الباحث القرآني

قوله تعالى: ﴿مَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ فَلَا هَادِيَ لَهُ﴾، قال المفسرون: (ذكر علة إعراضهم عن الإيمان والقرآن وهو إضلال الله إياهم) [[انظر: "تفسير الطبري" 9/ 137، والثعلبي 6/ 27 أ، والبغوي 3/ 309، وابن الجوزي 3/ 296، والقرطبي 7/ 334، والخازن 2/ 321.]]. وقوله تعالى: ﴿وَنَذَرُهُمْ﴾ رَفْعٌ بالاستئناف، وهو مقطوع مما قبله [[هذا على قراءة الرفع، أما الجزم فلا يوقف على ما قبله ولا يبتدأ به لأنه معطوف على موضع الفاء وما بعدها من قوله: ﴿فَلَا هَادِيَ لَهُ﴾ فلا يقطع من ذلك ، أفاده الداني في "المكتفى" ص 281، وانظر: "الإيضاح" لابن الأنباري 2/ 672، و"القطع والائتناف" ص 267، و"التذكرة" لابن غلبون 2/ 429.]]. وقرأ [[قرأ عاصم وأبو عمرو: ﴿وَيَذَرُهُم﴾ بالياء ورفع الراء، وقرأ حمزة والكسائي بالياء وجزم الراء وقرأ الباقون بالنون ورفع الراء، انظر: "السبعة" ص 198، و"المبسوط" ص 187، و"التذكرة" 2/ 429، و"التيسير" ص 115، و"النشر" 2/ 273.]] أبو عمرو بالياء لتقدم اسم الله [[أي: قراءة الياء على الغيبة لتقدم اسم الله تعالى وهو على لفظ الغيبة كما في "الحجة" لأبي علي 4/ 109، وانظر: "معاني الزجاج" 2/ 393، و"إعراب النحاس" 1/ 654.]] سبحانه، وقرأ حمزة والكسائي بالياء والجزم، ووجه ذلك فيما يقول سيبويه [["الكتاب" 3/ 90، وفيه ذكر قراءة الجزم وقال: (وذلك لأنه حمل الفعل على موضع الكلام؛ لأن هذا الكلام في موضع يكون جوابًا؛ لأن أصل الجزاء الفعل، وفيه تعمل حروف الجزاء ولكنهم قد يضعون في موضع الجزاء غيره) اهـ.]]: (إنه عطف على موضع الفاء وما بعدها من قوله: ﴿فَلَا هَادِيَ لَهُ﴾؛ لأن موضع الفاء مع ما بعدها جزم بجواب الشرط). فحمل ﴿وَيَذَرُهُمْ﴾ على الموضع، والموضع جزم، كقول أبي دواد [[أبو دواد الإيادي: جارية بن الحجاج، شاعر جاهلي قديم يضرب به المثل في الجود والإجارة، وأكثر أشعاره في المدح والفخر وأوصاف الخيل، انظر: "الشعر والشعراء" ص 140، و"الأغاني" 16/ 402، و"الأعلام" 2/ 106.]]: فأبلوني بليتكم [[في (ب): (بلوتكم).]] لعلي ... أصالحُكم وأستدرجْ نويَّا [["ديوانه" ص 350، و"العسكريات" ص 115، و"العضديات" ص 120، و"الخصائص" 1/ 176، و"سر صناعة الإعراب" 2/ 701، و"تفسير ابن عطية" 6/ 164، و"شرح شواهد المغني" 2/ 839، وبلا نسبة في "معاني الفراء" 1/ 88 - 3/ 168، و"تأويل مشكل القرآن" ص 56، و"إعراب النحاس" 3/ 439، و"الخصائص" 2/ 424، و"الأمالي" لابن الشجري 1/ 428، و"البيان" 1/ 380، و"اللسان" 5/ 3082 (علل)، و"مغني اللبيب" 4232، و"الدر == المصون" 5/ 528، ونسبه ابن هشام في "المغني" 2/ 477 للهذلي، والبيت قاله في قوم جاورهم فأساءوا جواره يقول: أحسنوا لعلي أرجع إلى جواركم، وقول: فأبلوني، أي اصنعوا بي جميلاً، وأستدرج، أي أرجع أدراجي من حيث أتيت، ونويا: يريد نواي وهي النية، والمراد: الوجه الذي يقصده، والشاهد: وأستدرج، حيث جزم على المعنى على تقدير جزم أصالحكم.]] حمل (أستدرجْ) على موضع الفاء المحذوفة من قوله: (فلعلي أصالحكم)، والموضع جزم، والحمل على الموضع كثير [[ما تقدم قول أبي علي في "الحجة" 4/ 109 - 110 وأكثرهم على أنه جزم عطف على محل قوله: ﴿فَلَا هَادِيَ لَهُ﴾ وقيل: إنه سكون تخفيف لتوالي الحركات. انظر: "معاني القراءات" 1/ 431، و"إعراب القراءات" 1/ 216، و"الحجة" لابن خالويه ص 167، ولابن زنجلة ص 303، و"الكشف" 1/ 485، و"البحر" 4/ 433، و"الدر المصون" 5/ 528.]]. قوله تعالى: ﴿يَسْئَلُونَكَ﴾، قال ابن عباس: (إن قومًا من اليهود قالوا: يا محمد أخبرنا عن الساعة متى تكون إن كنت نبيًا؟) [[أخرجه الطبري 9/ 137 بسند لا بأس به، وذكره السيوطي في "الدر" 3/ 274، وزاد نسبته إلى (ابن إسحاق وأبي الشيخ) وذكره الثعلبي 6/ 17 أ، والماوردي 2/ 187، وابن عطية 6/ 165 - 166، وابن الجوزي 3/ 297، والرازي 15/ 80، والخازن 2/ 321 عن ابن عباس، وهو في "سيرة ابن هشام" 2/ 198 - 199 بلا نسبة.]]، وقال الحسن [[ذكره الماوردي 2/ 187، والواحدي في "الوسيط" 2/ 280، والرازي 15/ 80 ، عن الحسن وقتادة.]] وقتادة [[أخرجه الطبري في "تفسيره" 9/ 137 - 138 بسند جيد، وذكره السيوطي في "الدر" 3/ 274، وزاد نسبته إلى (عبد بن حميد) وذكره أكثرهم، واختار الطبري 9/ 138، عدم التخصيص، ولا يبعد حصول السؤال من الجميع، أو أن اليهود أمروا قريش أن تسأل عن ذلك. والله أعلم.]]: (هم قريش، لمحمد ﷺ: أسرَّ إلينا متى الساعة؟). وقوله تعالى: ﴿عَنِ اَلسَّاعَةِ﴾. قال عطاء عن ابن عباس: (يريد: التي لا بعدها ساعة) [[انظر: "تنوير المقباس" 2/ 145.]]. وقال الزجاج [["معاني الزجاج" 2/ 293، وانظر: "إعراب النحاس" 1/ 654.]]: (الساعة [[لفظ: (الساعة) ساقط من (ب).]] هاهنا الساعة التي يموت فيها الخلق)، وقد ذكرنا فيما تقدم معنى الساعة، وقوله تعالى: ﴿أَيّاَنَ﴾ معناه: الاستفهام [[انظر: "الكتاب" 4/ 235، و"تأويل مشكل القرآن" ص 522، و"حروف المعاني" للزجاجي ص 12، و"نزهة القلوب" ص 74، و"تهذيب اللغة" 1/ 243 (أيان)، و"المحتسب" 1/ 268، و"الصحاح" 5/ 2076 (أين)، و"الصاحبي" ص 201، وقال أبو حيان في "البحر" 4/ 419، والسمين في "الدر" 5/ 529: (أيان ظرف زمان مبني لا يتصرف ويليه المبتدأ أو الفعل المضارع دون الماضي وأكثر استعمالها في الاستفهام، وقد تأتي شرطية جازمة لفعلين وذلك قليل فيها). قال أبو حيان: (وهي عندي حرف بسيط لا مركب وجامد لا مشتق). وقال السمين: (الفصيح فتح همزتها وهي قراءة العامة وقرئ بكسرها وهي لغة سليم) اهـ. وانظر: "الإتقان" للسيوطي 1/ 214.]] عن الوقت الذي لم يجيء، وهو سؤال عن الزمان [[في (ب): (وهو سؤال عن السؤال على جهة الظرف) وهو تحريف.]] على جهة الظرف للفعل كقول الراجز [[لم أقف على قائله وهو في: "مجاز القرآن" 1/ 234، و"تفسير الطبري" 9/ 138، والثعلبي 6/ 27 ب، والماوردي 2/ 284، وابن عطية 6/ 166، و"الفريد" للهمداني 2/ 390 ، والقرطبي 7/ 335، و"اللسان" 13/ 4 (أبن)، و"البحر" 4/ 419، و"الدر المصون" 5/ 529 وتمامه: أما ترى لنجحها إبانا= وإبان كل شيء بالكسر والتشديد وقته وحينه الذي يكون فيه انظر: "اللسان" 1/ 12 (ابن).]]: أيان تقضي حاجتي أيانا أي: متى أوان قضائها. وقوله تعالى: ﴿مُرْسَاهَا﴾. المرسى: مفعل من الإرساء وهو الإثبات، يقال: رسا [[في (ب): "رسى".]] الشيء يرسو إذا ثبت وأرساه غيره، قال الله تعالى: ﴿وَالْجِبَالَ أَرْسَاهَا﴾ [النازعات: 32]. والمرسى [[في (ب): "والمرسا".]] هاهنا مصدر بمعنى: الإرساء كقوله: ﴿بِسْمِ اللَّهِ مَجْرَاهَا وَمُرْسَاهَا﴾ [هود: 41]. أي: إجراؤها وإرساؤها [[انظر: "العين" 7/ 290، و"تهذيب اللغة" 2/ 1403، و"الصحاح" 6/ 2356، و"المجمل" 2/ 377، و"مقاييس اللغة" 2/ 394، و"المفردات" ص 354، و"اللسان" 3/ 1647 (رسا).]]، فمعنى ﴿أَيَّانَ مُرْسَاهَا﴾ متى يقع إثباتها، قال قتادة [[أخرجه الطبري 9/ 138 بسند جيد عن قتادة، وذكره النحاس في "معانيه" 3/ 110، والثعلبي 6/ 27 ب، والبغوي 3/ 309، عن قتادة.]] والسدي [[أخرجه ابن أبي حاتم 5/ 1626 بسند جيد عن السدي، وذكره الماوردي 2/ 284، وهو قول الطبري 9/ 138، والسمرقندي 1/ 587.]]: (﴿مُرْسَاهَا﴾ قيامها)، وهو معنى وليس تفسير. وقال الزجاج: (متى وقوعها) [["معاني الزجاج" 2/ 293 وهو قول اليزيدي في "غريب القرآن" ص 154، والنحاس في "إعرابه" 1/ 654.]]. وقال ابن قتيبة: (متى ثبوتها) [["تفسير غريب القرآن" 1/ 183، وهو قول مكي في "تفسير مشكل القرآن" ص 88، وانظر: "مجاز القرآن" 1/ 234.]]؛ وذلك أنها إذا أثبتت وقعت وثبتت [["المعاني متقاربة"، وقد أخرج الطبري 9/ 138، وابن أبي حاتم 5/ 1626 من طرق جيدة عن ابن عباس قال: (منتهاها) قال الطبري: (وهو قريب من معنى من قال: قيامها لأن انتهاءها بلوغها وقتها، وأصل ذلك الحبس والوقوف) اهـ.]]. وقوله تعالى: ﴿قُلْ عِلْمُهَا عِنْدَ رَبِّي﴾. أي: العلم بوقتها و [[لفظ: (الواو) ساقط من (ب).]] وقوعها، وهذا من باب إضافة المصدر [[انظر: "التبيان" 1/ 397، و"الفريد" 2/ 391، و"الدر المصون" 5/ 530.]] إلى المفعول، والمعنى: أنه مستأثر بذلك العلم فلا يعلمها إلا هو، قال أهل المعاني: (والمعنى في إخفاء أمر الساعة وعلمها عن العباد أنهم إذا لم يعلموا متى تكون كانوا على حذر منها، فيكون ذلك أدعى إلى الطاعة، وأزجر في المعصية) [[ذكره الرازي 15/ 80 - 81، والخازن 2/ 322، عن المحققين.]]. وقوله تعالى: ﴿لَا يُجَلِّيهَا لِوَقْتِهَا إِلَّا هُوَ﴾. قال الزجاج [["معاني الزجاج" 2/ 393.]] وابن مسلم [["تفسير غريب القرآن" ص 184، وهو قول أكثرهم. انظر: "مجاز القرآن" 1/ 235، و"غريب القرآن" ص 155، و"تفسير الطبري" 9/ 138، و"نزهة القلوب" ص 479، و"معاني النحاس" 3/ 110، و"تفسير المشكل" ص 88.]]: (لا يظهرها في وقتها إلا هو)، وهو معنى قول مجاهد [["تفسير مجاهد" 1/ 252، وأخرجه الطبري 9/ 138، وابن أبي حاتم 5/ 1627 من طرق جيدة، وأخرج الطبري بسند جيد عن قتادة والسدي نحوه.]]: (لا يأتي بها إلا هو)، وقال المبرد: (لا يقيمها عند وقتها إلا هو) [[لم أقف عليه، وانظر: "الكامل" للمبرد 1/ 442 و2/ 496، 1052.]]، نظيره قوله تعالى: ﴿لَيْسَ لَهَا مِنْ دُونِ اللَّهِ كَاشِفَةٌ﴾ [النجم: 58]. والتجلية [[انظر: "تهذيب اللغة" 1/ 625، و"الصحاح" 6/ 2303، و"مقاييس اللغة" 1/ 468 (جلا).]] إظهار الشيء، والتجلي ظهوره، وقد مر. وقوله تعالى: ﴿ثَقُلَتْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ﴾. قال ابن عباس [[أخرج أبو عبيد في كتاب: "اللغات" ص 107، و"ابن حسنون" ص 26، بسند جيد عن ابن عباس قال: (﴿ثَقُلَتْ﴾ خفيت بلغة قريش) اهـ.]]: (يريد: ثقلت على أهل السموات وأهل الأرض) [["تنوير المقباس" 2/ 145، وزكره الواحدي في "الوسيط" 2/ 281، وابن الجوزي 3/ 298، وأخرج ابن أبي حاتم 5/ 1627 بسند ضعيف عن ابن عباس في الآية، قال: (ليس شيء من الخلق إلا يصيبه من ضرر يوم القيامة) اهـ. وذكره السيوطي في "الدر" 3/ 274.]]؛ يريد: كلهم خائفون من الله، المحسن والمسيء؛ وهذا معنى قول الحسن [[أخرجه عبد الرزاق 1/ 2/ 245، والطبري 9/ 139، وابن أبي هاشم 5/ 1627 بسند ضعيف، وذكره هود الهواري 2/ 63، والثعلبي 6/ 27 ب، والمارودي 2/ 285، والبغوي 3/ 310، وابن عطية 6/ 167، والرازي 15/ 81.]]؛ يقول: (إذا جاءت ثقلت على السموات والأرض وأهلهما [[في (ب): (وأهلها).]]، أي: كبرت وعظمت لما فيها من انتشار النجوم، وتكوير الشمس، وتسيير الجبال). ونحو من ذلك قال ابن جريج [[أخرجه الطبري 9/ 139، بسند جيد عن ابن جريج، وقتادة والسدي، وذكره ابن عطية 6/ 167، وابن الجوزي 3/ 298، والقرطبي 7/ 335، عن ابن جريج، وقتادة والسدي، وذكره الماوردي 2/ 285، عن ابن جريج والسدي.]]، وقتادة والكلبي [[أخرجه عبد الرزاق 1/ 2/ 244، بسند جيد عن قتادة والكلبي، وأخرجه ابن أبي حاتم 2/ 285، بسند جيد عن قتادة.]]: (ثقل علمها على أهل السموات وأهل [[لفظ: (أهل) ساقط من (ب).]] الأرض [[في (ب) جاء بعد قوله: (والأرض) تكرار قوله: "وأهلها أي كبرت وعظمت، إلى (والأرض).]]، فلم يطيقوا إدراكًا لها) [[إدراكًا لها: أي تحديد وقتها، وأصل الإدراك اللحوق، وأدرك الشيء أي بلغ وقته، انظر: "اللسان" 3/ 1363 (درك).]]، وهو قول السدي [[أخرجه الطبري 9/ 139، وابن أبي حاتم 5/ 1627، بسند جيد، وذكره الرازي 15/ 81.]]، واختيار الفراء وابن قتيبة. [قال الفراء: (ثقل علمها على أهل الأرض والسماء أن يعلموه) [["معاني الفراء" 1/ 399، وهو قول ابن الأنباري في "الإيضاح" 2/ 673.]]. وقال [[في (أ): (فقال).]] ابن قتيبة: (أي] [[ما بين المعقوفين ساقط من (ب).]] خفي علمها على أهل السموات والأرض وإذا خفي الشيء ثقل) [["تفسير غريب القرآن" ص 184، وهو قول أكثرهم، انظر: "مجاز القرآن" 1/ 235، و"نزهة القلوب" ص 184، و"معاني النحاس" 3/ 111، و"تفسير المشكل" ص 88، والظاهر أن الأقوال متقاربة والمعنى: ثقل علمها على أهل السماء والأرض وعظم شأنها وثقل وقوعها، والرب تقول لكل شيء عظيم أو نفيس أو خطير: ثقيل، انظر: "تهذيب اللغة" 1/ 490 (ثقل).]]، وذكر أبو إسحاق القولين جميعًا فقال: (قال بعض القوم: ثقل علمها على أهل السموات [[في (ب): خلط فجاء: "على أهل الأرض والسماء أن يعلموه، وقال ابن قتيبة: أي على أهل السموات والأرض، وقال قوم .. ".]] والأرض، وقال قوم: ثقل وقوعها على أهل السموات والأرض، ثم أعلم الله عز وجل كيف وقوعها فقال: ﴿لَا تَأْتِيكُمْ إِلَّا بَغْتَةً﴾، أي: فجأة) [[لم يذكر الزجاج في "معانيه" 2/ 293 إلا القول الثاني مع أنه قال: (قيل: فيه قولان قال: قوم ثقل وقوعها ..).]] على غفلهَ منكم وذلك أشدّ لها كما قال [["الشاهد" ليزيد بن صبة الثقفي في "مجاز القرآن" 1/ 193، و"الكامل" للمبرد 1/ 151، و"اللسان" 1/ 317 (بغت)، و"عمدة الحفاظ" ص 56، وبلا نسبة في: "العين" 4/ 397، و"الجمهرة" 1/ 255 - 2/ 1043، و"الزاهر" 2/ 6، و"البارع" ص 356، و"تهذيب اللغة" 1/ 364، و"الصحاح" 1/ 243، و"المجمل" 1/ 130، و"مقاييس اللغة" 1/ 272 (بغت)، و"تفسير الماوردي" 2/ 285، وأوله: ولكنَّهم بانوا ولم أدر بغتة.]]: وأفظع شيء حين يفجؤك [[في النسخ: (يفجأك)، وهو خلاف ما في المراجع.]] البغتُ و [[لفظ: (الواو) ساقط من (ب).]] قوله تعالى: ﴿يَسْأَلُونَكَ كَأَنَّكَ حَفِيٌّ عَنْهَا﴾. قال الفراء [[لم أقف عليه، وفي "معاني الفراء" 1/ 399 قال: ﴿كَأَنَّكَ حَفِيٌّ عَنْهَا﴾ مقدم ومؤخر ومعناه: يسألونك عنها كأنك حفي بها، ويقال: في "التفسير" كأنك حفي أي: كأنك عالم بها) اهـ. وقال أبو علي الفارسي في "البصريات" ص 1/ 465: (﴿حَفِيٌّ عَنْهَا﴾ أي: عالم بها) اهـ.]]: (جاء في التفسير عن ابن عباس [[أخرج الطبري 9/ 140، 141، وابن أبي حاتم 5/ 1628 بسند جيد عن ابن عباس قال: (أي: كأنك يعجبك سؤالهم إياك: ﴿قُلْ إِنَّمَا عِلْمُهَا عِنْدَ اللَّهِ﴾) اهـ. وأخرجا عنه بسند ضعيف قال: (أي: كأنك بينك وبينهم مودة كأنك صديق لهم) اهـ. وأخرج الطبري بسند ضعيف عنها قال: (أي: قرب منهم وتحفى عليهم) اهـ. وقال اليزيدي في "غريب القرآن" ص155: (أي: عالم بها والمعنى: يسألونك == كأنك تحفي. وجاء عن ابن عباس أنه قال: كأنك حفي بهم أي: فرح بهم حين يسألونك. ويقال للقاضي والحاكم: الحافي، وقد تحفينا إلى فلان إذا تحاكمنا) اهـ.]]، كأنك حفيّ بهم إذا سألوك حين يسألونك عنها أي: فرح بهم). لعلى هذا التقدير: يسألونك عنها كأنك حفي بهم أي: بارّ بهم لطيف. قال ابن الأعرابي: (يقال: حَفِي بي حفاوة، وتحفى بي تحفيًا، والتحفي: الكلام واللقاء الحسن) [["تهذيب اللغة" 1/ 859، وانظر: "العين" 3/ 305، و"مجالس ثعلب" ص 350، و"المنجد" لكراع ص 117، "الجمهرة" 1/ 557، و"الصحاح" 6/ 2316، و"المجمل" 1/ 243، و"مقاييس اللغة" 2/ 83، و"المفردات" ص 245، و"اللسان" 2/ 935 (حفاً).]]، ومنه قوله: ﴿إِنَّهُ كَانَ بِي حَفِيًّا﴾ [مريم: 47]. أي: بارًا لطيفًا يجيب [[في (ب): (ويجيب).]] دعائي إذا دعوته، وهو [[في (ب): (وهذا).]] قول الحسن [[ذكره هود الهواري 2/ 63، والرازي 15/ 82.]] وقتادة [[أخرجه عبد الرزاق في "تفسيره" 1/ 2/ 245 بسند جيد. وذكره ابن عطية 6/ 167، والرازي 15/ 82.]] والسدي [[أخرجه الطبري 9/ 141 بسند جيد، وذكره الرازي 15/ 82.]]، ويؤيد هذا القول ما روي في "التفسير": (إن قريشًا قالت لمحمد: إن بيننا وبينك قرابة، فأسر إلينا متى الساعة؟ فقال الله تعالى: ﴿يَسْأَلُونَكَ كَأَنَّكَ حَفِيٌّ﴾) [[أخرجه عبد الرزاق 1/ 2/ 245، والطبري 9/ 140، وابن أبي حاتم 5/ 1628 من طرق جيدة عن قتادة وهو مرسل.]]، أي: كأنك صديق لهم، بار بهم، فهم يدلون إليك بالقرابة في طلب علم الساعة يعني: أنك لا تكون حفيًّا بهم ما داموا على كفرهم، وقال [[يعني ابن عباس بعد ذكر رواية الفراء عنه.]] في رواية عطاء: (﴿كَأَنَّكَ حَفِيٌّ عَنْهَا﴾، يريد: خابرٌ بأمرها) [[أخرجه ابن أبي حاتم 5/ 1628 بسند ضعيف، وأخرج ابن حسون في كتاب "اللغات" ص 34، و"الوزان" 6 أبسند جيد عنه قال: (عالم بلغة قريش) اهـ.]]. وهو قول مجاهد [["تفسير مجاهد" 1/ 251 - 252. وأخرجه الطبري 9/ 1416، وابن أبي حاتم 5/ 1628 من طرق جيدة، وفي رواية عند الطبري قال: (حفي بهم حين يسألونك) وفي رواية: (استحفيت عنها السؤال حتى علمتها)، وصحح هذه الرواية ابن كثير في "تفسيره" 2/ 301، وجاء في رواية عند ابن أبي حاتم قال: (حفي بهم تشتهي أن يسألونك عنها).]]. والضحاك وابن زيد [[أخرجه الطبري 9/ 141 من طرق جيدة عن الضحاك وابن زيد، وذكره الثعلبي 6/ 28 أعن ابن عباس وقتادة ومجاهد والضحاك.]] ومعمر [[أخرجه الطبري 9/ 141 بسند جيد عن معمر بن راشد الأزدي عن بعضهم، ولعله الكلبي كما أخرجه عبد الرزاق 1/ 2/ 245 عن معمر عن الكلبي، وذكره الماوردي 2/ 285، عن مجاهد والضحاك وابن زيد ومعمر.]] قالوا: (معناه: كأنك عالم بها). واختاره ابن قتيبة، وعلى هذا القول ﴿حَفِيٌّ﴾ فعيل من الإحفاء وهو الإلحاح والإلحاف في السؤال، ومن أكثر [[في (ب): (ومن كبر)، وهو تحريف.]] السؤال والبحث عن الشيء علمه، فحقيقة معنى ﴿حَفِيٌّ عَنْهَا﴾ [كأنك أكثرت المسألة، قال ابن قتيبة: ﴿كَأَنَّكَ حَفِيٌّ عَنْهَا﴾] [[ما بين المعقوفين ساقط من (ب).]]، (أي: معنيُّ بطلب علمها، ومنه يقال: تحفى فلان بالقوم) [["تفسير غريب القرآن" ص 184، ومثله قال السجستاني في "نزهة القلوب" ص 203، ومكي في "تفسير المشكل" ص 88.]]. وقال أبو عبيدة: (هو [[في (أ): (وهو).]] من قولهم: تحفى فلان بالمسألة أي: استقصى) [["تفسير الرازي" 15/ 82، وفي "مجاز القرآن" 1/ 235 قال: (أي: حفي بها ومنه قولهم: تحفيت به في المسألة) اهـ.]]. وقال ابن الأنباري: (﴿كَأَنَّكَ حَفِيٌّ عَنْهَا﴾، أي: سؤول عنها، والحفي الشديد السؤال، ومن ذلك قول الأعشى [["ديوان الأعشى الكبير" ص 151، و"العين" 3/ 306، و"تهذيب اللغة" 1/ 859، و"الصحاح" 6/ 2316، و"المجمل" 1/ 243، و"مقاييس اللغة" 2/ 83، و"الفريد" 2/ 392، و"تفسير القرطبي" 7/ 336، و"اللسان" 2/ 935 - 936 (حقاً)، و"الدر المصون" 5/ 532، وحفي أي: سأل عن حاله مبالغ في إكرامه والتلطف به، وأصعد أي: ذهب في البلاد.]]: فإن تسألي عني في ربَّ سائلٍ ... حفي عن الأعشى به حيث أصعدا) [["شرح القصائد" ص 447، و"الزاهر" 1/ 348، و"تهذيب اللغة" 1/ 859، قال في "شرح القصائد" أي: كأنك معني بها مستقصٍ في السؤال عنها.]] وذكر أبو إسحاق القولين وقرب بينهما فقال: (﴿كَأَنَّكَ حَفِيٌّ﴾ أي: كأنك فرح بسؤالهم، يقال: قد تحفيت بفلان في المسألة [[في (ب): (بالمسألة).]] إذا سألت عنه سؤالًا، أظهرت فيه المحبة والبر، قال: وأحفى فلان بفلان في المسألة فإنما تأويله: الكثرة، قال: وقيل: ﴿كَأَنَّكَ حَفِيٌّ عَنْهَا﴾ كأنك أكثرت المسألة عنها) [["معاني الزجاج" 2/ 393 - 394.]]؛ فالقولان راجعان إلى كثرة السؤال؛ لأن العالم بالشيء هو الذي أكثر السؤال عنه حتى تيقنه، واللطيف البار بالإنسان بكثير [[في (ب): (بكثرة)، وهو تحريف.]] السؤال عنه وعن أحواله [[والراجح -والله أعلم- أن المعنى: كأنك عالم بها وقد أخفى الله علمها على خلقه لأنه ظاهر الآية، قال ابن كثير 2/ 302: (هذا القول أرجح في المقام) اهـ. وقال الشوكاني في "تفسيره" 2/ 398 - 399، وصديق خان في "فتح البيان" 5/ 94: (هذا هو معنى النظم القرآني على مقتضى المسلك العربي) اهـ.]]. قاما قوله ﴿حَفِيٌّ عَنْهَا﴾، والحفاوة إنما توصل بالباء كقوله: ﴿إِنَّهُ كَانَ بِي حَفِيًّا﴾ [مريم: 47]. قال الفراء [["معاني الفراء" 1/ 399، وهو قول الداني في "المكتفى" ص 282.]] والزجاج [["معاني الزجاج" 2/ 393 وهو قول النحاس في "معانيه" 3/ 111، وانظر: "القطع" للنحاس 1/ 268.]] وابن الأنباري [["الزاهر" 1/ 348 وهو قول اليزيدي في "غريبه" ص 155، والسجستاني في "نزهة القلوب" ص 203، وحكاه النحاس في "إعرابه" 1/ 654 - 655، والثعلبي 6/ 28/ أعن أهل التفسير، وقال السمين في "الدر" 5/ 531: (لا حاجة إلى التقديم والتأخير لأن هذه كلها متعلقات للفعل فجملة ﴿كَأَنَّكَ حَفِيٌّ﴾ حال من مفعول ﴿كَأَنَّكَ حَفِيٌّ﴾ معترض وصلتها محذوفة أي: حفي بها أو عن بمعنى: الباء ويضمن معنى شيء يتعدى بعن أي: كأنك كاشف بحفاوتك عنها) اهـ. بتصرف.]]: (هو على التقديم والتأخير، أي ﴿يَسْأَلُونَكَ﴾ عنها [[في (ب): (عنهما)، وهو تحريف.]] ﴿كَأَنَّكَ حَفِيٌّ﴾ فعن من صلة السؤال)، وقال قوم [[وهو قول الطبري 9/ 142، وحكاه النحاس في "إعرابه" 1/ 655، عن المبرد قال: (المعنى ﴿كَأَنَّكَ حَفِيٌّ﴾ بالمسألة عنها أي: مُلح) اهـ.]]: (معنى ﴿حَفِيٌّ﴾ سؤول) كما ذكرنا، وإذا كان بمعنى: السؤال صح أن يوصل بعن كبيت [[في (ب): (كقول).]] الأعشى. وقال أبو علي الفارسي: (الآية تحتمل أمرين، أحدهما: أن تجعل ﴿عَنْهَا﴾ متعلقًا بالسؤال كأنه ﴿يَسْأَلُونَكَ﴾ عنها ﴿كَأَنَّكَ حَفِيٌّ﴾ بها فحذف الجار والمجرور، وحسن ذلك لطول الكلام بِعَنْهَا التي من صلة السؤال، قال [[هذا هو الثاني وذكر الطبري 9/ 140 - 142 مثله.]]: ويجوز أن يكون ﴿عَنْهَا﴾ بمنزلة بها، وتصل الحفاوة مرة بالباء، ومرة بعن، كما أن السؤال يوصل بهما) [["الحجة" لأبي علي 2/ 214، وانظر: "غرائب الكرماني" 1/ 430، و"التبيان" ص 397، و"الفريد" 2/ 391، و"البحر" 4/ 435.]]، وذكرنا [[انظر: "البسيط" النسخة الأزهرية 1/ 83 أ.]] ذلك في قوله: ﴿وَلَا تُسْأَلُ عَنْ أَصْحَابِ الْجَحِيمِ﴾ [البقرة: 119]. وقوله تعالى: ﴿قُلْ إِنَّمَا عِلْمُهَا عِنْدَ اللَّهِ﴾. أعاد هذا لأن هذا الثاني وصل [[في (أ): (واصل).]] بقوله: ﴿وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ﴾، أي: لا يعلمون أن علمها عند الله حين سألوا محمدًا عما لم يطلعه [[في (ب): (لم أطلعه عليه)، وهو تحريف.]] الله عليه ولا أحدًا من خلقه [[في (ب): (خلقي)، وهو تحريف.]]، وهذا معنى قول ابن عباس [[أخرجه الطبري 9/ 142، وابن أبي حاتم 5/ 1629، بسند ضعيف عن ابن عباس في الآية قال: (لما سأل الناس محمدًا ﷺ عن الساعة سألوه سؤال قوم وكأنهم يرون أن محمدًا حفي بهم فأوحى الله إليه: إنما علمها عنده استأثر بعلمها فلم يُطلع عليها ملكًا ولا رسولاً) اهـ. وكرر الجواب لتقرير الحكم، وتأكيده ولكل أن ذلك الجواب لا يرجى غيره، وأن الحصر في قوله: ﴿إِنَّمَا عِلْمُهَا عِنْدَ رَبِّي﴾ حقيقي، ولما تضمنه قوله: ﴿كَأَنَّكَ حَفِيٌّ عَنْهَا﴾ من الزيادة والإنكار، وقيل: السؤال الأول: عن وقت قيام الساعة، والثاني: عن مقدار شدتها ومهابتها. انظر: "الكشاف" 2/ 134 - 135، مع "حاشية ابن المنير" عليه ، وابن عطية 6/ 169، والرازي 15/ 82، وابن عاشور 9/ 205 - 206.]]. قوله تعالى: ﴿قُلْ لَا أَمْلِكُ لِنَفْسِي﴾ الآية [الأعراف:188]. اختلفوا في وجه تفسير هذه الآية، فقال [[في (ب): (فقال مقال مقاتل هذه ..).]] مقاتل: (هذه الآية متصلة بما قبلها، ومعنى قوله: ﴿قُلْ لَا أَمْلِكُ لِنَفْسِي نَفْعًا وَلَا ضَرًّا﴾ لا أملك أن أسوق إليها خيرًا أو أدفع عنها سوءًا حين ينزل بي، فكيف أعلم وأملك علم الساعة) [["تفسير مقاتل" 2/ 78، وذكره الثعلبي 6/ 28 ب.]]. وقوله تعالى: ﴿إِلَّا مَا شَاءَ اللَّهُ﴾. أي: إلا ما شاء الله أن يملكني إياه بالتمكين منه. وقوله تعالى: ﴿وَلَوْ كُنْتُ أَعْلَمُ الْغَيْبَ لَاسْتَكْثَرْتُ مِنَ الْخَيْرِ﴾. أي: من معرفته حتى أجيب في كل ما أُسأل عنه من الغيب في الساعة وغيرها، وحتى لا يخفى علي شيء، وتم الكلام [[قال الداني في "المكتفى" ص 282: (قوله تعالى: ﴿وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ﴾ [الأعراف: 187] وقف تام وقوله: ﴿إِلَّا مَا شَاءَ اللَّهُ﴾ [الأعراف: 188] كافٍ. وقوله: ﴿وَمَا مَسَّنِيَ السُّوءُ﴾ أكفى منه وقوله ﴿لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ﴾ [الأعراف: 188] تام) اهـ. ونحوه قال ابن الأنباري في "الإيضاح" 2/ 673 والنحاس في "القطع" 1/ 268، وذكر قول الواحدي الرازي في "تفسيره" 15/ 84 - 85، وقال: (هذا عندي بعيد جدًا، يوجب تفكيك نظم الآية) اهـ. وقال أبو حيان في "البحر" 4/ 437: (هذا القول فيه تفكيك لنظم الكلام واقتصار على أن يكون جواب لو ﴿لَاسْتَكْثَرْتُ مِنَ الْخَيْرِ﴾ [الأعراف:188] فقط، وتقدير حصول علم الغيب يترتب عليه الأمران، لا أحدهما، فيكون إذ ذاك جوابًا قاصرًا) اهـ.]] هاهنا. ثم قال: ﴿وَمَا مَسَّنِيَ السُّوءُ﴾. أي: ليس بي جنون، وذلك لأنهم نسبوه إلى الجنون كما ذكرنا في قوله: ﴿مَا بِصَاحِبِهِمْ مِنْ جِنَّةٍ﴾ [[في (ب) كما ذكرنا في قوله: ﴿مَا بِصَاحِبِهِمْ مِنْ جِنَّةٍ﴾ وهي الآية (46) من سورة سبأ، وانظر: "البسيط النسخة الأزهري" 4/ 170 ب سورة سبأ تفسير الآية (46).]] [الأعراف: 184] فقال: {وَمَا مَسَّنِيَ السُّوءُ إِنْ أَنَا إِلَّا نَذِيرٌ وَبَشِيرٌ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ}. قال ابن عباس: (﴿نَذِير﴾ لمن لا يصدق بما جئت به، ﴿بشِيرٍ﴾ لمن اتبعني وآمن بي) [[ذكره الواحدي في "الوسيط" 2/ 282، وأخرج ابن أبي حاتم 5/ 1630، بسند جيد عنه قال: (نذير من النار ومبشر بالجنة) اهـ.]]، وعلى هذا فلم يذكر إحدى الطائفتين لدلالة الكلام عليه كقوله: ﴿سَرَابِيلَ تَقِيكُمُ الْحَرَّ﴾ [النحل: 81]. ويجوز أن يكون نَذِيرٌ وَبَشِيرٌ للمؤمنين مخصوصًا هاهنا، وإن كان بعث إلى الكافة بالتبشير والإنذار؛ لأن نفع ذلك عاد إلى المؤمنين فاختصوا به واختص بهم كما قال: ﴿إِنَّمَا أَنْتَ مُنْذِرُ مَنْ يَخْشَاهَا﴾ [[في: (أ): (إنما أنا منذر)، وهو تحريف.]] [النازعات: 45]. وقد مضى [[انظر: "البسيط" تفسير سورة البقرة الآية (119).]] لهذا ما يشبهه [[في (ب): (ما يشبه)، وهو تحريف.]] من النظائر. وقال ابن عباس: (إن أهل مكة قالوا: يا محمد ألا يخبرك ربك بالسعر الرخيص قبل أن يغلو فتشتري [[في (ب): (فنشتري من الرخيص لنربح عليه).]] لتربح عليه عند الغلاء، وبالأرض التي تريد أن تجدب فترتحل [[في (ب): (فيرتحل).]] منها، فأنزل الله هذه الآية) [[ذكره الثعلبي 6/ 28 أ، والبغوي 3/ 310، وابن الجوزي 3/ 299، والخازن 2/ 323، و"البحر" 4/ 435 - 436، عن ابن عباس، وذكره السمرقندي 1/ 587، والواحدي في "الوسيط" 2/ 282، و"أسباب النزول" ص 232، عن الكلبي.]]. فعلى هذا معنى قوله: ﴿قُلْ لَا أَمْلِكُ لِنَفْسِي نَفْعًا﴾، أي: اجتلاب نفع بأن أربح، ﴿وَلَا ضَرًّا﴾ أي: دفع ضر بأن أرتحل عن الأرض التي تريد أن تجدب [[هذا قول الفراء في "معانيه" 2/ 400، ورواه ابن أبي حاتم 5/ 1629، بسند ضعيف عن ابن عباس، وذكره الماوردي 2/ 285 - 285، وقال: (هذا قول شاذ) اهـ.]]، ﴿إِلَّا مَا شَاءَ اللَّهُ﴾ أن أملكه، ﴿وَلَوْ كُنْتُ أَعْلَمُ الْغَيْبَ﴾ أي: ما يكون قبل أن يكون، ﴿لَاسْتَكْثَرْتُ مِنَ الْخَيْرِ﴾، [أي: لاحتجزت في زمان الخصب لزمن الجدب. ﴿وَمَا مَسَّنِيَ السُّوءُ﴾، وما أصابني الضر والفقر. وقال ابن جريج [[أخرجه الطبري 9/ 142، بسند جيد، وذكره الثعلبي 6/ 28 أ، والماوردي 2/ 285، والبغوي 3/ 311، والسيوطي في "الدر" 3/ 276.]]: (﴿لَا أَمْلِكُ لِنَفْسِي نَفْعًا وَلَا ضَرًّا﴾، يعني: الهدى والضلالة. ﴿وَلَوْ كُنْتُ أَعْلَمُ الْغَيْبَ﴾ متى أموت. ﴿لَاسْتَكْثَرْتُ مِنَ الْخَيْرِ﴾] [[ما بين المعقوفين ساقط من (ب).]] من العمل الصالح على حسب علمي به) أي: إن من يعلم الغيب إنما يعمل الأفضل لعلمه بعلوه على الأدون. ﴿وَمَا مَسَّنِيَ السُّوءُ﴾، أي: واجتنبت ما سيكون من الشر واتقيته. قاله ابن زيد [[أخرجه الطبري 9/ 143، وذكره الثعلبي 6/ 28 ب، والبغوي 3/ 311، والسيوطي في "الدر" 3/ 276.]] وهذا مذهب الحسن [[في (ب): "الحسين" وهو تصحيف. وذكره الماوردي 2/ 286، وابن الجوزي 3/ 300، والقرطبي 7/ 337، عن الحسن البصري.]] الكلبي [[انظر: "تنوير المقباس" 2/ 146.]]، وقد حصل في تفسير هذه الآية ثلاثة [[والظاهر العموم وعدم التعيين في النفع والضر والغيب وتحمل الأقوال على التمثيل لا الحصر وهذا هو اختيار الجمهور. انظر: الطبري 142 - 143، و"معاني الزجاج" 2/ 394، و"النحاس" 3/ 112 ، و"إعراب النحاس" 1/ 655، و"تفسير ابن عطية" 6/ 170، وابن الجوزي 3/ 299، والرازي 15/ 83 - 84، والقرطبي 7/ 339، و"البحر" 4/ 437.]] أوجه، وفيها تكذيب للقدرية [[انظر: "تفسير الرازي" 15/ 83 - 84]] حيث جوّزوا أن يستبد الإنسان بقدرة يجتلب بها المنافع ويدفع بها المضار.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب