الباحث القرآني
قوله تعالى: ﴿وَهُوَ الَّذِي أَنْشَأَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ﴾ قال ابن عباس: (يريد: آدم) [[ذكره السيوطي في "الدر" 3/ 66، وذكره ابن أبي حاتم 4/ 1355 عن أكثرهم.]]، ﴿فَمُسْتَقَرٌّ وَمُسْتَوْدَعٌ﴾ قال ابن الأنباري: (أي: أراد: فلكم مستقر ومستودع، وبهذا الإضمار يحسن اتصال هذا الكلام بما قبله وحسن الإضمار؛ لأن الفاء يغلب على ما بعدها الاتصال بما يسبقها، فحذف ما يحذف بعد الفاء؛ إنما هو لدلالة الذي قبلها عليه للمواصلة، كقول العرب: إن تزرني فمحسن، وإن قصدتني فبار، وهم يريدون: فأنت بار، فيحذفون لوضوح المعنى) [[ذكره الواحدي في "الوسيط" 1/ 88 لفظ: (أي: فلكم مستقر ومستودع) فقط، والباقي لم أقف عليه.]].
وأما تفسير: المستقر والمستودع، فقال ابن عباس في رواية عطاء: (يريد: مستقر في الأرحام ومستودع في الأصلاب) [[لم أقف عليه من رواية عطاء، وهو في "تفسير عطاء الخراساني" ص 88، من قوله، وأخرجه الطبري في "تفسيره" 7/ 289 بسند جيد عن عطاء فقط.]]، وهذا التفسير على القراءتين [[قرأ ابن كثير وأبو عمرو: (فمُسْتَقِر) بكسر القاف وفتحها الباقون. انظر: "السبعة" ص 263، و"المبسوط" ص 172، و"الغاية" ص 246، و"التذكرة" 2/ 405، و"التيسير" ص 105، و"النشر" 2/ 260.]] في المستقر، وقال في رواية سعيد بن جبير: (المستقر ما في الرحم، والمستودع ما في الصلب) [[أخرجه الطبري في "تفسيره" 7/ 287 - 288، من عدة طرق جيدة، وأخرجه الحاكم في "المستدرك" 2/ 316. وقال: (هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه) ووافقه الذهبي في "التلخيص"، وذكره ابن حجر في "فتح الباري" 8/ 289، وقال: (أخرجه سعيد بن منصور عن ابن عباس بإسناد صحيح) اهـ.]]، وهذا على قراءة من كسر القاف.
وقال كريب [[كريب بن أبي مسلم، أبو رشدين المدني، الهاشمي، مولى ابن عباس، تابعي، إمام ثقة، موصوف بالخير والديانة، لازم ابن عباس رضي الله عنهما، وكان عنده عنه حمل بعير من الكتب، توفي رحمه الله تعالى سنة 98 هـ.
انظر: "طبقات ابن سعد" 5/ 293، و"الجرح والتعديل" 7/ 168، و"تهذيب الأسماء واللغات" 2/ 66، و"سير أعلام النبلاء" 4/ 479، و"تهذيب التهذيب" 3/ 468.]]: (كتب حبر تيماء [[تَيْماء: بالفتح والمد، بلد في أطراف الشام بين الشام ووادي القرى. انظر: "معجم البلدان" 2/ 66.]] إلى ابن عباس يسأله عن هذه، فكتب إليه المستودع: الصلب، والمستقر: الرحم، ثم قرأ: ﴿وَنُقِرُّ فِي الْأَرْحَامِ مَا نَشَاءُ﴾ [الحج: 5]) [[ذكره الواحدي في "الوسيط" 1/ 88، وأخرجه الطبري في "تفسيره" 7/ 289 بسند ضعيف وفيه قال: (المستقر: الرحم، ثم قرأ: ﴿وَنُقِرُّ فِي الْأَرْحَامِ مَا نَشَاءُ﴾ [الحج: 5]، وقرأ ﴿وَلَكُمْ فِي الْأَرْضِ مُسْتَقَرٌّ وَمَتَاعٌ﴾ [البقرة: 36]، قال: مستقرة فوق الأرض، ومستقرة في الرحم، ومستقرة تحت الأرض، حتى يصير إلى الجنة أو إلى النار) اهـ.]]، وهذا التفسير على قراءة من فتح القاف، وقال في رواية العوفي: (كل مخلوق قد فرع من خلقه فهو المستقر، والمستودع: ما في أصلاب الرجال الذي الله خالقه) [[أخرج الطبري في "تفسيره" 7/ 289 بسند ضعيف عن العوفي عن ابن عباس قال: (المستقر في الأرحام ، والمستودع في الصلب لم يخلق وهو خالقه) ا. هـ.]]، ونحو هذا روى عكرمة عنه قال: (المستقر: الذي قد خُلق واستقر في الرحم، والمستودع: الذي قد استودع في الصلب مما لم يخلق بعد) [[أخرجه الطبري في "تفسيره" 7/ 290، وابن أبي حاتم 4/ 1355 عن عكرمة عن ابن عباس.]]. وقال الوالبي [[الوالبي هو: علي بن أبي طلحة. والأثر عنه أخرجه الطبري في "تفسيره" 7/ 289، وابن أبي حاتم 4/ 1357 بسند جيد.]] والضحاك عنه: (المستقر في الرحم، والمستودع ما استودع في أصلاب الرجال والدواب) [[لم أقف عليه من رواية الضحاك، وقد أخرجه الطبري في "تفسيره" 7/ 289 بسند ضعيف عن الضحاك من قوله. وقال ابن أبي حاتم في "تفسيره" 4/ 1357 روى عن الضحاك عن ابن عباس قال: (المستودع: المكان الذي تموت فيه) اهـ.]].
وقال سعيد بن جبير: (﴿فَمُسْتَقَرٌّ﴾ في بطون الأمهات ﴿وَمُسْتَوْدَعٌ﴾: في أصلاب الآباء، قال: وقال لي ابن عباس: أتزوجتَ يا ابن جبير؟ قلت: لا، وما أريد ذلك يومي هذا. قال: فضرب ظهري، وقال: أما أنه مع ذاك ما كان من مستودع في ظهرك فسيخرج) [[أخرجه الطبري في "تفسيره" 7/ 288 - 289، والواحدي في "الوسيط" 1/ 88 من عدة طرق جيدة.]].
وأكثر أهل التفسير والمعاني: على أن المستقر والمستودع في الأصلاب والأرحام [[قال النحاس في "إعراب القرآن" 1/ 568: (أكثر أهل التفسير يقولون: المستقر ما كان في الرحم، والمستودع ما كان في الصلب)، وهو قول الفراء في "معانيه" 1/ 347، ونحوه قال أبو عبيدة في "مجاز القرآن" 1/ 201، واليزيدي في "غريب القرآن" ص 140، وابن قتيبة في "تفسير غريب القرآن" ص 157، وقال ابن كثير في "تفسيره" 2/ 178: (وهذا القول أظهر والله أعلم) ا. هـ، وانظر: "تفسير ابن عطية" 5/ 298، والقرطبي 7/ 46.]] وقد أحسن أبو علي شرح الحرفين كل الإحسان، مع ذكر اختلاف القراءتين في المستقر فقال: (قال سيبويه: "قالوا: قرَّ في مكانه واستقر" [["الكتاب" 4/ 70.]]، فمن كسر القاف كان المستقر بمعنى: القارّ، وإذا كان كذلك وجب أن يكون خبره المضمر منكم، أي: منكم مستقر، كقولك: بعضكم مستقر، أي: مستقر في الأرحام، ومن فتح القاف فليس على أنه مفعول به، ألا ترى أن استقر لا يتعدى، وإذا لم يتعد لم يبن منه اسم مفعولٍ به، وإذا لم يكن مفعولًا به كان اسم مكان، فالمستقر بمنزلة المقرّ، كما كان المستقر بمنزلة القارّ، وإذا كان كذلك لم يجز أن يكون خبره المضمر منكم، كما جاز ذلك في قول من كسر القاف، فإذا لم يجز ذلك جعلت الخبر المضمر لكم، فيكون التقدير: لكم مَقَرٌّ.
فأما المستودع فإن استودع فعلٌ يتعدى إلى مفعولين، [تقول] [[في (ش): (يقول)، بالياء.]]: استودعت زيدًا ألفًا، وأودعت مثله، فاستودع مثل أَوْدَع، كما أن استجاب بمنزلة أجاب، فالمستودع يجوز أن يكون الإنسان الذي استودع ذلك المكان، ويجوز أن يكون المكان نفسه، فمن قرأ (فَمُستقَر) بفتح القاف جعل المستودع مكانًا ليكون مثل المعطوف عليه، أي: فلكم مكان استقرار، ومكان استيداع، ومن قرأ (فمستقِر) فالمعنى: منكم مستقر في الأرحام، ومنكم مستودع في الأصلاب، فالمستودع اسم المفعول به ليكون مثل المستقر في أنه اسم لغير المكان) [["الحجة" لأبي علي 3/ 364 - 365، وانظر: "معاني الفراء" 1/ 347، و"معاني الزجاج" 2/ 274، و"إعراب القرآن" للنحاس 1/ 568، و"معاني القراءات" 1/ 373 ، و"إعراب القراءات" 1/ 166، و"الحجة" لابن زنجلة ص 262، و"الكشاف" 1/ 442.]].
{"ayah":"وَهُوَ ٱلَّذِیۤ أَنشَأَكُم مِّن نَّفۡسࣲ وَ ٰحِدَةࣲ فَمُسۡتَقَرࣱّ وَمُسۡتَوۡدَعࣱۗ قَدۡ فَصَّلۡنَا ٱلۡـَٔایَـٰتِ لِقَوۡمࣲ یَفۡقَهُونَ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق