الباحث القرآني

وقوله تعالى: ﴿وَإِذْ قَالَتْ أُمَّةٌ مِنْهُمْ﴾ الآية. قال أهل التفسير [[أخرجه الطبري 9/ 93 - 98 من عدة طرق جيدة عن ابن عباس وقتادة، وأخرج عبد الرزاق في "تفسيره" 1/ 2/ 239، وابن أبي حاتم 5/ 1600، والحاكم وصححه 2/ 322، من عدة طرق جيدة عن ابن عباس، وانظر: "تفسير السمرقندي" 1/ 577، والثعلبي 6/ 14 أ، والماوردي 2/ 272 - 273.]]: (افترق أهل القرية ثلاث فرقٍ؛ فرقة صادت وأكلتْ، وفرقة نهت وزجرت، وفرقة أمسكت عن الصيد، وقالت للفرقة الناهية: ﴿لِمَ تَعِظُونَ قَوْمًا اللَّهُ مُهْلِكُهُمْ﴾). قال الزجاج: (لاموهم على موعظة قوم يعلمون أنهم غير مقلعين، فقالت الفرقة الناهية للذين لاموهم: ﴿مَعْذِرَةً إِلَى رَبِّكُمْ﴾، أي: موعظتنا إياهم ﴿مَعْذِرَةً إِلَى رَبِّكُمْ﴾ والمعنى: أن الأمر بالمعروف واجب علينا، فعلينا موعظة هؤلاء عذرًا إلى الله تعالى) [[انظر: "معاني الزجاج" 2/ 385، و"تفسير الطبري" 9/ 92، و"معاني النحاس" 3/ 94، و"تهذيب اللغة" 3/ 2365 (عذر).]]، والمعذرة مصدر كالعذر. و [[لفظ: (الواو) ساقط من (ب).]] قال أبو زيد: (عذرته أعذِره عُذرًا ومعذِرةً وعُذرَى) [["الحجة" لأبي علي 4/ 97، و"تفسير الرازي" 15/ 38.]]، ومعنى عذره في اللغة [[انظر: "العين" 2/ 93، و"الجمهرة" 2/ 692، و"الصحاح" 2/ 737، و"المجمل" 3/ 654، و"مقاييس اللغة" 4/ 253، و"المفردات" ص 555، و"اللسان" 5/ 2854 (عذر).]]: قام بعذرهِ، وقبل [[في (ب): (وقيل).]] عذره، يقال: من يعذرني، أي: من يقوم بعذري، وعذرت فلانًا فيما صنع، أي: قمت بعذره، فعلى هذا معنى قوله: ﴿مَعْذِرَةً إِلَى رَبِّكُمْ﴾ أي: قيام منا بعذر أنفسنا إلى الله، فإنا إذا طولبنا بإقامة النهي عن المنكر، قلنا: قد فعلنا، فنكون بذلك معذورين. وقال الأزهري: (المعذرة اسم على مفعلة من عذر يعذر، وأقيم مقام الاعتذار، كأنهم قالوا: موعظتنا اعتذار إلى ربنا، فأقيم الاسم مقام الاعتذار، يقال: اعتذر فلان اعتذارًا وعذرة [[لفظ: (وعذرة) ساقط من (ب).]] ومعذرة من ذنبه فعذرته) [["تهذيب اللغة" 3/ 2365 (عذر).]]. وذكرنا معنى الاعتذار وأصله [[لم أقف عليه.]] في اللغة في سورة براءة عند قوله [[في النسخ عند قوله: "قل ﴿لَا تَعْتَذِرُوا قَدْ كَفَرْتُمْ﴾ "، وهو تحريف وفي سورة التوبة قال الله تعالى: ﴿قُلْ لَا تَعْتَذِرُوا لَنْ نُؤْمِنَ لَكُمْ﴾ [التوبة: 94].]]: ﴿لَا تَعْتَذِرُوا قَدْ كَفَرْتُمْ﴾ الآية [التوبة: 66]. وقال ابن الأعرابي: (يقال: لي في هذا الأمر عُذر وعذرى ومعذرة، أي: خروج من الذنب) [["تهذيب اللغة" 3/ 2365 (عذر).]]. قال أبو علي: (لم يريدوا أن يعتذروا عذرًا مستأنفًا من أمر ليموا عليه، ولكنهم قيل لهم ﴿لِمَ تَعِظُونَ قَوْمًا﴾؟ فقالوا: ﴿مَعْذِرَةً﴾ أي: موعظتنا معذرة [[هذا قول سيبويه في "الكتاب" 1/ 320، وحكاه الفارسي في "الحجة" عنه أيضًا 4/ 98، وهذا التوجيه على قراءة الرفع عندهما.]]، ومن نصب ﴿مَعْذِرَةً﴾ [[قرأ حفص عن عاصم: ﴿مَعْذِرَةً﴾ بالنصب وقرأ الباقون بالرفع، انظر: "السبعة" ص 296، و"المبسوط" ص 186، و"التذكرة" 2/ 427، و"التيسير" ص 114، و"النشر" 2/ 272.]] فقال سيبويه [["الكتاب" 1/ 320، وانظر: "الإيضاح" لابن الأنباري 2/ 668.]]: "لو قال رجل لرجل: معذرةً إلى الله، وإليك من كذا وكذا لنصب [[في (ب): (وكذا النصب)، وهو تحريف.]] ") [["الحجة" لأبي علي 4/ 98، وعليه قراءة الرفع خبر لمبتدأ مضمر أي: موعظتنا معذرة، وعلى قراءة النصب مفعول لأجله، أي: وعظناهم لأجل المعذرة، أو على المصدر أي: نعتذر معذرة، وانظر: "معاني القراءات" 1/ 427، و"إعراب القراءات" 1/ 410، و"الحجة" لابن خالويه ص 166، و"الحجة" لابن زنجلة ص 300، و"الكشف" 1/ 481، و"الدر المصون" 5/ 495.]]. قال الزجاج [["معاني الزجاج" 2/ 386، وفيه قال: (ويجوز النصب على معنى يعتذرون معذرة) وانظر: "معاني الفراء" 1/ 398، و"تفسير الطبري" 9/ 93، و"إعراب النحاس" 1/ 645، و"تفسير المشكل" 1/ 304 ، و"البيان" 1/ 376، و"التبيان" 1/ 394، و"الفريد" 2/ 376.]]: (المعنى: نعتذر معذرةً). وقوله تعالى: ﴿وَلَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ﴾. أي: جائز عندنا أن ينتفعوا بالمعذرة فيتقوا الله ويتركوا العَدْو [[هذا قول الزجاج في "معانيه" 2/ 385.]]. وقال بعضهم [[أخرجه الطبري 9/ 92 بسند جيد عن ابن زيد، وانظر: "تفسير السمرقندي" 2/ 578.]]: (وكانوا فرقتين: فرقة نهت عن السوء، وفرقة عملت بالسوء)، وهذا قول الكلبي [[أخرجه عبد الرزاق في "تفسيره" 1/ 2/ 239، وحكاه الطبري في "تفسيره" 9/ 92، وهود الهواري 2/ 53 - 54 عن الكلبي.]]، وحكاه الزجاج [["معاني الزجاج" 2/ 386.]]، وعلى هذا فالذين قالوا: ﴿لِمَ تَعِظُونَ﴾ الفرقة المعتدية. قال الكلبي: (المعتدية نحو من سبعين ألفًا أتاهم طوائف نحو من اثني عشر ألفًا، وهم الذين كرهوا الصيد في السبت، وقالوا: انتهوا قبل أن ينزل بكم العذاب، فإنا قد علمنا أن الله منزل بكم بأسًا عاجلًا إن لم تنتهوا، فقالوا لهم: فلم تعظوننا إذًا إن كنتم قد علمتم أن الله منزل بنا عذابه) [[انظر: "تفسير الثعلبي" 6/ 13 - 14، والبغوي 3/ 293، والقرطبي 7/ 307.]]. والقول الأول [[هذا قول الثعلبي 6/ 14 أ، ونقله الرازي في "تفسيره" 15/ 39، عن الواحدي، واختاره ابن عطية 6/ 117، والخازن 2/ 303، وقال القرطبي 7/ 307: "القول الأول قول جمهور المفسرين وهو الظاهر من الضمائر في الآية) اهـ.]] أصح؛ لأنهم لو كانوا فرقتين وكان قوله: ﴿مَعْذِرَةً إِلَى رَبِّكُمْ﴾ خطابًا من الناهية المعتدية لقالوا: ولعلكم [[في (ب): (ولعلهم).]] تتقون.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب