الباحث القرآني
وقوله تعالى: ﴿وَهَذَا كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ مُبَارَكٌ﴾ المبارك: الذي بورك فيه، ومعنى البركة: الكثرة في كل خير [[انظر: "العين" 5/ 368، و"الجمهرة" 1/ 325، و"الصحاح" 4/ 1574، و"المجمل" 1/ 121، و"مقاييس اللغة" 1/ 227، و"المفردات" ص 119، و"اللسان" 1/ 266 (برك).]]، الأزهري [["تهذيب اللغة" 1/ 319.]]: (وأصل البركة الزيادة والنماء وثبوت الخير [[في (ش): (وثبوت الحكم).]] على الازدياد والنماء)، قال أهل اللغة [[انظر: "الزاهر" 1/ 53.]]: وأصله الثبوت، قال اللحياني [["تهذيب اللغة" 1/ 319.]]: (يقال: بَارَكت على التجارة وغيرها، أي: داومت وواظبت)، ومنه قول الشاعر [[الشاهد لبشر بن أبي خازم الأسدي، شاعر جاهلي في "ديوانه" ص 69، و"المفضليات" ص 345، و"الاشتقاق" ص 247، وجميع كتب اللغة السابقة في (برك) سوى "المفردات"، الغمرات: بالفتح: الشدائد، والبراكاء: بفتح الباء وضمها: من البروك، وهو الثبات في العرب.]]:
ولا يُنْجِي مِنَ الغَمَرَاتِ إلَّا ... بَرَاكاءُ القِتالِ [[في (أ): (للقتال)، وهو تحريف.]] أوِ الفِرَارُ
أي: الثبوت في القتال، ومنه ﴿تَبَارَكَ اللَّهُ﴾ [الأعراف: 54] أي: ثبت مما به استحق التعظيم فيما لم يزل ولا يزال. قال الكلبي: (﴿وَهَذَا كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ مُبَارَكٌ﴾ فيه مغفرة لذنوبهم، وتوبة من أعمالهم) [[ذكره الواحدي في "الوسيط" 1/ 81، وفي "تنوير المقباس" 2/ 41 نحوه.]]، قال أهل المعاني: (معنى قوله (كتاب) (مبارك) أي: كثير خيره، دائم منفعته، يبشر بالثواب والمغفرة، ويزجر عن القبيح والمعصية إلى ما لا يعد من بركاته) [[انظر: "معاني الزجاج" 2/ 306، و"الوسيط" للواحدي 1/ 81، والرازي 13/ 80.]]، و (مبارك): خبر الابتداء فصل بينهما بالجملة والتقدير: [[هذا قول الثعلبي 181 أ، وقال الكرماني في "غرائبه" 1/ 371، وابن عاشور في "التحرير" 7/ 369: (هو خبر بعد خبر) اهـ. والجمهور على أنه صفة لكتاب، وقال السمين في "الدر" 5/ 38: (ما ذكره الواحدي لا يتمشى إلا على أن يكون خبرًا ثانيا، لهذا وهو بعيد جدًا، وإذا سُلم ذلك فيكون: (أنزلناه) عنده اعتراضًا على ظاهر عبارته، ولكن لا يحتاج إلى ذلك بل يجعل (أنزلناه) صفة لكتاب، ولا محذور حينئذ على هذا التقدير، وبالجملة فالوجه كونه صفة أو خبرًا لمبتدأ مضمر) ا. هـ. بتصرف.
وانظر: "معاني الأخفش" 2/ 282، و"إعراب النحاس" 2/ 82، و"كتاب الشعر" 2/ 505، و"الإيضاح العضدي" 1/ 287، وابن عطية 5/ 283، و"التبيان" 1/ 347 و"الفريد" 2/ 190.]] و [[لفظ: (الواو): ساقط من (ش).]] هذا كتاب مبارك أنزلناه، كقوله تعالى: ﴿وَهَذَا ذِكْرٌ مُبَارَكٌ أَنْزَلْنَاهُ﴾ [الأنبياء: 50].
وقوله تعالى: ﴿مُصَدِّقُ الَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ﴾ قال ابن عباس: (يريد: جميع الكتب) [[أخرج الطبري 7/ 271، وابن أبي حاتم 4/ 1344، و"تحقيق الغماري" بسند ضعيف عنه قال: (مصدق لما قبله من الكتب التي أنزلها الله والآيات والرسل الذين بعثهم الله بالآيات).]].
وقال الكلبي: (موافق لما بين يديه من التوراة والإنجيل وسائر الكتب) [["تنوير المقباس" 2/ 41.]] ونحوه قال الحسن [[ذكره الماوردي في "تفسيره" 2/ 142.]] [وغيره] [[في (ش): (وغيرهم)، وقد أخرج الطبري في "تفسيره" 7/ 271 هذا القول عن قتادة والربيع بن أنس، وأخرجه ابن أبي حاتم في "تفسيره" 4/ 1344، و"تحقيق الغماري"، عن أبي العالية، ورجحه ابن عطية في "تفسيره" 5/ 284.]].
وقوله تعالى: ﴿وَلِتُنْذِرَ أُمَّ الْقُرَى﴾ هو عطف [[في (ش): (هو معطوف).]] على معنى الكلام [[انظر: "الدر المصون" 5/ 38 - 39.]] قال أبو إسحاق: (المعنى: أنزلناه للبركة والإنذار، قال: ومعنى ﴿أُمَّ الْقُرَى﴾: أهل أم القرى) [["معاني الزجاج" 2/ 271، وانظر: "معاني النحاس" 2/ 457.]]، فعلى هذا هو من باب حذف المضاف، قال ابن عباس وغيره: (يريد: مكة) [[أخرجه الطبري في "تفسيره" 7/ 271، وابن أبي حاتم 4/ 1345 بسند جيد، وقال الرازي في "تفسيره" 13/ 81: (اتفقوا على أن هاهنا محذوفًا، والتقدير: ولتنذر أهل أم القرى؛ واتفقوا على أن أم القرى هي مكة) اهـ.]].
قال الزجاج: (وسميت أم القرى؛ لأنها قبلة جميع الناس يؤمونها، قال: وجائز أن تكون سميت أم القرى؛ لأنها كانت أعظم القرى شأنًا) [["معاني الزجاج" 2/ 271، ولم يذكر إلا الوجه الثاني فقط، والوجه الأول نسبه إلى الزجاج، ابن الجوزي في "تفسيره" 3/ 85.]].
وقال المفسرون: (سميت مكة أم القرى؛ لأن الأرض كلها دُحيت من تحتها، فهي أصل للأرض كلها) [[أخرجه عبد الرزاق 1/ 2/ 213، والطبري 7/ 272 بسند جيد عن قتادة، وأخرجه ابن أبي حاتم 4/ 1345 عن عطاء وعمرو بن دينار، وذكره ابن الجوزي 3/ 85، عن ابن عباس، وهو قول مقاتل 1/ 575، والثعلبي 181/ أ، والبغوي 3/ 168، وأخرج الطبري وابن أبي حاتم بسند جيد عن السدي قال: (أم القرى مكة سميت؛ لأن أول بيت وضع بها) اهـ. وذكره ابن أبي حاتم عن جماعة من السلف، وقال أبو حيان في "البحر" 4/ 179: (سميت بذلك؛ لأنها منشأ الدين، ولدحو الأرض منها ، ولأنها وسط الأرض، ولكونها قبلة وموضع الحج، ومكان أول بيت وضع للناس) اهـ.
انظر: الطبري 7/ 272، و"معاني النحاس" 2/ 457، والسمرقندي 1/ 501، والماوردي 2/ 142، و"الكشاف" 2/ 35، وابن عطية 5/ 284.]].
وقوله تعالى: ﴿وَمَنْ حَوْلَهَا﴾ قال ابن عباس: (يريد: جميع الآفاق) [[أخرجه الطبري 7/ 271، وابن أبي حاتم 4/ 1345 بسند جيد، وهذا المعنى متفق عليه. انظر: السمرقندي 1/ 501، وابن عطية 5/ 284، والرازي 13/ 81.]]، وقال الكلبي: (سائر الأرضين) [["تنوير المقباس" 2/ 42.]].
وقوله تعالى: ﴿وَالَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ يُؤْمِنُونَ بِهِ﴾ قال الفراء: (الهاء تكون لمحمد وللتنزيل) [["معاني الفراء" 1/ 344.]]، فإن قيل: كثير ممن يؤمن بالآخرة لا يؤمن بمحمد ولا بالقرآن، فلم قال: ﴿وَالَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ يُؤْمِنُونَ بِهِ﴾؟ قيل: ذهب بعضهم إلى أن هذا مما أُريد به الخصوص بدليل قوله: ﴿وَهُمْ عَلَى صَلَاتِهِمْ يُحَافِظُونَ﴾ [الأنعام: 92] وهذا من صفة المؤمنين، وقال بعض أهل المعاني: (لم يعتد بإيمان أولئك الذين آمنوا بالآخرة ولم يؤمنوا بمحمد، وإنما يؤمن بالآخرة حقيقة من آمن بمحمد وبكتابه، فلذلك وصف المؤمنين بالآخرة بأنهم يؤمنون بمحمد والقرآن، ألا ترى أنه قال: ﴿وَهُمْ عَلَى صَلَاتِهِمْ يُحَافِظُونَ﴾ فبيّن أن إيمانهم بالآخرة يدعوهم إلى الإيمان به والمحافظة على صلاتهم) [[انظر: "تفسير الطبري" 7/ 272، والسمرقندي 1/ 501، وابن الجوزي 3/ 85، والرازي 13/ 83.]]، وعامة القراء [[قرأ عاصم في رواية أبي بكر بن عياش (ولينذر) بالياء، وقرأ الباقون بالتاء.
انظر: "السبعة" ص 263، و"المبسوط" ص 172، و"التذكرة" 2/ 404، و"التيسير" ص 105، و"النشر" 2/ 260، ووقع في "التيسير" نسبة القراءة بالياء إلى أبي عمرو، ولعله تحريف أو وهم.]] قرؤوا (ولتنذر) بالتاء خطاب للنبي ﷺ؛ لأن المأمور والموصوف بالإنذار هو، قال الله تعالى: ﴿إِنَّمَا أَنْتَ مُنْذِرُ﴾ [الرعد:7]. وقال: ﴿وَأَنْذِرْ بِهِ الَّذِينَ يَخَافُونَ﴾ وقرأ أبو بكر عن عاصم بالياء جعل الكتاب هو المنذر؛ لأن فيه إنذارًا، ألا ترى أنه قال: ﴿وَلِيُنْذَرُوا بِهِ﴾ [إبراهيم: 52] أي: بالكتاب، وقال: ﴿وَأَنْذِرْ بِهِ﴾ [الأنعام: 51]، وقال: ﴿إِنَّمَا أُنْذِرُكُمْ بِالْوَحْيِ﴾ [الأنبياء: 45] فلا يمتنع أن يسند الإنذار إليه على الاتساع [[ما سبق قول أبي علي في "الحجة" 3/ 356، وانظر: "إعراب القراءات" 1/ 164، و"الحجة" لابن خالويه ص 145، و"الحجة" لابن زنجلة ص 261 ، و"الكشف" 1/ 440.]].
{"ayah":"وَهَـٰذَا كِتَـٰبٌ أَنزَلۡنَـٰهُ مُبَارَكࣱ مُّصَدِّقُ ٱلَّذِی بَیۡنَ یَدَیۡهِ وَلِتُنذِرَ أُمَّ ٱلۡقُرَىٰ وَمَنۡ حَوۡلَهَاۚ وَٱلَّذِینَ یُؤۡمِنُونَ بِٱلۡـَٔاخِرَةِ یُؤۡمِنُونَ بِهِۦۖ وَهُمۡ عَلَىٰ صَلَاتِهِمۡ یُحَافِظُونَ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق