الباحث القرآني

قولهم تعالى: ﴿إِنَّ وَلِيِّيَ اللَّهُ﴾ الآية. قرأ القراء [[اختلف عن أبي عمرو، فقرأ بحذف الياء وإثبات ياء واحدة مفتوحة مشددة، وقرأ بكسر الياء المشددة بعد الحذف، وقرأ الباقون بياءين الأولى مشددة مكسورة، والثانية مخففة مفتوحة. انظر: "السبعة" ص 300، و"المبسوط" ص 97، و"النشر" 2/ 274 - 275.]]: ﴿وَلِيِّيَ﴾ بثلاث ياءات، ياء (فعيل) وهي ساكنة، والثانية لام الفعل وهي مكسورة قد أدغمت [[في (أ): (قد أدغمتا الأولى فصارتا).]] الأولى فيها فصارتا ياء مشددة، والثالثة ياء الإضافة. وروي عن أبي عمرو بالإدغام [[في (أ): "في الإدغام" وقال ابن الجزري في "النشر": 2/ 274: (بعضهم يعبر عنه بالإدغام وهو خطأ إذ المشدد لا يدغم في المخفف وبعضهم أدخله في الإدغام الكبير ولا يصح ذلك لخروجه عن أصوله ولأن راويه يرويه مع عدم الإدغام الكبير) اهـ.]] الكبير: ﴿وَلِيِّيَ اللَّهُ﴾ بياء مشددة، ووجه ذلك [[قال ابن الجزري في "النشر": 2/ 274: (اختلف في توجيه الرواية عن أبي عمرو، فخرج فتح الياء على حذف لام الفعل في ولي وهي الياء الثانية وإدغام ياء فعيل في ياء الإضافة وقد حذفت اللام كثيراً في كلامهم وهو مطرد في اللامات في التحقير، وقد قيل في تخريجها غير ذلك وهذا أحسن، وأما كسر الياء فوجهها أن يكون المحذوف ياء المتكلم لملاقاتها ساكنًا كما تحذف ياءات الإضافة عند لقيها الساكن، والرواية الحذف وصلًا ووقفًا أجري الوقف مجرى الوصل) اهـ.]] أنه حذف الياء التي هي لام فعيل، كما حذفت اللام من قولهم: (ما بليتُ به بالةً) [[(ما باليتُ به بالة) أي: لم أكترث به، والشاهد: بالة حيث حذف الياء تخفيفاً ، والأصل بالية، وفي "الكتاب" 4/ 406: (حكي عن الخليل أن من الحذف قولهم: ما أباليه بالة كأنها بالية بمنزلة العافية) اهـ، وفي "النهاية" لابن الأثير 1/ 156 قال: (وفي حديث ابن عباس: (ما أباليه بالة) أي: لم أكترث به)، وفي "اللسان" 1/ 356 (بلا) ،ذكر حديث ابن عباس، وقال: (ومن كلام الحسن: لم يبالهم الله == بالة، أي: لا أكترث بهم) اهـ. وأخرج البخاري في "صحيحه" رقم (6434) كتاب الرقاق، باب: ذهاب الصالحين، عن مرداس الأسلمي الأسلمي رضي الله عنه عن النبي ﷺ قال: "يذهب الصالحون الأول فالأول ويبقى حفالة كحفالة الشعير أو التمر لا يباليهم الله بالة") اهـ. وفي "النهاية" 1/ 156: (أي: لا يرفع لهم قدرًا أو لا يقيم لهم وزنًا، يقال: ما باليته وما باليت به أي: لم أكترث به) اهـ.]]، وكما حذفت الهمزة التي هي لام في قول أبي الحسن [[قول الأخفش في "الحجة" لأبي علي 4/ 118، وقال الأزهري في "تهذيبه" 2/ 1951 (شيء): (لم يختلف النحويون في أن (أشياء) جمع شيء وأنها غير مجراة، وقال الفراء والأخفش أصل أشياء أفعلاء إلا إنه كان في الأصل أشيئاء على وزن أشيعاع فاجتمعت همزتان بينهما ألف، فحذفت الهمزة الأولى). وانظر: "اللسان" 4/ 2369 - 2370 (شيء)، و"معجم مفردات الإبدال والإعلال" للخراط ص 157.]] (من أشياء) كما حذفت الهمزة من قولهم: سواية إذا أردت به سوائية مثل الكراهية، وكما استمر الحذف في التحقير في هذه [[لفظ: (في هذه) ساقط من (ب).]] اللامات نحو: عُطيّ في تحقير عطاء بدليل قولهم: سميَّة في تصغير سماء، فلما حذفت اللام أدغمت ياء فعيل في ياء الإضافة فقلت: ﴿وَلِيِّيَ اللَّهُ﴾. فهذه الفتحة فتحة ياء الإضافة [[في (ب): (فتحة بالإضافة)، وهو تحريف.]] ولا يجوز أن يدغم الياء التي هي لام في ياء الإضافة؛ لأنه إذا فعل ذلك انفك الإدغام، ويذهب سيبويه إلى (إنك إذا قلت هذا: وليُّ يزيد، وعدو وليد، لم يجز إدغام الياء التي هي لام في ياء يزيد لانفكاك الإدغام من وليّ) [["الكتاب" 4/ 442.]]، وكأن أبا عمرو في قوله: ﴿وَلِيَّ اللَّهُ﴾ شبه [[في (ب): (شبهه)، وهو تحريف.]] المنفصل وهو ياء الإضافة بالمتصل، فحذف إحدى الياءات عن ﴿وَلِيَّ﴾ كما يحذف من عُطيّ، والباقون أجازوا اجتماع ثلاث ياءات؛ لأن ياء الإضافة منفصل، ولم يجروا المنفصل مجرى المتصل، ولا يجوز في عُطيّ إلا الحذف لأنه متصل [[ما تقدم قول أبي علي في "الحجة" 4/ 116 - 120، وانظر: "معاني القراءات" 1/ 432، و"إعراب القراءات" 1/ 217، و"الحجة" لابن خالويه ص 168، و"البحر" 4/ 446، و"الدر المصون" 5/ 542.]]. ومعنى ﴿إِنَّ وَلِيِّيَ اللَّهُ﴾ أي: الذي يتولى حفظي وتصرفي هو الله لا غيره، ﴿الَّذِي نَزَّلَ الْكِتَابَ﴾ يريد: القرآن، أي: أنه يتولاني وينصرني، كما أيدني بإنزال الكتاب [[انظر: "تفسير الطبري" 9/ 152، و"إعراب النحاس" 1/ 659، والسمرقندي 1/ 589.]]. ﴿وَهُوَ يَتَوَلَّى الصَّالِحِينَ﴾ [قال ابن عباس: (يريد: الذين لا يعدلون بالله شيئًا ولا يعصونه) [[ذكره الواحدي في "الوسيط" 2/ 286، والبغوي 3/ 315 - 316، والخازن 2/ 327.]]، وفي هذا مدح الصالحين] [[ما بين المعقوفين ساقط من (ب).]] بأن الله عز وجل يتولاهم بنصره فلا يضرهم [[في (ب): (ولا يضرهم).]] عداوة من عاداهم، وفي ذلك يأس المشركين من أن يضره كيدهم ومكرهم. قوله تعالى: ﴿وَالَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ﴾ الآية [الأعراف: 197] معنى هذه الآية قد مضى في مثلها من قوله: ﴿وَلَا يَسْتَطِيعُونَ لَهُمْ نَصْرًا﴾ [الأعراف: 192]. وإنما أعيد هذا المعنى لأن الأول مذكور على جهة التقريع، وهاهنا ذكر على جهة الفرق بين صفة من تجوز له العبادة ومن لا تجوز، كأنه قيل: إن ناصره الله ولا ناصر لكم ممن تعبدون [[انظر: "تفسير الرازي" 15/ 95، والخازن 2/ 327، وقال ابن عطية 6/ 184: (إنما كرر لأن أمر الأصنام وتعظيمها كان متمكنًا من نفوس العرب في ذلك الزمن ومستوليًا على عقولها فأوعب القول في ذلك لطفًا من الله تعالى بهم) اهـ.]].
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب