الباحث القرآني

قوله تعالى: ﴿وَكَتَبْنَا لَهُ فِي الْأَلْوَاحِ﴾. قال ابن عباس: (يريد: ألواح التوراة) [[أخرجه ابن أبي حاتم 5/ 1563 بسند جيد، وذكره السمرقندي 1/ 569، والواحدي في "الوسيط" 2/ 239 والبغوي 3/ 280 - 281، والخازن 2/ 287.]]. واختلفوا في الألواح [[قال محمد أبو شهبة في كتاب "الإسرائيليات والموضوعات" في كتب التفسير ص 201 - 203: (ذكر في الألواح مم هي وما عددها، أقوالًا كثيرة، وفيها ما يخالف المعقول والمنقول وهي متضاربة يرد بعضها بعضًا مما نحيل أن يكون مرجعها المعصوم ﷺ وإنما هي من الإسرائيليات حملها عنهم بعضهم بحسن نية وليس تفسير الآية متوقفا على كل هذا الذي رووه والذي يجب أن نؤمن به أن الله أنزل الألواح على موسى وفيها التوراة وما ذكروه لا يجب علينا الإيمان به والأولى عدم البحث فيه؛ لأنه لا يؤدي إلى فائدة ولا يوصل إلى غاية) اهـ. ملخصًا.]] من أي شيء كانت، وكيف كانت الكتابة. فقال الربيع [[ذكره الثعلبي في "تفسيره" 197 ب، والبغوي 3/ 281، وأخرجه الطبري 9/ 66، وابن أبي حاتم 5/ 1563 بسند جيد عن الربيع بن أنس عن أبي العالية.]]: (كانت الألواح من بُرْد) [[البُرْد، بالضم: ثَوْب مخطط وأكسية يتلحف بها. انظر: "القاموس" ص 341 (برد).]]. وقال الحسن: (كانت من خشب نزلت من السماء) [[ذكره الماوردي في "تفسيره" 2/ 260، والبغوي 3/ 281، وابن عطية 6/ 74، وابن الجوزي 3/ 258، والرازي 14/ 236، والخازن 2/ 287.]]. وقال وهب: (كانت من صخرة صماء لينها الله لموسى فقطعها منها بيده) [[ذكره الثعلبي في "تفسيره" 197 ب، والبغوي 3/ 281، وابن الجوزي 3/ 258، والرازي 14/ 236، والخازن 2/ 287.]]. وقال ابن جريج: (كانت من زمرد [[انظر: "القاموس" ص 285 (زمرد)، وص 325 (ورد).]] أمر الله جبريل حتى جاء بها من عدن) [[أخرجه الطبري 9/ 66، بسند جيد، وذكره الثعلبي في "تفسيره" ص 197/ ب، والبغوي 3/ 281، والخازن 2/ 287، والسيوطي في "الدر" 3/ 224.]]. ونحو ذلك قال مجاهد [[أخرجه الطبري 9/ 66، من طرق جيدة بلفظ: من زمرد وفي رواية (من زمرد أخضر).]] ومقاتل [["تفسير مقاتل" 2/ 63، وفيه: (كانت من زمرد وياقوت).]]. وقال الكلبي [[ذكره الثعلبي 197 ب، والواحدي في "الوسيط" 2/ 239، والبغوي 3/ 281، والخازن 2/ 287.]]: (كانت من زبرجدة [[الزَّبَرْجَد، بالفتح جَوْهر. انظر: "القاموس" ص 364 (زبرجد).]] خضراء). وأما الكتابة، فقال: ابن جريج: (كتبها جبريل بالقلم الذي كتب به الذكر واستمد من نهر النور فكتب به الألواح) [[ذكره الثعلبي في "تفسيره" ص 197/ ب، والواحدي في "الوسيط" 2/ 239، والبغوي 3/ 281، والرازي 14/ 236، والخازن 2/ 287.]]. وقال مقاتل: ﴿وَكَتَبْنَا لَهُ فِي الْأَلْوَاحِ﴾ كنقش الخاتم) [["تفسير مقاتل" 2/ 62، وفيه: (نقرا كنقش الخاتم) اهـ.]]. قال عطاء عن ابن عباس: (وكانت الألواح يومئذ ستة، ثم صارت أربعة وعشرين مِمّ ضُمَّ إليها من الوصايا والمواعظ) [[لم أقف عليه.]]. وقوله تعالى: ﴿مِنْ كُلِّ شَيْءٍ﴾، قيل: من كل شيء يحتاج إليه في دينه من الحلال والحرام، والمحاسن والقبائح [[انظر: "تفسير الطبري" 9/ 57، و"معاني الزجاج" 2/ 375، والنحاس 3/ 76.]]. وهذا معنى قول ابن عباس: (يريد: مما افترض وأحلّ وحرّم ونهى وأمر) [[ذكره الواحدي في "الوسيط" 2/ 239، وأخرج ابن أبي حاتم 5/ 1563 بسند جيد عن ابن عباس قال: (كان الله عز وجل كتب في الألواح ذكر محمد ﷺ وذكر أمته وما ادخر لهم عنده ولا يسر عليهم في دينهم وما وسع عليهم فيما أحل لهم) اهـ.]]. وقوله تعالى: ﴿مَوْعِظَةً وَتَفْصِيلًا لِكُلِّ شَيْءٍ﴾، قال ابن عباس: (يريد: هداية إلى كل أمر هو لله رضي) [[في "تنوير المقباس" 2/ 126، نحوه، وذكره الواحدي في "الوسيط" 2/ 240 دون نسبة، وأخرج ابن أبي حاتم 5/ 1565 بسند جيد عن ابن عباس في قوله: ﴿وَتَفْصِيلًا لِكُلِّ شَيْءٍ﴾ (قال: تبيانًا لكل شيء) اهـ.]]. وقال الكلبي: ﴿مَوْعِظَةً﴾ نهي عن الجهل ﴿وَتَفْصِيلًا لِكُلِّ شَيْءٍ﴾ [من الحلال والحرام [[قال الماوردي في "تفسيره" 2/ 260: (قيل الموعظة: النواهي، والتفصيل: الأوامر وهو معنى قول الكلبي) اهـ.]]. وقال مجاهد:] [[ما بين المعقوفين ساقط من (ب).]] ﴿وَتَفْصِيلًا لِكُلِّ شَيْءٍ﴾ مما أمروا به ونهوا عنه [["تفسير مجاهد" 1/ 246، وأخرجه الطبري 9/ 57 من طرق جيدة.]] والتفصيل معناه: التبيين [[قال محمد أبو شهبة في كتاب "الإسرائيليات والموضوعات" في كتب التفسير ص 203: (المحققون من المفسرين سلفًا وخلفًا على أن المراد: أن فيها تفصيلًا لكل شيء مما يحتاجون إليه في الحلال والحرام والمحاسن والقبائح مما يلائم شريعة موسى وعصره وإلا فقد جاء القرآن الكريم بأحكام وآداب وأخلاق لا توجد في التوراة قط) اهـ.]]، ذكرنا ذلك في قوله: ﴿وَكَذَلِكَ نُفَصِّلُ الْآيَاتِ وَلِتَسْتَبِينَ سَبِيلُ الْمُجْرِمِينَ﴾ [[لفظ: ﴿سَبِيلُ المُجْرِمِينَ﴾ ساقط من (ب).]] [الأنعام: 55]. وقوله تعالى: ﴿فَخُذْهَا بِقُوَّةٍ﴾. قال ابن عباس [[أخرجه الطبري 9/ 58 بسند ضعيف، وأخرج ابن أبي حاتم 5/ 1565 بسند ضعيف عن ابن عباس قال: (بجد وحزم).]] ومقاتل [["تفسير مقاتل" 2/ 63، وفيه: (يعني: التوراة بالجد والمواظبة عليه) اهـ.]] والكلبي [["تنوير المقباس" 2/ 126.]]: (بجد)، وقال الزجاج: ﴿بِقُوَّةٍ﴾ في دينك وحجتك) [["معاني الزجاج" 2/ 375، ومثله قال النحاس في "معانيه" 3/ 77.]]. وقال أهل المعاني: (بصحة عزيمة؛ لأنه لو أخذه بضعف نية لأداه إلى فتور العمل به) [[ذكره البغوي 3/ 281، والخازن 2/ 288.]]. وقوله تعالى: ﴿وَأْمُرْ قَوْمَكَ يَأْخُذُوا بِأَحْسَنِهَا﴾. قال ابن عباس في رواية عطاء: (يريد: يحلّوا حلالها ويحرموا حرامها ويتدبروا أمثالها ويعملوا بمحكمها، ويقفوا عند متشابهها) [[ذكره الواحدي في "الوسيط" 2/ 240، والبغوي 3/ 281، والخازن 2/ 288، وأخرج الطبري 9/ 58 بسند ضعيف عن ابن عباس قال: (أمر موسى أن يأخذها بأشد مما أمر به قومه) اهـ.]]. وذكر أبو إسحاق في هذا وجهين: (أحدهما: أنهم أُمروا بالخير ونهوا عن الشرّ، وعرّفوا ما لهم في ذلك، فقيل: ﴿وَأْمُرْ قَوْمَكَ يَأْخُذُوا بِأَحْسَنِهَا﴾. قال: ويجوز أن يكون ما أمرنا به؛ من الانتصار بعد الظلم، ونحو القصاص في الجروح؛ فهذا كله حسن، والعفو أحسن من القصاص، والصبر أحسن من الانتصار، ونظير هذه الآية قوله: ﴿وَاتَّبِعُوا أَحْسَنَ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ﴾ [الزمر: 55]، وقوله: ﴿الَّذِينَ يَسْتَمِعُونَ الْقَوْلَ فَيَتَّبِعُونَ أَحْسَنَهُ﴾ [["معاني الزجاج" 2/ 375، ونحوه الأزهري في "تهذيب اللغة" 1/ 823 (حسن).]] [الزمر: 18]. وقال قُطرب [[ذكره الثعلبي في "تفسيره" 197 ب، والواحدي في "الوسيط" 2/ 240، والبغوي 3/ 281، وابن الجوزي 3/ 259، والرازي 14/ 237.]]: ﴿يَأْخُذُوا بِأَحْسَنِهَا﴾، أي: بحسنها وكلها حسن؛ كقوله: ﴿وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ﴾ [العنكبوت: 45]). وقول الفرزدق: بَيْتًا دَعَائِمُهُ أَعَزُّ وَأَطْوَلُ [["ديوانه" 2/ 155، و"الكامل" 2/ 308، والصاحبي ص 434، وابن الجوزي 3/ 259، والرازي 14/ 237، و"اللسان" 6/ 3808 كبر، و"الدر المصون" 5/ 454، و"الخزانة" 8/ 242، وأوله: (إن الذي سمك السماء بني لنا) والشاهد فيه (أعز وأطول) حيث استعمل صيغتي التفضيل في غير التفضيل إذ لو كانتا للتفضيل لكان الفرزدق يعترف بأن لمهجوه وهو جرير بيتا دعائمه عزيزة طويلة وهذا لا يقصده الشاعر.]] وقال أهل المعاني: (أحسنها الفرائض والنوافل وهي ما يستحق عليها الثواب، وأدونها في الحسن المباح؛ لأنه لا يستحق عليه حمد ولا ثواب) [[انظر: "معاني النحاس" 3/ 77، و"تفسير السمرقندي" 1/ 569، والماوردي 2/ 260 - 261، والبغوي 3/ 281، وابن عطية 6/ 75، وابن الجوزي 3/ 259، وقال الطبري في معنى الآية 9/ 58: (يقول: يعملوا بأحسن ما يجدون فيها والعمل بالمأمور به أحسن من العمل بالمنهي عنه) اهـ. وانظر: "الفتاوى" لشيخ الإسلام 6/ 16، و12/ 17.]]. وقوله تعالى: ﴿سَأُرِيكُمْ دَارَ الْفَاسِقِينَ﴾. قال ابن عباس [["تنوير المقباس" 2/ 126، وذكره الرازي 14/ 238، عن ابن عباس ومجاهد والحسن، وذكره الواحدي في "الوسيط" 2/ 240 عن عطاء والحسن ومجاهد، وذكره البغوي 3/ 281 - 282، والخازن 2/ 289، عن عطاء والحسن، وأخرج ابن أبي حاتم 5/ 1566 بسند ضعيف عن ابن عباس قال: (دار الكفار) اهـ.]] في رواية عطاء والحسن [[أخرجه الطبري 9/ 59، وابن أبي حاتم 5/ 1566 من طرق جيدة، وذكره النحاس في "معانيه" 3/ 77، والثعلبي 197 ب.]] ومجاهد [[ذكره الماوردي 2/ 261، وابن عطية 6/ 77، وابن الجوزي 3/ 260، والقرطبي 7/ 282 عن مجاهد والحسن، وفي "تفسير مجاهد" 1/ 246 قال: (مصيرهم في الآخرة) اهـ، وأخرجه الطبري 9/ 59، وابن أبي حاتم 5/ 1566 من طرق جيدة، وهذا القول ظاهر وهو اختيار الطبري 9/ 59، وابن كثير 2/ 275؛ لأن الجملة == متصلة بما قبلها، فهي من تمامها، وأولى الأمور أن يختم الأمر بالعمل بالوعيد على من ضيعه. وقال ابن كثير: (هذا أولى والله أعلم لأن هذا كان بعد إنفصال موسى وقومه عن مصر وهو خطاب لبني إسرائيل قبل دخولهم التيه والله أعلم) اهـ.]]: (هي جهنم). أي: فلتكن منكم على ذُكْر لتحذروا أن تكونوا منهم، وهي [[في (ب): (وهو).]] تتضمن وعيدًا وتهديدًا لمن خالف أمر الله، كما تقول لمن تخاطبه: سأريك غدًا إلى ما يصير حال من خالف أمري [[هذا قول الطبري 9/ 59.]]. وقال قتادة: (سأدخلكم الشام فأريكم [[في (ب): (وأيكم).]] منازل الكافرين الذين كانوا سكانها من الجبابرة والعمالقة، أي: لتعتبروا بها، وما صاروا إليه من النكال فيها) [[ذكره الثعلبي 197 ب، والماوردي 2/ 261، والواحدي في "الوسيط" 2/ 241، والبغوي 3/ 282، وابن عطية 6/ 77، وأخرج عبد الرزاق في "تفسيره" 1/ 2/ 236، والطبري 9/ 59، وابن أبي حاتم 5/ 1566 من طرق جيدة عن قتادة قال: (منازلهم) اهـ. وقال ابن الصلاح في "علوم الحديث" ص 281: (بلغنا عن أبي زرعة الرازي أن يحيى بن سلام المفسر حدث عن سعيد بن أبي عروبة عن قتادة في قوله: ﴿دَارَ الْفَاسِقِينَ﴾ قال: مصر، واستعظم أبو زرعة هذا واستقبحه وذكر أنه في تفسير سعيد عن قتادة: مصيرهم) اهـ.]]. وهذا معنى قول الكلبي: ﴿دَارَ الْفَاسِقِينَ﴾ ما مروا عليه إذا سافروا من منازل عاد وثمود والقرون الذين أهلكوا) [[ذكره الثعلبي 197 ب، والبغوي 3/ 282، وابن عطية 6/ 77، والرازي 14/ 238، والخازن 2/ 289، وذهب الزمخشري في "تفسيره" 2/ 117، وابن عطية 6/ 77، والقرطبي 7/ 282 إلى أن المراد: منازل القرون الذين أهلكوا ومنها مصر دار فرعون وقومه، ويمكن الجمع بين القولين بأن الآية تضمنت الوعد للمؤمنين بدخول الأرض الموعودة ومنازل القرون الماضية والوعيد للفاسقين بهلاكهم ودخولهم جهنم. والله أعلم.]].
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب