الباحث القرآني
قوله تعالى: ﴿كِتَابٌ أُنْزِلَ إِلَيْكَ﴾، أجمع النحويون: على أن الكتاب مرفوع بمضمر قبله، المعنى: هذا ﴿كِتَابٌ أُنْزِلَ إِلَيْكَ﴾ [[هذا نص كلام الزجاج في "معانيه" 2/ 314، وانظر: "معاني الأخفش" 2/ 293 "إعراب النحاس" 1/ 98 ، "المشكل" 1/ 281.]].
وأجاز الفراء أن يكون موضع هذه الحروف المعجمة رفعًا بما بعدها، و ﴿كِتَابٌ﴾ مرتفع بها كالمبتدأ والخبر، والمعنى: ﴿المص﴾ حروف ﴿كِتَابٌ أُنْزِلَ إِلَيْكَ﴾، وأطال الكلام في بيان هذا [[انظر: "معاني الفراء" 1/ 369 - 370.]]، ثم أنكر الزجاج [[انظر: "معاني الزجاج" 2/ 213 - 214 "إعراب النحاس" 1/ 598.]] عليه هذا القول، وطال الخطب بينهما، وإذا رجعت إلى كتابيهما عرفت ما أقول.
وقوله تعالى: ﴿فَلَا يَكُنْ فِي صَدْرِكَ حَرَجٌ مِنْهُ﴾ [الأعراف:2].
قال ابن عباس [["تنوير المقباس" 2/ 80، وذكره الواحدي في "الوسيط" 1/ 156، وأخرج ابن حسنون في "اللغات" ص 23 - 25، والوزان 3 ب عن ابن عباس قال: (حرج: ضيق بلغة قيس عيلان، وشك بلغة قريش).]] وأبو العالية: (ضيق) [[ذكره الثعلبي في "الكشف" 187 ب، والبغوي في "تفسيره" 3/ 213.]].
قال أبو إسحاق:
(معناه: لا يضيق صدرك بالإبلاغ ولا تخافن؛ وذلك أنه يروى عن النبي ﷺ أنه قال: "أي رب إني أخاف أن يثلغوا [[في (ب): (تبلغوا)، وهو تحريف - والثلغ: الشدخ وضرب الشيء الرطب بالشيء اليابس حتى ينشدخ. انظر "النهاية" 1/ 220.]] رأسي" [[هذا طرف من حديث طويل أخرجه أحمد في "المسند" 4/ 162، ومسلم في "صحيحه" رقم (2865) عن عياض بن حمار المجاشعي، أن رسول الله (قال == ذات يوم في خطبته: "إن الله أمرني أن أحرق قريشا، فقلت: رب إذا يثلغوا رأسي فيدعوه خبزة .. ". الحديث. ومعنى يثلغوا رأسي، أي: يشدخوه ويشجوه كما يشدخ الخبز أي: يكسر. أفاده الإِمام النووي رحمه الله تعالى في "شرح مسلم" 17/ 289.]]، فأعلم الله عز وجل أنه في أمان منهم، فقال: ﴿فَلَا يَكُنْ فِي صَدْرِكَ حَرَجٌ مِنْهُ﴾ أي: فلا يضيقن صدرك من تأدية ما أرسلت به) [["معاني الزجاج" 2/ 315، وانظر: "معاني النحاس" 3/ 7 - 8]].
وقال الفراء: (لا يضيق صدرك بالقرآن بأن يكذبوك) [["معاني الفراء" 1/ 370.]]. وقال مجاهد [["تفسير مجاهد" 1/ 231، وأخرجه الطبري في "تفسيره" 8/ 116، وابن أبي حاتم 5/ 1438 بسند جيد.]] ومقاتل [["تفسير مقاتل" 2/ 29.]]: (فلا يكن في قلبك شك [[في (أ): (شيء)، وهو تحريف.]] في القرآن أنه من الله).
وقال أبو إسحاق: (وتأويل هذا، وقوله: ﴿فَلَا تَكُونَنَّ مِنَ الْمُمْتَرِينَ﴾ [البقرة: 147]، وقوله: ﴿فَإِنْ كُنْتَ فِي شَكٍّ﴾ الآية [يونس: 94] أن ما خوطب به النبي ﷺ فهو خطاب لأمته فكأنه بمنزلة: فلا تشكوا ولا ترتابوا) [["معاني الزجاج" 2/ 315، ومثله في "معاني النحاس" 2/ 7 - 8 والراجح أن المراد بالحرج في الآية الضيق لأن ذلك هو الغالب من معناه في كلام العرب وهو اختيار أبي عبيدة في "مجاز القرآن" 1/ 210، والطبري في "تفسيره" 8/ 116، وابن عطية 5/ 423، وأبي حيان في "البحر" 4/ 266.]].
قال ابن قتيبة: (وأصل الحرج الضيق، والشك في الشيء يضيق صدره؛ لأنه لا يعلم حقيقته فسمي الشك حرجا) [["تفسير غريب القرآن" ص 176.]] وأما اشتقاق هذا الحرف فقد ذكرناه في سورة الأنعام [125].
وقوله: ﴿لِتُنْذِرَ بِهِ﴾. قال الفراء: (اللام في ﴿لِتُنْذِرَ﴾ متعلق بقوله ﴿أُنْزِلَ﴾ على التقديم والتأخير، على تقدير ﴿كِتَابٌ أُنْزِلَ إِلَيْكَ﴾ لتنذر به ﴿فَلَا يَكُنْ فِي صَدْرِكَ حَرَجٌ مِنْهُ﴾) [["معاني الفراء" 1/ 370، وانظر: "معاني الزجاج" 2/ 315، و"تفسير الطبري" 8/ 117، و"معاني النحاس" 3/ 8.]].
وقال ابن الأنباري: (ويجوز أن تكون اللام صلة للكون [[في (ب): (ليكون).]] على معنى: ﴿فَلَا يَكُنْ فِي صَدْرِكَ﴾ شيء [[في (ب): (شك).]] ﴿لِتُنْذِرَ بِهِ﴾، كما يقول الرجل من العرب للرجل: لا تكن ظالما ليقضي [[في (أ): (لتقضى) بالتاء.]] صاحبك دينه، فتحمل [[في (أ): (فيحمل) بالياء.]] لام كي على الكون) [[ذكره الرازي في "تفسيره" 14/ 16، وأبو حيان في "البحر" 4/ 266، ونقله السمين في "الدر" 5/ 242 - 243 عن الواحدي عن ابن الأنباري، وانظر: كلام ابن الأنباري على مادة حرج في "الزاهر" 1/ 236، و"المذكر والمؤنث" 1/ 258، و"شرح القصائد" ص 321، ص 580، و"إيضاح الوقف والابتداء" 2/ 650.]].
قال صاحب النظم [[صاحب "النظم"، أبو علي الحسن بن يحيى الجرجاني. تقدمت ترجمته، وكتابه "نظم القرآن" مفقود.]]: (وفيه وجه آخر: وهو أن تكون [[في (أ): (يكون) بالباء.]] اللام بمعنى أن، والمعنى [[في (ب): (فالمعنى).]]: لا يضيق صدرك ولا يضعف عن أن تنذر به، والعرب تضع هذه اللام في موضع (أن) كقوله تعالى ﴿يُرِيدُونَ أَنْ يُطْفِئُوا﴾ [التوبة: 32] وفي موضع آخر ﴿لِيُطْفِئُوا﴾ [الصف: 8]، وهما جميعا بمعنى واحد) [[ذكره الرازي في "تفسيره" 14/ 16، وأبو حيان في "البحر" 4/ 266، ونقله السمين في "الدر" 5/ 242 - 244، وقال: (هذا قول ساقط جدًّا؛ كيف يكون حرف يختص بالأفعال يقع موقع آخر مختص بالأسماء. ونقل الشيخ أبو حيان في "البحر" عن ابن الأنباري وصاحب النظم: أن اللام متعلقة بما تعلق به خبر الكون إذ التقدير: فلا يكن حرج مستقرًا في صدرك لأجل الإنذار، والذي نقله الواحدي عن نص ابن الأنباري في ذلك أن اللام متعلقة بالكون وعن صاحب النظم أن اللام بمعنى أن، فيجوز أن يكون لهما كلامان) اهـ. ملخصًا. وانظر: "إعراب النحاس" 1/ 599، و"البيان" 1/ 353، و"التبيان" ص 367، و"الفريد" 2/ 266.]].
وقوله تعالى: ﴿وَذِكْرَى لِلْمُؤْمِنِينَ﴾. قال ابن عباس: (يريد: ومواعظ للمصدقين) [[ذكره الرازي في "تفسيره" 14/ 17، وذكره الواحدي في "الوسيط" 1/ 156 بدون نسبة. وفي "تنوير المقباس" 2/ 80 نحوه.]]. قال الزجاج: (هو اسم في موضع المصدر وفيه ألف التأنيث بمنزلة دعوت دعوى، ورجعت رجعى، واتقيت تقوى) [["معاني الزجاج" 2/ 316.]].
وقال الليث: (الذكرى اسم للتذكرة) [["تهذيب اللغة" 2/ 1286، وانظر: "العين" 5/ 346، وأصل الذكر بالكسر حفظ الشيء وجرى الشيء على اللسان، والذكر والذكرى بالكسر ضد النسيان، انظر: "الجمهرة" 2/ 694، و"الصحاح" 2/ 664، و"المجمل" 2/ 360، و"المفردات" ص 328، و"اللسان" 3/ 1507. (ذكر).]] والتفعلة مصدر كالتفعيل نحو قوله تعالى ﴿تَبْصِرَةً وَذِكْرَى﴾ [ق: 8].
وأما محل ﴿ذِكْرَى﴾ من الإعراب، فقال الفراء: (يجوز أن يكون في موضع نصب على معنى: ﴿لِتُنْذِرَ بِهِ﴾ وتذكر، قال: ويجوز أن يكون رفعًا بالرد على الكتاب كأنك قلت: كتاب حق وذكرى [[انظر: "معاني الفراء" 1/ 370.]].
وقال الزجاج: (ويجوز على أن يكون وهو ﴿ذِكْرَى لِلْمُؤْمِنِينَ﴾، قآل: ويجوز أن يكون خفضًا؛ لأن معنى ﴿لِتُنْذِرَ﴾: لأن تنذر فهو في موضع خفض؛ لأن المعنى للإنذار والذكرى) [[انظر: "معاني الزجاج" 2/ 315 - 316، وعلى هذا فيه ثلاثة أوجه: الرفع: عطفًا على كتاب أو على إضمار مبتدأ، والنصب: على المصدر أي وتذكر ذكرى أو على العطف على موضع التنذر). والجر على العطف على المصدر المنسبك في أن المقدرة بعد لام كي أي: للإنذار والتذكير أو على الضمير في (به) وانظر: "إعراب النحاس" 1/ 599، و"المشكل" 1/ 281، و"البيان" 1/ 353، و"التبيان" ص 367، و"الفريد" 2/ 266، و"الدر المصون" 5/ 244.]].
{"ayah":"كِتَـٰبٌ أُنزِلَ إِلَیۡكَ فَلَا یَكُن فِی صَدۡرِكَ حَرَجࣱ مِّنۡهُ لِتُنذِرَ بِهِۦ وَذِكۡرَىٰ لِلۡمُؤۡمِنِینَ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق