الباحث القرآني

قوله تعالى: ﴿أَسْكِنُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ سَكَنْتُمْ مِنْ وُجْدِكُمْ﴾ قال الكسائي: ﴿مِّن﴾ صلة، والمعنى: أسكنوهن حيث [[في (س): (من حيث).]] سكنتم من وجدكم [[انظر: "الكشف والبيان" 12/ 144 أ، وعند الزمخشري أنها للتبعيض، والمعنى: أي بعض مكان سكناكم، و"الكشاف" 4/ 110.]]. قال أبو عبيدة: من سعتكم من الجدة [[انظر: "مجاز القرآن" 2/ 260.]]. وقال الفراء: يقول: على قدر طاقتكم، على قدر [[في (س): (قدر) زيادة.]] ما يجد، فإن كان موسعًا وسع عليها في المسكن والنفقة، وإن كان فقيرًا مقترًا [[في (س): (مقترًا) زيادة.]] فعلى قدر ذلك [[انظر: "معاني القرآن" 3/ 163.]]. وقال أبو إسحاق: يقال: وجدت في المال وجدًا -أي صرت ذا مال- ووجدًا وجدةً [[في (ك): (ووجدة). وانظر: "معاني القرآن" للزجاج 5/ 186.]]. وقال الأخفش: الوجدُ المقدرة، أي: من حيث سكنتم مما تقدرون عليه [[انظر: "معاني القرآن" 2/ 710.]]. قال المقاتلان: يعني من سعتكم في المسكن والنفقة [[انظر: "تفسير مقاتل" 159 أ، و"معالم التنزيل" 4/ 359.]]. وقال الضحاك: أنفقوا عليهن بقدر ما عندكم من السعة. وقال السدي: ﴿مِنْ وُجْدِكُمْ﴾ أي من ملككم [[لم أجدها. وعند ابن جرير عن السدي: (المرأة يطلقها فعليه أن يسكنها وينفق عليها)، و"جامع البيان" 28/ 94، وما ذكره المؤلف عنهما لا يخرج عن أقوال المفسرين المذكورة.]]. قال قتادة: إن لم تجد إلا ناحية بيتك فأسكنها فيه [[انظر: "تفسير القرآن العظيم" 4/ 383، و"الدر" 6/ 237.]]. قال أصحابنا [[أي الشافعية. وانظر: "المجموع" 18/ 162، و"الحاوي الكبير" 11/ 249.]]: السكنى تكون في مسكن النكاح، ولا يجوز للزوج أن يخرجها منه، ولا لها أن تخرج. جاء رجل إلى ابن مسعود فقال: يا أبا عبد الرحمن: ما ترى في امرأة طلقت ثم أصبحت غادية إلى أهلها؟ فقال عبد الله: ما أحب أن لي دينها بتمرة. فإن كان للزوج المطلق مسكن واحد ودار واحدة؛ لم يجز للمرأة أن تساكنه فيها ساعة إلا مع محرم بالغ من محارمها، ولكن على الزوج أن يخرج منها لتخلو الدار لها، وإن كانت الدار واسعة مشتملة على مرافق فإن أمكنها أن تنفرد في بعض مرافق الدار جاز أن تساكنه [[في (س): من قوله (فيها ساعة) إلى (تساكنه) زيادة. وانظر: "المجموع" 18/ 162، و"المغني" 11/ 302.]]، وكل مطلقة مستحقة للسكنى [[وهو قول ابن مسعود، وابن عمر، وعائشة، وسعيد بن المسيب، والشافعي، وأصحاب الرأي، وغيرهم. انظر: "أحكام القرآن" للجصاص 3/ 459، و"المغني" 11/ 300.]]. وفي المتوفى عنها قولان: أحدهما: أنها تستحق السكنى. والثاني: أنها لا تستحق وليس لها نفقة العدة بحال [[في (س): (بحال) زيادة. وانظر: "المغني" 11/ 292، وقال: (قال أصحابنا: ولا سكنى للمتوفى عنها إذا كانت حائلاً، رواية واحدة، دن كانت حاملًا فعلى روايتين، وللشافعي في سكنى المتوفى عنها قولان ...). وقال الجصاص: قد اتفق الجميع على أن لا نفقة للمتوفى عنها زوجها غير الحامل. "أحكام القرآن" 3/ 462.]]. قوله تعالى: ﴿وَلَا تُضَارُّوهُنَّ لِتُضَيِّقُوا عَلَيْهِنَّ﴾ نهى الله عن مضارتهن بالتضييق عليهن في المسكن والنفقة. قوله تعالى: ﴿وَإِنْ كُنَّ أُولَاتِ حَمْلٍ فَأَنْفِقُوا عَلَيْهِنَّ حَتَّى يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ﴾ وهذا بيان حكم المطلقة البائنة؛ لأن الرجعية تستحق النفقة وإن لم تكن حاملاً، وان كانت مطلقة ثلاثًا، أو مختلعة فلا نفقة لها إلا أن تكون حاملًا فتستحق النفقة [[انظر: "الأم" 5/ 97، و"أحكام القرآن" للجصاص 3/ 459، و"المغني" 11/ 301، و"شرح النووي على مسلم" 10/ 95، و"المحلى" 10/ 288، و"فتح الباري" 9/ 480، وهو قول الجمهور. وقال الأحناف والثوري والحسن بن صالح: لكل مطلقة السكنى والمنفقة ما دامت في العدة حاملًا كانت أو غير حامل. انظر: "بدائع الصنائع" 4/ 2038، و"شرح فتح القدر" 3/ 339، و"الحاوي الكبير" 11/ 246.]]. قوله تعالى: ﴿فَإِنْ أَرْضَعْنَ لَكُمْ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ﴾ يعني حق الرضاع وأجرته، وللزوج أن يستأجر امرأته لإرضاع الولد كما يستأجر أجنبية، وبيان هذا قد تقدم في سورة البقرة [[عند تفسيره الآية (233) من سورة البقرة.]]. قوله تعالى: ﴿وَأْتَمِرُوا بَيْنَكُمْ بِمَعْرُوفٍ﴾ قال عطاء: يريد بفضل معروف منك [[انظر: "التفسير الكبير" 30/ 37.]]. وقال مقاتل بن حيان: يتراضى الأب والأم على أجل مسمى [[انظر: "معالم التنزيل" 4/ 360.]]. وقال السدي: يعني اصنعوا المعروف فيما بينكم [[انظر: "جامع البيان" 28/ 96.]]. وقال المبرد: ليأمر بعضكم بعضًا بالمعروف. والخطاب للأزواج من الرجال والنساء يأمرهم أن يأتوا المعروف وما هو الأحسن ولا يقصدوا التعاسر والضرر [[انظر: "التفسير الكبير" 30/ 37.]]. قال أبو إسحاق: المعروف هاهنا -والله أعلم- أن لا يقصر الرجل في نفقة المرأة التي ترضع ولده إذا كانت هي والدته؛ لأن الوالدة أرأف بولدها من غيرها، ولا تقصر هي في إرضاع ولدها، والقيام بشأنه، فحق على كل واحد منهما أن يأتمر في الولد بمعروف [[انظر: "معاني القرآن" 5/ 186.]]. وذكرنا تفسير الائتمار عند قوله: ﴿يَأْتَمِرُونَ بِكَ﴾ [[قال: الائتمار: المشاروة، وهو أن يأمر بعضهم بعضًا. قال شمر: يقول ائتمرت فلانًا في ذلك الأمر إذا شاورته، وائتمر القوم إذا شاوروا ثم الائتمار يكون مرة مع ذوي العقل والرأي من الناس وهو المحمود المسنون ومرة يكون مع النفس والهوى، وهو المذموم.]] [القصص: 20]. ﴿وَإِنْ تَعَاسَرْتُمْ﴾ أي [[في (س): (أي) زيادة.]] في الأجرة ولم يتفق بين الوالدة والولد ما يتراضيان به ﴿فَسَتُرْضِعُ لَهُ أُخْرَى﴾ معناه: فليسترضع له [[(له) ساقطة من (س).]] الوالد غير [[في (ك): (غيره).]] والدة الصبي. ومعنى ﴿تَعَاسَرْتُمْ﴾ لم تتفقوا على أمر. ثم بين قدر الإنفاق فقال: ﴿لِيُنْفِقْ ذُو سَعَةٍ مِنْ سَعَتِهِ﴾ أمر أهل التوسعة أن يوسعوا على نسائهم المرضعات أولادهن على قدر سعتهن ومن كان رزقه بمقدار القوت فلينفق على قدر ذلك. وهذا كقوله [[في (ك): (كله).]] ﴿عَلَى الْمُوسِعِ قَدَرُهُ وَعَلَى الْمُقْتِرِ قَدَرُهُ﴾ [البقرة: 236]. قوله تعالى: ﴿لَا يُكَلِّفُ الله نَفْسًا إِلَّا مَا آتَاهَا﴾ أي: ما أعطاها من الرزق، قال السدي: لا يكلف الفقير مثل ما يكلف الغني [[انظر: "جامع البيان" 28/ 97، و"إعراب القرآن" للنحاس 3/ 456.]]. وذلك أنه لو كلف الفقير أن يوسع فقد كلفه ما لم يؤته، وإذا كلف الغني ذلك لم يكلفه إلا ما آتاه. قوله: ﴿سَيَجْعَلُ الله بَعْدَ عُسْرٍ يُسْرًا﴾ أي من بعد ضيق وشدة غنى وسعة ورخاء. قال أبو إسحاق: كان الغالب على أكثرهم في ذلك الوقت الفقر والفاقة فأعلمهم الله عَزَّ وَجَلَّ أنه سيوسر المسلمون، ففتح عليهم بعد ذلك وجعل يسرًا بعد عسر [[انظر: "معاني القرآن" 5/ 187.]]، والمؤمنون وإن كانوا في حال ضيقة فهم على رجاء اليسر من الله تعالى.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب