الباحث القرآني
قوله تعالى: ﴿وَاكْتُبْ لَنَا فِي هَذِهِ الدُّنْيَا حَسَنَةً﴾. أي: أوجب لنا، والكتابة تذكر بمعنى الإيجاب، وقد مضى ذلك، وسؤالهم الحسنة في الدنيا والآخرة كسؤال المؤمنين من هذه الأمة حيث أخبر الله عنهم في قوله: ﴿وَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً﴾ [البقرة: 201]. ومضى تفسير هذه الآية.
و [[(الواو) ساقطة من (ب).]] قال ابن عباس في الآية في هذه السورة: (يريد: اقبل وفادتنا وردنا بالمغفرة والرحمة)، ﴿وَفِي الْآخِرَةِ﴾، قال: (يريد: حسنة، يعني: الجنة) [[ذكره الواحدي في "الوسيط" 2/ 250.]]. وقول ابن عباس: (يريد: حسنة)، يعني: إن تقدير الآية: ﴿وَاكْتُبْ لَنَا فِي هَذِهِ الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ﴾ حسنة.
وقوله تعالى: ﴿إِنَّا هُدْنَا إِلَيْكَ﴾. قال جميع المفسرين [[انظر: "تفسير الطبري" 9/ 77، 78، وأخرجه من طرق جيدة عن ابن عباس ومجاهد وسعيد بن جبير وإبراهيم التيمي وقتادة والسدي والضحاك وأبي العالية، وانظر: "تفسير السمرقندي" 1/ 573، والماوردي 2/ 266.]] وأهل المعاني [[انظر: "مجاز القرآن" 1/ 229، و"غريب القرآن" لليزيدي ص 151، و"تفسير غريب القرآن" ص 181، و"معاني الزجاج" 2/ 380، و"نزهة القلوب" ص 478، و"معاني النحاس" 3/ 88، و"تفسير المشكل" ص 87.]]: (تبنا ورجعنا إليك بتوبتنا). قال الليث: (الهَوْد التوبة) [["تهذيب اللغة" 4/ 3689، وانظر: "العين" 4/ 76، (هود)، و"الزاهر" 2/ 214]].
وقوله تعالى: ﴿قَالَ عَذَابِي أُصِيبُ بِهِ مَنْ أَشَاءُ﴾. قال ابن عباس: (يريد: على الذنب اليسير) [[ذكره الواحدي في "الوسيط" 2/ 250.]].
وقوله تعالى: ﴿وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ﴾. قد ذكرنا [[انظر: "البسيط" تفسير (بسم الله الرحمن الرحيم) أول الكتاب.]] قديمًا أن رحمة الله تعالى إرادته الخير [[الرحمة: صفة من صفات الله تعالى تثبت له كما أثبتها لنفسه ولا يلزم من إثباتها مشابهة صفة المخلوقين ولا نؤولها بإرادة الخير كما يفعل أهل التأويل. انظر: "تفسير الطبري" 9/ 80، و"مختصر الصواعق" لابن القيم 3/ 869.]]، وإرادته الخير تنقسم إلى أقسام كثيرة، وكل خيرٍ من خير الدنيا والآخرة أصاب أحدًا فذلك من رحمته، ثم من تلك الخيرات ما هو أعم وأوسع، ومنها ما هو أخصّ.
والأحسن في تفسير هذه الآية ما ذهب إليه الحسن وقتادة [[أخرجه عبد الرزاق في "تفسيره" 1/ 2/ 243، الطبري 9/ 80، وابن أبي حاتم 5/ 1578 بسند جيد عن الحسن وقتادة.]]، وهو: (أن رحمته وسعت في الدنيا البار والفاجر، وهي يوم القيامة للمتقين خاصة)، وقد بين [عطية العوفي] [[لفظ: (عطية العوفي) ساقط من (ب).]] هذا أحسن بيان فقال: (إن الكافر يرزق ويدفع عنه بالمؤمن لسعة رحمة الله للمؤمن، فيعيش فيها، فإذا صار إلى الآخرة وجبت للمؤمن خاصة كالمستضيء بنار غيره إذا ذهب صاحب السراج بسراجه) [[ذكره الثعلبي في "تفسيره" 198 ب، والواحدي في "الوسيط" 2/ 250، والبغوي 3/ 287.]]. وهذا اختيار الزجاج [["معاني الزجاج" 2/ 380.]]، وذكر أبو بكر بن الأنباري وجهين في هذه الآية:
أحدهما: (أن الرحمة يراد بها الصنع والأفضال، وما يخلو من صنع الله وأفضاله مؤمنٌ ولا كافر، كالمطر يسمى الرحمة، وما خرج منه كافر ولا غيره)، وهذا معنى ما ذكرنا عن المفسرين أنهم قالوا: (رحمته وسعت في الدنيا البار والفاجر).
الوجه الثاني: (أن رحمته [[في (ب): (أن رحمته وسعت تسع)، وهو تحريف.]] تسع كل شيء يجوز أن يدخل فيها، وأن يكون مستحقًا لها [[انظر: "معاني الأخفش" 2/ 213.]]، كقولهم: فلان يحسن كل شيء، يريدون من الأشياء التي يحسنها أمثاله، ومن هذا قوله تعالى: ﴿فَلَمَّا نَسُوا مَا ذُكِّرُوا بِهِ فَتَحْنَا عَلَيْهِمْ أَبْوَابَ كُلِّ شَيْءٍ﴾ [الأنعام: 44]، يعني: مما يجوز أن يفتح عليهم، وكذلك [[في (ب): (وكذلك في).]]: ﴿وَأُوتِيَتْ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ﴾ [النمل: 23]. معناه: من الأشياء التي يمكن أن يؤتاها مثلها.
وهذا مذهب جماعة المفسرين [[انظر: "تفسير الطبري" 9/ 80، والسمرقندي 1/ 573، والماوردي 2/ 267.]]، وهو أنهم قالوا: هذا من العام الذي أريد به [[في (ب): (منه).]] الخاص) [[ذكره ابن الجوزي في "زاد المسير" 3/ 271، وفيه قال ابن الأنباري: (أن الرحمة تسع
كل الخلق إلا أن أهل الكفر خارجون منها، فلو قدر دخولهم فيها لوسعتهم) اهـ.]].
وقوله تعالى: ﴿فَسَأَكْتُبُهَا لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ﴾، يعني: فسأوجبها في الآخرة ﴿لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ﴾، وهذا معنى قول المفسرين [[انظر: "تفسير الطبري" 9/ 80]]: (وهي يوم القيامة للمتقين خاصة)، وهذا تخصيص بعد التعميم باللفظ. وبيان [ذلك] [[لفظ: (ذلك) ساقط من (ب).]] أن ذلك يجب في الآخرة لمن اتصف بما ذكر في قوله تعالى: ﴿لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ﴾ إلى آخر الآية. قال ابن عباس: ﴿لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ﴾ (يريد: أمة محمد ﷺ) [[أخرجه الطبري في "تفسيره" 9/ 79، 80، 82، وابن أبي حاتم 5/ 1580 من عدة طرق جيدة.]].
وقوله تعالى: ﴿وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ﴾. قال عطاء عن ابن عباس: (يريد: صدقات الأموال عند محلها) [[أخرجه ابن أبي حاتم 5/ 1580 بسند ضعيف، وقال الماوردي في "تفسيره" 2/ 267، وابن الجوزي 3/ 271 (هذا هو قول الجمهور) اهـ. ورجحه ابن عطية 6/ 99.]].
وروي أيضًا عنه أنه قال في قوله: ﴿وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ﴾: (يطيعون الله ورسوله) [[أخرجه الطبري في "تفسيره" 9/ 81، وابن أبي حاتم 5/ 1580 بسند جيد، ولفظ ابن أبي حاتم قال: (يعني: طاعة الله والإخلاص).]]، كأنه ذهب إلى ما يزكي النفس ويطهرها من الأعمال [[هذا توجيه الطبري 9/ 81، وانظر الماوردي 2/ 267 ، وابن الجوزي 3/ 271.]]، وبه قال الحسن [[ذكره الماوردي 2/ 267، وابن الجوزي 3/ 271.]].
وقوله تعالى: ﴿وَالَّذِينَ هُمْ بِآيَاتِنَا يُؤْمِنُونَ﴾. قال: (يريد: بما أنزلت [[كذا في (النسخ): (بما أنزلت) والأولى (بما أُنزل).]] على محمد والنبيين قبله يصدّقون) [["تنوير المقباس" 2/ 132.]].
قال المفسرون [[انظر: "تفسير الطبري" 9/ 81، وقد أخرجه من عدة طرق جيدة عن قتادة، وابن جريج، وأبي بكر الهذلي ونوف البكالي.]]: (إن وقد بني إسرائيل سألوا الله تعالى فقالوا: ﴿وَاكْتُبْ لَنَا﴾ إلى قوله: ﴿إِنَّا هُدْنَا إِلَيْكَ﴾. فسألوه النعمة في الدنيا والآخرة، وتقربوا إليه بالتوبة من المعاصي، فأخبرهم الله تعالى أنه واسع الرحمة بقوله: ﴿وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ﴾، فكانوا هم من جملة من وسعتهم الرحمة، ثم خص أمة محمد ﷺ بذكرهم وأوجب لهم الرحمة بقوله: ﴿فَسَأَكْتُبُهَا لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ﴾).
ولهذا قال نوف [[نوف بن فضالة الحميري البكالي أبو يزيد الشامي. تقدمت ترجمته.]] البكالي: (ألا تحمدون ربًّا [[في (ب): (ربنا).]] حفظ غيبتكم وأخذ لكم بسهمكم [[في (ب): (لسهمكم).]]، وجعل وفادة بني إسرائيل لكم) [[أخرجه عبد الرزاق في "تفسيره" 1/ 2/ 237 - 238 والطبري 9/ 83 من عدة طرق جيدة.]].
وروى عطاء أيضًا عن ابن عباس أيضاً في هذه الآية أنه قال: (هذه الوفادة صارت للصالحين من أمة محمد) [[أخرجه الطبري 9/ 82، 83، وابن أبي حاتم 5/ 1580، من عدة طرق جيدة.]]، ثم زاد في البيان أن المراد بقوله: ﴿لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ﴾ هذه الأمة، فقال: ﴿الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الْأُمِّيَّ﴾. [والأمي] [[لفظ: (والأمي) ساقط من (ب).]] الذي لا يكتب ولا يقرأ في قول جميع المفسرين [[انظر: "تفسير الطبري" 9/ 80، و"معاني النحاس" 3/ 89، والسمرقندي 1/ 574.]]، قال الزجاج: (معنى ﴿الْأُمِّيَّ﴾: الذي هو على خِلْقَة الأُمَّة، لم يتعلم الكتاب فهو على جبلته) [["معاني الزجاج" 2/ 381، والأُمَّة -بضم الهمزة وفتح الميم المشددة-، انظر: "اللسان" 1/ 138 (أمم) وجبلته -بالكسر- أي خلقته، وقال الزجاج في "معانيه" 1/ 159: (معنى الأمي في اللغة: المنسوب إلى ما عليه جبلة أُمَّته أي: لا يكتب فهو في أنه لا يكتب على ما ولد عليه) اهـ.
وقال الأزهري في "تهذيب اللغة" 1/ 204: (قيل للذي لا يكتب: أمي؛ لأن الكتابة مكتسبة فكأنه نُسب إلى ما ولد عليه أي: هو على ما ولدته أُمه عليه) اهـ.]]. وقد قال ﷺ: "إنا أمّة أمّية لا نكتب ولا نحسُب" [[أخرجه البخاري رقم (1913) في كتاب الصوم، باب: قول النبي ﷺ: "لا نكتب ولا نحسب"، مسلم رقم (1080) كتاب الصيام، باب: وجوب صوم رمضان، عن عبد الله ابن عمر رضي الله عنهما.]].
قال الأزهري: ([وقد] [[لفظ: (قد) ساقط من (ب).]] قيل للنبي ﷺ: الأمي؛ لأن أمة العرب لم تكن تكتب ولا تقرأ المكتوب، وبعثه الله رسولاً وهو لا يكتب ولا يقرأ من كتاب، وكانت هذه الخلة إحدى آياته المعجزة؛ لأنه تلا عليهم كتاب الله منظومًا تارة بعد تارة بالنظم الذي أنزل عليه فلم يغيره ولم يبدل ألفاظه، وكان الخطيب من العرب إذا ارتجل خطبة ثم أعادها زاد فيها أو نقص، فحفظه الله على نبيّه كما أنزله وأبانه من سائر من بعثه إليهم بهذه الآية، وفي ذلك أنزل الله: ﴿وَمَا كُنْتَ تَتْلُو مِنْ قَبْلِهِ مِنْ كِتَابٍ وَلَا تَخُطُّهُ بِيَمِينِكَ﴾ الآية [["تهذيب اللغة" 1/ 204 (أم).]] [العنكبوت: 48]. وقد مضى صدر من الكلام في معنى الأمّي عند قوله: ﴿وَمِنْهُمْ أُمِّيُّونَ﴾ [البقرة:78].
وقوله تعالى: ﴿الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوبًا عِنْدَهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ﴾. أي: يجدونه بنعته وصفته، وهو مذكور في الكتابين بنعوته وصفاته، قد عرف ذلك أهلهما.
وقوله تعالى: ﴿يَأْمُرُهُمْ بِالْمَعْرُوفِ﴾. قال الزجاج: (يجوز أن يكون ﴿يَأْمُرُهُمْ بِالْمَعْرُوفِ﴾ استئنافًا، ويجوز أن يكون المعنى ﴿يَجِدُونَهُ مَكْتُوبًا عِنْدَهُمْ﴾ أنه ﴿يَأْمُرُهُمْ بِالْمَعْرُوفِ﴾) [["الإغفال" لأبي علي ص 817، وفي "معاني الزجاج" 2/ 381، قال: (قوله: ﴿يَأْمُرُهُمْ بِالْمَعْرُوفِ﴾ يجوز أن يكون ﴿يَأْمُرُهُمْ﴾ مستأنفًا) اهـ.]]. وعلى هذا يكون الأمر بالمعروف، وما ذكر بعده، من صفته التي [[في (ب): (الذي).]] ذكرت في الكتابين.
وقال أبو علي فيما استدرك عليه: إلا وجه لقوله ﴿يَجِدُونَهُ مَكْتُوبًا﴾ أنه ﴿يَأْمُرُهُمْ﴾ إن كان يعني: إن ذلك مراد؛ لأنه لا شيء يدل على حذفه، ولأنا لم نعلمهم حذفوا هذا في شيء.
قال: وتفسير الآية: إن وجدت فيها المتعدي إلى مفعولين و ﴿مَكْتُوبًا﴾ مفعول ثانٍ، والمعنى: يجدون ذكره أو اسمه مكتوبًا.
قال سيبويه: (تقول إذا نظرت في هذا الكتاب [[في "الكتاب" 3/ 269، و"الإغفال" ص 818: (تقول إذا نظرت في الكتاب).]]: هذا عمرو، وإنما المعنى: هذا اسم عمرو، وهذا ذكر عمرو، وقال: إن هذا يجوز على سعة الكلام) [["الكتاب" 3/ 269.]]، فالمفعول الأول في الآية قائم مقام المضاف إليه، يدل على [[في (ب): (يدل على أن هذا أن)، وهو تحريف.]] هذا أن المكتوب عندهم الاسم والذكر لا الرسول نفسه، ألا ترى أن المفعول الثاني هاهنا يجب أن يكون الأول كقوله: وجدت زيدًا منطلقًا، فالمنطلق في المعنى هو الأول، فلو جعلت الهاء في قوله ﴿يَجِدُونَهُ﴾ المفعول الأول دون تقدير حذف المضاف لم يكن المفعول الثاني هو الأول فلا يستقيم ذلك، فأما قوله [[في النسخ: (قولهم)، وهو تحريف.]]: ﴿يَأْمُرُهُمْ بِالْمَعْرُوفِ﴾ فهو عندي تفسير لما كُتب، كما أن قول: ﴿لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَأَجْرٌ عَظِيمٌ﴾ [المائدة: 9]. تفسير لوعدهم، وكما أن قوله: ﴿خَلَقَهُ مِنْ تُرَابٍ﴾ [آل عمران: 59] تفسير للمثل، ولا يجوز أن يكون حالاً من المفعول الأول، ألا ترى أنه إذا كان المعنى: يجدون ذكره أو اسمه، لم يجز أن يكون يأمرهم حالاً منه، لأن الاسم والذكر لا يأمران إنما يأمر المذكور والمسمى) [["الإغفال" ص 817 - 820، وانظر: "الدر المصون" 5/ 479 - 481، وذكر رد الفارسي على الزجاج، وقال: (وهذا الرد تحامل منه عليه لأنه أراد تفسير المعنى وهو تفسير حسن) اهـ.]].
فأما تفسير المعروف، فقال عطاء عن ابن عباس: ﴿يَأْمُرُهُمْ بِالْمَعْرُوفِ﴾ يريد: مكارم الأخلاق وخلع الأنداد، وصلة الأرحام) [[ذكره الواحدي في "الوسيط" 2/ 253، وابن الجوزي 3/ 272، وذكره الثعلبي 199 أ، والبغوي 3/ 289، والقرطبي 7/ 299، الخازن 2/ 298، عن عطاء فقط.]]. وقال الكلبي: (أي: بالتوحيد وشرائع الإِسلام) [["تنوير المقباس" 2/ 132.]].
وقوله تعالى: ﴿وَيَنْهَاهُمْ عَنِ الْمُنْكَرِ﴾. قال عطاء: (يريد: عن عبادة الأوثان وقطع الأرحام، والكفر بما أنزل الله على النبيين) [[ذكره الثعلبي 199 أ، والبغوي 3/ 289، والقرطبي 7/ 299، والخازن 2/ 298، وجعله الواحدي في "الوسيط" 2/ 253، وابن الجوزي 3/ 272، من قول ابن عباس.]].
وقال الكلبي: (هو ما لا يعرف في شريعة ولا سنة) [[ذكره السمرقندي في "تفسيره" 1/ 574، بلا نسبة.]].
وقوله تعالى: ﴿وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ﴾. قال عطاء: (يريد: ما حُرّم عليهم في التوراة والإنجيل من لحوم الإبل وشحوم الضأن والمعز والبقر) [[لم أقف عليه، وانظر: "معاني الزجاج" 2/ 381، النحاس 3/ 89.]]. وقيل [[هذا هو قول الطبري 9/ 84، والثعلبي 199 أ، والماوردي 2/ 269، والبغوي 3/ 289.]]: (هي الحلالات التي كان أهل الجاهلية تحرمها من البحائر والسوائب والوصائل والحوامي).
وقوله تعالى: ﴿وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَائِثَ﴾. قال عطاء عن ابن عباس [[ذكره الرازي في "تفسيره" 15/ 24، وأخرج الطبري 9/ 84، وابن أبي حاتم 5/ 1583 بسند جيد عن ابن عباس قال: (هي لحم الخنزير والربا وما كانوا يستحلونه من المحرمات من المآكل التي حرمها الله) اهـ.]]: (يريد: ﴿المَيْتَةَ وَالدَّمَ﴾ وما ذكر [[في (ب): (وما ذكره) وهو يريد قوله تعالى: ﴿حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ وَالدَّمُ وَلَحْمُ الْخِنْزِيرِ وَمَا أُهِلَّ لِغَيْرِ اللَّهِ بِهِ وَالْمُنْخَنِقَةُ وَالْمَوْقُوذَةُ وَالْمُتَرَدِّيَةُ وَالنَّطِيحَةُ وَمَا أَكَلَ السَّبُعُ إِلَّا مَا ذَكَّيْتُمْ وَمَا ذُبِحَ عَلَى النُّصُبِ وَأَنْ تَسْتَقْسِمُوا بِالْأَزْلَامِ ذَلِكُمْ فِسْقٌ﴾ [المائدة: 3]]] في المائدة [3] إلى قوله: ﴿ذَلِكُمْ فِسْقٌ﴾.
[و] [[لفظ: (الواو) ساقط من (ب).]] قوله تعالى: ﴿وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ﴾. ذكرنا معنى (الإصر) في آخر سورة البقرة. واختلف [[في (ب): (واختلفوا).]] القراء هاهنا، فقرءوا: ﴿إِصْرَهُمْ﴾ ﴿وآصَارهم﴾ [[قرأ ابن عامر: (آصَارهم) -بفتح الهمزة والصاد، وألف بعدها على الجمع- وقرأ الباقون: ﴿إِصْرَهُمْ﴾ -بكسر الهمزة وسكون الصاد من غير ألف بعدها على الإفراد-، انظر: "السبعة" ص 295، و"المبسوط" ص 185، و"التذكرة" 2/ 426، و"التيسير" ص 113، و"النشر" 2/ 272.]]، قال أبو علي الفارسي: (الإصر مصدر يقع على الكثرة مع إفراد لفظه، ويدل على ذلك إضافته وهو مفرد إلى الكثير، كما قال: ﴿وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَذَهَبَ بِسَمْعِهِمْ﴾ [[في (ب): (فلو شاء)، وهو تحريف.]] [البقرة: 20]. ومن جمع أراد ضروبًا من العهود [[في "الحجة" لأبي علي 4/ 94: (أراد ضروبًا من المآثم مختلفة).]]. مختلفة، والمصادر قد تجمع إذا اختلفت ضروبها كما تجمع سائر الأجناس) [["الحجة" لأبي علي 4/ 93، وانظر: "معاني القراءات" 1/ 425، و"إعراب القراءات" 1/ 210، و"الحجة" لابن خالويه ص 165، ولابن زنجلة ص 298، و"الكشف" 1/ 479.]].
قال ابن عباس: (يريد: العهد [[في: (أ): (يريد: بالعهد).]] الثقيل الذي كان أخذ على بني إسرائيل بالعمل بما في التوراة) [[أخرجه الطبري 9/ 85، ابن أبي حاتم 5/ 1583 من عدة طرق جيدة.]].
وهو قول الحسن والضحاك والسدي ومجاهد [[أخرجه الطبري 9/ 85، من عدة طرق عن مجاهد والحسن والسدي والضحاك، وذكره الثعلبي 199 أ، والبغوي3/ 289، عن هؤلاء.]]، والمعنى: ويُسقط عنهم ثقل العهد الذي أُخذ عليهم.
قال الزجاج: (والإصر ما عقدته من عقد ثقيل) [["معاني الزجاج" 2/ 381، وانظر: "تفسير غريب القرآن" ص 181، و"نزهة القلوب" ص 123، و"تفسير المشكل" ص 87.]].
وقال سعيد بن جبير: (هو شدة العبادة) [[أخرجه الطبري 9/ 85، وابن أبي حاتم 5/ 1583، من عدة طرق جيدة.]].
وقال ابن جريج: (من أَتبع محمدًا ﷺ من أهل الكتاب وضع عنه ما كان عليه من التشديد في دينه) [[أخرجه الطبري 9/ 85 بسند جيد عن ابن جريج عن مجاهد، وذكر النحاس في "معانيه" 3/ 90، وقال: (الأقوال فيه متقاربة أي: ما يثقل عليهم) اهـ.]].
وقوله تعالى: ﴿وَالْأَغْلَالَ الَّتِي كَانَتْ عَلَيْهِمْ﴾. قال المفسرون [[انظر: "تفسير الطبري" 9/ 85، وقد أخرجه من طرق عن ابن عباس ومجاهد وسعيد بن جبير وقتادة وابن زيد.]]: (وهي الشدائد التي كانت في العبادة؛ كقطع أثر البول، وقتل النفس في التوبة، وقطع الأعضاء الخاطئة، وتتبع العروق من اللحم).
قال ابن قتيبة: ﴿وَالْأَغْلَالَ الَّتِي كَانَتْ﴾ تحريم الله عليهم كثيراً مما أطلقه الله لأمة محمد ﷺ، وجعله أغلالًا لأن التحريم يمنع، كما يقبض الغُل اليد فاستعيرت) [["تأويل مشكل القرآن" ص 148، وانظر: "تفسير غريب القرآن" ص 181، وقال القرطبي 7/ 300: (الأغلال عبارة مستعارة لتلك الأثقال، هذا قول جمهور المفسرين) اهـ.]].
وقال الزجاج: (الأغلال تمثيل؛ ألا ترى أنك تقول: قد جعلت هذا طوقًا في عنقك، وليس هناك طوق، وإنما تأويله: أني قد وليتك هذا وألزمتك القيام [به] [[لفظ: (به) ساقط من (ب).]]، فجعلت لزومه [[في: (أ): (لزومه له) وفي "معاني الزجاج" 2/ 381 (لزومه لك).]] كالطوق في عنقك. قال: ﴿وَالْأَغْلَالَ الَّتِي كَانَتْ عَلَيْهِمْ﴾؛ أنه من قَتَل قُتِل لا تقبل في ذلك ديةٌ، وكان عليهم إذا أصاب جلودهم شيء من البول أن يقرضوه، وكان عليهم أن لا يعملوا في السبت) [["معاني الزجاج" 2/ 381، ونحوه قال النحاس في "معانيه" 3/ 91.]].
وقال عطاء عن ابن عباس: (يريد: كانت بنو إسرائيل إذا قامت تصلي لبسوا المسوح [[المسُوح جمع مِسْح: وهو الكساء من الشعر، انظر: "اللسان" 7/ 4198 (مسح).]]، وغلوا أيديهم إلى أعناقهم تواضعًا لله) [[ذكره الرازي 15/ 25، بلا نسبة.]]، فعلى هذا القول الأغلال غير مستعارة.
وقوله تعالى: ﴿فَالَّذِينَ آمَنُوا بِهِ﴾، قال ابن عباس: (يعني: من اليهود) [["تنوير المقباس" 2/ 132.]]، ﴿وَعَزَّرُوهُ﴾، (يريد: وقروه) [[أخرجه الطبري 9/ 85، وابن أبي حاتم 5/ 1585 بسند جيد عن ابن عباس قال: (حموه ووقروه) وانظر: "الأضداد" لابن الأنباري ص 147، و"اللسان" 5/ 2925 (عزر).]]، وقد ذكرنا الكلام في معنى التعزير مستقصى عند قوله: ﴿وَعَزَّرْتُمُوهُمْ﴾ [المائدة: 12].
﴿وَنَصَرُوهُ﴾ أي: على عدوه، ﴿وَاتَّبَعُوا النُّورَ الَّذِي أُنْزِلَ مَعَهُ﴾، قال المفسرون [[انظر: "تفسير الطبري" 9/ 86، والسمرقندي 1/ 574، والماوردي 2/ 269.]]: (يعني: القرآن).
وقال عطاء: (يريد: الهدى والبيان والرشاد) [[ذكره الرازي 15/ 25، بلا نسبة.]].
وقال الزجاج: (أي: اتبعوا الحق الذي بيانه في القلوب كبيان النور) [["معاني الزجاج" 2/ 382، ونحوه قال النحاس في "معانيه" 3/ 91.]].
{"ayah":"۞ وَٱكۡتُبۡ لَنَا فِی هَـٰذِهِ ٱلدُّنۡیَا حَسَنَةࣰ وَفِی ٱلۡـَٔاخِرَةِ إِنَّا هُدۡنَاۤ إِلَیۡكَۚ قَالَ عَذَابِیۤ أُصِیبُ بِهِۦ مَنۡ أَشَاۤءُۖ وَرَحۡمَتِی وَسِعَتۡ كُلَّ شَیۡءࣲۚ فَسَأَكۡتُبُهَا لِلَّذِینَ یَتَّقُونَ وَیُؤۡتُونَ ٱلزَّكَوٰةَ وَٱلَّذِینَ هُم بِـَٔایَـٰتِنَا یُؤۡمِنُونَ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق