبات [[ما تقدم هو نص كلام أبي علي في "الحجة" 4/ 53 - 55، وانظر: "معاني القراءات" 1/ 414، و"إعراب القراءات" 1/ 196، و"الحجة" لابن خالويه ص 158، ولابن زنجلة ص 289، و"الكشف" 1/ 468.]]. وقوله تعالى: ﴿ضُحًى﴾، الضحى [[الضحى: أصل يدل على بروز الشيء وظهوره، وهو انبساط الشمس وامتداد النهار وسمى الوقت به، والضحى بالضم والقصر لأول ارتفاع الشمس، والضحاء بالفتح والمد لقوة ارتفاعها قبل الزوال. انظر: "العين" 3/ 265، و"الجمهرة" 2/ 1050، و"الصحاح" 6/ 2406، و"مقاييس اللغة" 3/ 391، و"المجمل" 2/ 574، و"المفردات" ص 502، و"اللسان" 5/ 2559 (ضحى).]] صدر النهار في وقت انبساط الشمس، وأصله الظهور من قولهم: ضَحَا للشمس [[في "تهذيب اللغة" 3/ 2094: (يقال: ضَحِيَ بفتح ثم كسر يَضْحَى إذا برز الشمس).]]: إذا برز لها. قال أبو الهيثم [[أبو الهيثم خالد بن يزيد الرازي لغوي، تقدمت ترجمته.]]: (والضُّحَى على فُعَل حين تطلع الشمس فيصفو ضوؤها) [["تهذيب اللغة" 3/ 2094 (ضحى).]]. قال الحسن: (والمعنى: إنهم لا يجوز لهم أن يأمنوا ليلاً ولا نهارًا) [[ذكره الواحدي في "الوسيط" 1/ 212.]]. وقوله تعالى: ﴿وَهُمْ يَلْعَبُونَ﴾. قال الزجاج: (يقال لمن كان في عمل لا يُجدي عليه أو في ضلال: (إنما أنت لاعب)، وإنما قيل لهم ﴿وَهُمْ يَلْعَبُونَ﴾ أي: وهم في غير ما يجدي عليهم) [["معاني الزجاج" 2/ 360، ونحوه قال النحاس في "معانيه" 3/ 58، وانظر: "تفسير السمرقندي" 1/ 557، والبغوي 3/ 260، وابن عطية 6/ 18، والرازي 14/ 185، والقرطبي 7/ 254، و"البحر" 4/ 349، وأكثرهم قال: (ساهون لاهون في غاية الغفلة والإعراض والاشتغال بما لا يجدي).]].
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب