الباحث القرآني

قوله تعالى: ﴿وَمَا عَلَى الَّذِينَ يَتَّقُونَ مِنْ حِسَابِهِمْ مِنْ شَيْءٍ﴾ قال ابن عباس: (قال المسلمون: لئن كنا كلما استهزأ المشركون بالقرآن وخاضوا فيه قمنا عنهم لم نستطع أن نجلس في المسجد الحرام وأن نطوف بالبيت فنزل: ﴿وَمَا عَلَى الَّذِينَ يَتَّقُونَ﴾ فرخص للمؤمنين في القعود معهم يذكرونهم ويفهمونهم، قال: ومعنى الآية ﴿وَمَا عَلَى الَّذِينَ يَتَّقُونَ﴾ الشرك والكبائر والفواحش، ﴿مِنْ حِسَابِهِمْ﴾: من آثامهم ﴿مِنْ شَيْءٍ وَلَكِنْ ذِكْرَى﴾ يقول: ذكّرهم بالقرآن وبمحمد ﷺ، فرخص لهم في مجالستهم على ما أمروا به من المواعظ لهم) [["تنوير المقباس" 2/ 29، وذكره الثعلبي في "الكشف" 179 أ، والواحدي في "الوسيط" 1/ 61 - 62، وابن الجوزي في "زاد المسير" 3/ 62، والرازي في "تفسيره" 13/ 26، والقرطبي 7/ 15.]]. وقال أبو إسحاق: (أي [[لفظ: (أي) ساقط من (أ).]]: وما عليك أيها النبي وعلى المؤمنين ﴿مِنْ حِسَابِهِمْ﴾ أي: من كفرهم ومخالفتهم أمر الله عز وجل ﴿مِنْ شَيْءٍ وَلَكِنْ ذِكْرَى﴾، ولكن عليكم أن تذكروهم [[في (ش): (يذكروهم).]]، قال: و ﴿ذِكْرَى﴾ يجوز أن تكون في موضع رفع من وجهين أحدهما: ﴿وَلَكِنْ﴾ عليكم ﴿ذِكْرَى﴾ أي: أن تذكروهم، وجائز أن يكون ﴿وَلَكِنْ﴾ الذين [[في (ش): (الذي)، وما في (أ) هو الموافق لما عند الزجاج في "معانيه" 2/ 261.]] تأمرونهم به ﴿ذِكْرَى﴾) وعلى هذا التأويل الذكرى يكون بمعنى الذكر، وعلى الوجه الأول [[انظر: "تفسير الفخر الرازي" 13/ 26.]] يكون بمعنى: التذكير. قال: (يجوز أن يكون في موضع نصب على معنى: ذكروهم ﴿ذِكْرَى لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ﴾ أي: ليرجى منهم التقوى) [["معاني القرآن" 2/ 261، وقال الفراء في"معانيه" 1/ 339: (قوله ﴿وَلَكِنْ ذِكْرَى﴾ في موضع نصب بفعل مضمر، ولكن نذكرهم ذكرى، أو رفع على قوله: ولكن هو ذكرى) ا. هـ. بتصرف، وانظر: "إعراب القرآن" للنحاس 1/ 555، و"المشكل" لمكي 1/ 256، و"البيان" 1/ 325، و"التبيان" 1/ 339، و"الفريد" 2/ 167 - 168، و"الدر المصون" 4/ 676.]]. قال ابن عباس: (تعظونهم لعلهم يخافوني) [[لم أقف عليه.]]. وقال مقاتل: ﴿وَلَكِنْ ذِكْرَى لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ﴾ (يقول: لعلهم إذا قمتم منعهم ذلك من الخوض والاستهزاء) [["تفسير مقاتل" 1/ 567.]]، فعلى هذا يكون المعنى: ذكروهم ذكرى بترك المجالسة ﴿لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ﴾ الخوض، ونحو هذا قال مجاهد في معنى هذه الآية فقال: (﴿وَمَا عَلَى الَّذِينَ يَتَّقُونَ مِنْ حِسَابِهِمْ مِنْ شَيْءٍ﴾ (إن قعدوا ولكن لا يقعدون) [["تفسير مجاهد" 1/ 217، وأخرجه الطبري 7/ 230 بسند جيد، وذكره السيوطي في "الدر" 3/ 39.]]، وهذان [[في (ش): (وهذا إن جعلا)، والصواب ما أثبته، والمراد: مجاهد ومقاتل.]] جعلا قوله: ﴿وَلَكِنْ ذِكْرَى﴾ ترك القعود. قال مقاتل [["تفسير مقاتل" 1/ 567.]] وسعيد بن جبير [[أخرجه ابن الجوزي في "نواسخ القرآن" ص 325 بسند جيد عن أبي مالك وسعيد ابن جبير.]] وابن جريج والسدي [[أخرجه الطبري 7/ 230 بسند جيد عن ابن جريج، والسدي وأخرجه النحاس في "ناسخه" 2/ 319 بسند ضعيف عن الضحاك، وذكره ابن كثير 2/ 161 عن مجاهد، وهو قول ابن حزم في "ناسخه" ص 37، وابن سلامة ص 67، وأبي منصور البغدادي 102، وابن العربي 2/ 211، قالوا: (هذا صريح أمر، وليس بخبر، وهو مأمور أن يقوم عنهم إذا استهزؤوا بآيات الله، ثم أمر بقتلهم وإقامة الحد عليهم في ذلك، فهي منسوخة بأمره بالقتال). وانظر: "الدر المنثور" 3/ 38.]]: (هذه الآية منسوخة بقوله تعالى: ﴿وَقَدْ نَزَّلَ عَلَيْكُمْ فِي الْكِتَابِ﴾ الآية التي في النساء؛ لأن الله تعالى خوفهم فقال: إن قعدتم معهم ﴿إِنَّكُمْ إِذًا مِثْلُهُمْ﴾ [النساء: 140] وقال غيرهم: (ليست بمنسوخة، ولكن المعنى: ﴿وَمَا عَلَى الَّذِينَ يَتَّقُونَ مِنْ حِسَابِهِمْ مِنْ شَيْءٍ﴾ إذا قعدوا معهم بشرط التذكير والموعظة) [[هذا هو الظاهر، واختيار النحاس في "ناسخه" 2/ 319، ومكي في "الإيضاح" ص 243، وابن الجوزي في "النواسخ" ص 325، ومصطفى زيد في "النسخ في القرآن" 1/ 440، قالوا: (الآية خبر ومحال نسخه، والمعنى فيه بين، أي: ما عليكم شيء من آثامهم إنما يلزمكم الإنذار والنهي عن المنكر، ولا يقعد معه راضيًا بقوله وفعله وإلا كان مثله) وانظر: ابن عطية 5/ 235، والقرطبي 7/ 15، وانظر: "مفهوم النسخ عند السلف" في ص 267.]].
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب