قوله تعالى [[في (ب): (وقوله تعالى) بالواو.]]: ﴿وَقَطَّعْنَاهُمُ اثْنَتَيْ عَشْرَةَ أَسْبَاطًا أُمَمًا﴾، قد مضى الكلام في معنى (الأسباط) في سورة البقرة.
قال الفراء: (إنما قال: ﴿اثْنَتَيْ عَشْرَةَ﴾ والسبط ذكر؛ لأن [ما] [[لفظ: (ما) ساقط من (ب).]] بعده ﴿أُمَمًا﴾ فذهب التأنيث إلى الأمم، ولو كان (اثني عشر) لتذكير السبط كان جائزًا) [["معاني الفراء" 1/ 397.]].
واحتج النحويون على هذا بقول الشاعر:
وإنَّ قريشاً كلها عشر أبطن ... وأنت بريء من قبائلها العشر [["الشاهد" للنواح الكلابي وهو في "الكتاب" 3/ 565 لرجل من بني كلاب، وبلا نسبة في: "معاني الفراء" 1/ 126، و"الكامل" للمبرد 2/ 250، و"المقتضب" 2/ 146، و"تفسير الطبري" 9/ 88، و"الأصول" 3/ 477، و"الأمالي" للزجاجي ص 75، و"الصاحبي" ص 425، و"الخصائص" 2/ 417، و"المخصص" 17/ 117، و"الإنصاف" ص 618، و"اللسان" 7/ 3910 (كلب)، و"الدر المصون" 5/ 236، و"الشاهد": (عشر أبطن) حيث أنث أبطن وحذف الهاء من عشر حملًا للبطن على معنى القبيلة بقرينة ذكر القبائل بعدها. انظر: "الخزانة" 7/ 395، وفي المراجع السابقة:
وإن كلابًا هذه عشر أبطن
ولم أقف على رواية الواحدي إلا عند الثعلبي 6/ 11 ب، والقرطبي 7/ 303، و"الدر المصون" 5/ 486.]]
ذهب بالبطن إلى القبيلة والفصيلة، لذلك [[في (ب): (كذلك) وهو تحريف.]] أنث، والبطن مذكر.
وقال الزجاج: (المعنى: ﴿وَقَطَّعْنَاهُمُ اثْنَتَيْ عَشْرَةَ﴾ فرقة، ﴿أَسْبَاطًا﴾ [من نعت فرقة، كأنه قال: جعلناهم أسباطًا وفرقناهم أسباطًا، فتكون ﴿أَسْبَاطًا﴾] [[ما بين المعقوفين ساقط من (ب).]] بدلاً من ﴿اثْنَتَيْ عَشْرَةَ﴾) [["معاني الزجاج" 2/ 382 - 383 وزاد: وهو الوجه. وانظر: "معاني الأخفش" 2/ 313، و"إعراب النحاس" 1/ 664، و"المشكل" 1/ 303.]]، فحصل من هذا أن التأنيث في العدد [إنما وقع لتقدير الفرقة في الكلام، ولهذا جمع الأسباط، وإن كان العدد] [[ما بين المعقوفين ساقط من (ب).]] لا يفسر بالجمع؛ لأن الأسباط في الحقيقة نعتُ المفسر المحذوف وهو الفرقة، ويجوز أن يكون الأسباط كما ذكر بدلاً من العدد، فيكون المعنى: قطعناهم أسباطًا.
وقد ذكرنا في أول الكتاب [[لم أقف عليه بعد طول بحث عنه في "مظانه".]] أن البدل يقدر فيه تكرير العامل، ونص أبو علي على هذا القول فقال: (ليس الأسباط بتفسير، ولكنه بدل من ﴿اثْنَتَيْ عَشْرَةَ﴾) [[كتاب "التكملة" ص 261، وقال السمين في "الدر" 5/ 484: (تمييز ﴿اثنتي عشرة﴾ محذوف لفهم المعنى، تقديره: ﴿اثْنَتَيْ عَشْرَةَ﴾ فرقة و ﴿أسباطا﴾ بدل من ذلك التمييز لأن أسباط مذكر وجمع) اهـ.]].
وقوله تعالى: ﴿فَانْبَجَسَتْ﴾. بَجْسُ الماء وانبجاسه، انفجاره، يقال: بَجَسَ الماء يبجس [بجسا] [[(بجسا) ساقط من (أ).]] وانبجس وتبجس: إذا تفجر
هذا قول أهل اللغة [[انظر: "العين" 6/ 58، و"الجمهرة" 1/ 267، و"تهذيب اللغة" 1/ 277، و"الصحاح" 3/ 907، و"المجمل" 1/ 116، و"مقاييس اللغة" 1/ 199، و"اللسان" 1/ 212 (بجس).]] والمفسرين [[انظر: "مجاز القرآن" 1/ 230، و"غريب القرآن" لليزيدي ص 151، و"تفسير غريب القرآن" ص 182، و"تفسير الطبري" 9/ 89، و"نزهة القلوب" ص 126، و"معاني النحاس" 3/ 92، و"تفسير المشكل" ص 87]] في معنى معنى الانبجاس والانفجار [[انظر: "العين" 6/ 111، و"الجمهرة" 1/ 463، و"تهذيب اللغة" 3/ 2743، و"الصحاح" 2/ 778، و"المجمل" 3/ 712، و"مقاييس اللغة" 4/ 475، و"المفردات" ص 625، و"اللسان" 6/ 3351 (فجر).]]
وأنهما سواء، وفرق قوم بينهما [[قال الراغب في "المفردات" ص 108: (الانبجاس أكثر ما يقال فيما يخرج من شيء ضيق، والانفجار يستعمل فيه وفيما يخرج من شيء واسع) اهـ.
وانظر: "عمدة الحفاظ" ص 39، و"الدر المصون" 5/ 487 - 488.]]، فقالوا: (الانبجاس: خروج الجاري بقلة، والانفجار: خروجه بكثرة)، وهذا يروي عن أبي عمرو ابن العلاء [[ذكره الثعلبي 6/ 12 أ، والبغوي 3/ 292، والرازي 15/ 33، والسمين في "الدر" 5/ 488.]]، ويؤكد هذا الفرق ما قال عطاء: (كان يظهر على كل موضع من الحجر يضربه موسى -عليه السلام- مثل ثدي المرأة فيعرق أولاً ثم يسيل) [[ذكره الثعلبي 6/ 12 أ.]]، وباقي الآية مفسر [[انظر: "البسيط" البقرة: 60.]] في سورة البقرة.
{"ayah":"وَقَطَّعۡنَـٰهُمُ ٱثۡنَتَیۡ عَشۡرَةَ أَسۡبَاطًا أُمَمࣰاۚ وَأَوۡحَیۡنَاۤ إِلَىٰ مُوسَىٰۤ إِذِ ٱسۡتَسۡقَىٰهُ قَوۡمُهُۥۤ أَنِ ٱضۡرِب بِّعَصَاكَ ٱلۡحَجَرَۖ فَٱنۢبَجَسَتۡ مِنۡهُ ٱثۡنَتَا عَشۡرَةَ عَیۡنࣰاۖ قَدۡ عَلِمَ كُلُّ أُنَاسࣲ مَّشۡرَبَهُمۡۚ وَظَلَّلۡنَا عَلَیۡهِمُ ٱلۡغَمَـٰمَ وَأَنزَلۡنَا عَلَیۡهِمُ ٱلۡمَنَّ وَٱلسَّلۡوَىٰۖ كُلُوا۟ مِن طَیِّبَـٰتِ مَا رَزَقۡنَـٰكُمۡۚ وَمَا ظَلَمُونَا وَلَـٰكِن كَانُوۤا۟ أَنفُسَهُمۡ یَظۡلِمُونَ"}