الباحث القرآني

قوله تعالى: ﴿وَوَاعَدْنَا مُوسَى ثَلَاثِينَ لَيْلَةً﴾، قال أبو على الفارسي [[انظر: "الحجة" لأبي علي 2/ 64 - 65، و"الإغفال" ص 1102.]] وغيره من النحويين [[انظر: "معاني الأخفش" 1/ 93، و"معاني الزجاج" 1/ 133، و"تفسير الطبري" 1/ 280، و"إعراب النحاس" 1/ 635، و"المشكل" 1/ 94، قال الطبري 1/ 280 في معنى آية البقرة 52: ﴿وَإِذْ وَاعَدْنَا مُوسَى أَرْبَعِينَ لَيْلَةً﴾. المعنى: (وإذ واعدنا موسى أربعين ليلة بتمامها، فالأربعون ليلة كلها داخلة في الميعاد، وقد زعم بعض نحويي البصرة أن معناه: وإذ واعدنا موسى انقضاء أربعين ليلة أي: رأس الأربعين - وذلك خلاف ما جاءت به الرواية عن أهل التأويل وخلاف ظاهر التلاوة) اهـ. وقال ابن عطية 6/ 65: (وكل المفسرين على أن الأربعين كلها ميعاد) اهـ.]]: (تقدير الآية: وواعدنا موسى انقضاء ثلاثين ليلة يترقب بعدها المفاجأة). وقد بينا هذا بيانًا شافيا في سورة البقرة [[انظر: "البسيط" البقرة: 52.]]. قال ابن عباس [[أخرجه ابن أبي حاتم 5/ 1556 بسند جيد، وذكره الواحدي في "الوسيط" 2/ 234، وابن الجوزي 3/ 255، والسيوطي في "الدر" 3/ 214.]] والمفسرون [[أخرج عبد الرزاق في "تفسيره" 1/ 2/ 236، والطبري 9/ 47 - 48 من طرق جيدة عن مجاهد نحوه، وانظر: "معاني الزجاج" 2/ 372، والنحاس 3/ 74، و"تفسير السمرقندي" 1/ 567، وابن كثير 2/ 271.]]: (كانت [[في النسخ: (كان) والأولى (كانت).]] تلك الثلاثين ذو القعدة، أمره الله تعالى أن يصوم فيها ويتفرد للعبادة، ويعمل فيها بما يقربه إلى الله عز وجل ليكلمه، فلما انسلخ الشهر استاك موسى لمناجاة ربه يريد إزالة [[في (ب): (يريد لإزالة الخلوف).]] الخلوف) [[الخلوف، بالضم: تغير رائحة الفم لتأخر الطعام. انظر: "اللسان" 2/ 1241 (خلف).]]. وقال أبو العالية: (أكل من لحاء شجرٍ فأوحى الله إليه: يا موسى لا كلمتك حتى يعود فوك على [[في (ب): (يعود فوك كما كان عليه).]] ما كان عليه، أما علمت أن رائحة الصائم أحب إلي من ريح المسك، وأمره بصيام عشرة أيام من ذي الحجة ليكلمه بخلوف فيه، فذلك قوله: ﴿وَأَتْمَمْنَاهَا بِعَشْرٍ﴾) [[ذكره الثعلبي في "الكشف" 196 أ، والبغوي 3/ 275.]]. وقوله تعالى: ﴿فَتَمَّ مِيقَاتُ رَبِّهِ أَرْبَعِينَ لَيْلَةً﴾. الميقات [[الميقات: مصدر الوقت، وهو الوقت المضروب للفعل والموضع. قال السمين في "الدر" 5/ 446 - 447: (الفرق بين الميقات والوقت، أن الميقات ما قدر فيه عمل من الأعمال، والوقت وقت للشيء من غير تقدير عمل أو تقديره) اهـ. وانظر: "العين" 5/ 199 ، و"تهذيب اللغة" 4/ 3928، و"الصحاح" 1/ 269، و"مقاييس اللغة" 6/ 131، و"المفردات" ص 879، و"اللسان" 8/ 4887 (وقت).]] ما قدر ليعمل فيه عمل من الأعمال، ولهذا قيل: مواقيت الحج، وهي المواضع التي [[في أصل: (أ): (الذي) ثم صحح إلى (التي).]] قدرت للإحرام به، فمعنى قوله: ﴿فَتَمَّ مِيقَاتُ رَبِّهِ أَرْبَعِينَ لَيْلَةً﴾. أي: تم الوقت الذي قدره الله لصوم موسى وعبادته أربعين ليلة [[لفظ: (ليلة) ساقط من (أ).]]. قال أبو علي الفارسي: (هذا كقولك: تم القوم عشرين [[في النسخ: (عشرون)، وهو تحريف.]] رجلاً، والمعنى: تم القوم معدودين هذا العدد، كذلك تم الميقات معدودًا هذا العدد [[وعليه يكون نصب: أربعين على الحال أي: تم ميقات ربه معدودًا أربعين ليلة. انظر: "المشكل" 1/ 301، و"البيان" 1/ 374، و"التبيان" ص 390، و"الفريد" 2/ 356، و"الدر المصون" 5/ 447.]]، وقد جاء (الميقات) في موضع (الميعاد)، كما جاء (الوقت) في موضع الوعد في قوله: ﴿إِلَى يَوْمِ الْوَقْتِ الْمَعْلُومِ﴾ [الحجر: 38]، ومما يبين تقاربهما قوله: ﴿فَتَمَّ مِيقَاتُ رَبِّهِ﴾ [[لفظ: (فتم) ساقط من (ب).]] [الأعراف: 142]، وفي الأخرى ﴿وَإِذْ وَاعَدْنَا مُوسَى أَرْبَعِينَ لَيْلَةً﴾ [البقرة: 51]، وقال: ﴿وَالْيَوْمِ الْمَوْعُودِ﴾ [البروج: 2]، وقال: ﴿إِلَى يَوْمِ الْوَقْتِ الْمَعْلُومِ﴾ [الحجر: 38]، وقال: ﴿إِلَى مِيقَاتِ يَوْمٍ مَعْلُومٍ﴾ [["الحجة" لأبي علي 2/ 65.]] [الواقعة: 50]، فإن قيل فلم قال: ﴿فَتَمَّ مِيقَاتُ رَبِّهِ أَرْبَعِينَ لَيْلَةً﴾، وقد دل ما تقدم على هذا؟، قيل: للبيان الذي لا يجوز معه توهم [[جاء في هامش (أ) زيادة: (توهم مضاف للجملة ..) وزيادة كلام لم أستطع معرفته.]] أتممنا الثلاثين بعشر منها. كأنه كان عشرين ليلة ثم أتم بعشر فصار ثلاثين [[أكثرهم على أن الجملة تأكيد وإيضاح، وقيل: إنها لإزالة توهم أن تكون عشر == ساعات، وقيل: فائدتها إزالة توهم العشر من الثلاثين، وقال السمين في "الدر" 5/ 448: (الجملة الظاهر أنها للتأكيد، وقيل: هي للتأسيس لاحتمال أن يتوهم متوهم بعشر ساعات أو غير ذلك وهو بعيد جدًّا) اهـ. ملخصًا. وانظر: "معاني النحاس" 3/ 74، و"إعراب النحاس" 1/ 635، و"المشكل" 1/ 301، و"تفسير الماوردي" 2/ 256، وابن عطية 6/ 66، وابن الجوزي 3/ 255، الرازي 14/ 226، و"الفريد" 2/ 355، و"البحر" 4/ 381.]]. وقوله تعالى: ﴿وَقَالَ مُوسَى لِأَخِيهِ هَارُونَ اخْلُفْنِي فِي قَوْمِي﴾. يقال: [[في (ب): (فقال)، وهو تحريف.]] خَلَفَ فلان مكان فلان يَخْلُفُ [[الخلافة: النيابة عن الغير، وخلف فلان فلانا قام بالأمر عنه. انظر: "العين" 4/ 265، و"تهذيب اللغة" 1/ 1089، و"الصحاح" 4/ 1354، و"مقاييس اللغة" 2/ 210، و"المفردات" ص 294، و"اللسان" 2/ 1235 (خلف).]] إذا كان في مكانه. قال المفسرون: (فلما أراد موسى الانطلاق إلى الجبل استخلف أخاه هارون على قومي) [[انظر: "تفسير الطبري" 9/ 48، والسمرقندي 1/ 567، والبغوي 3/ 275.]]. وقال الفراء: (يقال: خلفتك، أي: كنت خليفتك، فأنا أخلفك خلافة) [[لم أقف عليه بعد طول بحث عنه.]]. وقوله تعالى: ﴿وَأَصْلِحْ﴾. قال ابن عباس: (يريد: الرفق بهم والإحسان إليهم) [[ذكره الواحدي في "الوسيط" 2/ 234، والبغوي 3/ 275، والخازن 2/ 281.]]، فعلى هذا معناه: وأصلح أمرهم، ﴿وَلَا تَتَّبِعْ سَبِيلَ الْمُفْسِدِينَ﴾، (أي: طريق العاصين). قاله ابن عباس والكلبي [["تنوير المقباس" 2/ 125.]]؛ كأنه يقول: لا تطع من عصى الله ولا توافقه على أمره.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب