الباحث القرآني

قوله تعالى: ﴿أَيُشْرِكُونَ مَا لَا يَخْلُقُ شَيْئًا وَهُمْ يُخْلَقُونَ﴾، قال ابن عباس: (يريد: أيعبدون ما لا يقدر أن يخلق شيئًا ﴿وَهُمْ يُخْلَقُونَ﴾ يريد وهم مخلوقون [[في (ب): (وهم المخلوقون).]]، يعني: الأصنام) [[انظر: "تنوير المقباس" 2/ 147، و"معاني الفراء" 1/ 400.]]. فإن قيل: كيف وحد ﴿يَخلُقُ﴾ وجمع فقال: ﴿وَهُمْ يُخْلَقُونَ﴾ وجعل الواو والنون في جمع غير الناس؟ فقال ابن الأنباري: (أما الجمع بعد التوحيد فسائغ [[في (ب): (فشائع).]] من قبل أن ما يقع على الواحد والاثنين والجميع و [[لفظ: (الواو) ساقط من (ب).]] المؤنث بلفظهما، وأوقعها الله عز وجل على الأصنام المعبودة من دونه فوحد ﴿يَخلُقُ﴾ للفظها وبيّن معناها في قوله جل وعز ﴿وَهُمْ يُخْلَقُونَ﴾، وأما جمعه الفعل بالواو والنون وأصحابه غير ناس [[انظر: "الكتاب" 2/ 47، و"المقتضب" 2/ 244، و"المغني" لابن هشام 2/ 365.]] فالحجة فيه أن الأصنام لما ادعى عابدوها أنها تعقل وتميز ووصفوها بالسمع والخلق، أجريت مجرى الناس، فجعلت علامة جمعها كعلامة جمع أفعال الناس، وجرى هذا مجرى قوله عز وجل: ﴿فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ﴾ [يس: 40]، وقوله: ﴿رَأَيْتُهُمْ لِي سَاجِدِينَ﴾ [يوسف: 4]. وقوله: ﴿يَا أَيُّهَا النَّمْلُ ادْخُلُوا مَسَاكِنَكُمْ﴾ [النمل: 18]. وقول الشاعر [["الشاهد" للنابغة الجعدي في "ديوانه" ص 4، و"الكتاب" 2/ 47، و"مجاز القرآن" 2/ 38، و"الصاحبي" ص 419، و"وضح البرهان" للغزنوي 1/ 450، و"اللسان" 7/ 4474 (نعش)، وبلا نسبة في: "مجاز القرآن" 1/ 276 و2/ 83 - و93، و"معاني الأخفش" 2/ 424، و"المقتضب" 2/ 224، و"تهذيب اللغة" 4/ 3611، و"الصحاح" 3/ 1022 (نعش)، و"دلائل الإعجاز" ص 137، و"المغني" لابن هشام 2/ 365، وفي "الديوان": شربت بها والديك، وقوله: تمززتها، يعني: الخمر، أي: تمصص الشراب قليلاً قليلاً، مزه يمزه، أي مصه، وبنو نعش: أي بنات نعش وهي منازل القمر شبهت بحملة النعش في تربعها وتصوبوا، دنوا من الأفق للغروب، والشاهد: تذكير بنات نعش لأنه أخبر عنها بالدنو والتصوب كما يخبر عن العقلاء، انظر: "شرح شواهد سيبويه" للنحاس ص 114، و"اللسان" 7/ 4474 (نعش)، و"شرح شواهد المغني" للسيوطي 2/ 783، و"الخزانة" 8/ 82.]]: تمززتها والديك يدعو صباحه ... إذا ما بنو نعشٍ دنوا فتصوبوا) [[ذكره ابن الجوزي في "تفسيره" 3/ 304، وانظر: "تفسير الطبري" 19/ 59، و"الدر المصون" 5/ 536.]] قال أصحابنا: (هذه الآية تدل على أن من لا يقدر على الخلق لا يستحق العبادة، ولا يقدر على خلق القليل والكثير غير الله، فلا يستحق العبادة غيره، والقدرية تقول: إن العباد يخلقون أفعالهم وهي مخلوقة لهم لا لله) [[انظر: "تفسير الرازي" 15/ 90.]].
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب