الباحث القرآني
وقوله تعالى: ﴿وَلَوْ جَعَلْنَاهُ مَلَكًا﴾ أي: لو جعلنا الرسول ملكًا أو الذي ينزل عليه ليشهد له بالرسالة كما يطلبون ذلك.
﴿وَلَوْ جَعَلْنَاهُ مَلَكًا لَجَعَلْنَاهُ رَجُلًا﴾ [[لفظ: (لجعلناه) عليه طمس في (أ).]] قال ابن عباس [[أخرجه الطبري في "تفسيره" 7/ 152 - 153، وابن أبي حاتم 4/ 1266 بسند ضعيف.]] والمفسرون [[انظر: "تفسير الطبري" 7/ 152، وذكره ابن عطية في "تفسيره" 5/ 133، عن ابن عباس ومجاهد وقتادة وابن زيد.]]: (لأنهم لا يستطيعون أن يروا الملك في صورته؛ لأن أعين الخلق تحار عن رؤية الملائكة إلا بعد التجسم بالأجسام الكثيفة) [[قال القرطبي في "تفسيره" 6/ 393: (أي لا يستطيعون أن يروا الملك في صورته إلا بعد التجسم بالأجسام الكثيقة؛ لأن كل جسم يأنس بجنسه وينفر من غير جنسه) ا. هـ وقال ابن عطية 5/ 133: (أهل التأويل مجمعون أنهم لم يكونوا يطيقون رؤية الملك في صورته، فالأولى في قوله: ﴿لَقُضِيَ الْأَمْر﴾ أي لماتوا من هول رؤيته) ا. هـ ملخصًا وانظر: "البحر المحيط" 4/ 78.]].
قال الزجاج: (قيل: إن الملك لو نظر إليه ناظر على هيئته لصعق، ولذلك كانت الملائكة تأتي الأنبياء في سورة الإنس، كجبريل عليه السلام [[في (ش): (كان يأتي).]] يأتي النبي ﷺ [[أخرج البخاري (3633)، كتاب المناقب، باب علامات النبوة، ومسلم رقم 2451، عن أسامة بن زيد رضي الله عنه قال: (إن جبريل عليه السلام أتى النبي ﷺ وعنده أم سلمة فجعل يحدث ثم قام. فقال النبي لأم سلمة: "من هذا؟ " قالت: هذا دحية) الحديث. وقال ابن حجر في "الإصابة" 1/ 473، والمناوي في "الفتح السماوي" 2/ 600: (أخرج النسائي بسند صحيح عن ابن عمر قال: (كان جبريل يأتي النبي ﷺ في سورة دحية الكلبي). وانظر: "الكافي الشافي" لابن حجر 60 - 61.]] في سورة دحية [[دحية بن خليفة بن فروة بن فضالة الكلبي صاحب النبي ﷺ ورسوله بكتابه إلى قيصر الروم ليوصله إلى هرقل، وهو صحابي جليل مشهور، وكان جميلًا يضرب به المثل في حسن الصورة، أسلم قبل بدر، وتوفي في خلافة معاوية. انظر: "الاستيعاب" 1/ 472، و"سير أعلام النبلاء" 2/ 550، و"الإصابة" 1/ 473، و"تهذيب التهذيب" 1/ 573، و"تهذيب تاريخ ابن عساكر" 5/ 221.]] الكلبي، وكقصة نبإ الخصم إذ تسوروا [[قصة دواد عليه السلام مع الخصم مذكورة في سورة ص الآية 21 وما بعدها.]] المحراب، وكما أتوا إبراهيم [[قصة إبراهيم عليه السلام مع الرسل مذكورة في مواضع من القرآن منها: في (سورة هود الآية: 69 وما بعدها)، وفي (سورة الحجر الآية 51 وما بعدها)، وفي (سورة الذاريات الآية: 24 وما بعدها).]] ولوطًا -عليهما السلام- في صورة الضيفان من الآدميين [[قصة لوط عليه السلام مع الرسل مذكورة في مواضع من القرآن منها: في (سورة هود الآية: 77 وما بعدها) وفي (سورة الحجر 61 وما بعدها).]]) [[انظر: "معاني القرآن" للزجاج 2/ 231، وانظر: "ما اتفق لفظه واختلف معناه" للمبرد ص 32.]]، وكذلك قصة جبريل مع النبي ﷺ حين أتاه يسأله عن الإيمان والإِسلام والإحسان والقدر. والخبر صحيح مشهور [[أخرجه البخاري في "صحيحه" (50)، كتاب الإيمان باب سؤال جبريل، ومسلم رقم (9) عن أبي هريرة رضي الله عنه، وأخرجه مسلم عن عمر رضي الله عنه.]].
وقوله تعالى: ﴿وَلَلَبَسْنَا عَلَيْهِمْ مَا يَلْبِسُونَ﴾:
يقال: لبست الأمر على القوم ألبسه لبسًا إذا شبهته عليهم وجعلته مشكلًا [[هذا قول الأزهري في "تهذيب اللغة" 4/ 3228.]]. قال ابن السكيت [[تقدمت ترجمته.]]: (يقال: لبست عليه الأمر إذا خلطته عليه حتى لا يعرف جهته) [["إصلاح المنطق" ص 206، و"تهذيب اللغة" 4/ 3228.]].
قال أهل اللغة [[انظر: "العين" 7/ 262، و"الجمهرة" 1/ 341، و"الصحاح" 3/ 973، و"المجمل" 3/ 801، و"مقاييس اللغة" 5/ 230، و"المفردات" ص 734، و"اللسان" 7/ 3987 (لبس).]]: (معنى اللبس: منع النفس من إدراك المعنى كما هو [[في (ش): (بما هو).]] كالستر له، وأصله من الستر بالثوب ومنه لبس الثوب؛ لأنه ستر النفس به).
قال الضحاك [[ذكره في "الوسيط" 1/ 12، وأخرجه الطبري في "تفسيره" 7/ 1531، وابن أبي حاتم في "تفسيره" 4/ 1266، بسند ضعيف عن الضحاك عن ابن عباس نحوه.]] في تفسير قوله تعالى: ﴿وَلَلَبَسْنَا عَلَيْهِمْ مَا يَلْبِسُونَ﴾: (ولخلطنا عليهم ما يخلطون على أنفسهم حتى يشكوا فلا يدروا أملك هو أم آدمي).
قال الزجاج [[انظر: "معاني الزجاج" 2/ 231.]]: (وكانوا هم يلبسون على ضعفتهم في أمر النبي ﷺ فيقولون: إنما هو بشر مثلكم، فقال [[في (ش): (وقال)، وهو تحريف.]] الله تعالى: ﴿وَلَوْ أَنْزَلْنَا مَلَكًا﴾ فرأوا الملك رجلاً لكنا قد لبسنا عليهم؛ لأنه كان يلحقهم فيه من اللبس مثل ما لحق ضعفتهم منهم) أي: فإنما طلبوا حال لبس لا حال بيان. وهذا احتجاج عليهم بأن الذي طلبوه من إنزال الملك لا يزيدهم بيانًا، بل يكون [[في (ش): (بل يكون في الأمر في ذلك)، وهو تحريف.]] الأمر في ذلك على ما هم عليه من الحيرة بإعمالهم الشبهة.
وذكر صاحب "النظم" في هذه الآية وجهًا آخر فقال: (إنهم خلطوا على أنفسهم في التماس ما التمسوا، وتكلفوا منه ما لم يحتاجوا إليه، فالتمسوا نزول ملك يخبرهم أنه نبي، وقد كان لهم فيما مع النبي ﷺ من الآيات والدلائل [[في (ش): (والدلالات).]] كفاية وغنية عن نزول ملك، فقال الله تعالى: ﴿وَلَوْ جَعَلْنَاهُ مَلَكًا﴾ الآية.
يقول: لو أجبناهم إلى ما سألوا من ذلك فأنزلنا ملكًا لجعلناه رجلاً مثلهم في الخلقة والصورة، فيكون نزوله مثل طلوع الشمس من مغربها أو قيام الساعة، فلا يقبل مع ذلك إيمان، ولكن يجعله [[في (ش): (لجعله).]] على سورة رجل، فلبس بذلك [[في (ش): (فلبس في ذلك).]] عليهم، أي: يعمى [[في (ش): (لعمى معاقبة لهم).]] عليهم؛ معاقبة لتكلفهم ما لم يكلفوا ولم تكن بهم حاجة إليه، وهذا كما قال تعالى: ﴿ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ آمَنُوا ثُمَّ كَفَرُوا فَطُبِعَ عَلَى قُلُوبِهِمْ﴾ [المنافقون: 3] وكان [[في (ش): (فكان).]] الطبع معاقبة لهم على الكفر بعد الإيمان، فكذلك قوله: ﴿وَلَلَبَسْنَا عَلَيْهِمْ مَا يَلْبِسُونَ﴾ أي: نعاقبهم باللبس بما لبسوا على أنفسهم، فيكون اللبس نقمة من الله وعقوبة لهم علي ما كان منهم من التخليط في السؤال [[لم أقف عليه. وانظر: "تفسير الماوردي" 2/ 97، و"تفسير ابن عطية" 5/ 133، و"بدائع التفسير" 4/ 142.]].
{"ayah":"وَلَوۡ جَعَلۡنَـٰهُ مَلَكࣰا لَّجَعَلۡنَـٰهُ رَجُلࣰا وَلَلَبَسۡنَا عَلَیۡهِم مَّا یَلۡبِسُونَ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق