الباحث القرآني

قوله تعالى: ﴿قَالُوا يَا مُوسَى إِمَّا أَنْ تُلْقِيَ وَإِمَّا أَنْ نَكُونَ نَحْنُ الْمُلْقِينَ﴾. روى أبو العباس [[أبو العباس: هو ثعلب أحمد بن يحيى، إمام، تقدمت ترجمته.]] عن سلمة [[سلمة بن عاصم البغدادي، صاحب الفراء، إمام، تقدمت ترجمته.]] عن الفراء قال: (قال الكسائي في باب إِمَّا وأَمَّا: إذا كنت آمراً أو ناهياً أو مخبراً فهي مفتوحة، وإذا كنت [[في (ب): (وإذا كان)، وهو تحريف.]] مشترطاً أو شاكاً أو مخيراً فهي مكسورة، تقول من ذلك في المفتوحة: أَمَّا الله فاعبد [[في (أ): (فاعبدوا).]]، وأما الخمر فلا تشربها، وأما زيد فقد خرج، وتقول [[في (ب): (فتقول).]] في النوع الثاني إذا كنت مشترطاً: إِمَّا تعطينّ زيداً فإنه يشكرك، قال الله تعالى: ﴿فَإِمَّا تَثْقَفَنَّهُمْ فِي الْحَرْبِ فَشَرِّدْ﴾ [الأنفال: 57]. وتقول في الشك: لا أدري من قام إمَّا زيد وامَّا عمرو. وتقول في التخيير [[في "تهذيب اللغة" 1/ 207: ذكر (إذا كنت مخيرًا أو مختارًا فهي المكسورة تقول في التخيير: تعلم إما الفقه وإما النحو، وتقول في المختار: لي بالكوفة دار وأنا خارج إليها فإما أن أسكنها وإما أن أبيعها).]]: لي بالكوفة دار فإما أن أسكنها وإما أن أبيعها) [["تهذيب اللغة" 1/ 207، (إما، وأما)، وذكره الرازي 14/ 202، عن الفراء والكسائي.]]، والفرق بين (إما) إذا كانت للشك وبين (أو) إنك إذا قلت: جاءني زيد أو عمرو فقد يجوز أن يكون بنيت كلامك على اليقين، ثم أدركك الشك فقلت: أو عمرو. فصار الشك فيهما جميعاً. فأول الاسمين [[في (أ): (فالأول أسمين)، وهو تحريف.]] في (أو) يجوز أن يكون خبراً يحسن السكوت عليه، ثم يعترض الشك فيستدرك بالاسم الآخر، ألا ترى أنك تقول: قام أخوك، وتسكت، ثم تشك فتقول: أو أبوك، وإذا ذكرت (إمّا) فإنما تبني كلامك على الشك من أوله فليس يجوز أن تقول: ضربت إما [[في (ب): (أبا)، وهو تحريف.]] عبد الله وتسكت [[ما تقدم هو قول الفراء في "معانيه" 1/ 389، وانظر: "الكتاب" 1/ 95 و142، و3/ 332، و4/ 235، و"حروف المعاني" ص 63 - 64، و"معاني الحروف" 129 - 131، و"الصاحبي" ص206، و"المغني" لابن هشام 1/ 55، 61.]]، وأما [[في (ب): (في أما).]] دخول (أن) في قوله: ﴿إِمَّا أَنْ تُلْقِيَ﴾ [الأعراف:115] وسقوطها من قوله: ﴿إِمَّا يُعَذِّبُهُمْ وَإِمَّا يَتُوبُ عَلَيْهِمْ﴾ [التوبة: 106]، قال الفراء: (أدخل ﴿أَنْ﴾ في ﴿إِمَّا﴾ في هذه الآية لأنه في موضع أمر بالاختيار وهي في موضع نصب كقول القائل: اختر ذا أو ذا. كأنهم قالوا: اختر أن تُلقي أو نلقي، وقوله تعالى: ﴿إِمَّا يُعَذِّبُهُمْ وَإِمَّا يَتُوبُ عَلَيْهِمْ﴾ ليس [[لفظ: (ليس) ساقط من (ب)، قال الهمداني في "الفريد" 2/ 341: (دخلت أن في آية الأعراف لأنه أمر كأنه قيل: اختر إما أن تلقي أنت وإما نحن، والأمر مستقبل و (أن) عَلَم للاستقبال فدخلت لتحقيق هذا المعنى، ولم تدخل في آية التوبة لأنه خبر والخبر لم يحتج إلى أن) اهـ. ملخصًا.]] فيه أمر بالتخيير؛ ألا ترى أن الأمر لا يصلح هاهنا فلذلك لم يكن فيه أن) [["معاني الفراء" 1/ 389، وقال السمين في "الدر" 5/ 415 - 416: (إنما أتى هنا بأن المصدرية بخلاف آية التوبة؛ لأن أن وما بعدها هنا إما مفعول وإما مبتدًا والمفعول به والمبتدأ لا يكونان فعلاً صريحًا بل لا بد أن ينضم إليه حرف مصدري يجعله في تأويل اسم وأما آية التوبة فالفعل بعد إما، إما خبر ثان لآخرون وإما صفة له، والخبر والصفة يقعان جملة فعلية من غير حرف مصدري) اهـ.]]. وأما التفسير فقوله: ﴿إِمَّا أَنْ تُلْقِيَ﴾، فقال ابن عباس: (يريد: عصاه، ﴿وَإِمَّا أَنْ نَكُونَ نَحْنُ الْمُلْقِينَ﴾ أي: ما معنا من الحبال والعصي) [[أخرجه ابن أبي حاتم 5/ 1535 بسند جيد.]]، فمفعول الإلقاء محذوف من الموضعين جميعاً [[انظر: "إعراب النحاس" 1/ 631، وقال السمين في "الدر" 5/ 416: (حذف مفعول الإلقاء للعلم به والتقدير: إما أن تلقي حبالك وعصيك لأنهم كانوا يعتقدون أن يفعل كفعلهم، أو نلقي حبالنا وعصينا) اهـ.]].
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب