الباحث القرآني
قوله تعالى: ﴿لَهُمْ مِنْ جَهَنَّمَ مِهَادٌ وَمِنْ فَوْقِهِمْ غَوَاشٍ﴾.
قال الليث: (المهاد: اسم جمع [[في (ب): (أجمع).]] من المهد كالأرض جعلها [[في (أ): (جعله).]] الله مهادًا للعباد، وجمع المِهاد: مُهُد، وثلاثة أمْهَده) [["تهذيب اللغة" 4/ 3461، وانظر: "العين" 4/ 31 - 32، و"الجمهرة" 2/ 685، و"الصحاح" 2/ 541، و"المجمل" 3/ 818، و"المفردات" 780، و"اللسان" 7/ 4286 (مهد).]] الأزهري: (أصل المهد في اللغة التوثير، ويقال للفراش: مهاد لوثارته) [["تهذيب اللغة" 4/ 3461 (مهد).]].
والغواشي [[في (ب): (والغواش).]]: جمع غاشية، وهي كل ما يغشاك أي يُجللك [[انظر: "تهذيب اللغة" 3/ 2667، و"الصحاح" 6/ 2446، و"المجمل" 3/ 696، و"المفردات" ص 607، و"اللسان" 6/ 3259 (غشا).]]، و ﴿جَهَنَّمَ﴾ لا ينصرف لاجتماع التأنيث فيها والتعريف. قال بعض أهل اللغة: (واشتقاقها من الجهومة، وهي الغلظ، يقال: رجل جهم الوجه، غليظه، فسميت بهذا [[في (ب): (بها).]] لغلظ أمرها في العذاب، نعوذ بالله منها) [[أكثر النحويين على أنها اسم لنار الله الموقدة وهي أعجمية معربة ممنوعة من الصرف للعلمية والعجمة، وذهب جماعة من المحققين إلى أنها عربية ومنعها للعلمية والتأنيث مأخوذة من قولهم: ركيَّة جِهنام بكسر الجيم والهاء أي: بعيدة القعر، واشتقاق جهنم من ذلك لبعد قعرها ولغلظتها، أفاده السمين في "عمدة الحفاظ" ص 104 وقال: (القول بأنها أعجمية غير مشهور في النقل، بل المشهور عندهم أنها عربية) اهـ. وانظر: "العين" 3/ 396، و"الزاهر" 2/ 146، و"تهذيب اللغة" 1/ 681، و"الصحاح" 5/ 1892، و"المفردات" ص 209، و"اللسان" 2/ 715 (جهنم).]]. قال المفسرون في هذه الآية: (هذا [[في (ب): (على هذا). وهو تحريف.]] إخبار عن إحاطة النار بهم من كل جانب، فلهم منها غطاء ووطاء وفراش ولِحاف) [[وهو قول الطبري في "تفسيره" 8/ 182، وأخرجه من طرق عن محمد بن كعب القرظي والضحاك والسدي. وانظر: "معاني الزجاج" 2/ 338، والنحاس 3/ 36 و"تفسير السمرقندي" 1/ 541، والماوردي 2/ 223.]].
فأما التنوين في ﴿غَوَاشٍ﴾، فقال أبو الفتح الموصلي: (ومما يسأل عنه من أحوال التنوين قولهم: جوارٍ وغواشٍ ونحو ذلك، لأية علة لحقه التنوين، وهو غير منصرف لأنه على وزن فواعل [[كذا في "النسخ"، وعند ابن جني في "سر صناعة الإعراب" 2/ 511 (مَفاعِل).]]؟ والجواب عن ذلك: ما ذهب إليه الخليل وسيبويه [[انظر: "الكتاب" 3/ 308 - 309.]]، وهو أن هذا الضرب جمع، والجمع أثقل من الواحد، وهو أيضًا الجمع الأكثر الذي يتناهى إليه الجموع، فزاده ذلك ثقلاً، ووقعت مع ذلك الياء في آخره وهي مستثقلة، فلما اجتمعت فيه هذه الأشياء خففوه بحذف يائه، فلما حذفت الياء نقص عن مثال فواعل [[في "سر صناعة الإعراب" 2/ 511 (مفاعل).]]، وصار (غواش) بوزن (جَناح) فدخله التنوين لنقصانه عن هذا المثال، فالتنوين عندهما في (غواش) وبابه إنما هو التنوين الذي هو علم الصرف، يدلك على هذا أنك إذا صرت إلى حال النصب فجرى مجرى الصحيح؛ كما من عادة المنقوص إذا نصب نحو: قاض وغاز فأتممته لم تصرفه، فقلت: رأيت (جواريَ) و (غواشيَ) ونحو ذلك) [[هذا ملخص ما ذكره ابن جني في "سر صناعة الإعراب" 2/ 511 - 514.]].
وقال أبو إسحاق: (زعم الخليل وسيبويه أن النون هاهنا عوض من الياء؛ لأن (غواشي) لا ينصرف الأصل (غواشي) [[في "معاني الزجاج" 2/ 338: (الأصل غواشي بإسكان الياء، فإذا ذهبت الضمة أدخلت التنوين عوضًا منها ..) اهـ. ونص الواحدي مثل نصر الفارسي في "الإغفال" ص 778 عن الزجاج.]] بالياء والضم إلا أن الضمة تحذف لثقلها في الياء، فيبقى (غواشيْ) بسكون الياء، فإذا ذهبت الضمة أدخلت النون عوضًا منها، كذلك فسر أصحاب سيبويه، فكأن سيبويه يذهب إلى أن النون عوض من ذهاب حركة الياء، والياء سقطت لسكونها، وسكون النون، فإذا وقفت فالاختيار أن تقف [[في (ب): (يقف) بالياء.]] بغير ياء، فتقول [[في (ب): (فيقول) بالياء.]]: (غواش) لتدل [[في (ب): (ليدل).]] أن الياء كانت تحذف في الوصل، وبعض العرب إذا وقف قال: (غواشي)، بإثبات الياء، ولا أرى ذلك في القرآن؛ لأن الياء محذوفة في المصحف) [["معاني الزجاج" 2/ 338 - 339، و"الإغفال" ص 778 - 779، وفيهما بعد قوله: (في المصحف "الكتاب" على الوقف) أهـ.]] انتهى كلامه.
والذي ذهب إليه أبو إسحاق هو أن التنوين في (غواشي) إنما هو بدل من الحركة الملقاة لثقلها عن الياء، فلما جاء التنوين حذفت الياء لالتقاء الساكنين هي والتنوين، كما حذف من المنصرف في نحو: قاضٍ وغازٍ ومتقٍ [[النص من "سر صناعة الإعراب" 2/ 512، وفيه: (قاضٍ وغازٍ ومشترٍ ومتعالٍ).]] ومتعالٍ، وهذا غير مرضي ولا سائغ في القياس، وقد ترك قول سيبويه والخليل، وخالفهما إلى خلاف الصواب [[هذا نص كلام ابن جني في "سر صناعة الإعراب" 2/ 512 - 513.]].
قال أبو علي: (الدليل على أن الحذف لغير التقاء الساكنين أنه لو كان لذلك [[في (ب): (كذلك).]] لم يجب الحذف؛ ألا ترى أن الساكن [الأول هو الياء ولو ثبتت لم يلحق الساكن] [[ما بين المعقوفين ساقط من (ب).]] الثاني لتعاقبهما كما لم يلحق (مساجد) [[في (أ): (مساجده)، وهو تحريف.]] ونحوه مما يكون من هذا الجمع، فقراءة الناس ﴿غَوَاشٍ﴾ بالتنوين دلالة على أن الياء لم تحذف لالتقاء الساكنين؛ إذ الساكن الأول لو ثبت لم يجتمع معه الساكن الثاني.
وحكاية أبي إسحاق في قوله: (زعم سيبويه والخليل أن النون عوض من الياء) هذا لعمري صحيح عليه نص سيبويه، إلا أن ما ذكر بعد من قوله: فإذا ذهبت الضمة أدخلت النون عوضًا منها فالقول أن النون عوض من ذهاب الضمة خلاف قول سيبويه، ألا ترى أنه قد نص على أنه عوض من الياء كما حكاه أبو إسحاق أولاً عنه، ولو كان النون عوضًا من الضمة لكان جديرًا أن يلحق الفعل أيضًا، ألا ترى أن الأفعال قد حذفت الضمة من لاماتها، وقوله: (كأن سيبويه ذهب إلى أن [[لفظ: (أن) ساقط من (أ).]] النون عوض من ذهاب حركة الياء) تقدير لا وجه له مع ما حكيناه من نصه على أنه بدل من الياء، وقوله: (والياء سقطت لسكونها وسكون النون) قول لا يذهب إليه أحد، وإن [[في (أ): (فإن).]] أضافه إلى سيبويه فخطأ، وإن ذهب هو إليه [[في (ب): تكرار قوله: (أحد وإن أضافه إلى سيبويه فخطأ، وإن ذهب إليه).]] ففاسد، لما ذكرنا أن الساكن الأول إذا ثبت عاقب الساكن الثاني، ولم يكن للتنوين مدخل في الكلمة، فأما ما نسبه من التفسير الذي ذكره إلى أصحاب سيبويه [[وكذلك قال النحاس في "إعرابه" 1/ 612: (التنوين عند سيبويه عوض عن الياء وعن أصحابه عوض من الحركة) اهـ.]]، فإني لم أعلم أحدًا فسر هذا التفسير، فإن فسره مفسر كان خلاف مذهبه) [["الإغفال" ص 781 - 788، وانظر: "معاني الأخفش" 2/ 298، و"المشكل" 1/ 291، و"غرائب الكرماني" 1/ 403، و"البيان" 1/ 361، و"التبيان" ص 375، و"الفريد" 2/ 301، و"الدر المصون" 5/ 322.]].
وقوله تعالى: ﴿وَكَذَلِكَ نَجْزِي الظَّالِمِينَ﴾. قال ابن عباس: (يريد: الذين أشركوا بالله واتخذوا من دونه إلهًا) [["تنوير المقباس" 2/ 95، وذكره الواحدي في "الوسيط" 1/ 180، والرازي في "تفسيره" 14/ 78.
وذكر ابن الجوزي في "تفسيره" 3/ 199 عن ابن عباس أنه قال: (الظالمون هاهنا الكافرون) اهـ.]].
قال الزجاج: (والظالمون -هاهنا أيضًا [[لفظ: (أيضًا) ساقط من (ب).]] -: الكافرون) [["معاني القرآن" 2/ 338، ومثله قال النحاس في "معانيه" 3/ 37، والسمرقندي 1/ 541، وقال الطبري 8/ 182: (كذلك نثيب ونكافئ من ظلم نفسه فأكسبها من غضب الله ما لا قبل لها به بكفره بربه وتكذيبه أنبيائه) اهـ.]].
{"ayah":"لَهُم مِّن جَهَنَّمَ مِهَادࣱ وَمِن فَوۡقِهِمۡ غَوَاشࣲۚ وَكَذَ ٰلِكَ نَجۡزِی ٱلظَّـٰلِمِینَ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق