الباحث القرآني

قوله تعالى: ﴿فَمَا كَانَ دَعْوَاهُمْ﴾ قال أهل اللغة: (الدعوى اسم [[الدعوى -بفتح الدال وسكون العين-، والادعاء -بكسر الدال وفتح العين-، والدعاء -بضم الدال وفتح العين-، انظر: "العين" 2/ 221، و"الجمهرة" 2/ 666 و 1059، و"الصحاح" 6/ 2336، و"المجمل" 2/ 326، و"المفردات" ص 316، و"اللسان" 3/ 1385 (دعا).]] يقوم مقام الادعاء [[في (ب): (الإدغام)، وهو تحريف.]] ومقام الدعاء)، حكى سيبويه: (اللهم أشركنا في صالح دعاء المسلمين ودعوى المسلمين) [["تهذيب اللغة" 2/ 1188، وفي "الكتاب" 4/ 40، قال: (الدعوى ما ادعيت، وقال بعض العرب: اللهم أشركنا في دعوى المسلمين) اهـ.]] وأنشدوا: وَإِنْ مَذِلَتْ رِجْلِي دَعَوْتُكِ أَشْتَفِي ... بِدَعْوَاكِ منْ مَذْلٍ بِهَا فَيَهُونُ [[الشاهد لكثير عزة في "ديوانه" ص 227، وبلا نسبة في "تفسير الطبري" 8/ 120، و"تهذيب اللغة" 4/ 3367، و"تفسير الثعلبي" 187 ب، و"المخصص" 5/ 84، و"تفسير ابن عطية" 5/ 428، وابن الجوزي 3/ 169، و"اللسان" 7/ 4164 (مذل) "الدر المصون" 5/ 254، وفي "الديوان": إذا خدِرَتْ رجلي ذكرتكِ أشتفي ... بذكركِ من مذل بها فيهونُ ومذلت رجله - بفتح الميم وكسر الذال أي: خدرت، انظر: "اللسان" 7/ 4164 (مذل).]] قال ابن عباس في معنى الآية: (فما كان تضرعهم ﴿إِذْ جَاءَهُمْ بَأْسُنَا إِلَّا أَنْ قَالُوا إِنَّا كُنَّا ظَالِمِينَ﴾ فأقروا على أنفسهم بالشرك) [[ذكره الرازي في "تفسيره" 14/ 21، وأبو حيان في "البحر" 4/ 269، وانظر "تنوير المقباس" 2/ 81، وفيه: (دعواهم - قولهم).]]. قال ابن الأنباري: (يريد: فما كان قولهم ﴿إِذْ جَاءَهُمْ بَأْسُنَا﴾ إلا الاعتراف بالظلم والإقرار بالإساءة) [[ذكره الواحدي في "الوسيط" 1/ 157، وابن الجوزي في "تفسيره" 3/ 168، والرازي 14/ 21.]] وقوله تعالى: ﴿إِلَّا أَنْ قَالُوا﴾. الاختيار عند النحويين أن يكون موضع ﴿أَنْ﴾ رفعا بكان ويكون الدعوى نصبا [[فدعواهم: خبر مقدم و ﴿إِلَّا أَنْ قَالُوا﴾ اسم كان مؤخر. وهو اختيار الفراء في "معانيه" 1/ 372، والزجاج 2/ 319، والنحاس في "إعراب القرآن" 1/ 600، والزمخشري في "الكشاف" 2/ 67، وابن عطية في "تفسيره" 5/ 424، قال الهمداني في "الفريد" 2/ 270: (وهذا أحسن حملًا على ما ورد من نظائره في التنزيل) اهـ.]] كقوله: ﴿فَمَا كَانَ جَوَابَ قَوْمِهِ إِلَّا أَنْ قَالُوا﴾ [النمل: 56]، وقوله ﴿فَكَانَ عَاقِبَتَهُمَا أَنَّهُمَا فِي النَّارِ﴾ [الحشر: 17]. وقوله تعالى: ﴿مَا كَانَ حُجَّتَهُمْ إِلَّا أَنْ قَالُوا﴾ [[في النسخ: (ومكان) بالواو وهو تحريف.]] [الجاثية: 25]. ويجوز أن يكون على الضد [[هذا قول مكي في "المشكل" 1/ 282، والعكبري في "التبيان" ص 369، واختاره أبو حيان في "البحر" 4/ 269.]] من هذا بأن يكون الدعوى رفعًا و ﴿أَنْ قَالُوا﴾ نصبًا كقوله تعالى: ﴿لَيْسَ الْبِرَّ أَنْ تُوَلُّوا﴾ [البقرة: 177] على قراءة [[قرأ حمزة وعاصم في رواية: ﴿لَيْسَ الْبِرَّ﴾ -بفتح الراء-، وقرآ الباقون ﴿البرُ﴾ == بالرفع فمن رفع جعل ﴿البر﴾ اسم ليس و ﴿أن تولوا﴾ الخبر، ومن نصب جعل ﴿البر﴾ خبر مقدم و ﴿أن تولوا﴾ اسم (ليس). انظر: "السبعة" ص 176، و"الحجة" لأبي علي 2/ 270، و"المشكل" 1/ 117.]] من رفع ﴿الْبِرَّ﴾ والأصل في هذا الباب أنه إذا [[انظر "الحجة" لأبي علي 2/ 270.]] اجتمع بعد كان معرفتان فأنت مخير في أن ترفع [[في (ب): (يرفع أحدهما وينصب) بالياء.]] أحدهما وتنصب الآخر كقولك: كان زيدٌ أخاك، وإن شئت كان زيدًا أخوك. قال الزجاج: (إلا أن الاختيار إذا كانت الدعوى في موضع رفع أن يقول: فما كانت في دعواهم، فلما قال: ﴿كَانَ﴾ دل أن الدعوى في موضع نصب غير أنه يجوز تذكير الدعوى، وإن كانت رفعًا فتقول: كان دعواه [باطلًا] [[لفظ: (باطلاً) ساقط من (ب).]] وباطلة) [[انظر: "معاني الزجاج" 2/ 319، وعليه يكون تذكير الفعل قرينة مرجحة لإسناد الفعل إلى (أن قالوا) ولو كان مسندا للدعوى لكان الأرجح (كانت أفاده). السمين في "الدر" 5/ 254.]]. وما حكينا من القولين في موضع الدعوى من الإعراب معنى قول الفراء [[انظر: "معاني الفراء" 1/ 372.]] والزجاج [[انظر: "معاني الزجاج" 2/ 319.]]. قوله تعالى: ﴿فَلَنَسْأَلَنَّ الَّذِينَ أُرْسِلَ إِلَيْهِمْ﴾ [الأعراف: 6] قال عطاء عنه: (يُسأل الناس جميعًا عما أجابوا المرسلين، ويُسأل المرسلون عما بلغوا) [[أخرجه الطبري في "تفسيره" 8/ 121، وابن أبي حاتم 5/ 1439 بسند جيد، وذكره السيوطي في "الدر" 3/ 126.]]. وقال ابن عباس: (يسأل الأمم عما جاءهم من الله، ويسأل [[في (أ): (نسأل الأمم .. ونسأل النبيين) بالنون.]] النبيين هل بلغتم رسالتي) [[انظر: "تنوير المقباس" 2/ 81، و"تفسير البغوي" 3/ 214، وابن الجوزي 3/ 169.]]. وقال الضحاك: (﴿الَّذِينَ أُرْسِلَ إِلَيْهِمْ﴾ الأمم الذين أتاهم الرسل يُسألون هل بلغكم الرسل ما أرسلوا به إليكم، ﴿وَلَنَسْأَلَنَّ الْمُرْسَلِينَ﴾ يعني: الأنبياء هل بلغتم قومكم ما أرسلتم به وماذا أجابكم قومكم) [[ذكره الواحدي في "الوسيط" 1/ 157.]]. وقال السدي: (نسأل [[في (ب): (يسال) بالياء.]] الأمم ماذا عملوا فيما جاءت به الرسل، ونسأل الرسل هل بلغوا ما أرسلوا به) [[أخرجه الطبري في "تفسيره" 8/ 121، بسند جيد.]].
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب