الباحث القرآني
قوله تعالى: ﴿فَلَمَّا آتَاهُمَا صَالِحًا جَعَلَا لَهُ شُرَكَاءَ فِيمَا آتَاهُمَا﴾.
قال المفسرون [[ذكره عن المفسرين ابن قتيبة في "تأويل مشكل القرآن" ص 258، والواحدي في "الوسيط" 2/ 283، وانظر: "معاني الفراء" 1/ 400، و"تفسير غريب القرآن" 1/ 184، و"معاني الزجاج" 2/ 395، و"الكامل" لابن الأثير 1/ 45، والقرطبي 7/ 338.]]: (لما حملت حواء أتاها إبليس في غير صورته التي عرفته حواء، وقال لها: ما الذي في بطنك؟ قالت ما أدري. قال: إني أخاف أن يكون بهيمة أو كلبًا أو خنزيرًا، وما يدريك من أين يخرج أمن دبرك فيقتلك أو ينشق بطنك، فخافت حواء، فذكرت ذلك لآدم، فلم يزالا في هم من ذلك، ثم أتاها، وقال: إن سألت الله أن يجعله خلقًا سويًّا مثلك، ويسهل عليك خروجه حتى تلقيه من بطنك سهلاً أتسمينه [[في (ب): "تسميه".]] عبد الحارث؟ ثم لم يزل بها حتى غرّها، فلما ولدت ولدًا سويَّ الخلق سمته عبد الحارث برضا آدم وعلمه، وكان اسم إبليس في الملائكة الحارث فذلك قوله: ﴿فَلَمَّا آتَاهُمَا صَالِحًا جَعَلَا لَهُ شُرَكَاءَ فِيمَا آتَاهُمَا﴾)، أي: لما آتاهما ولدًا سويًا ﴿جَعَلَا لَهُ شُرَكَاءَ﴾ قال ابن عباس [[أخرجه الطبري 9/ 146، وابن أبي حاتم 5/ 1633 - 1634، من طرق يقوي بعضها بعضًا، وأخرجه ابن أبي حاتم من طريق ضعيف عن ابن عباس عن أبي بن كعب، وأخرج أيضًا من طريق جيد رجاله رجال الصحيح عن ابن عباس قال: (في هذه الآية ما أشرك آدم وإن أولها شكر وإن آخرها مثل) اهـ. وذكره السيوطي في "الدر" 3/ 277، وزاد نسبته إلى ابن المنذر وفيه: (وآخرها مثل ضرب لمن بعده).]]. (يريد: في تسميتهما [[في (ب): (في تسميتها).]] عبد الحارث).
و [[لفظ: (الواو) ساقط من (ب).]] قال الفراء: (﴿جَعَلَا لَهُ شُرَكَاءَ﴾ إذ قالت: عبد الحارث، ولا ينبغي أن يكون عبدًا إلا لله [[في (ب): (إلا الله)، وهو تحريف.]]. قال: ولم تعرفه أنه إبليس) [["معاني الفراء" 1/ 400.]].
وذكر ابن زيد (إن النبي ﷺ قال: "خدعهما مرتين، خدعهما [[لفظ: (خدعهما) ساقط من (ب).]] في الجنة، وخدعهما في الأرض") [[أخرجه الطبري 9/ 150، وابن أبي حاتم 5/ 1635 بسند جيد عن عبد الرحمن بن زيد وهو مرسل ضعيف وعند ابن أبي حاتم: (قال رسول الله ﷺ: "خدعهما مرتين"). قال زيد بن أسلم: (خدعهما في الجنة وخدعهما في الأرض).
وذكره الثعلبي 6/ 30 ب، والواحدي في "الوسيط" 2/ 283، والبغوي 3/ 313 ، والسيوطي في "الدر" 3/ 277.]].
وهذا الذي ذكرنا معنى قول سعيد بن جبير [[أخرجه الطبري 9/ 147، وابن أبي حاتم 5/ 1634 من طرق جيدة.]] والكلبي [[لفظ: (والكلبي) ساقط من (ب)، وقد أخرجه عبد الرزاق في "تفسيره" 1/ 2/ 245، بسند جيد عن الكلبي، وذكره هود الهواري 2/ 65، والثعلبي 6/ 29 أ.]] وأكثر أهل التفسير [[انظر: "تفسير الطبري" 9/ 146 - 149، والسمرقندي 1/ 588، والثعلبي 6/ 28 ب، والماوردي 2/ 286 - 287، و"الدر المنثور" 3/ 277، وقال الطبري: (أجمع أهل التأويل على أن المعني بذلك: آدم حواء، وأنهما ﴿جَعَلَا لَهُ شُرَكَاءَ﴾ في الاسم لا في العبادة) اهـ. بتصرف.
وقد أخرج أحمد والترمذي رقم (3077) كتاب تفسير القرآن، باب: ومن سورة الأعراف، والطبري 9/ 146، وابن أبي حاتم 5/ 1635، والحاكم في "المستدرك" 2/ 545 كلهم عن عمر بن إبراهيم عن قتادة عن الحسن عن سمرة عن النبي ﷺ قال: (لما حملت حواء طاف بها إبليس وكان لا يعيش لها ولد فقال: سميه عبد الحارث فإنه يعيش فسموه عبد الحارث فعاش وكان ذلك من وحي الشيطان وأمره) اهـ.
قال الترمذي: (هذا حديث حسن غريب لا نعرفه مرفوعًا إلا من حديث عمر عن قتادة ورواه بعضهم ولم يرفعه) اهـ.
وأخرجه ابن عدي في "الكامل" 6/ 89، وقال: (هذا لا أعلم يرويه عن قتادة غير عمر وحديثه عن قتادة مضطرب وهو مع ضعفه يكتب حديثه) اهـ، وقال الحاكم: (هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه) ووافقه الذهبي في "التلخيص" وقال في "الميزان" 3/ 179: (هو حديث منكر) اهـ، والحديث ضعيف لأن فيه عمر بن إبراهيم العبدي قال الحافظ في "التقريب" ص 410 رقم (4864): (صدوق، في حديثه عن قتادة ضعف) اهـ. وقال ابن كثير في "تفسيره" 2/ 304 - 305، و"البداية والنهاية" 1/ 96: (الحديث معلول من ثلاثة أوجه: أحدها: أن عمر وثقه ابن معين، ولكن قال أبو حاتم الرازي: لا يحتج به، الثاني: أنه روى موقوفًا على سمرة، كما أخرجه الطبري 13/ 310، وهذه علة قادحة في الحديث، وهو أشبه، والمقطوع أن رفعه خطأ والصواب وقفه، الثالث: أن الحسن البصري فسر الآية بغير هذا فلو كان == عنده عن سمرة مرفوعًا لما عدل عنه وقد أخرج تفسيره الطبري 9/ 148 بأسانيد صحيحة ولو كان هذا الحديث عنده محفوظًا عن رسول الله ﷺ لما عدل عنه هو ولا غيره ولا سيما مع تقواه لله وورعه، فهذا يدلك على أنه موقوف على الصحابي ويحتمل أنه تلقاه من بعض من آمن من أهل الكتاب) اهـ. مجموع بتصرف.
أما الآثار عن الصحابة والتابعين رضي الله عنهم فجزم ابن كثير في "تفسيره" 2/ 306 أنها مأخوذة عن أهل الكتاب قال: (روى الطبري وابن أبي حاتم عن ابن عباس نحوه، وقد تلقى هذه الآثار عن ابن عباس جماعة من أصحابه كمجاهد وسعيد بن جبير وعكرمة، ومن الطبقة الثانية قتادة والسدي وغير واحد من السلف وجماعة من الخلف ومن المفسرين من المتأخرين جماعات لا يحصون كثرة وكأنه والله أعلم أصله مأخوذ من أهل الكتاب، وهذه الآثار يظهر عليها والله أعلم أنها من آثار أهل الكتاب وأخبارهم على ثلاثة أقسام، فمنها ما علمنا صحته بما دل عليه الدليل من كتاب الله أو سنة رسوله ومنها ما علمنا كذبه بما دل على خلافة من الكتاب والسنة أيضاً، ومنها ما هو مسكوت عنه فهو المأذون في روايته وهو الذي لا يصدق ولا يكذب، وهذا الأثر هو من القسم الثاني أو الثالث فيه نظر، فأما من حدث به من صحابي أو تابعي فإنه يراه من القسم الثالث) اهـ. ملخصًا.
وكذلك ضعف الحديث وجعل الروايات من الإسرائيليات ابن العربي في "أحكام القرآن" 2/ 819 - 820، والقرطبي 7/ 337، والألباني في "سلسلة الأحاديث الضعيفة" 1/ 348 رقم 342، والشيخ محمَّد بن صالح العثيمين في القول المفيد على كتاب "التوحيد" 3/ 67، ومحمد أبو شهبة في الموضوعات والإسرائيليات في كتب "التفسير" ص 209 - 215، وانظر: "فتح المجيد شرح كتاب التوحيد" 2/ 614، و"الدر النضيد على أبواب التوحيد" ص 285، و"تخريج الأحاديث المنتقدة في كتاب التوحيد" للشيخ فريج صالح البهلال ص 109.]].
واختلف القراء في قوله: ﴿شُرَكَاءَ﴾. فقرأ نافع [[قرأ نافع وأبو بكر عن عاصم: (جَعَلاَ لَهُ شِرْكَا) بكسر الشين وسكون الراء وتنوين الكاف من غير مد ولا همز، وقرأ الباقون: ﴿شُرَكَاءَ﴾ بضم الشين وفتح الراء والمد وهمزة مفتوحة من غير تنوين جمع شريك. == انظر: "السبعة" ص 299، و"المبسوط" ص 187، و"التذكرة" 2/ 430، و"التيسير" ص 115، و"النشر" 2/ 273.]] وأبو بكر.
﴿شِرْكاً﴾ بكسر الشين، وهذا يتوجه على حذف المضاف بتقدير: جعلا له ذا شرك أو ذوي شرك، فإذا جعلا له ذوي شرك فقد جعلا له شركاء، فالقراءتان تؤولان إلى معنى واحد، والضمير في: ﴿لَهُ﴾ يعود إلى اسم الله كأنه ﴿وجَعَلَا﴾ لله ﴿شُرَكَاءَ فِيمَا آتَاهُمَا﴾. قال أبو الحسن [["معاني الأخفش" 2/ 216.]]: (وكان ينبغي لمن قرأ: (شركًا) أن يقول المعنى: (جعلا لغيره شركًا)؛ لأنهما لا ينكران أن الأصل لله عز وجل، فالشرك إنما يجعل [[في (أ): (يجعله).]] لغيره)، حكاه الزجاج [["معاني الزجاج" 2/ 396.]] وأبو علي هذا [[كذا في الأصول أي: حكاه أبو علي عن الأخفش، و"الحجة" 4/ 111 - 112، وفي "معاني الأخفش" 2/ 316: (قال بعضهم: (شركًا) لأن الشرك إنما هو الشركة، وكان ينبغي في قول من قال هذا أن يقول: فجعلا لغيره شركًا فيما آتاهما) اهـ، وذكر النحاس في "إعرابه" 1/ 656.]] عن أبي الحسن، ثم قال الزجاج [["معاني الزجاج" 2/ 396، ومثله قال النحاس في "إعرابه" 2/ 656 - 657.]]: (هذا على معنى: جعلا له ذا شرك، فحذف ذا، مثل: ﴿وَاسْأَلِ الْقَرْيَةَ﴾ [يوسف: 82].
وقال أبو علي: (يجوز أن يكون الكلام على ظاهرة ولا يقدر حذف المضاف في قوله: ﴿جَعَلَا لَهُ﴾، وأنت تريد لغيره، ولكن [[لفظ: (ولكن) ساقط من (أ).]] تقدر حذف المضاف إلى شركٍ، كما ذكرنا [[جاء بعده في "الحجة" 4/ 112: (فيكون المعنى: جعلا له ذوي شرك وإذا جعلا له ذوي شرك وإن في المعنى مثل جعلا لغيره شركًا) اهـ.]] فلا يحتاج إلى تقدير: جعلا لغيره شركًا؛ لأن تقدير حذف المضاف من شرك بمنزلة جعلا لغيره شركًا) [["الحجة" لأبي علي 4/ 111 - 112.]]، وتقدير [[انظر: "المشكل" 1/ 307، و"البيان" 1/ 381، و"التبيان" 1/ 398، و"الفريد" 2/ 394، و"الدر المصون" 5/ 535.]] حذف المضاف من ﴿شركًا﴾ أحسن وأولى من تقدير حذفه من قوله: ﴿لَهُ﴾ [[لفظ: (له) ساقط من (ب).]].
قال الزجاج: (ومن قرأ ﴿شركًا﴾ فهو مصدر شركت الرجل [[في (ب): (شركت بالرجل)، وهو تحريف.]] أشركه شركًا) [["معاني الزجاج" 2/ 396.]]، ومن قرأ ﴿شُرَكَاءَ﴾ فحجته [[هذا من "الحجة" لأبي علي 4/ 112، وانظر: "معاني القراءات" 1/ 431، و"إعراب القراءات" 1/ 216، و"الحجة" لابن خالويه ص 168، لابن زنجلة ص 304، و"الكشف" 1/ 486.]] قوله: ﴿أَمْ جَعَلُوا لِلَّهِ شُرَكَاءَ خَلَقُوا كَخَلْقِهِ﴾ [الرعد: 16]، وأراد بالشركاء في هذه الآية إبليس، أوقع الجمع موقع الواحد، وذلك أن من أطاع إبليس فقد أطاع جميع الشياطين [[انظر: "تفسير الطبري" 149.]]، فإن قيل: كيف أضيف الشرك إلى آدم وحواء مع منزلتهما من دين الله؟، والجواب عن هذا: ما روي عن قتادة أنه قال: (أشركا في الاسم ولم يشركا في العبادة) [[أخرجه عبد الرزاق 1/ 2/ 245، والطبري 9/ 147، وابن أبي حاتم 5/ 1634 ، و"الداني في المكتفى" ص 283 من عدة طرق جيدة وذكره يحيى بن سلام في "التصاريف" ص 106، السمرقندي 1/ 588، وذكره السيوطي في "الدر" 3/ 279 ، وزاد نسبته إلى (عبد بن حميد وابن المنذر) قال: و (أخرج عبد بن حميد عن ابن عباس مثله) وذكره الثعلبي 6/ 30 أعن المفسرين.]]، يعني: أنهما لم يذهبا إلى أن الحارث ربهما، لكنهما قصدا إلى أن الحارث كان سبب نجاة الولد وسلامة أمه، وقد يطلق اسم العبد مضافًا إلى من لا يراد أنه مملوك له كقوله [[البيت لحاتم الطائي في "ديوانه" ص 44، و"تفسير الثعلبي" 6/ 30 أ، والقرطبي 7/ 339، وهو لقيس بن عاصم المنقري في "الكامل" للمبرد 2/ 179، وللمقنع الكندي في "أمالي القالي" 1/ 281، وبلا نسبة في: "عيون الأخبار" 1/ 266، و"الوسيط" للواحدي 2/ 284، و"تفسير ابن الجوزي" 3/ 353، والرازي 15/ 88، والخازن 2/ 325 وعجزه:
وما فيَّ إلا تلك من شيمة العبدِ]]:
وإني لعبد الضيف ما دام ثاويًا
يريد: أنه خاضع له مطيع، ولم يرد أن الضيف ربه، وقد يقع الاشتراك في الاسم مع وقوع اختلاف في المعنى كما يقال لمملوك زيد: هذا عبد زيد، ثم يقال: إنه عبد الله، فقد جمعهما اللفظ، والمعنى مختلف [[ذكر الطبري في "تفسيره" 9/ 148: (إجماع أهل التأويل على أن المراد الشرك في الاسم لا في العبادة).]]، يدل على صحة هذا المعنى ما روي أنه قيل لسعيد بن جبير: (أشرك آدم؟ فقال: معاذ الله، ولكن حواء لما حملت أتاها إبليس فقال: أخبريني عن الذي في بطنك أتلدينه من عينك أم من فيك أم من أنفك؟ قالت: لا علم لي [[لفظ: (لي) ساقط من (ب).]] بذلك.
قال: فإن سألت الله عز وجل أن يسهل أمر الولادة عليك أتسمينه باسمي؟ قالت: نعم، وخبرها أن اسمه الحارث، فلما ولدت سمت الولد عبد الحارث، فذلك قول الله عز وجل: ﴿جَعَلَا لَهُ شُرَكَاءَ فِيمَا آتَاهُمَا﴾) [[أخرجه الطبري في "تفسيره" 9/ 148، و"التاريخ" 1/ 149 بسند ضعيف.]].
قال أبو علي: (فعلى هذا التقدير: جعل أحدهما، فحذف المضاف كقوله: ﴿عَلَى رَجُلٍ مِنَ الْقَرْيَتَيْنِ عَظِيمٍ﴾ [الزخرف: 31].
وقوله: ﴿يَخْرُجُ مِنْهُمَا اللُّؤْلُؤُ وَالْمَرْجَانُ﴾ [الرحمن: 22]) [["الحجة" 4/ 112 - 113 وزاد فيه: (فيكون الذي جعل له شركًا أحدهما ويخرج آدم من أن ينسب إليه ذلك) اهـ.
وهذا القول رجحه صديق خان في "فتح البيان" 5/ 99 - 103، وأطال في تقريره قال: (الجاعل هو حواء دون آدم ولم يشرك آدم قط، وعلى هذا فليس في الآية إشكال، والذهاب إلى ما ذكرناه متعين تبعاً للكتاب والحديث وصونًا لجانب النبوة عن الشرك بالله تعالى، والذي ذكروه في تأويل الآية يرده كله ظاهر الكتاب والسنة، والقول بأنها سمته بإذن آدم يحتاج إلى دليل ولعلها سمته بغير إذنه ثم تابت من ذلك، وصحة إطلاق المثنى على المفرد شائع في كلام العرب وفي القرآن من ذلك الكثير، ولكنهم لم يذهبوا إليه في هذا الآية مع كونه ظاهر الأمر وواضحه ، ومع أنهم ذكروه وذهبوا إليه في مواضع من القرآن والحديث، وهذا عجيب منهم غاية العجب) اهـ. ملخصًا.]]، وهذا يوضح أن حواء ما قصدت الإشراك بالله من حيث الكفر، ولكن قصدت بالتسمية أن الحارث كان سبب سلامة الولد وسلامة أمه، وعلى هذا ينقطع الكلام عند قوله: ﴿آتَاهُمَا﴾.
ثم قال: ﴿فَتَعَالَى اللَّهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ﴾ [[في (ب): (تعالى)، وهو تحريف.]]. فعاد إلى الخبر عن الكفار ونزه نفسه عن إشراكهم فقال: ﴿فَتَعَالَى اللَّهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ﴾. قال ابن عباس: (يريد: أهل مكة) [[ذكره الواحدي في "الوسيط" 2/ 284، وذكره الثعلبي 6/ 30 أ، والبغوي 3/ 314 بلا نسبة.]].
وقال عبد الله بن مسلم: (وإنما جعلا له الشرك بالتسمية لا بالنية والعقد، وانتهى الكلام في قصة آدم وحواء، ثم ذكر من أشرك بالعقد والنية من ذريتهما فقال: ﴿فَتَعَالَى اللَّهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ﴾، ولو كان أراد آدم وحواء لقال: عما يشركان، وهذا يدلك [[في (ب): (يدل).]] على العموم) [["تأويل مشكل القرآن" ص 259.]]، ونحو هذا قال مقاتل، قال: (انقطع الكلام [[قال الداني في "المكتفى" ص 282: (قوله: ﴿فَلَمَّا آتَاهُمَا﴾ وقف كافٍ عند أصحاب الوقف وهو عندي تام لأنه انقضاء قصة آدم وحواء عليهما السلام، وقوله: ﴿عَمَّا يُشْرِكُونَ﴾ يريد مشركي العرب) اهـ.
وانظر: "الإيضاح" لابن الأنباري 2/ 674، و"القطع" للنحاس 1/ 268.]] عند قوله: ﴿فِيمَا آتَاهُمَا﴾. ثم ذكر كفار مكة فقال: ﴿فَتَعَالَى اللَّهُ﴾) [["تفسيرمقاتل" 2/ 80.]]. قال [[في (ب): (ثم قال).]] السدي: (هذا من الموصول والمفصول يعني: قوله: ﴿جَعَلَا لَهُ شُرَكَاءَ فِيمَا آتَاهُمَا﴾ في شأن آدم وحواء، ثم قال: ﴿فَتَعَالَى اللَّهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ﴾. قال: عما يشرك المشركون، لم يعنهما) [[أخرجه عبد الرزاق 1/ 2/ 246، والطبري 9/ 149، وابن أبي حاتم 5/ 2635 بسند جيد، وذكره السيوطي في "الدر" 3/ 179، وهذا القول هو اختيار الطبري في "تفسيره" 9/ 148، والشيخ محمَّد بن صالح العثيمين في "القول المفيد على كتاب التوحيد" 3/ 67.]].
وقال أبو بكر: (قال طائفة من أهل العلم: الذين جعلوا لله شركاء اليهود [[لفظ: (اليهود) ساقط من (ب)]] والنصارى وغيرهم من الكفار الذين هم أولاد آدم وحواء عليهما السلام، وتأويل الآية: ﴿فَلَمَّا آتَاهُمَا صَالِحًا﴾ جعل أولادهما له شركاء، فحذف المضاف) [[ذكره ابن الجوزي في "تفسيره" 3/ 304.]]. وهذا معنى قول الحسن وقتادة وعكرمة، قال الحسن: (عني بهذا من أشرك من ذرية آدم ولم يعن آدم) [[أخرجه عبد الرزاق 1/ 2/ 245، والطبري 9/ 148، من طرق جيدة، وقال ابن كثير في "تفسيره" 2/ 305: (أخرجه ابن جرير عن الحسن بأسانيد صحيحة وهو من أحسن التفاسير وأولى ما حملت عليه الآية) اهـ.]].
وروى سعيد [[سعيد هو راوية قتادة وأثبت الناس فيه، سعيد بن أبي عروبة البصري، إمام ثقة، تقدمت ترجمته.]] عن قتادة أنه كان يقول هذه الآية ويقول: (هم اليهود والنصارى رزقهم الله أولادًا فهودوا ونصّروا) [[أخرجه الطبري 9/ 148، وابن أبي حاتم 5/ 1634 بسند جيد، وذكره السيوطي في "الدر" 3/ 279، وزاد نسبته إلى (عبد بن حميد، وابن المنذر).]]. وقال عكرمة: (جعلها لمن بعد آدم ممن أشرك بالله) [[ذكره النحاس في "معانيه" 3/ 116، والثعلبي 6/ 30 ب، والبغوي 3/ 314، والقرطبي 7/ 339.]].
ويتوجه قول هؤلاء على ما ذكرنا من حذف المضاف، وهو اختيار ابن كيسان؛ لأنه قال: (هم الكفار جعلوا له شركاء، سموا أولادهم عبد العزى، وعبد اللات، وعبد مناة) [[ذكره الثعلبي 6/ 30 ب، والبغوي 3/ 314، والخازن 2/ 325، وهذا القول هو الظاهر الذي عليه أهل التحقيق، وقد استحسنه البغوي 3/ 314، والخازن 2/ 325، وقال النحاس في "معانيه" 3/ 116: (هذا القول أولى والله أعلم، من أن ينسب إلى الأنبياء عليهم السلام مثل هذا) اهـ.
وقال في "إعرابه" 2/ 167: (هذا قول حسن)، وقال القرطبي 7/ 339: (هذا قول حسن وهو الذي يعول عليه) اهـ.
وقال أبو حيان في "البحر" 4/ 440: (من جعل الخطاب للناس وليس المراد في الآية بالنفس وزوجها آدم وحواء أو جعل الخطاب لمشركي العرب ولقريش فيتسق الكلام اتساقًا حسنًا من غير تكَلف تأويل ولا تفكيك). == وقد اختار هذا القول الحافظ ابن كثير في "تفسيره" 2/ 305 - 306، وأطال في تقريره فأجاد وأفاد -رحمه الله تعالى-، وانظر: "الكشاف" 2/ 138، وابن عطية 6/ 174 - 176، والرازي 15/ 86.]].
{"ayah":"فَلَمَّاۤ ءَاتَىٰهُمَا صَـٰلِحࣰا جَعَلَا لَهُۥ شُرَكَاۤءَ فِیمَاۤ ءَاتَىٰهُمَاۚ فَتَعَـٰلَى ٱللَّهُ عَمَّا یُشۡرِكُونَ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق











