قوله تعالى: ﴿إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِهِ صَفًّا﴾ أي يصفون صفًا. والمعنى: يصفون أنفسهم عند القتال صفًا ﴿كَأَنَّهُمْ بُنْيَانٌ مَرْصُوصٌ﴾ قال الفراء: مرصوص بالرصاص [[انظر: "معاني القرآن" للفراء 3/ 153.]].
قال المبرد: يقال: رصفت البناء إذا لاءمت [[في (ك): (لامت).]] بينه وقاربت حتى يصير كقطعة واحدة [[انظر: "التفسير الكبير" 29/ 311، 312، و"روح المعاني" 28/ 84.]].
وقال الليث: رصصت البناء رصًا، إذا ضممت بعضه إلى بعض [[(بعضه إلى بعض) ساقطة من (ك).]]، من الرصيص انضمام الأسنان بعضها إلى بعض، والتراص: التلاصق [[انظر تهذيب اللغة 12/ 111 (رص)، اللسان 1/ 1173 (رصص).]]. ومنه الحديث: "تراصوا في الصف" [[هذه رواية بالمعنى، وفي معناه أحاديث صحيحة منها ما رواه أبو داود بإسناد على شرط مسلم، والنسائي بإسناد صحيح والحاكم في "المستدرك" 1/ 217 ، ووافقه الذهبي عنه -ﷺ-: "رصوا صفوفكم، وقاربوا بينها، وحاذوا بالأعناق، فوالذي نفسي بيده إني لأرى الشيطان يدخل من خلل الصف كأنها الحذف".]].
قال ابن عباس: يرفع الحجر على الحجر ثم يرص بحجارة صغار، ثم يوضع اللبن علبه، تسميه أهل مكة: المرصوص [[انظر: "التفسير الكبير" 29/ 312.]].
وقال مقاتل: ملتزق بعضه ببعض [[انظر: "تفسير مقاتل" 153 ب، وفي "صحيح البخاري"، كتاب: التفسير سورة الصف. قال (وقال ابن عباس: ملصق بعضه إلى بعض) ونسبه ابن الجوزي للأكثرين. "زاد المسير" 1/ 251، وقال ابن حجر: وصله ابن أبي حاتم من طريق ابن جريج، عن ابن عباس ...) "فتح الباري" 8/ 641.]].
قال أبو إسحاق: أعلم الله أنه يحب من يثبت في الجهاد في سبيله ويلزم مكانه كثبوت البناء المرصوص. قال: ويجوز على أن تستوي نياتهم في حرب عدو حتى يكونوا في اجتماع الكلمة وموالاة بعضهم بعضًا كالبنيان المرصوص [[انظر: "معاني القرآن" للزجاج 5/ 164.]]، فالأول على التشبيه به في رأي العين، والثاني على التشبيه من حيث التظافر كالبنيان يشد بعضه بعضًا.
{"ayah":"إِنَّ ٱللَّهَ یُحِبُّ ٱلَّذِینَ یُقَـٰتِلُونَ فِی سَبِیلِهِۦ صَفࣰّا كَأَنَّهُم بُنۡیَـٰنࣱ مَّرۡصُوصࣱ"}