الباحث القرآني
[و] [[لفظ: (الواو): ساقط من (أ).]] قوله تعالى: ﴿فَلَمَّا جَنَّ عَلَيْهِ اللَّيْلُ رَأَى كَوْكَبًا﴾ الآية. يقال: جنّ عليه الليل وأجنَّه الليل، ويقال لكل ما ستر: قد جنّ وأجن، ويقال أيضًا: جَنت الليل [[(جن يستعمل لازمًا ومتعديًا، وهو مما اتفق فيه أفعل وفعل، إلا أن الأجود جن عليه الليل وأجنه الليل، فيكون الثلاثي لازمًا وأفعل متعديًا). انظر: "الدر المصون" 5/ 8.]]، ولكن الاختيار جنّ عليه الليل، وأجنه الليل [[هذا قول الزجاج في "معانيه" 2/ 266.]]، هذا قول جميع أهل اللغة، ومعنى ﴿جَنَّ﴾: ستر، ومنه الجَنَّة [[هذه كلمات تحتاج إلى ضبط وهي على الترتيب كما يلي:
الجَنَّة: بفتح الجيم والنون المشدد. البستان كثير الشجر.
والجِنّ: بكسر الجيم وتشديد النون: خلاف الإنس والواحد، جِنّيٌّ.
والجُنُون: بضم الجيم والنون، يقال: جُنَّ الرَّجُلُ جُنُونًا، وأَجَنَّه الله، فهو مَجْنُون. ويقال: جن عليه الليل يُجنُّ جُنونًا، أي ستره، وجن النباتُ جُنُونًا أي طال والتف.
والجَنَانُ، بالفتح: القَلْبُ، والرُّوحُ، وظَلامُ الليل.
والجنين، بفتح الجيم وكسر النون: الولد في البطن، وكل مستور.
والمِجَنُّ، بكسر الميم وفتح الجيم: التُّرْس، وكل ما استتر به من السلاح.
والجَنَنُ، بالفتح: القبر، والميت، والكفن.
والجُنُنُ، بالضم: الجُنُونُ، حذفت منه الواو.
والمُجَنُّ، ضبط في النسخ بضم الميم وفتح الجيم، ولم أقف على أنه المقبور، وفي "الصحاح": (جُنَّ الرجل جنونًا وأجنَّه الله فهو مجنون ولا يقال مُجَنٌّ).
والجُنَّة، بضم الجيم وفتح النون المشددة: ما استتر به من السلاح، وكل ما وَقَى. والجِنَّة، بكسر الجيم: الجنون، وذلك أن يغطي العقل.
انظر: "العين" 6/ 20، و"الجمهرة" 1/ 92، و"تهذيب اللغة" 1/ 673، و"الصحاح" 5/ 2093، و"المجمل" 1/ 175، و"مقاييس اللغة" 1/ 421، و"المفردات" ص 303، و"اللسان" 2/ 702، و"القاموس" ص 1187 (جن).]] والجِنُّ والجُنُون والجَنان والجنين، المجنُ والجنن والمُجن وهو المقبور، والجُنَّة والجِنّة، كل هذا يعود أصله إلى الستر والاستتار، ويقال في مصدره: جَنّ جَنًّا وجنونًا وجنانًا [[انظر: المراجع السابقة. وقال الطبري في "تفسيره" 7/ 247: (المصدر من جن عليه: جنًّا وجُنُونًا وجَنَانًا، ومن أجن إجنانًا ...) اهـ. وقال السمين في 5/ 8: (مصدره جَنُّ وجَنان وجُنون) اهـ.]].
ويروى بيت دُريد [[درَيْد بن الصِّمَّة الجُشمي من هوازن، شاعر جاهلي، تقدمت ترجمته.]] بالوجهين:
وَلَوْلَا جَنونُ اللَّيلِ أَدْرَكَ رَكْضُنَا ... بِذِي الرَّمْثِ والأَرْطَى عِياضَ بنَ ناشِبِ [["ديوانه" ص 29، و"مجاز القرآن" 1/ 198، و"الأصمعيات" ص 112، و"إصلاح المنطق" ص 295، و"الجمهرة" 1/ 93، و"الأغاني" 10/ 16، و"المجمل" 1/ 175، و"مقاييس اللغة" 1/ 422، و"اللسان" 2/ 701، وهو لخفاف بن ندبة السُّلَمي في "ديوانه" ص 130، و"الصحاح" 5/ 2094.
والرمث والأرطى: نبتان معروفان، وذو الرمث: وادٍ لبني أسد. يقول: لولا أن الليل سترنا لأدركنا عياض بن ناشب الفزاري بذلك المكان فقتلناه.
انظر: "تهذيب إصلاح المنطق" 2/ 129، و"معجم البلدان" 3/ 68، و"اللسان" 2/ 701 (جن).]]
ويروى [[ذكره أكثرهم، وهو في "الديوان" وأكثر المراجع، (ولولا جنان)، وهما بمعنى واحد، وفي "الأغاني": (ولولا سواد) بدل (جنان).]]: (جنان الليل). قال بعض النحويين: (﴿جَنَّ عَلَيْهِ اللَّيْلُ﴾ أي: أظلم عليه الليل [[لفظ: (الليل) ساقط من (ش).]] ولهذا دخلت على، كما تقول في أظلم، فأما جنّه فستره من غير تضمين معنى أظلم) [[انظر: "الفريد" 2/ 177.]].
وقوله ﴿رَأَى﴾ فيه ثلاثة أوجه [[قرأ ابن عامر وعاصم وأبو عمرو وحمزة والكسائي: (رأى) بكسر الراء والهمزة. وقرأ ابن كثير وعاصم: (رأى) بفتح الراء والهمزة. وقرأ أبو عمرو: بفتح الراء وكسر الهمزة. وقرأ نافع: بين الفتح والكسر. انظر: "السبعة" ص 260، و"المبسوط" ص 170، و"التذكرة" 2/ 402، و"التيسير" ص 103، و"النشر" 2/ 259.]] من القراءة، فتح الراء والهمزة. [وفتح الراء وكسر [[في (ش): (وكسرة)، وهو تحريف.]] الهمزة نحو الإمالة. وكسر الراء والهمزة] [[ما بين المعقوفين ساقط من (أ).]] للإمالة، فأما من فتحهما جميعًا فعلّته واضحة؛ وهي ترك الألف على الأصل نحو: رَعَى ورمى لمَّا لم يُمِل الألف لم يمل الفتحة الفتحة التي قبلها، كما يميلها من يرى الإمالة ليميل الألف نحو: الياء.
وأمّا من فتح الراء وكسر الهمزة فإنه أمال الهمزة نحو الكسرة لتميل الألف التي في رأى نحو الياء، كما تمال الفتحة التي على الدال في هدى والميم من رمى لتميل الألف، وترك الراء مفتوحة على الأصل.
وأمّا من كسرهما جميعًا فإنه كسر الراء من رأى؛ لأن المضارع منه على يفعل، وإذا كان المضارع على يفعل كان الماضي على فَعِل، ألا ترى أن المضارع في الأمر العام إذا كان على يفعل كان الماضي على فَعِلَ، وإنما فتحوا الماضي في حروف ذوات عدد اختص موضع العين منها واللام بأحد حروف الحلق، وهي متسفلة المخارج، فشابوا ذلك منها بشيء من التصعّد وهو الفتحة في العين، ليعتدل الكلام، وإذا كان الماضي كأنه على فِعِلَ كسر [[كذا في النسخ، وفي "الحجة" لأبي علي 3/ 328: (كسرة الراء)، وهو الصواب، وقد ورد في بعض نسخ "الحجة" كسر الراء كما في "الحاشية".]] الراء التي هي فاء؛ لأن العين همزة، وحروف الحلق إذا جاءت في كلمة على زنة فِعِل كسرت فيها الفاء لكسرة العين في الاسم والفعل، وذلك نحو قولهم في الاسم: حمار نِعرٌ [[النُّعَر: داء يأخذ الإبل في رؤوسها، وحمار نَعِرٌ، بفتح النون وكسر العين: أي لا يستقر في مكان.
انظر: "الكتاب" 3/ 585، و"اللسان" 7/ 4472 (نعر).]] ورجل محك [[رجل محك، بفتح الميم وكسر الحاء، أي: لجُوج عسر الخُلق. انظر: "اللسان" 7/ 4147 (محك).]] وماضغ لهم، وفي الفعل نحو: شِهِدَ ولِعِبَ ونِعِمَ، فكسرة الراء على هذا كسرة مخلصة محضة، وليست بفتحة مُمالةٍ، وأما كسرة الهمزة فإنه يراد بها إمالة فتحتها إلى الكسرة لتميل [[انظر: في (ش): (ليميل).]] الألف نحو الياء، فإن قلت: إن الفاء إنما تكسر لتتبع الكسرة في نحو: شهد، والهمزة في رأى مفتوحة، فكيف أجيز كسره، مع أن بعدها حرفًا مفتوحًا؟.
قيل: إنه فيما نزلناه وبينّاه بمنزلة الكسرة، فأتبع الفتحة الكسرة المقدرة، فإن لقي رأى ساكن نحو: ﴿رَأَى القَمَرَ﴾ و ﴿رَأَى الشَّمسَ﴾ ففيه أيضًا ثلاثة أوجه من القراءة [[انظر: المراجع السابقة في قراءة (رَأَى).]]:
أحدهما: فتح الراء والهمزة معًا، وهو قراءة العامة، ووجه ذلك أنه الأصل على قراءة من فتحهما إذا لم يلقه ساكن، وأما من كان يكسرهما إذا لم يلقه ساكن ثم فتحهما عند الساكن مثل الكسائي، فوجه ذلك: أن إمالة الفتحة في الهمزة إنما كانت لتميل الألف نحو الياء، فلما سقطت الألف بطلت إمالتها لسقوطها، ولما بطلت إمالتها لسقوطها بطلت إمالة الفتحة نحو الكسرة لسقوط الألف التي كانت الفتحة الممالة تميلها نحو الياء، وأما فتح الراء هاهنا وقد كسره في ﴿رَأَى كَوْكَبًا﴾ فلأنه أخذ باللغتين فكسر هناك لما ذكرناه [[في (ش): (ذكرنا).]] وفتح هاهنا؛ لأنه جعله بمنزلة الراء في رمى [[في (أ): (رما، ورعا). وكذلك جاء في بعض نسخ "الحجة" لأبي علي 3/ 330.]] ورعى.
الوجه الثاني في القراءة: كسر الراء وفتح الهمزة، وهي قراءة حمزة وعاصم في رواية أبي بكر [[أبو بكر بن عياش بن سالم الأسدي الحفاظ الكوفي، مشهور بكنيته، مختلف في اسمه، فقيل: كنيته هي اسمه، وقيل: اسمه شعبة، وهو إمام فاضل عابد ثقة مقرئ أتقن قراءة عاصم وعرض القرآن عليه ثلاث مرات، توفي سنة 194هـ، أو قبلها، وله نحو 100 سنة.
انظر: "الحلية" 8/ 303، و"سير أعلام النبلاء" 8/ 495، و"معرفة القراء" 1/ 134، و"ميزان الاعتدال" 6/ 173، و"غاية النهاية" 1/ 325، و"تهذيب التهذيب" 4/ 492.]]، أما كسر الراء فإنما هو للتنزيل والتقدير الذي ذكرنا، وهو معنى منفصل عن إمالة فتحة الهمزة، ألا ترى أنه يجوز أن يُعمل هذا المعنى من لا يرى الإمالة، كما يجوز أن يُعمله من يراها، فإذا كان كذلك كان انفصال أحدهما عن الآخر سَائغًا غير ممتنع.
وروى يحيى بن [[يحيى بن آدم بن سليمان الأموي أبو زكريا الكوفي إمام فاضل حافظ ثقة مقرئ فقيه من أوعية العلم، وله كتب جيدة توفي سنة 203 هـ، وله نحو 73 سنة.
انظر: "طبقات ابن سعد" 6/ 402، و"الجرح والتعديل" 9/ 128، و"سير أعلام النبلاء" 9/ 522، و"تذكرة الحفاظ" 1/ 359، و"غاية النهاية" 2/ 263، و"تهذيب التهذيب" 4/ 337.]] آدم عن أبي بكر [[في "الحجة" لأبي علي 3/ 331: (روى يحيى بن آدم عن أبي بكر بن عياش عن عاصم).]]: ﴿رِأِى القمر﴾: بكسر الراء والهمزة معًا، أما وجه كسر الراء فقد ذكرنا، وأما إمالة فتحة الهمزة مع زوال ما كان يوجب إمالتها من حذف الألف فلأن الألف محذوفة لالتقاء الساكنين، وما يحذف لالتقاء الساكنين فقد ينزّل تنزيل المثبت، ألا ترىَ أنهم قد أنشدوا:
وَلاَ ذَاكِرِ الله إلاَّ قَلِيلا [["الشاهد" لأبي الأسود الدؤلي في "ديوانه" ص 54، و"الكتاب" 1/ 169، و"معاني الفراء" 2/ 202، و"المقتضب" 2/ 312، و"اللسان" 5/ 2793، عتب، وبلا نسبة في "مجاز القرآن" 1/ 307، و"معاني الأخفش" 1/ 86، و"مجالس ثعلب" ص 123، و"الأصول" 3/ 455، و"الشعر" لأبي علي 1/ 114، و"الخصائص" 1/ 311، و"المنصف" 2/ 231، و"أمالي ابن الشجري" 2/ 164، وصدره:
فَاْلفَيْتُهُ غَيْرَ مُسْتَعْتِبٍ
الشاهد: حذف التنوين من ذاكر لالتقاء الساكنين أو ضرورة. انظر: "شرح شواهد المغني" للسيوطي 2/ 934.]]
فنصب الاسم بعد ذاكر، وإن كانت النون محذوفة لمّا كان الحذف لالتقاء الساكنين، والحذف لذلك في تقدير الإثبات من حيث كان التقاؤهما غير لازم، ومن ثم لم يرد الألف في نحو: رمت المرأة [[هذا قول أبي علي الفارسي في "الحجة" 3/ 326 - 332، وانظر: "معاني القراءات" للأزهري 1/ 364، و"إعراب القراءات" لابن خالويه 1/ 161، و"الحجة" لابن خالويه ص 142، و"الحجة" لابن زنجلة ص 256، و"الكشف" 1/ 436.]].
فأما قصة الآية ومعناها، فقال السدي [[أخرجه الطبري في "تاريخه" 1/ 236 عن السدي وابن إسحاق، وأخرجه ابن أبي هاشم 4/ 1329 عن السدي، وذكره الثعلبي في "عرائس المجالس" ص 74، عن السدي وابن إسحاق.]]، ومحمد بن إسحاق [[أخرجه الطبري في "تفسيره" 7/ 246 - 347 عن السدي وابن إسحاق وقتادة، وانظر: نحوه في "تهذيب تاريخ ابن عساكر" 2/ 137، وهذا من الإسرائيليات، والآية ظاهرة == واضحة، وليس تفسيرها في حاجة إلى هذه المرويات قال ابن كثير في "تاريخه" 1/ 143: (الظاهر أن الموعظة لأهل حران، فإنهم يعبدون الكواكب، وهذا يرد قول من زعم أنه قال هذا حين خرج من السرب، لما كان صغيرًا، كما ذكره ابن إسحاق وغيره، وهو مستند إلى أخبار إسرائيلية لا يوثق بها، ولا سيما إذا خالفت الحق ..) اهـ.]] والعلماء بأخبار الماضين: (8) (لما شب إبراهيم في السرب [الذي ولد فيه، قال لأبويه: أخرجاني فأخرجاه، من السرب] [[ما بين المعقوفين ساقط من (أ).]] وانطلقا به حين غابت الشمس، فنظر إبراهيم إلى الإبل والخيل والغنم، فقال: ما لهذه بُدّ من أن يكون لها رب وخالق، ثم نظر وتفكر في خلق السموات والأرض، وقال: إن الذي خلقني ورزقني وأطعمني وسقاني لربي ما لي إله غيره، ثم نظر فإذا المشتري قد طلع، ويقال: الزهرة، وكانت تلك الليلة في آخر الشهر، فرأى الكوكب قبل القمر فقال: ﴿هَذَا رَبِّي﴾).
واختلفوا في معنى قوله: ﴿هَذَا رَبِّي﴾ فقال أهل التحقيق من العلماء: (إن إبراهيم عليه السلام لم يكن قط في ضلال وحيرة، وكيف يتوهم ذلك على من عصمه الله وطهّره في مستقره ومستودعه؟ وما زال في حكم الله نبيًّا والله تعالى يقول: ﴿إِذْ جَاءَ رَبَّهُ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ﴾ [الصافات: 84] أي: لم يشرك به قط، كذلك قال المفسرون، ويقول [[لفظ: (الواو): ساقط من (أ).]]: ﴿وَكَذَلِكَ نُرِي إِبْرَاهِيمَ﴾ الآية. [الأنعام: 75] أفترى الله أراه الملكوت ليوقن، فلما أيقن ﴿رَأَى كَوْكَبًا﴾ فقال: ﴿هَذَا رَبِّي﴾ على الحقيقة والاعتقاد! هذا ما لا يكون أبدًا، وإنما معنى قوله: ﴿هَذَا رَبِّي﴾ أن قومه كانوا يعبدون النجوم ويعظمونها ويحكمون بها.
﴿فَلَمَّا جَنَّ عَلَيْهِ اللَّيْلُ﴾ رأى الزهرة فقال: ﴿هَذَا رَبِّي﴾ يريد: أن يستدرجهم بهذا القول، ويعرفهم خطأهم، وجهلهم في تعظيمهم شأن النجوم وقضائهم على الأمور بدلالاتها، فأراهم أنه معظَّم ما عظّموا، وملتمس الهدى من حيث التمسوا، وكل من تابعك على هواك وشايعك على أمرك كنت به أوثق وإليه أسكن وأركن، فأنِسوا واطمأنوا ﴿فَلَمَّا أَفَلَ﴾ أراهم النقص الداخل على النجم بالأفول؛ لأنه ليس [ينبغي] [[في (أ): (يتبغى)، وهو تصحيف.]] [لإله] [[في (أ): (للاله).]] أن يزول ولا أن يغيب فقال: ﴿لَا أُحِبُّ الْآفِلِينَ﴾ أي: لا أحب من كانت حالته أن يطلع ويسير على هيئة يتبين معها أنه محدث منتقل من مكانٍ إلى مكانٍ، أي: لا أتخذ ما هذه حاله إلها، كما أنكم لا تتخذون كل ما قد يجري مجرى هذا من سائر الأشياء آلهة.
وقيل: إنه قال: ﴿هَذَا رَبِّي﴾ على جهة الاحتجاج على قومه لا على معنى الشك ﴿قَالَ هَذَا رَبِّي﴾ عندكم وفيما تظنون وفي زعمكم، كما قال الله عز وجل: ﴿أَيْنَ شُرَكَائِيَ الَّذِينَ كُنْتُمْ تَزْعُمُونَ (62)﴾ [القصص: 62] فأضافهم إلى نفسه حكايته لقولهم، وكقوله تعالى: ﴿ذُقْ إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْكَرِيمُ﴾ [الدخان: 49] أي: عند نفسك.
وجائز أن يكون هاهنا إضمار القول كأنه قال: [تقولون] [[في (ش): (يقولون).]]: ﴿هَذَا رَبِّي﴾ وإضمار القول كثير كقوله تعالى: ﴿وَإِذْ يَرْفَعُ إِبْرَاهِيمُ الْقَوَاعِدَ مِنَ الْبَيْتِ وَإِسْمَاعِيلُ رَبَّنَا﴾ [البقرة: 127] أي: يقولان: ربنا، وقوله تعالي: ﴿وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِيَاءَ مَا نَعْبُدُهُمْ﴾ [الزمر: 3] معناه: يقولون ما نعبدهم، فكأن إبراهيم قال لقومه: [تقولون] [[في (ش): (يقولون).]] ﴿هَذَا رَبِّي﴾ أي: هذا الذي يدبّرني؛ لأنهم كانوا أصحاب نجوم يرون التدبير في الخليقة لها، فاحتج عليهم بأن الذي [تزعمون] [[في (ش): (يزعمون).]] أنه مُدَبِّر فيه أثر أنه مُدبّر لا غير).
فهذه ثلاثة أوجه صحيحة في تأويل الآية، ذكرها أهل المعاني، الوجه الأول: قول الفراء [["معاني القرآن" للفراء 1/ 341.]]، واختيار عبد الله بن مسلم [["تأويل مشكل القرآن" ص 335 - 338، وقد نقل المؤلف نص كلامه.]]، والثاني والثالث: ذكرهما الزجاج [["معاني الزجاج" 2/ 267 وفيه قال: (والذي عندي في هذا القول أنه قال لهم: تقولون هذا ربي، أي: هذا يدبرني؛ لأنه فيما يروى أنهم أصحاب نجوم فاحتج عليهم بأن الذي تزعمون أنه مدبر إنما يرى فيه أثر مُدبر لا غير) اهـ. وانظر: "معاني النحاس" 2/ 450.]] وابن الأنباري [[ذكره المؤلف في "الوسيط" 1/ 68 - 69، وابن الجوزي في "زاد المسير" 3/ 74، والصحيح في معنى الآية ما ذهب إليه الجمهور من أن هذا القول كان في مقام المناظرة لقومه؛ لإقامة الحجة عليهم في بطلان ما هم عليه من عبادة الكواكب والشمس والقمر؛ لأن الموافقة في العبارة على طريق إلزام الخصم من أبلغ الحجج وأوضح البراهين، ولأن الله تعالى قال في نفس القصة: ﴿وَحَاجَّهُ قَوْمُهُ قَالَ أَتُحَاجُّونِّي فِي اللَّهِ وَقَدْ هَدَانِ﴾ [الأنعام: 80].
وهو اختيار الحافظ ابن كثير رحمه الله تعالى في "تفسيره" 2/ 169.
وانظر "إعراب القرآن" للنحاس 1/ 560، و"تفسير البغوي" 3/ 161، وابن عطية 5/ 261، والفخر الرازي 13/ 59، و"البحر المحيط" 4/ 166.]] وفي قوله: ﴿لَا أُحِبُّ الْآفِلِينَ﴾ دلالة على أن ما غاب بعد ظهوره فليس برب، وفيه حجة على أن ما تغير [[في (ش): (يغبر)، وهو تصحيف.]] بالظهور تارة والأفول [[في (ش): (وبالأفول). وقال شيخ الإِسلام في "الفتاوى" 5/ 547، 6/ 284: (اتفق أهل اللغة والتفسير على أن الأفول هو: التغيب والاحتجاب).]] تارة كان حادثًا مدبرّا مسخرًا مصرفًا [[في (ش): (ومدبرًا مسخرًا ومصرفًا).]]، وذلك ينافي صفة الإله المعظم.
{"ayah":"فَلَمَّا جَنَّ عَلَیۡهِ ٱلَّیۡلُ رَءَا كَوۡكَبࣰاۖ قَالَ هَـٰذَا رَبِّیۖ فَلَمَّاۤ أَفَلَ قَالَ لَاۤ أُحِبُّ ٱلۡـَٔافِلِینَ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق